الإرشاد النفسي

     بسم الله الرحمن الرحيم
"وإذا سألك عبادي عنى فأنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"
صدق الله العظيم.
 فى هذه الآونة من الزمان تداعى الإنسان وتضرع إلى الله كي يسانده على ما يواجهه من مشكلات سلوكية كثيرة فها هو إنسان يشكو ضيق الحال ،وآخر يشكو علاقاته الضحلة بالآخرين ،وثالث يشكو خلافاته مع زوجته ،ورابع يشكو فرض الآخرين عليه الأخذ بالثأر ،وآخرين يشكو من العنف والعدوان ،وآخرين يشكون من التعصب الديني ،ومقابلهم يشكون من التعصب الرياضي .. الخ.
 ومع التقدم العلمي والتقني زادت مشكلات الإنسان السلوكية وأصبح الإنسان يشعر بالاغتراب عن ذاته وعن مجتمعه وأنى لأرى أن نطلق عليه مصطلح "عدم الانسجام" فعدم الانسجام تعبير أشمل لما يستشعره الإنسان فى هذه الآونة من بدايات مطلع الألفية الثالثة، لقد زاد حمله وزادت رغباته ومتطلباته.
 وأصبح تكيف الإنسان مع بيئته تكيف نسبى ،مما يدل على مؤشر جد خطير فى ولائه وانتمائه لأسرته ولوطنه ، ولذا فإن السلوك الإنساني الفردي هو نواة لسلوك الجماعة ككل ، وعلى الرغم من تكدس الشكوى التي نقابلها نحن كمعالجين نفسيين داخل عياداتنا النفسية ،وازدياد نسبة المترددين لطلب الاستشارات النفسية إلا أنه هناك على الشاطئ الآخر نجد نور ساطع للحياة يشعر به جمع من الإنسانية يرضون بذواتهم رضاء تام ولا يشكون ، وما بين شاطئ الألم وشاطئ آلا ألم نجد نهر الحياة هذا النهر المتدفق لينهل منه كل إنسان يريد أن يحيا ولكن طبيعة الأخذ من هذا النهر دهى الوحيدة التي تسبب الألم و آلا ألم .
 وهذه الأطروحة المهنية التي أقدمها للمكتبة العربية ولطلاب العلم بصفة خاصة تحتوى على جمع كبير من موضوعات علم النفس الإرشادي فهي تشمل التاريخ والتأريخ للعلم ،وتشمل التعريف له ،وكذلك من هو المرشد النفسي وطبيعة عمله ومهارات المرشد والمهارات المطلوبة فى الجلسة الإرشادية والخطوات العلاجية التي يجب أن تتبع داخل الجلسات الإرشادية ،ومجالات التطبيق للإرشاد النفسي بدءا من التخصص العلمي إلى مجالات نفسية اجتماعية مثل ظاهرة الأخذ بالثأر والتعصب الديني والسياسي والكروي،والإرهاب كسلوك يستشعر به رجل الشارع العادي ،مع طرح طبيعة التفسير السيكولوجي لهذه السلوكيات الإنسانية .
 وقد رأيت أنه من المفيد أن يطلع طالب التخصص العلمي على النظريات العلمية النفسية التي تفيد كثيرا فى العمل الإرشادي،حتى تكتمل أنظومة المهنة الإرشادية بحيث يسهل على المتخصص وغير المتخصص من قراءنا الأعزاء الإلمام ببدايات فن العمل العلاجي الإرشادي  ،ويكفى القول بأن قراءة هذه الأطروحة البسيطة يشعر قارئها بتقليل المقاومة لأشياء بداخله لا يعرف عنها قبل هذه اللحظة.
 وأنى إذ أقدم هذه الأطروحة البسيطة للمكتبة العربية أتمنى أن تفيد كل من طالب العلم والقارئ على حد سواء .
   والله ولى التوفيق.
 دكتور/أشرف عبده
النعام فى 3/3/2000.  .

 
2    الفصل الأول                    المعرفة النفسية والشفاء           
3    الفصل الثاني                تاريخ البحث فى الإرشاد النفسي         
4    الفصل الثالث                 تحديد المفهوم وتعريفا ته المختلفة         
5    الفصل الرابع    الصفات والخصائص الشخصية والأخلاقية للمرشد النفسي         
6    الفصل الخامس                 المهارات الأساسية للمرشد النفسي         
7    الفصل السادس                    المهارات الأساسية للمرشد         
8    الفصل السابع                        أدوات المرشد النفسي         
9    الفصل الثامن         التكنيكيات النفسية المستخدمة فى الإرشاد النفسي          
10    الفصل التاسع                  المجالات التطبيقية للإرشاد النفسي        
                          الاختيار المهني        
                           التوجيه المهني        
                           التوجيه التربوي        
                          الإرشاد التربوي        
                          الإرشاد المهني،الإرشاد الزواجى        
                          الإرشاد النفسي الأسرى        
                          الإرشاد النفسي للأطفال        
                         الإرشاد النفسي والفئات الخاصة        
                         الإرشاد النفسي والأمراض النفسية        
                     الإرشاد النفسي وأمراض العصر (الإيدز)             
                     الإرشاد النفسي  وظاهرة الإرهاب        
                           الإرشاد النفسي والتعصب        
                              الإرشاد النفسي والثأر         

الفصل العاشر               النظريات النفسية فى علم النفس الإرشادي        
11    الفصل الحادي عشر                  دراسات نفسية فى علم النفس الإرشادي        

 الفصل الأول
  المعرفة النفسية والإرشاد النفسي
  لعل الحكمة القديمة الحاثة على معرفة النفس كمدخل أساس لمعرفة أحوال الإنسان وبيئته الاجتماعية ما تزال لها مصداقيتها المؤثرة.
 فلا يوجد علما من العلوم يختلف فيه الناس وتزداد نسبة الخطافي فهمهم له وتباين موضوعاته لديهم كموضوعات علم النفس بالإضافة إلى ذلك تنوعه وتشعبه فى موضوعات متعددة.
 لقد اختلط الفهم على الناس فى موضوعات هذا العلم بين أمراض نفسية وأمراض عقلية،وبين علم نفس اجتماعي وعلم نفس إكلينيكي ،وتربوي وحربي وصناعي ..الخ.
 بل اختلط كل ذلك بدراسة سمات الشخصية من ذكاء وإبداع وعبقرية وما ناقض ذلك من صفات.
 ورغم هذا الاختلاط على جمهور المثقفين ،فلازالت موضوعات علم النفس المختلفة ومنذ زمن طويل تجذب القارئ لارتباطها بنفسه وبيئته الاجتماعية.
 ومن دراسة تاريخ هذا العلم وبذوره الأولية نكتشف كم نحن محظوظون فى هذا العصر لاقترابنا من فهم ذواتنا بشكل أفضل مما فهم به أجدادنا الأولون ذواتهم.
 فقد عولجت الأمراض النفسية فى عصور التخلف بطريقة تتفق والأسباب التي أعتقد بأنها تولد المرض فتم استخدام مجموعة من الأساليب التي تبدو غريبة وعجيبة علينا الآن مثل القيام ببعض الصلوات وصب المياه المقدسة واستعمال بصاق الكهنة أو فضلاتهم لعلاج أولئك المساكين الذين أصيبوا بنوع أو بآخر من الأمراض النفسية .
وعندما أرتقي أسلوب العلاج عن ذلك ،ظن فى تلك العصور المتقدمة أن الشيطان هو الذي يسكن أجسام هؤلاء المرضى فاستخدمت أقذع العبارات فى الشتم بقصد الإساءة إلى كبرياء الشيطان كي يترك جسم المريض وينأى عنه،وتطور الأمر بهذا الاتجاه إلى أن يعاقب الشيطان المستوطن لجسم المريض بالضرب "ضرب المريض"أو غمره فى الماء البارد أو المغلي ..الخ.
 لقد اتخذت كل هذه الخطوات حتى يتحول جسم المريض "منزلا مزعجا"لذلك الشيطان فيتركه ويهرب، ولعل بقايا هذا النوع من الاعتقادات ما تزال سارية بأشكال مختلفة لدى بعض الفئات فى مجتمعاتنا القريبة إلى الجهل.
 هذه الأفكار غير العلمية المرتبطة بالفهم الخاطئ لعلم النفس وتفرعاته ،هي التي مازالت تثير المخاوف الباطنية عند بعض الأفراد فى مواجهة كل أشكال الاضطرابات النفسية.
 ومازالت أسر كثيرة تخفى أبنائها أو بناتها العاثرى الحظ الذين أصيبوا بنوع أو آخر من الاضطرابات النفسية وكأن إصابتهم عار اجتماعي ،فتوصد عليهم الأبواب لتحجبهم عن الزائرين والغرباء.
 وفى بعض تراثنا العربي الإسلامي معالجات نفسية لا تخلو من طرافة،كما نقل عن ابن سينا عندما مرض واحد من أبناء الأمراء،فنودي على ابن سينا لعلاجه ،ودخل الطبيب على المريض وبعد فحصه لم يجد فى ظاهر جسمه علة ،فأمسك نبضه وراح يردد على مسامعه أسماء الأحياء فى المدينة،وعندما وصل إلى أسم حي معين ،فأن نبض المريض ازدادت ضرباته ونبضاته،وأعاد ابن سينا ترديد أسماء بيوت الحى على المريض ،إلى أن زاد نبضه عند ذكر أسم بيت أسرة بعينها ،عندها أخذ الطبيب الحاذق يردد أسماء من يسكنون ذلك البيت حتى وصل إلى اسم معين من فتيات الأسرة.
 عندها أخذ نبض المريض يدق بسرعة ويزداد بزيادة ملحوظة،صاح الطبيب عندها ،زوجوا ابنكم الشاب من تلك الفتاة فهي علاجه.
 على بساطة هذه القصة وعوامل الشك العلمي فيها إلا أنها تقودنا إلى حقيقة مفادها أن الأقدمين قد عرفوا بشيء من الدقة،أن ما يبدو على أنه أعراض لمرض عضوي ليس من الضرورة أن تكون أسبابها عضوية،إلا أن هذه الحقيقة إذا واكبها نقص فى المعرفة العلمية وضعف فى الإطلاع والفهم ،فقد تقود الإنسان إلى الوقوع فى شرك الشعوذة والدجل،ومن ثم ينحرف العلاج عن جادة الصواب .
  (*) لقد أصبح فهم علم النفس ودراسته برؤية صحيحة أمر مجديا ليس للأفراد فى علاقاتهم الأسرية فقط ،ولكن أيضا للعاملين الاجتماعيين فى قطاعات كثيرة فى المجتمع،كالمشرفين فى السجون والمدارس والمستشفيات إلى جانب القائمين على مؤسسات الصحة النفسية وكذلك الآباء والأمهات .
وكلما تعقد المجتمع كلما اشتدت حاجتنا إلى فهم أنفسنا فهما صحيحا على شكل أوسع وأعمق.
 فالمجتمعات الحديثة متقدمة كانت أو نامية تزخر بالأسباب والدوافع العديدة للاضطراب النفسي ،مثل الضغوط الاجتماعية والمعيشية،وتغير القيم السريع وتناقضها والتمزق والضياع ،وكل ذلك يدفع الكثيرين إلى الاستجابة لهذه العوامل استجابة غير طبيعية،فيتردون فى هوة المرض النفسي.
 وحتى منجزات الحضارة الحديثة من التطور العلمي والتقني والاختراعات الجديدة تترك آلافا من البشر نهبا للبطالة ،كما أن المشاكل الاجتماعية والشخصية والسياسية تخلف من الآلام والأزمات ما يجعل الناس تبحث عن منافذ للخروج منها.
 وقد يجدون الأبواب موصدة فيقعون فى أوهام الإدمان والمخدرات وتجرفهم مخاطرها حتى يصل الأمر إلى أن تتحطم الأسر.
 كما أن المعاناة الناشئة من مشاعر الضياع والحرمان ورفضهم لواقعهم المجحف يقودهم إلى دهاليز الأمراض النفسية المختلفة.
  هذه الاستجابات الشاذة غير السوية أصبحت تعيش معنا كل يوم ،فلا يقرأ أحد منا جريدته اليومية أو مجلته الأسبوعية حتى يطالعه من بين سطورها خبر عن حالة قتل قد تكون لأقرب الأقربين للقاتل أو انتحار أو شذوذ جنس أو تعاطى مخدرات أو بيعها..الخ.
 وهذه الحوادث الشاذة لا تقل أو تضعف بل إنها تستفحل وتزداد،هذا القلق الاجتماعي الذي يمنع الأفراد من التكيف السليم مع بيئتهم ويبعدهم عن التفكير السليم فى حل مشكلاتهم مما يورطهم فى ممارسة حلول خاطئة تؤدى بدورها إلى مشكلات جديدة حتى تمتد سلسلة هذه المشكلات الاجتماعية المتراكمة المتشابكة لتوقع ضحيتها أو ضحاياها آخر الأمر فى حبائل المرض النفسي المدمر.
 (*)ويوثق مصطفى زيور المعرفة بقوله "إذا تأملنا مفهوم المرض فى الطب النفسي المعاصر ،وجدناه يثير مشكلة كانت محور التفكير الفلسفي منذ أقدم العصور،أليس المرض النفسي مزيجا فريدا من المعرفة والجهل ؟
 أليس العلاج بالتحليل النفسي ضربا من الجدل بين الطبيب ومريضه تنبثق عنه معرفة هي الشفاء؟
 ألا يذكرنا ذلك بالجدل عند سقراط؟..أن الشعار الفلسفي الأول (اعرف نفسك)هو الطريق إلى الحكمة وهو المعنى المتضمن فى منهج التحليل النفسي.
 وإذا أمعنا النظر فى تاريخ مفهوم المعرفة ،وجدناه  يتخذ معنيين :
  ففي المعنى الأول،يقترن ازدهار المعرفة بتطوير داخلي فى النفس ،وفى المعنى الثاني ،تنحصر المعرفة فى ازدياد قدرتنا على الأشياء ،فأما المعنى الأول ،فهو ما يبسطه أفلاطون على نحو أسطوري حين يتخيل أن النفس حظيت فيما مضى بحياة فى عالم الهى انصرفت أثنائها إلى تأمل الحقائق الأزلية التي يدعوها المثل وظفرت خلالها بالكمال والسعادة،ثم فقدت النفس بعد ذلك أجنحتها فهبطت إلى الأرض.
 على أن حنينا مكتوما لا يفتأ يدفعها إلى استرجاع حالة الكمال وسبيلها إلى ذلك جهاد للمعرفة هو استجماع الذكر لعالم المثل.
 ولا يفوتنا أن نلحظ الحقيقة العميقة المستترة فى هذا التصوير الأسطوري ،فالنفس أثناء جهادها للمعرفة،لا تقتصر على أن تكون مرآة تعكس الأشياء،لان الانتقال من المعرفة المشوشة إلى المعرفة الواضحة الجلية،ضياء وشفاء للنفس معا.
 ولا تقتصر النفس على استقبال المعرفة،وإنما هي مصدر أصيل من مصادرها،وتظهر مفاهيم "التصفية"،والنجاة،والشفاء،وما إليها مقرونة بمفهوم المعرفة لدى أفلاطون ومن بعده لدى ابن سينا وغيره من الفلاسفة المسلمين،ثم فى الفلسفة الحديثة لدى اسبينوزا.
 أما المعنى الثاني للمعرفة ،فهو يختلف عن المعنى الأول ،فالمعرفة فى المعنى الثاني ليست غاية نسعى إليها ،وإنما هي وسيلة للسيطرة على الأشياء،ويمكن تلخيص المعنى الثاني الذي نادى به "فرنسيس بيكون"ومن بعده "أوجست كونت"فى قولنا إذا عرفت استطعت "فبازدياد ثروتنا العقلية ،تزداد وسائلنا الفنية والتطبيقية فى معالجة مشكلات الحياة المادية والمعنوية.
 ومن الجلي أن العلم الحديث فى معالجته الأمر يصدر عن المعنى الثاني للمعرفة.
اضطراب المعرفة لدى الأصحاء
  أن تزييف المعرفة فى الأمراض العقلية والنفسية ،يرجع إلى اللبس بين عالم الأخيلة وعالم الواقع ،كأن الحدود التي تفصل بين الذات وما عداها قد انطمست معالمها ،وهذا يتضمن بالضرورة ضربا من التفكير السحري مادام المريض يعجز عن التمييز بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي،فتكتسب رغباته قوة الواقع ،ويتراءى له مصدر مخاوفه خارجيا،وهو فى الحقيقة داخلي ،وبعبارة قصيرة فأن قدرة المريض على اختبار الواقع يعوزها السداد.
 وفضلا عن ذلك ،فأن الحدود القائمة بين ذواتنا والآخرين تكاد تختفي فى الحالات الانفعالية،كالحب والتعاطف والغيرة،فالمحب يكاد يجعل حبيبه بعض نفسه،فيستشعر مشاعره،وتقوم بينهما مشاركة وجدانية تختلط فيها خبرة الذات بخبرة المحبوب،وقد عبر شكسبير عن ذلك فى مسرحية تاجر البندقية أحسن تعبير من خلال فلتة لسانية عندما جعل بور تشيا تخاطب حبيبها قائلة "تبا لك أريد أن أقول لي لكنه أن كان لي فهو لك أيضا،وهكذا أكون كلى لك ".
 فالمحب أذن كالمجذوب لا يستقل "الأنا"لديه استقلالا حاسما عن ذات المحب ،ونرى الصورة القصوى لذلك فى حالات الوجد،والوصول لدى المتصوفة حيث تكاد تنعدم معالم "الآنية"وحدودها.
 ونجد فى الغيرة كذلك ما يدل على انطماس الحدود بين الذات والأخر، فشعور المرء بالغيرة هو فى أساسه إحساس بأن كيانه أصبح نهباً يغير عليه الآخرون بنجاحهم.
  أنه شعور بالمنافسة لدى من لا يقوى إلا على أن يكون مشاهدا محروما بفعل المنافس،وهو حالة من لا يعرف لنفسه كيانا إلا بالظفر بما ظفر به الآخرون،فهو يرى شخصه مغتصبا أسيراً للآخرين.
 فليس من شك أذن أن الأسوياء لا يبرءون من اللبس بين الواقع الذاتي والواقع الفعلي ،وما يتضمنه ذلك من مسحة سحرية وفساد فى الحكم على الواقع ".
 لذلك فأن الحياة الحديثة بكل ما تفرضه علينا من ضغوط وأعباء تسلمنا بطريقة أو بأخرى إلى نوع من أنواع التكيف غير السوي،ولكي نكتشف أسباب ذلك فأن علينا أن نكتشف أنفسنا أولا،ولذلك كانت هناك الحاجة لظهور علم النفس الإرشادي.

        

         علم النفس الإرشادي
          Counseling Psychology
   يعرف بأنه فرع من فروع علم النفس التطبيقية وقد خصصت له جمعية علم النفس الأمريكية قسمها السابع عشر ، ويهتم علم النفس الإرشادي بتشخيص وعلاج المشكلات السلوكية السطحية  والتي ليست ذات جذور ضاربة فى أعماق الشخصية بحيث لا يجدي معها إلا العلاج النفسي .
 (*)والإرشاد النفسي هو علاج نفسي سطحي لمشكلات السلوك والحياة اليومية . وكأنه إرشاد وتوجيه للفرد حتى يسوى مشاكله ويتعامل معها بكياسة ولباقة .
 و علم النفس الإرشادي لا يهتم فقط بتشخيص وعلاج المشكلات السلوكية ، بل انه أيضا يهتم بمساعدة الفرد على اكتشاف قدراته ومواهبه  ونقاط القوة والضعف فيه ، حتى يستفيد من كل ذلك فى التخطيط لحياته المستقبلية فيتعرف على نوع الدراسة أو المهنة التي تناسبه أكثر ، ليتفوق فيها ويتوافق ، ويحقق ذاته وطموحاته بنجاح واقتدار .















 الفصل الثاني
      تاريخ البحث فى الإرشاد النفسي
      


   





 الإرشاد النفسي أحد الخدمات النفسية التي تقدم للأفراد والجماعات بهدف تجاوز الصعوبات التي تعترض الفرد أو الجماعة،وتعوق توافقهم وإنتاجيتهم.
 وهو خدمة نفسية توجه إلى الفرد والجماعات الذين مازالوا قائمين فى المجال السوي،ولم يتحولوا بعد إلى المجال غير السوي.
 ولكنهم مع ذلك يواجهون مشكلات ذات طبيعة انفعالية شديدة،وتتصف بدرجة من التعقيد والشدة،بحيث يعجزون عن مواجهة هذه الصعوبات والمشكلات بدون عون أو مساعدة من الخارج.
 (*)والإرشاد النفسي يتركز على الفرد ذاته أو الجماعة ذاتها بهدف إحداث التغيير فى النظرة وفى التفكير وفى المشاعر والاتجاهات نحو المشكلة ونحو الموضوعات الأخرى التي ترتبط بها،ونحو العالم المحيط بالفرد أو الجماعة.
 وعلى هذا الأساس فأن العملية الإرشادية هدفها توفير الاستبصار للفرد والجماعة فى حال الإرشاد الجماعي،الذي يمكنه من زيادة تحكمه فى انفعالاته وزيادة معرفته بذاته وبالبيئة المحيطة به.
 ولأن العملية الإرشادية تقوم على ازدياد الاستبصار لدى الفرد فأنها تؤكد بذلك عملية التعلم من حيث اهتمامها بتعديل أفكار الأفراد ومشاعرهم وسلوكهم نحو ذاتهم ونحو الآخرين،ونحو العالم الذي يعيشون فيه.
 ونستطيع القول أن الفرد أو الجماعة الذي يمر بخبرة إرشاد نفسي ناجحة فأنه يمر بخبرة نمو وارتقاء نفسي فى نفس الوقت.

التطور التاريخي:
 نشأ الإرشاد النفسي فى أحضان حركة التوجيه المهني والتربية المهنية،وعلى الأصح فقد نشأ من التقاء هذه الحركة مع تيارات وحركات أخرى ممثلة فى العلاج النفسي والخدمة النفسية.
 ولذا فأنه من المناسب أن نشير إلى العلاقة أو الفرق بين خدمات الإرشاد النفسي،وخدمات التوجيه المهني والتربوي.
وتنصب خدمات التوجيه المهني والتربوي على مساعدة الفرد على دراسة المشكلة التي تواجهه سواء كانت تربوية،كاختيار نوع الدراسة المناسبة،أو التغلب على صعوبة فى تحصيل مادة دراسية،أو مشكلة تتعلق بالأداء فى الامتحانات أو مشكلة مهنية كاختيار العمل المناسب أو المهنة المناسبة.
 والمساعدة هنا تتمثل فى مساعدة الفرد على تحليل عناصر المشكلة وتوفير المعلومات التي تتصل بها المعلومات الخاصة بوضع المهنة أو العمل فى المجتمع،كما توفر خدمة التوجيه التربوي المعلومات الخاصة بقدرات الفرد واستعداداته وميوله،وتنظيم هذه المعلومات كلها معا والخروج من ذلك بحلول أو توجهات .
 وعلى الفرد أن يختار منها الحل الذي يراه مناسبا لظروفه،أي أن اهتمام التوجيه التربوي والمهني ينصب على المشكلة وليس على الفرد ،والمشكلة هنا فى التوجيه التربوي والمهني ليس لها صبغة انفعالية حادة.
 وما ينقص الفرد هنا هو قلة المعلومات والمعرفة والنضج بالدرجة الأولى،بعكس ما هو قائم فى خدمات الإرشاد النفسي الذي تنصب جهوده على الفرد وليس على المشكلة،باعتبار أن الفرد فى حاجة إلى تغيير فى اتجاهاته وقيمه ومشاعره وأساليب تفكيره.
 فالمشكلة فى الإرشاد النفسي تتمثل فى الفرد ذاته ،أما فى التوجيه التربوي والمهني فالمشكلة خارج الفرد وتتمثل فيما يواجهه من المواقف وعليه أن يختار ما يناسبه من بدائل متاحة.
 ومع التطورات الاقتصادية والاجتماعية فى بداية القرن العشرين وتعقد الآلة الصناعية ،تعددت المهن وكثرت ولم يعد من السهل اختيار المهنة فضلا عن النجاح فيها.
 وقد أوجب ذلك ضرورة ظهور الخدمة الإرشادية فى مجال اختيار المهنة وزادت أهمية هذه الخدمة،وأصبحت كما عبر عن ذلك "نورس"Norris "ضرورة للحفاظ على المجتمع نفسه" . 1924 Norris
 وفى ظل التطورات الاقتصادية التي شهدتها أوربا والولايات المتحدة وما ترتب على ذلك من ردود أفعال اجتماعية وإنسانية على المستوى الفردي وعلى المستوى الاجتماعي والتربوي،والتي اتخذت معا فيما أطلق عليه "روكول Rockwell الكاليدوسكوب "*"Kaleidoscope والذي نسميه اليوم الإرشاد النفسي Counseling  "  Rockwell 1990,11.
 وكان المناخ معبأ بضرورة ظهور الخدمات التي تواجه الآثار والندوب التي تركتها الثورة الصناعية الثانية على الصعيدين الإنساني والاجتماعي.
 وتهيئ الجو أيضا للاقتناع بضرورة دراسة المشكلات الاجتماعية دراسة علمية شأنها فى ذلك شأن المشكلات الفيزيقية.
 وقد ساعد التوجه الخاص بإخضاع المشكلات الإنسانية والاجتماعية للدراسة العلمية على تدعيم خدمات الإرشاد النفسي،وكان "لايتر ويتمر"Lighter Witmer قد افتتح العيادة النفسية الأولى فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1896،وأنشأ تخصص علم النفس الإكلينيكي ،وباتت الأذهان متقبلة للخدمة النفسية ومقتنعة بها ،حتى أن "كليفورد بيرس Clifford Beers أثار ضجة كبرى عندما نشر مذكراته التي تمثل خبرته مع المرض النفسي فى كتابه "العقل الذي وجد نفسه" عام 1908وقد وصف فى الكتاب المعاملة السيئة والخشنة والعلاج غير الكفء الذي يلقاه المرضى فى مستشفيات الأمراض النفسية،وقد كان الكتاب بمثابة الشرارة الأولى لتطور حركة الصحة النفسية ،والتي أثارت العديد من الدراسات حول الأشخاص الذين لديهم مشكلات سلوكية،وكانت هذه  بداية إرشاد الصحة النفسية Mental Health Counseling.
 وقد أظهرت نتائج الدراسات التي أجريت على الأطفال  من ذوى المشكلات ضرورة توفير خدمات الإرشاد النفسي لكل الأطفال فى المدارس ،وقد تطور إرشاد الصحة النفسية وأصبح جزءا أساسيا من المجرى الأساسي لمهنة الإرشاد النفسي.
 ولقد كان تأثير الحرب العالمية الأولى "1914-1918"،وكذلك الحرب العالمية الثانية "1939-1945"وما حدث بينهما من أزمات اقتصادية وتدخل حكومي تأثير هائل فى تطورا لخدمات النفسية وعلى رأسها الإرشاد النفسي،خاصة فى مجال إعداد الأدوات وكيفية استخدامها .
 فقد كان على الجيوش المحاربة أن تواجه الآلاف من الشباب الذي طلب أداء الخدمة العسكرية ،وفرز الصالح منهم وغير الصالح لأداء الخدمة،ثم توزيعهم على الأعمال والمهام المختلفة.
 وبذلك فإنه فى ظل المجهود الحربي وتعبئة طاقات الدول المحاربة لكسب الحرب طورت أدوات ما كان من الممكن إعدادها فى هذا الوقت القصير وتقنينها على تلك الأعداد الضخمة لولا ظروف الحرب العالمية.
 وبذلك تم إعداد مقياس "ألفا"(Alpha )ومقياس "بيتا"(Beta)للذكاء فى الجيش الأمريكي.
 وفى الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى تكاثر العديد المتنوع من هذه الأدوات،حتى أن المرشدين النفسيين لم يكونوا هم المنشئون الأساسيين لهذه الأدوات ،بل إنهم كانوا من مستخدميها فقط.
 وقد كان تكميم ذكاء الشخص وميله واستعداداته وتحصيله ومختلف جوانب شخصيته وقياس هذه الجوانب قياسا أقرب إلى الدقة الكمية أساس طيب لصدق أحكام المرشدين النفسيين على مفحوصيهم.
 ولذلك فليس من المستغرب أن التوجيه المهني والإرشاد النفسي أصبحا ملتصقين من البداية بحركة القياس النفسي.
 وأصبح القياس النفسي موجودا بشكل كلى وأساس فى تصنيف العاملين فى مجال الصناعة ،وفى المجال التربوي،وفى مكاتب الإرشاد النفسي،وأصبحت معرفة هذه المقاييس وإتقان استخدامها والاستفادة منها جزءا أساسيا من تعليم وتدريب المرشدين النفسيين .
 ولقد صيغت نظرية توجيهية فى الإرشاد النفسي كان من أوائل الداعين لها "وليامسون1939"(Williamson)  وكما كان للحرب العالمية الأولى فضل فى تطوير بعض الأدوات وكذلك فى الحرب العالمية الثانية طور الجيش الأمريكي فى هذه المرة "اختبار التصنيف العام للجيش The Army General Classification Test "A.G.C.T".
 ومما لاشك فيه أن "كارل روجرز"  Carl Rogersيعتبر أحد المعالم البارزة فى مسيرة الإرشاد النفسي ،وقد أثر روجرز بأفكاره ونظامه وممارسته فى الإرشاد تأثيرا لا ينكر.

 وفكرة روجرز الأساسية والتي أتى بها إلى المجال وأكدها ووجدت أنصار كثيرين لها هي أن الأفراد لديهم القدرة على اكتشاف ذواتهم ،وعلى وضع قراراتهم بدون أحكام سلطوية من المرشد.
 ومن تأثيرات روجرز أنه أدخل التسجيلات الصوتية والمرئية إلى جلسات الإرشاد،الأمر الذي لم يكن معروفا من قبل ،وقد نشر روجرز أفكاره الأساسية فى كتابيه "الإرشاد والعلاج النفسي :مفاهيم أحدث فى الممارسة1942،والعلاج المتمركز حول العميل عام 1951.
 ولم يكن روجرز يرى ضرورة لتشخيص مشكلات العملاء ،أو أن يزودهم المرشد بمعلومات أو توجيهات معينة، فقد أكد على أهمية العلاقة بين المرشد والعميل ،وفى مفهومه يكون العميل أكثر أهمية من المرشد ،وبهذا أصبح نظام روجرز يعرف "بالإرشاد النفسي غير المباشر أو غير الموجه  Nondirective Counseling.
 ومما لاشك فيه أن هذا المدخل قد أثر على مسيرة الإرشاد النفسي كعملية وكمهنة تأثيرا عميقا نجد آثاره إلى اليوم.
 وقد تخطت أفكار روجرز ميدان الإرشاد النفسي "الخاص "إلى مجال "العلاقات الإنسانية" فى مجال التعلم ،ومجال الأسرة،والعلاقات بين الزوجين ،وكذلك فى مجال العمل بين أصحاب العمل والعمال فيما يعرف الآن بعلاج العلاقات Relation Therapy .
 وقد كانت الخمسينات والستينات من هذا القرن مسرح للجدال بين البرامج الإرشادية المعتمدة على نظرية روجرز المتمركزة حول العميل Client Centeredفى مقابل البرامج الإرشادية المعتمدة على نظرية العوامل والسمات Trait Factored.
   
 ومع إطلالة الألفية الثالثة والقرن الحادي والعشرين ،ربما كان التنبؤ بما سيكون عليه الإرشاد النفسي فى القرن القادم أحد الأعمال الصعبة نسبياً،لأن القرن القادم أصبح وشيكاً وعلى الأبواب ،حتى أن مقدماته أصبحت جزءا من الحاضر.
 بل أننا قد أصبحنا نعيش فى القرن الحادي والعشرين بمتغيراته،ومن المعروف أن الذين يحاولون التنبؤ ويعلنون تنبؤاتهم يغامرون بأن يقعوا فى الخطأ،لأنه من السهل بالطبع أن نتحدث عما حدث قياسا إلى التحدث عما سوف يحدث فى ظل تغيرات متلاحقة فى جوانب عديدة كل منها يؤثر على الآخر.
 ويعيش العلماء والمفكرين كذلك أزمة التنبؤ وصعوبتها وعدم دقته ،حيث أن التنبؤ يصف المجهول وغير متأكد منه ،والأمر المثير فيما يتعلق عن مستقبل الإرشاد النفسي أن عملية الإرشاد نفسها تتضمن قدراً كبيرا من التعامل فى المستقبل للعميل والتخطيط لمستقبله المهني،وهو ما يتطلب تنبؤا لكثير من الجوانب فى حياة العميل وللعوامل التي تؤثر فيها.
 ومما لاشك فيه أننا حين نمد عملية التنبؤ من مستوى الفرد كما يحدث فى عملية الإرشاد الفردي إلى مستوى الجماعة ،فأن ذلك كله يتطلب المزيد من البيانات والمعلومات الدقيقة،ولم تكن تكهنات وتنبؤات الكتاب والمبدعين فى تقدير التغير الذي يحدث فى الألفية الثالثة تغير متأثر بالعوامل الاجتماعية والسياسية،ويقللون من العوامل التكنولوجية.
 ولكن مع هذا التكتل الجماعي الدولي الجديد وانفتاح العالم وفى ظل العولمة وأصبح العالم قرية صغيرة من خلال شبكات الستالايت المختلفة وانتقال العادات الاجتماعية من مجتمع لآخر فى أقل من الفمتوثانية ،وانتشار الضغوط الاجتماعية على الفرد والجماعة فى محيط الكرة الأرضية وانتشار ثورة الكمبيوتر أصبح الإرشاد النفسي سلعة مطلوبة على شاشات الإنترنت وأصبحنا نحن كمعالجين نفسيين نجد فى عياداتنا كثيرا من الأفراد الطالبون للمزيد من الاستشارات النفسية والعلاج النفسي.






  الفصل الثالث
  تحديد المفهوم وتعريفا ته المختلفة


    

 ينتمي الإرشاد إلى ميدان علم النفس التطبيقي Applied Psychology ،كما أنه يشترك مع مجموعة أخرى من تخصصات علم النفس مثل"علم النفس العيادى،وعلم النفس الإكلينيكي،وميدان الطب النفسي،والخدمة الاجتماعية" وهذه التخصصات تهدف إلى مساعدة الناس فى مواجهة مشكلات ومواقف الحياة وضغوطها وتغيير حياتهم إلى الأفضل ،تحت مجموعة تعرف بتخصصات "مهن"المساعدةHelping Professions ،وهذه التخصصات تشترك فى الخصائص الآتية:
1- تفترض أن السلوك له سبب وأنه من الممكن تعديل هذا السلوك.
2- تشترك فى الغاية التي تؤكد على أهمية الوقاية .
3- تقوم على أساس من تدريب متخصص .
4- تسعى لتحقيقها،وهى مساعدة المستفيدين على أن يصبحوا أكثر فاعلية وأكثر توافقاً من الناحية النفسية.
5-تستخدم العلاقة المهنية كوسيلة أساسية لتقديم العون .
 وهناك تعريفات كثيرة ومتعددة للإرشاد النفسي ،منها يوضح مفهوم الإرشاد ،والبعض الآخر يحمل التعريف الإجرائي للإرشاد النفسي،فى الوقت الذي تركز فيه بعض التعريفات على العلاقة الإرشادية ودور المرشد.
ونعرض فيما يلي لبعض هذه التعريفات:.
1-  تعريف جود GOOD( 1945)
 يقصد بالإرشاد تلك المعاونة القائمة على أساس فردى وشخصي فيما يتعلق بالمشكلات الشخصية والتعليمية والمهنية،والتي تدرس فيها جميع الحقائق المتعلقة بهذه المشكلات،ويبحث عن حلول لها،وذلك بمساعدة المتخصصين وبالاستفادة من إمكانيات المدرسة والمجتمع،ومن خلال المقابلات الإرشادية التي يتعلم العميل فيها أن يتخذ قراراته الشخصية.
2- تعريف رين Wrenn  (1951)
 الإرشاد هو علاقة دينامية وهادفة بين شخصين ،تتنوع فيها الإجراءات باختلاف طبيعة حاجة الطالب ،ولكن فى جميع الحالات يكون هناك مشاركة متبادلة من كل من المرشد والطالب،مع التركيز على فهم الطالب لذاته.
3- تعريف روجرزROGERS    (1952)
 الإرشاد هو العملية التي يحدث فيها استرخاء لبنية الذات للعميل فى إطار الأمن الذي توفره العلاقة مع المرشد ،والتي يتم فيها إدراك العميل لخبرته المستبعدة فى ذات جديدة.
4- تعريف بيبنسكى وبيبنسكى Pepinsky Pepinsky&  (1954)
 الإرشاد عملية تشتمل على تفاعل بين  مرشد وعميل فى موقف خاص بهدف مساعد المسترشد على تغيير سلوكه بحيث يمكنه الوصول إلى حل مناسب لحاجاته .
5- تعريف تولبير Tolbert (1959)
 الإرشاد هو علاقة شخصية وجها لوجه بين شخصين أحدهما وهو المرشد ،من خلال مهاراته وباستخدام العلاقة الإرشادية،يوفر موقفا تعليميا للشخص الثاني،العميل وهو نوع عادى من الأشخاص ،حيث يساعده على تفهم نفسه وظروفه الراهنة والمقبلة،وعلى حل مشكلاته وتنمية إمكانياته بما يحقق إشباعا ته وكذلك مصلحة المجتمع فى الحاضر والمستقبل.

6- تعريف كرمبولتز ،Krumboltz  (1965)
 يتكون الإرشاد النفسي من أي أنشطة قائمة على أساس أخلاقي ،يتخذها المرشد فى محاولة لمساعدة العميل للانخراط فى تلك الأنواع من السلوك التي تؤدى إلى حل مشكلاته.
تعريف تيلرTyler  (1969)
(*) ترى تيلر أن الغرض من الإرشاد هو تسهيل الاختبارات التي تساعد على نمو الشخص فيما بعد ،كما ترى أن الإرشاد ذو طبيعة نمائية بالإضافة إلى كونه ذا طبيعة علاجية ،وأنه يمكن أن يكون عونا لكل الأشخاص نظرا لكون اتخاذ القرارات أمر لازم طول الحياة.

8- تعريف بيتروفيساPietrofesa   (1978)
 (*)الإرشاد هو العملية التي من خلالها يحاول المرشد ،وهو الشخص المؤهل تأهيلا متخصصا للقيام بالإرشاد ،أن يساعد شخصا آخر فى تفهم ذاته ،واتخاذ القرارات ،وحل المشكلات ،والإرشاد هو مواجهة إنسانية وجها لوجه تتوقف نتيجتها إلى حدد كبير على العلاقة الإرشادية.


9-  تعريف بيركس وستيفلر  Burks &  Stefflre (1979)
 يشير مصطلح الإرشاد إلى علاقة مهنية بين مرشد مدرب وعميل ،وهذه العلاقة تتم فى إطار "شخص لشخص" رغم أنها قد تشتمل فى بعض الأحيان على أكثر من شخصين ،وهى معدة لمساعدة العملاء على تفهم واستجلاء نظرتهم فى حياتهم، وأن يتعلموا أن يصلوا إلى أهدافهم المحددة ذاتيا من خلال اختيارات ذات معنى قائمة على معلومات جيدة ،ومن خلال حل مشكلات ذات طبيعة انفعالية،أو خاصة بالعلاقات مع الآخرين.
10-تعريف محمد محروس الشناوى (1996) (*)
 الإرشاد هو "عملية ذات طابع تعليمي تتم وجها لوجه بين مرشد مؤهل ومسترشد يبحث عن المساعدة ليحل مشكلاته ويتخذ قراراته ،حيث يساعده المرشد باستخدام مهاراته والعلاقة الإرشادية ".
11-تعريف علاء الدين كفافى (1998)(*)  
 "الإرشاد النفسي يتركز على الفرد ذاته أو الجماعة ذاتها بهدف إحداث التغيير فى النظرة وفى التفكير وفى المشاعر والاتجاهات نحو المشكلة ونحو الموضوعات الأخرى التي ترتبط بها،ونحو العالم المحيط بالفرد أو الجماعة".
12-تعريف فرج عبد القادر طه (1998) (*)  
 "الإرشاد النفسي هو علاج نفسي سطحي لمشكلات السلوك والحياة اليومية .  وكأنه إرشاد وتوجيه للفرد حتى يسوى مشاكله ويتعامل معها بكياسة ولباقة " .
الخصائص التي تبنى عليها العملية الإرشادية
 تبنى العملية الإرشادية على خطوات متتابعة وذات متصل تتابعي على هذا النحو:
 1-الإرشاد ذو طابع تعليمي ،وذلك يعنى أن العملية الإرشادية ترتكز على تغيير السلوك.
 2- المرشد النفسي هو الشخص المخطط للعملية الإرشادية وهو شخص مؤهل تأهيلا متخصصا.
3- العميل شخص عادى ،أي أن مشكلاته ليست شديدة على النحو الذي يدعو إلى تدخل برامج أخرى مثل العلاج النفسي،وأن شخصيته متماسكة .
 4- تهدف العملية الإرشادية إلى تحسين حياة العميل ومساعدته على فهم ذاته ومواقفه فى الحاضر والمستقبل واتخاذ القرارات المناسبة.
 5-البيئة التي تتم فيها العملية الإرشادية هي بيئة العلاقة الإرشادية وجها لوجه.
 6 -تهتم العملية الإرشادية بانتقال الخبرة من موقف الإرشاد إلى مواقف الحياة التي يقف فيها العميل فيما بعد.

































الفصل الربع
  الصفات والخصائص
    الشخصية والأخلاقية للمرشد النفسي





  تتعدد المواصفات والخصائص التي يضعها المتخصصون فى الإرشاد النفسي فيمن يقومون بهذا العمل "المرشد النفسي" بتعدد المدارس والنظريات التي يبنون عليها نماذجهم الإرشادية،ولاشك أن بعض الخصائص التي يقررها هؤلاء المتخصصون تصلح للاسترشاد بها عبر الزمان والمكان فى تحديد خصائص المرشدين والمعالجين ومن يماثلهم من أخصائين اجتماعيين وأطباء نفسيين ،بل وفى كل من يتصدى لمعاونة إنسان فى أي موقع لتخطى عقبة أو حل مشكلة أو مواجهة أزمة شديدة.
 والمرشد النفسي (أو المعالج النفسي)ينبغي أن يتصف بعدة خصائص أساسية ليمارس العمل الإرشادي ،كما يحتاج بصفة دائمة أن يمحص نفسه من وقت لآخر ليطمئن إلى أن هذه الخصائص لا تزال  قوية عنده وأن يبحث فى تقويتها بصفة دائمة.

مهنة الإرشاد النفسي (العلاج النفسي) فى مصر والقانون المنظم لها:(*)
  "ينظم الاشتغال بمهنة العلاج النفسي فى مصر القانون رقم 198 لسنة 1956 (213)،بالرغم من أنه سبق صدور هذا القانون مجادلات عديدة وأحيانا مريرة بين المهن النفسية والطبية،وبالرغم من أن كل من الفريقين لازال يرى فيه ثغرات لا يرضى عنها،إلا أنه من الأنصاف أن نقرر أن مصر كانت رائدة فى هذا التشريع.
وفيما يلي مواد هذا القانون.
مادة (1):  لا يجوز لأي شخص أن يزاول مهنة العلاج النفسي إلا إذا كان مرخصا له فى ذلك من وزارة الصحة العمومية.
  ويشترط للحصول على هذا الترخيص الشروط الآتية:
أولا:ً أن يكون طالب الترخيص من إحدى الفئات الآتية:
(أ) الحاصلين على دبلوم الأمراض العصبية والعقلية من إحدى الجامعات المصرية.
(ب) الحاصلين على دبلوم من الخارج تعادل الدبلوم المنصوص عليها فى البند السابق فإن كان أجنبيا وجب عليه أداء الامتحان أمام اللجنة المشار إليها فى المادة الثانية.
(ج) الحاصلين على مؤهل جامعي من الجمهورية المصرية أومن الخارج وعلى شهادة تخصص فى العلاج النفسي من أحد معاهد العلاج النفسي المعترف بها والتي تقرها اللجنة المذكورة.
(د)أن يكون عضوا عاملا أو منتسبا بإحدى جمعيات العلاج النفسي أو هيئاته المعترف بها فى مصر أو فى الخارج والتي تقرها اللجنة المذكورة ويكون قد اجتاز امتحانا أمام هذه اللجنة.
(هـ)الحاصلين على مؤهل عال فى علم النفس من إحدى الجامعات أو أحد المعاهد فى مصر أو فى الخارج وأعدوا أنفسهم للتخصص فى العلاج النفسي لمدة سنتين على الأقل بأحد معاهد العلاج النفسي أو بمؤسساته التي تعترف بها اللجنة المذكورة أو يكون تحت إشرافها وبعد اجتيازه امتحانا أمام اللجنة.

 ثانيا:ً  ألا يكون قد حكم بإدانته فى جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو ماسة بالكرامة أو لجنحة مزاولة مهنة الطب أو إحدى المهن المرتبطة بها بدون ترخيص ،وفى هذه الحالة الأخيرة لا يجوز له أن يتقدم بطلب الترخيص قبل مضى خمس سنوات من تاريخ انقضاء العقوبة.
ثالثاً:  أن يكون حسن السمعة،محمود السيرة وتقدر اللجنة المذكورة حالة الطالب من هذه الناحية ولها إذا رأت أن تطلب إيضاحات منه أو من أية جهة أخرى ويكون قرارها فى ذلك نهائياً.
 مادة 2:  تشكل اللجنة المشار إليها فى المادة السابقة على الوجه الآتي:
وكيل وزارة الصحة العمومية الدائم                     رئيساً
مدير عام من مجلس الدولة من درجة نائب على الأقل.            عضواً
أستاذ الأمراض العصبية بكلية طب القصر العيني بجامعة القاهرة.        عضواً
 خمسة أعضاء يختارهم وزير الصحة العمومية لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد أحدهم أستاذ من أساتذة الأمراض الباطنية بكلية الطب بجامعة القاهرة على أن تكون له دراية بالمسائل النفسية،والأربعة الآخرون من الفنيين الأخصائيين فى العلاج النفسي.عضواً         
ويجرى الامتحان بواسطة لجنة فنية تشكل من بين أعضائها ويصح أن يضم إليها أعضاء من الخارج عند الاقتضاء،ويكون تشكيل لجنة الامتحان بقرار من الوزير،وترفع قرارات اللجنة العامة إلى وزير الصحة العمومية خلال أسبوع من تاريخ رفع القرار إليه وإلا أصبح القرار نافذا من تلقاء نفسه.
 
 مادة 3:  يجب على طالب الترخيص تقديم طلبه إلى وزارة الصحة العمومية موضحا فيه الاسم،واللقب ،والجنسية،ومحل الإقامة،ومرفقا به صحيفة الحالة الجنائية،والمؤهلات الفنية والعلمية الحاصل عليها الطالب.
 وعلى قسم الرخص الطبية بالوزارة أن يبعث إلى اللجنة المذكورة بجميع البيانات المنوه عنها فى المادة الأولى المتعلقة بالطلب.
 مادة4:   يجب على من يرخص له فى مزاولة مهنة العلاج النفسي أن يحلف أمام اللجنة المذكورة يمينا بأن يؤدى أعمال مهنته بالأمانة والصدق وأن يحافظ على سر المهنة وأن يدفع رسما مقابل قيد أسمه بجدول المشتغلين بالعلاج النفسي قدره عشرة جنيهات.
 مادة 5:  يجب على المعالج النفسي أن يخطر وزارة الصحة العمومية بسكنه ومقر عمله خلال شهر من تاريخ حصوله على الترخيص وأخطاره بقيد اسمه بجدول المعالجين النفسيين بوزارة الصحة العمومية وعليه أيضا إخطارها بكل تغيير يحصل فى سكنه أو مقر عمله خلال شهر من تاريخ حصول هذا التغيير.
 مادة6:  لا يجوز لمن يمنح ترخيصاً فى مزاولة مهنة العلاج النفسي وكان من غير الأطباء أن يتولى علاج أية حالة نفسية مصحوبة بأعراض بدنية أو عقلية،أو يشتبه فى أنها كذلك إلا بعد عرض المريض على طبيب يقوم بفحصه للتثبت من أن الأعراض التي يشكو منها ليست نتيجة علة فى الجسم أو مرض فى العقل وعلى الطبيب أن يبعث للمعالج النفسي بتقرير بنتيجة فحصه وعلى المعالج النفسي أن يحتفظ بالتقرير إذا ظهر أن الحالة نفسية أو تحتاج لعلاج نفسي كجزء متمم للعلاج البدني أو العقلي وتولى علاجها على هذا الاعتبار وفى هذه الحالة الأخيرة يتعين عليه أن يكون على اتصال دائم بالطبيب وأن يبادله الرأي فيما يختص باستمرار العلاج النفسي أو قطعه أو أرجائه.
  مادة 7:   إذا كانت الحالة نفسية وطرأت على المريض أعراض جديدة غير التي أثبتها الفحص من قبل بمعرفة الطبيب فعلى المعالج النفسي أن يشير على المريض بعرض نفسه على الطبيب للتثبت من حقيقة الأعراض وسببها وليس له أن يستمر فى العلاج النفسي إلا بمشورة الطبيب كما لو كانت الحالة مستجدة.
 وكذلك إذا تبين للمعالج النفسي أن الحالة المعروضة عليه عقلية أو يشتبه فى أنها عقلية يجب عليه أن يتصل بأهل المريض على الفور لعرضه على طبيب أخصائي فى الأعراض العقلية،ولا يجوز له أن يستمر فى علاج المريض نفسياً إلا تحت إشراف الطبيب العقلي وبالتعاون معه.
 مادة 8 :   إذا كان المعالج النفسي غير طبيب فلا يجوز له بحال من الأحوال أن يتصدى لتشخيص العلل والآفات الجسمية أو علاجها أو مباشرة أي علاج عضوي مما لا يجوز لغير الطبيب أن يزاوله ومحظور عليه الكشف على جسم المريض أو النصح إليه بأية وصفات طبية أو دوائية.
 مادة 9   :  يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يزاول مهنة العلاج النفسي دون أن يكون اسمه مقيداً فى جدول المعالجين النفسيين بوزارة الصحة العمومية وفى حالة العود يحكم بالعقوبتين معاً.
 مادة  10  : إذا أخل المعالج النفسي بواجبه عرض أمره على اللجنة المذكورة لمحاكمته تأديبا ولها بعد تحقيق ما نسب إليه وسماع أقواله أن توقع عليه أحد الجزاءات التأديبية الآتية:الإنذار،أو التوبيخ أو الوقف مدة أقصاها ثلاث سنوات أو سحب الترخيص نهائيا ولا يكون انعقاد اللجنة صحيحاً فى هذه الحالة الأخيرة إلا بحضور سبعة من أعضائها على الأقل.
 مادة  11  : استثناء من أحكام الفقرة أولاً من المادة الأولى ،يجوز للأشخاص المشتغلين بالعلاج النفسي حالياً ممن لا تتوفر لديهم هذه المؤهلات ويكونون قد أمضوا فى ممارسة هذه المهنة خمس سنوات على الأقل أن يتقدموا إلى اللجنة المنصوص عليها فى المادة الثانية خلال سنة من تاريخ صدور هذا القانون لتنظر فى الترخيص لهم فى الاستمرار فى مزاولة العلاج النفسي بعد التثبت من خلوهم من الموانع المنصوص عليها فى الفقرتين ثانيا وثالثا من المادة المذكورة ومن صلاحيتهم فنيا لهذا النوع من العلاج.
 مادة  12  :   استثناء من أحكام المواد السابقة الخاصة بامتحان الطالب أمام اللجنة المنصوص عليها فى المادة الثانية،يجوز لوزير الصحة العمومية أن يعفى من هذا الامتحان أساتذة علم النفس بالجامعات أو المعاهد ،كما يجوز له أن يعفى من هذا الامتحان أساتذة علم النفس السابقين بالجامعات أو المعاهد المصرية أو الأجنبية.
 مادة  13:   على وزير الصحة العمومية والعدل تنفيذ هذا القانون ويعمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية ولوزير الصحة العمومية إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه.
  صدر بديوان الرياسة فى 21رمضان سنة 1975(2مايو سنة1956).
وبناء على ذلك فإن العملية الإرشادية والعمل الإرشادي ينتميان إلى مجموعة من التخصصات أو مهن تعرف بأنها (مهن معاونة أو مساعدة)،وهذه المهن تتطلب من القائم بها أن يضع شخصه داخل هذا العمل وأن يكون مستعدا للعطاء دون ملل وتحمل العمل وهو لذلك يحتاج أن تتوفر فيه مجموعة صفات أو خصائص شخصية تجعل من عمله بجانب اصطباغه بالأسس العلمية ذا طبيعة فنية خاصة يشعر بها المرشد النفسي وهو يؤديها ويشعر بها العميل الذي يقدم العمل من أجله  وهذه الخصائص هي :
1- :  الأمانة:
  الأمانة هي صفة وخاصية يجب أن يتحلى بها المرشد النفسي،ولكن معناها ذو بعد واسع،والأمانة مشتقة من الأمن ،ومادة الأمن تعبر عن الطمأنينة، لأن المسترشد يأتى لمرشد بهدف تزويده بالأمان النفسي.
 ولذلك وجب على المرشد أن يحافظ على العميل وأن يصونه بكل ما يستطيع،كذلك وجب على المرشد أن يقدم للمسترشد المعلومات الدقيقة الصادقة لكل المواقف التي يحتاج فيها إلى هذه المعلومات لتصحيح موقف أو تخطى عقبة أوحل مشكلة .
2-  الأصالة : "التطابق"
  وهذه الصفة تعنى أن يكون المرشد أمينا مع نفسه ظاهره كباطنه وسره كعلانيته،والأصالة صفة سلوكية لازمة للصحة النفسية للمرشد والذي يجنى ثمارها (العميل )المسترشد .ويجب على المرشد أن يتحلى بالصفات والسمات التي تعبر عن شخصيته وسلوكه بصدق ،فعلى سبيل المثال عند إرشاد المرشد للعميل بأن التدخين خطر فيجب عليه إلا يدخن أمام العميل وهكذا….
3- الكفاءة العلمية :
  على المرشد التحلي بالأساليب العلمية المتقدمة والحديثة وذلك بالإطلاع على أحدث الأبحاث والدوريات العلمية فى مجال تخصصه ،وأن يكون لديه من التطلع ما يدفعه إلى تمحيص الأشياء وإلى معرفة ماذا يجرى للعميل ،وتشتمل الكفاءة العلمية أيضا على القدرة على البحث عن المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات المناسبة،والمرشد بحاجة إلى أن تكون لديه معلومات عن الإنسان وعن نموه وعن تطور شخصيته وعن الاضطرابات النفسية والصحة النفسية،وعن أساسيات الإرشاد وأساليبه.
4-  الدافعيـــه  :
 ينبغي على المرشد أن تكون لديه طاقة ودافعيه عالية فى الجوانب البدنية والجوانب الانفعالية أيضا.والمرشد الناجح لا يقبع وراء مكتبه فى انتظار لمن يحال إليه من طلاب يحيلهم المدرسون أو ناظر المدرسة ،وإنما هو يدرك تماما أن له دورين أساسين يسبقان هذا الدور العلاجي الذي يقوم به وهما الجانب الإنمائي والجانب الوقائي،وكل منهما بالإضافة للدور العلاجي بحاجة إلى دافعيه وطاقة عالية تجعله يتحرك وينظر ويسمع..الخ…وعلى هذا الأساس ينبغي أن تكون لدى المرشد دافعيه متقدمة وطاقة عالية ليعمل بكفاءة وليجعل العملاء نشطين خلال الجلسات الإرشادية.
5- المرونة:
  لا يجب أن يكون المرشد جامدا فى عمله ولابد أن يتمتع بالمرونة ،لأنه يتعامل مع أفراد بينهم العديد من الفروق ومع مشكلات متنوعة،ولن ينجح المرشد إذا قصر عمله على أسلوب واحد أو طريقة واحدة يطبقها مع جميع العملاء ومع كافة المشكلات،لأنه فى ذلك سيحاول دفع المسترشدين ليتلاءموا مع النموذج "الوحيد" الذي يسير عليه ،أو يختار الحالات التي تناسب هذا النموذج ،ويدع ما سواها.
6-المساندة والتراحم:
  المساندة لها عدد من الوظائف فى العملية الإرشادية فهي تعنى زرع الأمل ،وتقليل القلق والتوتر لدى "العميل"،وتزويده بالأمان النفسي والأمان الانفعالي (*) Brammer  &  Shostrom  1982    ،على حين يرى روجرز(*) أن العميل يعيش العلاقة الإرشادية على أنها مساندة ،ولكنه فى نفس الوقت لا يشعر أن هذه العلاقة معاضدة بمعنى أنها تؤيده فى سلوكه ،وإنما يشعر أن هناك شخصاً "المرشد" يفهمه ويحترمه ويتطلع إلى أن يراه يتخذ وجهة مناسبة فى الحياة.
7-القدرة على التأثير :
  إن المرشد بالنسبة للعميل هو بمثابة المعلم ،وهدفه الأساسي فى العملية الإرشادية "التعليمية"مساعدة هذا العميل على التغيير والوصول إلى مستوى أفضل فى حياته.
 ولذا فأن المرشد النفسي يجب أن تتوفر فيه القدرة على التأثير وعلى توجيه العمل الإرشادي داخل جلسات الإرشاد النفسي وخارجها،أي أن يكون لديه القدرة على توجيه مسار العملية الإرشادية فى الاتجاه الصحيح الذي به يتحقق هدف أو أهداف الإرشاد.
  أن المرشد الناجح هو الذي يستطيع أن يضبط موقف المقابلة الإرشادية ويسيرها فى الوجهة الصحيحة وإلا ينشئ أي صراعات بينه وبين العميل وإلا يستخدم أساليب لا تتفق مع مبادئ الإرشاد مثل فرض الرأي أو التشبث به أو الغضب.
8- الرفق والإخلاص  :
  وهما من الخصائص الهامة التي يجب أن يتحلى بها المرشد النفسي ،فالرفق صفة تعنى عدم العنف وعدم الغلظة مع العميل،والرفق يجعل المرشد يقود العملية الإرشادية فى سلاسة وتراحم يمكنان المسترشد من أن يدرك أن هذا المرشد يسعى لمصلحته ويود له الخير.
 أما الإخلاص فأنه يقتضي من المرشد أن يقبل عمله برغبة ورضا وحب فى أن يساعد الآخرين.
9- الوعي بالذات  :
 وتتضمن العملية الإرشادية على موقف تفاعلي بين القائم بالعمل الاسترشادي والمتلقي له وكل من طرفي العملية الإرشادية تربطهما ببعض عملية التأثير والتأثر (الموقف الطرحى) ولذا فأن المرشد يجب أن يكون واعيا بذاته ،وبأفكاره وبقيمه وبمشاعره وباتجاهاته وبحاجاته الشخصية،حتى لا يسير بالموقف الإرشادي والعملية الإرشادية فى طريق يشبع فيها حاجاته الشخصي والتي قد تتعارض مع حاجات المسترشد"العميل"،وعى ذلك يجب أن يكون المرشد قادرا على التعرف على نفسه والاتصال بها ومراجعة أفكاره ومشاعره وسلوكياته الشخصية ويعمل على تصحيحها أول بأول.
10- الصبر :
  ينبغي على القائم بالإرشاد النفسي أن يتحلى بالصبر فى سلوكياته فعليه أن يستمع جيداً لشكوى العميل وأن لا يتحدث كثيراً ولا يكون معطى للنصيحة بصفة مستمرة ولكنه يكون فى جانب الحياد العلمي بين أمانة المهنة والخدمة الإرشادية الجادة فيجب عليه أن يتحلى بالصبر على العميل حتى ينتهي من عرض مشكلته وأن يصبر عليه فى الوعي بالخطوات الإرشادية التي تتطلب قدرا من الزمنية لإنجازها.
 هذه الصفات السابقة والتي يجب أن يتحلى بها القائم بالعملية الإرشادية إنما لا تأتى فجأة وإنما يسبقها الاستعداد للدخول فى ممارسة المهنة والتدريب على الجلسات الإرشادية حتى يكتسب المرشد فنيات وأخلاقيات ممارسة المهنة.
  هذه الصفات والمهارات يجب أن يتحلى بها المرشد النفسي وفقا لعلمه بالقواعد الأخلاقية التي يجب أن يكون ملما بها فى الخدمة النفسية الإرشادية.
وفيما يلي سوف نعرض للمبادئ العامة التي يقوم عليها الميثاق الأخلاقي للأخصائيين النفسيين "المرشدين النفسيين"  (*)   الصادر عن رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية(رانم)

أولاً:  المبادئ العامة:.
 1-الأخصائي النفسي(*) يكون مظهره العام معتدلا،بعيداً عن المظهرية والإبهار،محترما فى مظهره ،ملتزما بحميد السلوك والآداب.
 2-يلتزم الأخصائي النفسي بصالح العميل ورفاهيته ،ويتحاشى كل ما يتسبب بصورة مباشرة أو غير مباشرة فى الأضرار به.
 3- يسعى الأخصائي النفسي إلى إفادة المجتمع ،ومراعاة الصالح العام،والشرائع السماوية،والدستور،والقانون.
 4- على الأخصائي النفسي أن يكون متحررا من كل أشكال وأنواع التعصب الديني أو الطائفي،وأشكال التعصب الأخرى،سواء للجنس ،أو السن،أوال عرق،أو اللون..
5- يحترم الأخصائي النفسي فى عمله حقوق الآخرين فى اعتناق القيم والاتجاهات والآراء التي تختلف عما يعتنقه،ولا يتورط فى أية تفرقة على أساسها.
6- يقيم الأخصائي النفسي علاقة موضوعية متوازنة أساسها الصدق وعدم الخداع ،ولا يسعى للكسب ،أو الاستفادة من العميل بصورة مادية،أو معنوية إلا فى حدود الأجر المتفق عليه،على أن يكون هذا الأجر معقولا ومتفقا مع القانون والأعراف السائدة متجنبا شبهة الاستغلال أو الابتزاز.
7- لا يقيم الأخصائي النفسي علاقات شخصية  - خاصة مع العميل – يشوبها الاستغلال الجنسي،أو المادي،أو النفعي،أو الأناني.
8-على الأخصائي النفسي مصارحة العميل بحدود وإمكانيات النشاط المهني معه دون مبالغة أو خداع.
9-لا يستخدم الأخصائي النفسي أدوات فنية،أو طرقا وأساليب مهنية لا يجيدها،أو لا يطمئن إلى صلاحيتها للاستخدام.
10-لا يستخدم الأخصائي النفسي أدوات أو أجهزة تسجيل إلا بعد استئذان العميل وبموافقته(*).
11-الأخصائي النفسي مؤتمن على ما يقدم له من أسرار خاصة وبيانات شخصية،وهو مسئول عن تأمينها ضد اطلاع الغير،فيما عدا ما يقتضيه الموقف ولصالح العميل(كما هو الحال فى إرشاد الآباء،وعلاج الأطفال، ومناقشة الحالات مع الفريق الإكلينيكي أو مع رؤسائه المتخصصين).
12-عند قيام الأخصائي النفسي بتكليف أحد مساعديه أو مرؤسيه بالتعامل مع العميل نيابة عنه،يتحمل هذا الأخصائي النفسي المسئولية كاملة عن عمل هؤلاء المساعدين.
13-يوثق الأخصائي النفسي عمله المهني بأقصى قد رمن الدقة،وبشكل يكفل لأي أخصائي آخر استكماله فى حالة العجز عن الاستمرار فى المهمة لأي سبب من الأسباب.
14-لا يجوز نشر الحالات التي يدرسها الأخصائي النفسي،أو يبحثها أو يعالجها،أو يوجهها مقرونة بما يمكن الآخرين من كشف أصحابها(كأسمائهم/أو أصافهم)منعا للتسبب فى أي حرج لهم ،أو استغلال البيانات المنشورة ضدهم .
15-عندما يعجز العميل عن الوفاء بالتزاماته ،فعليه اتباع الطرق الإنسانية فى المطالبة بهذه الالتزامات ،وتوجيه العميل إلى جهات قد تقدم الخدمة فى الحدود التي تسمح بها ظروف العميل وإمكانياته.
16-يقوم الأخصائي النفسي بعمليات التقييم ،أو التشخيص،أو التدخل العلاجي فى إطار العلاقة المهنية فقط،وتعتمد تقاريره على أدلة تدعم صحتها،كالمقاييس والمقابلات على ألا يقدم هذه التقارير إلا للجهات المعنية فقط،وعدا ذلك لابد أن يكون بأمر قضائي صريح.
17-يسعى الأخصائي النفسي لأن تكون تصرفاته وأقواله فى اتجاه ما يرفع من قيمة المهنة النفسية فى نظر الآخرين،ويكسبها احترام المجتمع وتقديره،وينأى بها عن الابتذال والتجريح.








 
         الفصل الخامس
     المهارات الأساسية للمرشد النفسي
   









 يحتاج العمل الإرشادي إلى مجموعة من المهارات التي ينبغي أن تتوافر فى المرشد النفسي ليقوم بإنجاز هذا العمل على خير وجه،ويمكن أن نتعرف على المهارات الأساسية التي يحتاجها المرشد من خلال تتبعنا لمراحل الإرشاد الأساسية وهى:
العلاقة الإرشادية.
 2-التعرف على المشكلة وتحديدها  
3-إعداد الأهداف الإرشادية.           
4-اختيار طريقة للإرشاد واستخدامها.
 5- تقويم النتائج.
6- أقفال الحالة.
  ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن ،ما هي المهارات المطلوبة لهذه المراحل؟
ويمكن أن نجيب على هذا التساؤل بعرض بعض المهارات للمرشد النفسي على هذا النحو:.

أولاً:.   المهارات المطلوبة فى العلاقة الإرشادية:
1-  التقبل  :حيث يتقبل المرشد العميل كما هو،وليس معنى التقبل الموافقة على سلوك المرشد.
2-  الاحترام  : يحاول المرشد النفسي أن يجعل المسترشد يشعر بأنه يحترمه لأنه إنسان وأنه لا يضع شروطا لاحترامه أو تقديره له.
3- المشاركة  :وهنا يحاول المرشد أن يوصل للعميل (*)أنه يفهم مشاعره من موقع المسترشد نفسه.
4-  الأصالة والتطابق : حيث يكون المرشد مطابقاً فى عمله بين أقواله وأفعاله.
  ويرى روجرز أن هذه المهارات كافية لإقامة علاقة دافئة وآمنة بين المرشد والعميل ،بحيث تسمح للعميل أن يلامس خبراته ويعيد ضمها إلى ذات جديدة.
أما "ستر ونج "  Strong  فى نموذجه عام    Social Influence1986 والذي سمى نموذج التأثير الاجتماعي ،قسم العملية الإرشادية إلى مرحلتين وهما :
 المرحلة الأولى:
 وفيها يؤسس المرشد قاعدة من التأثير (أو النفوذ)وهو تأثير قانوني يأتى من الدور الذي يقوم به المرشد ومشروعيته فى المجتمع،وتأثير الخبرة الذي يأتى من كفاءة المرشد فى عمله الإرشادي وتأثير شخصي يأتى من الجاذبية ،والمودة التي يتعامل به المرشد النفسي مع العميل.
المرحلة الثانية:
 وفيها يحاول المرشد أن يستخدم هذا التأثير "قاعدة التأثير"ليؤثر فى عملية تغيير الاتجاهات والسلوك فى المسترشدين ،وفى هذه المرحلة الثانية من المهم أن يدرك العميل المرشد على أنه خبير،جدير بالثقة حيث إن إدراك العميل لهذه الخصائص فى المرشد هو الذي يحدد ولو جزئيا على الأقل مقدار التأثير الذي سيمارسه المرشدون على العملاء.

 ثانياً: مهارات تحديد المشكلة"مهارات التشخيص" .
 وتعرف وفق النموذج الطبي "بمرحلة التشخيص ،وقد تعرف بمرحلة تحليل السلوك فى المدرسة السلوكية،ويطلق عليها آخرون مرحلة التقويم أو التقدير        Assessment ،أو مرحلة التعرف على المشكلة وتحديدها،أو مرحلة بناء نموذج للمشاغل Concerns  ، وفى هذه المرحلة فأن اهتمام المرشد النفسي ينصب على جانبين هما:
1-معرفة الشكوى من العميل على النحو الذي يعرضه هو نفسه.
2-أن يقوم المرشد النفسي بالتحديد الدقيق للمشكلة عن طريق جمع المعلومات المناسبة وتحليلها والوصول إلى قرار حول المشكلة وحدودها.
 ويتضمن كل من الجانبين إكساب المرشد النفسي مجموعة من المهارات منها القدرة على الإصغاء"الاستماع"،والقدرة على الاستجابة،والقدرة على التواصل مع المسترشد ،والقدرة على إدارة الحوار فى المقابلة،والقدرة على الملاحظة،والقدرة على المواجهة،والقدرة على إدارة فترات الصمت،والقدرة على كسب ثقة العميل، والقدرة على صياغة الفروض حول مشكلة العميل، وتحديد البيانات المطلوبة لاختبار هذه الفروض ،وجمع هذه البيانات وتحليلها لاستخلاص النتائج.،والقدرة على تفسير النتائج والاستفادة منها،
 ويحتاج المرشد النفسي إلى جمع البيانات إلى معرفة بمجموعة من الأساليب مثل الملاحظة،ودراسة الحالة،والسجلات،والخبراء،الاختبارات النفسية،والمقابلة النفسية.

ثالثاً:  مهارات مطلوبة لوضع الأهداف الإرشادية.
 وفى العادة فإن العميل يأتى وفى ذهنه بعض الأهداف،ولديه بعض التوقعات،ولهذا يجب أن يكون لدى المرشد المهارة فى التعرف على هذه الأهداف وتحديد مدى ملاءمتها لعمل المرشد النفسي،وللمشكلة التي جاء بها العميل،وكذلك يجب أن تكون لدى المرشد النفسي القدرة على إعداد أهداف عامة وأهداف نوعية وسلوكية تساعده فى النهاية على تقويم عمله الإرشادي،ويحتاج العمل الإرشادي المقدرة على إعداد أهداف خاصة لكل عميل على حده.
رابعاً :مهارات الاتصال الأساسية للمرشد النفسي.
 وتتضمن مهارات الاتصال عددا من المتغيرات والتي نعرضها على النحو التالي:
1- الاتصال البصري:   Eye Contact
  أن الاتصال البصري هي تلك النظرة المحفوفة بالانتباه والتي تقول للعميل أن المرشد يهتم بك وينصت إليك ومتعاطف معك وحريص على مساعدتك،والنظرة المتفهمة تحمل كل من عناصر الموقف الإرشادي الذي يضم المرشد والعميل.
 ولقد أثبتت الدراسات النفسية أن الاتصال البصري بين المرشد والعميل الفعال تحدث بدرجة اكبر حينما تكون هناك مسافة فيزيقية أكبر بين المرشد والعميل،وحينما تكون الموضوعات المناقشة أقل فى طابعها الشخصي أو الحميم،وحينما تكون الألفة بين المرشد والعميل قد بنيت على أساس وثيق .
2-لغة الجسم :  Body Languish    
  أن وضع الجسم وتوجهه يمكن أن يشجع أو يثبط التفاعلات البينشخصية وحركة الجسم القليلة إلى الأمام مع الاتصال البصري تستقبل من قبل العميل بإيجابية لأنها توصل له رسالة تتضمن اهتمام المرشد به،ويذكر "إيجان"    Egan 1982(*)     المقطع Solcr ليصف الوضع الجسمي الذي يشير إلى الاهتمام والانتباه على هذا النحو:
 1-  واجه العميل        Squarely;Face The Client .    
 2-وضع الجسم            Open ;Body Posture.         
3-الميل إلى الأمام قليلا                 Lean ; Forward Slightly.
4- الاتصال                             .  Contact; Contact        
 5-الطريقة أو الأسلوب                        Relaxed ;Manner.  

3- المسافة الشخصية: Personal Distance
 والمسافة الشخصية بين المرشد والعميل أيضا تؤثر على الاتصال وهذه المسافة بين طرفي الموقف الإرشادي محكومة بالاعتبارات الثقافية،وفى الولايات المتحدة تصل هذه المسافة طول الذراع ،وعندما يصل شخصان لمسافة أقرب من ذلك فأنهما يشعران بعدم الارتياح،كما أن زيادة المسافة عن هذا المعدل تقلل من قدر التواصل بينهما.
 وفى الموقف الإرشادي ينبغي أن يكون المرشد واعيا بمستوي الارتياح للعميل ،وأن يعمل على توفير هذه المسافة الشخصية المثلى،وقد تضيق المسافة الشخصية بين المرشد والعميل بل قد تصل إلى حد الملامسة والتربيت على كتفيه وملامسة يديه لتشجيعه وتدعيمه.



4- النغمة الصوتية:  Vocal Tone   
 والنغمة الصوتية جانب يعبر عن التواصل والاهتمام بين كل من المرشد والعميل،فنغمة الصوت الدافئة السارة التى تعكس روح الدعابة تدل بوضوح على الاهتمام والرغبة فى الاستماع إلى العميل،وأن طبقة الصوت وحجمه ومعدل الحديث قادرة على أن تنقل الكثير من المشاعر التي يكنها المرشد للعميل.
5- المسلك اللفظي والصمتSilence   
 ففي كثير من الحالات ينشغل العميل فى حديث طويل لا علاقة له بموضوع المقابلة أو بأسئلة المرشد،وعلى المرشد فى هذه الحالة أن يكون هادئا ومستمعا لحديث العميل لأنه يوضح نوع التفكير الذي يحمله وهذا السلوك من جانب المرشد يسمى الانتباه الانتقائي .
 أما التحلي بالصمت من جانب المرشد النفسي إنما يظهر بوضوح لخدمة الجلسة الإرشادية والمقابلة،وعلى المرشد النفسي أن يقرأ صمت العميل وماذا يعنى ؟
 ففي كثير من الأحيان يدل الصمت من جانب العميل على عدم التعاون أو عدم الثقة فى المرشد نفسه أو إرهاق أو جهل بتساؤلات المرشد النفسي،فالصمت مطلوب من كل الطرفين المرشد والعميل الصمت الذي يقطع الاتصال بين الطرفين.
6- الإنصات "الاستماع" Listening  
 وهو من مهارات التواصل الأساسية ،فهو عمل فعال يعكس تجاوبا مع العميل ،بل أن الإنصات الجيد ينقل للعميل رسالة مؤداها أن ما يقوله موضع اهتمام من المرشد ،ومن خلال الإنصات يستطيع المرشد أن يعرف معلومات عن العميل منها مفهوم العميل عن نفسه ومفهومه عن الآخرين،وعن عملية الإرشاد

خامساً:  مهارات اختيار الطريقة الإرشادية.
 المرشد النفسي فى العادة يكون ملما بخبرة معرفية،وعملية بمجموعة من النماذج النظرية والطرق المتنوعة المندرجة تحتها،وقدتكون المشكلة الواحدة قابلة للمعالجة باستخدام أكثر من طريقة.وكما أنه يمكن علاج الخوف باستخدام التخلص المتدرج من الحساسية ،فإنه يمكنه أيضا معالجته باستخدام أسلوب العقاب.
 ولكن ما هو التوقيت لاستخدام هذا التكنيك البسيط ،والتوقيت لاستخدام هذا التكنيك الشديد "العقاب" ،والإجابة على هذه التساؤلات هي مهارة خاصة يجب أن تكون لدى المرشد ليختار الطريقة التى يتوقع أن يكون لها أكبر احتمالية للنجاح بمراعاة جوانب مثل السن،والتعليم ،والبناء النفسي للعميل.
سادساً : مهارات تقويم النتائج.
 والتقويم يحتاج أن تكون الأهداف واضحة للعملية الإرشادية التي يكون بصددها المرشد النفسي وأن يكون السلوك الذي جاء به العميل (المشكلة للعميل" محددا بشكل واضح وهو ما يعرف بالقاعدة التي نقيس وفقها النتائج.،ويكون التقويم مستمرا أثناء العمل الإرشادي،أو قد يكون عند نهاية الإرشاد .
سابعاً :  مهارات إنهاء الجلسات الإرشادية مع العميل.
  يرى كثير من المعالجين والمرشدين النفسيين والباحثين إن مرحلة إنهاء عملية الإرشاد من المراحل الحساسة فى العمل الإرشادي،حيث تكون هناك علاقة وثيقة بين المرشد النفسي والعميل،ولهذا فإن هذه المرحلة تحتاج إلى مهارة خاصة من المرشد النفسي للتدرج بالعميل فى الوصول إليها وإعداده لذلك ومراجعة ما تحقق فى الإرشاد،والتحقق من أن هناك تعلما قد حدث وأن أثر هذا التعلم يمكن أن ينقل إلى واقع حياة العميل.




    الفصل السادس
     تحديد المشكلة
والأهداف فى العملية الإرشادية


  يبدأ دور المرشد فى محاولته لتحديد المشكلة بشكل أدق من خلال استخدامه للعلاقة الإرشادية ومهاراته فى الملاحظة والإصغاء،وباستخدامه الجوانب العلمية التي تدرب عليها والتعامل مع مصادر مختلفة وباستخدام الأدوات المناسبة ،وليصل بصورة ما أو بأخرى إلى تحديد صورة أقرب ما تكون إلى الواقع لمشكلة العميل ،وتعرف هذه الخطوات بعملية التشخيص فى مجال الإرشاد النفسيDiagnosis.
 كما يطلق عليها البعض أمثال ستيوارت "نموذج للمشغوليات Building Model Concerns،والآخر يطلق عليها التعرف على المشكلة وتحديدها،أو تصوير المشكلات
معنى المشكلة
 وهى تعنى أن العميل يمر بموقف متعسر ،وهذا الموقف يمثل فى الواقع موقف مشكلة ،فالمشكلة توجد عندما لا يكون أمام الشخص أو الأفراد الذين يتعرضون لها استجابات بديلة وفعالة واضحة تعتبر حلولا،أي أنها تظهر فى موقف عندما يجد الأفراد أنفسهم فى موقف ويرغبون أن يكونوا فى غيره ،ولكنهم ضالون الطريق  .
 و وهناك نوعين من المشكلات وهما:
1-المشكلة الواضحة المعالم (الظاهرة) .
 وهى المشكلة التي تشتمل على كل المعلومات التي يحتاج إليها الفرد ليقوم بحلها،ولا يحتاج أن يضيف إليها شيئا ،كما أنه من الممكن أن يكون هناك حلول محددة وصحيحة لها.


2- المشكلة غير واضحة المعالم (الكامنة) .
 وهى على عكس السابقة ليس لها إجابات صحيحة محددة ،وهى تعتمد فى الحل على المعلومات التي يوفرها الأشخاص الذين يحاولون حلها،وفى العادة فإن هذه المشكلات تتطلب من المرشد النفسي التأمل جيدا والتفكير المتعمق لها قبل البحث لها عن حل.
 ولكن يتبادر للذهن تساؤل وهو:
  ترى ما هي طبيعة المشكلة النفسية فى العملية الإرشادية؟.
المشكلة النفسية السلوكية
  والمشكلات النفسية هي صعوبات فى علاقة الشخص بغيره ،أو فى إدراكه عن العالم الذي حوله أو فى اتجاهاته نحو ذاته ،ويمكن أن تتصف المشكلات النفسية بوجود مشاعر القلق ،والتوتر لدى الفرد ،وعدم رضائه عن سلوكه الخاص ،والانتباه الزائد لمجال المشكلة ، وعدم الكفاءة فى الوصول إلى الأهداف المرغوبة ،أو عدم القدرة على الأداء الفعال فى المجالات النفسية.
 وفى بعض الأحيان فإن المشكلة تحدث عندما يكون الشخص فيه فى موقف لا يشتكى منه ،ولكن الآخرين فى البيئة المحيطة به يتأثرون بسلوكه أو يحكمون عليه بأنه غير فعال،أو مدمر أو غير سعيد أو معطل.
وعلى هذه الأساس تتواجد المشكلة النفسية إذا شعر العميل بالآتي:
1-يعانى العميل من عدم ارتياح شخصي أو مخاوف لا يمكنه أن يتخلص منها اعتمادا على مجهوده ،و إنما يحتاج إلى من يساعده فى التغلب على ذلك .
2- يأتى العميل وهو يعانى من عيبا سلوكيا ،أو ينخرط بشكل مبالغ فيه فى سلوك يعطل الأداء المتعارف على أنه ملائم لدى الفرد،أو غيره.
3- يزاول العميل سلوكيات يرفضها من حوله ،وتؤدى إلى نتائج سلبية سواء له أو لغيره.
4-يظهر العميل انحرافات سلوكية ينتج عنها عقوبات اجتماعية رادعة من جانب المحيطين به فى بيئته المباشرة.

  وعلى المرشد توحي الحيطة والحذر، فربما ترتبط مشكلة ما بمشكلات أخرى،ولذلك فعلى المرشد أن يعمل جاهدا على التعرف على المشكلة بأكملها ليحدد ما إذا كان التعامل بنجاح ،ولو مع بعض جوانبها يمكن أن يتم وذلك بتناولها وفق الفريق المعالجTime work
   تقييم المشكلة
 Problem Assessment

 عملية تقييم المشكلة للعميل تستخدم فى المجال الإرشادي والعيادى بصفة عامة،وهى عملية تختلف عن التقييم لشخصية المريض فعملية تقييم الشخصية تعنى مجموعة من العمليات التي تستخدم بواسطة شخص أو أشخاص آخرين لتطوير انطباعات وتصورات واتخاذ قرارات واختبار فروض حول نمط الخصائص المتعلقة بشخص آخر والتي تحدد سلوكه فى تفاعله مع البيئة وهى تشتمل على جوانب متعددة منها:
1-تطوير أوصاف وتصورات عن الشخص الذي يقع محل التقييم.
2- المساعدة فى اتخاذ قرارات حول علاقة هذا الشخص ببيئته .
3- استخدام وسائل التقدير كأدوات بحث فى اختبار الفروض حول الشخصية. فمهمة التقييم هي بناء تصورات ،واتخاذ قرارات وبناء نظريات والربط بين الخبرة والممارسة.
4-ويحتوى تقييم المشكلة Problem Assessment  على مجموعة من الإجراءات والأدوات التي تجمع وتحلل البيانات والتي استنادا إليها يتطور برنامج الإرشاد.
أهداف التقييم:
ويتضمن التقييم عدة أهداف منها:
1-الحصول على معلومات عن مشكلة العميل الراهنة والمشكلات المرتبطة بها.
2- التعرف على المتغيرات الضابطة والمشتركة المرتبطة بالمشكلة.
3-التعرف على توقعات العميل حول نتائج الإرشاد .
4- جمع بيانات لتكوين خطة البداية ،بحيث يمكن مقارنتها مع البيانات عند انتهاء العمل الإرشادي ،وذلك للوقوف على مدى نجاح العميل وآثار طرق الإرشاد مما يساعد المرشد النفسي على اتخاذ القرار بالاستمرار فى العملية الإرشادية أم يوقفها،أو يعدل من تكنيكياتها.
5-تعليم العميل والحث إلى استنفاره من خلال مشاركته وجهات النظر حول المشكلة ،بما يزيد من تقبله للعلاج والإسهام فى التغيير عن طريق الاستجابة.
 6-استخدام معلومات مصدرها العميل للتخطيط للعملية العلاجية.

 ويعنى أخصائي الإرشاد النفسي بتحديد المشكلة،أن يقوم المرشد باستخدام كل المعلومات التي جمعها واستقاها من العميل والعمل على ترتيبها وتنظيمها واستخدامها لتوليد فروض منطقية قائمة على مبدأ الاستدلال العقلي حول مشكلة العميل .
 وهذه الفروض تقوده بدورها إلى أفكار أولية عن خطة العلاج التي يحتاجها العميل ،هذا النشاط العقلي التي يقوم به المرشد النفسي يصطلح على تسميته بعملية(تحديد) المشكلة أو تصوير المشكلة التي يعانى منها العميل.
 وفى العادة يستخدم المرشد النفسي نموذجا إرشاديا يرتبط مع النموذج أو النظرية الذي يتبناه فى طريقته العلاجية سواء أكان سلوكيا أم إنسانيا أم معرفيا …الخ.

العملية التشخيصية فى مجال الإرشاد النفسي
   Diagnosis In Counseling        
ويعنى التشخيص طبيا "بأنه تحديد المرض وتمييزه والتعرف على أعراضه".
ويعتمد التشخيص على أساس محاولة تصنيف المرض إلى مجموعات منفصلة عن بعضها البعض حيث تضم المجموعة عددا من الأمراض التي تشترك فى السبب أو فى التطور أو فى النتيجة.
 ولقد ظهر المفهوم للتشخيص فى العملية الإرشادية عن طريق الطب النفسي،ويعتمد هدف التشخيص فى الإرشاد النفسي على التعرف على أسلوب حياة العميل فى أدائه ،وبالتحديد مشاكل أسلوب حياته ،وعن طريق ذلك يتم التعرف على المشكلة التي يعانيها العميل ،وكل من قطبي العملية الإرشادية يشكلان معا زاوية العملية الإرشادية (العميل والمرشد إذا اتفقا).




 استخدامات التشخيص فى العملية الإرشادية النفسية
تتعدد استخدامات التشخيص على محاور منها:
1-من الممكن استخدامه لتصنيف المشكلة الخاصة بالعميل ،ومن ثم تحديد مجالها ،ويستخدم التشخيص لكي يعطى صورة شاملة عن العميل.
 2-ويعنى التشخيص ثانيا عملية إعداد فرض عملى لفهم العميل ،حيث يكون المرشد تصورا للعميل من خلال نظرية فردية تتغير باستمرار،وعليه فإن هذا التصور هو الذي يقوم عليه برنامج العلاج الإرشادي للعميل.
3-أحيانا يقوم المرشد بعمل مقابلة للتشخيص حيث يجرى فحصا شاملا للأعراض النفسية للعميل والعوامل المسببة للسلوك ،وذلك لتسهيل عملية اختيار العلاج .
4- التشخيص يوفر الوضوح والترتيب داخل مجال العملية الإرشادية.
5- التشخيص يساعد فى اختيار العملاء للعلاج أو استمرار العلاج .
6- التشخيص يساعد المرشد على تحديد ما يحتاج إليه العميل بشكل أكبر وأدق .
 ولقد ساهم التشخيص بإسهامات إيجابية فى مجالين وهما:
أولا:مجال التصنيف .
 ولقد ساهم التشخيص فى مجال التصنيف بهدف الوصول إلى تحديد مسمى،أو عنوان للمشكلة ،ولقد ظهرت أنظمة مختلفة فى مجال الإرشاد لتصنيف المشكلات منها على سبيل المثال:
تصنيف الجمعية الأمريكية للطب النفسي(Dsm4) 1992 .
 ويشتمل الدليل على توصيف للأمراض النفسية والعقلية حيث تقسم إلى 16 فئة تشخيصية أساسية ،تنقسم بدورها إلى أقسام فرعية ،لكل فئة منها معايير تشخيصية  وهذه المحكات التشخيصية تساعد المعالج على تقدير،وتصنيف مشكلات العملاء ،ويحتوى التشخيص على خمسة محاور أساسية وهم:
1-الزملات الإكلينيكية(العيادية)،والحالات التي تعزى إلى اضطراب عقلي وليست محورا للانتباه أو العلاج.
2-اضطرابات الشخصية (الراشدين) واضطرابات النمو(الأطفال).
3-الاضطرابات أو الحالات البدنية.
4-شدة الضغوط النفسية الاجتماعية.
5-أعلى مستوى للأداء التكيفى خلال السنة الماضية.
 وعلى الرغم من المزايا المتعددة التي يقدمها هذا التصنيف التشخيصى فى مجال الأمراض النفسية ،فإن هناك انتقادات كثيرة توجه إلى فكرة التصنيف بصفة عامة سواء فى ميدان الإرشاد أو العلاج النفسي أو فى ميدان التربية الخاصة أو غيرها.
تصنيف كاليسCallis   1965 .
وضع كاليس تصنيفا تشخيصا مكون من بعدين وهما:
فى البعد الأول يشتمل على فئات ثلاثة مما تتضمنه تصنيف ويليامسون ودار لي وهم:
أ-المهنية     ( Voc )       


ب- النفسية (الانفعالية) (  Em   )
ج-التعليمية. (  Ed  )
 وقد سمى هذا البعد هدف المشكلة Problem Goal..
2-البعد الثاني وسمى بعد السبب ويشتمل على خمس من الفئات وهى:
أ-نقص المعلومات عن فهم الذات (  Lis   ).
ب-نقص المعلومات عن فهم البيئة. (     LiE   )
ج-صراع الدوافع داخل الذات .(  C s  )
 د-الصراع مع الآخرين ذوى الأهمية فى حياة الفرد ( C O  )
هـ- نقص المهارة (مثال :ضعف التركيز أو العادات السيئة فى التذكر) ( L S  )
وهذا البعد السابق يركز على ما ينقص فى الإمكانيات الشخصية للعميل التي تسبب عدم القدرة على حل المشكلة.

 وهذا النموذج (كاليس) ذو البعدين لتصنيف المشكلات الإرشادية ،ينتج لنا (15) فئة تشخيصية ممكنة.،ويضع المرشد والعميل فى واحدة من الفئات فى كل بعد مع وضع الفئة الخاصة ببعد هدف المشكلة أولا،يليها فئة سبب المشكلة،وقد نجح هذا التصنيف فى استخدامه فى عملية التسجيل.




 
م    الفئات               هدف المشكلة       
           المهنية (Voc)    النفسية EM    التعليمية ED       
1    نقص المهارةL.5                            
2    الصراع مع الآخرين صراع الدوافعCO                      
3    نقص المعلومات عن البيئة Lie                   
4    نقص المعلومات عن الذات Lis                   
5    صراع الدوافع Cs                    

ثانيا :التشخيص ودوره فى فهم العميل ومشكلاته:
 إن الممارس للإرشاد النفسي يمكن أن يلمس مدى ضعف أنظمة تصنيف المشكلات ،ومن ثم استخدام التشخيص فى تحديد المشكلة ،فالنتيجة العامة هو أن المرشد يقوم بوضع العميل تحت فئة تشخيصية واحدة،بينما قد يكون هناك عدة محاور جانبية للمشكلة .
 ولذلك فأنه من الممكن النظر للتشخيص فى الإرشاد النفسي على اعتبار أنه عملية للفهم ،وبذلك يمكن إدخال فكرة التشخيص فى نظرية روجرز والتي مؤداها" إن العلاج بصورة دالة ودقيقة هو فى الواقع تشخيص ،والتشخيص هو عملية تجرى فى خبرات العميل أكثر من كونها فى ذهن المرشد"
 على أن هناك أربعة من الطرق نحتاجها فى تحليل العميل للوصول إلى تشخيص وهى:
الأول :
 هو المفهوم التقليدي للنظر فى أسباب المشكلة ليمكن تحديد محتوى المعالجة،وهنا يكون من الأفضل أجراء دراسة حالة لفهم العوامل المسببة ،وكذلك الديناميات السابقة للعميل فى توافقه مع موقفه،والمعلومات التي جمعت من المقابلة ومن الاختبارات النفسية لها من الأهمية القصوى بمجال لا يدعو إلى الشك فى هذه الخطوة.
الثاني:
 البحث عن الإيجابيات والتركيز على وصف الأهداف التي تدخل فى بناء جوانب القوة للعميل ،وبذلك نضفي على الإرشاد قيمة،ويركز التشخيص هنا على التعرف على المجالات الإيجابية فى حياة العميل والتي يرغب العميل فى تقويتها.
الثالث:
 وهو يحتوى على اكتشاف المرشد للأسلوب الذي يستجيب به العميل للمنبهات بحيث يمكنه اختيار طرق الإرشاد المناسبة ،ويهتم المرشد بأساليب التوافق لدى العميل ليعمل على تعزيزها.
الرابع:
 وهو يتضمن الاستجابة الناتجة عن المرشد من آن لآخر،وذلك لمساعدة العميل على تعلم المزيد من السلوكيات المناسبة.

 ومع تحديد المشكلة ،ومجالها ،وديناميات العميل فى التوافق ،وأهداف الإرشاد ،فأن المرشد يتعلم أي من الأساليب الفنية يكون أكثر ملائمة للفرض الذي يعمل من أجله فى وقت معين .
     تحديد الأهداف فى العملية الإرشادية

تتكون أهداف العملية الإرشادية من ثلاث أهداف رئيسية وهى:
1-أن الإرشاد يهدف إلى إحداث مجموعة من التغييرات فى حياة العميل،وتسمى ذلك "الأهداف العامة للإرشاد".
2-يتبنى القائم بالعملية الإرشادية(المرشد)بناءا على تكوينه النظري والعلمي الهدف أو الأهداف التي تحددها له النظرية التي يتبناها فى عمله،ويسمى ذلك"الأهداف الموجهة للمرشد"
3-أن طبيعة مشكلة العميل والعميل يفرضان على أخصائي الإرشاد النفسي أن يعد أهدافاً خاصة لهذا العميل ،ولكل عميل على حده ،وتسمى هذه الأهداف الخاصة أو أهداف النتائج .
الأهداف العامة للعملية الإرشادية:
 تتكون الأهداف العامة للعملية الإرشادية من مجموعة من الأهداف نصيغها على النحو التالي:
1-تسهيل عملية تغيير السلوك للعميل.
2-زيادة مهارات المواجهة للعميل والتعامل مع المواقف والضغوط.
3-النهوض بعملية اتخاذ القرارات.
4-تحسين العلاقات الشخصية للعميل.
5-المساعدة على تنمية طاقات العميل.
الأهداف الموجهة لأخصائي الإرشاد النفسي.
 فى هذا النوع من الأهداف يتبنى المرشد وجهة نظر علاجية معينة،وفى نفس الوقت يتبنى الأهداف أو الهدف التي تسير نحوه النظرية إلى تحقيقه .
الأهداف الخاصة(أهداف النتائج)
 وهذا المستوى يرتبط فعليا بمشكلة العميل،ويبتعد عن التوجهات الفلسفية والنظرية ، ويخرج من العمومية إلى التحديد والخصوصية ،وهو يمكن المرشد استخدامه فى تقويم العمل العلاجي الإرشادي .




   
الفصل السابع
       أدوات المرشد النفسي







 لكي يقيم المرشد النفسي أو الأخصائي النفسي العلاقة الإرشادية فيتطلب ذلك منه معرفة عالية بأدواته التي يستخدمها فى مجال العملية الإرشادية وأولى هذه الأدوات:.

أولاً: المقابلة النفسية الإرشادية Interview
 يعرف آلالين روس المقابلة بأنها عبارة عن علاقة دينامية وتبادل لفظي بين شخصين أو أكثر ،الشخص الأول هو أخصائي التوجيه والإرشاد أو التشخيص ،ثم الشخص أو الأشخاص الذين يتوقعون مساعدة فنية محورها الأمانة وبناء العلاقة الناجحة.
 أما "بنجهام،ومور، وجستاد Binghaam ,Moore, Gustad"فيرون"بأن المقابلة هي محادثة موجهة "لغرض محدد"غير الإشباع الذي يتم عن المحادثة نفسها"
 (1) والمقابلة الإرشادية الأولى هي العملية الأولية التي تحكم العلاقة التفاعلية بين المرشد النفسي والعميل ،ويبنى عليها المرشد الكثير من خطوات عمله وتوقعاته ،وهو يود أن تأتى كما يتمنى،دافئة،مترفقة ،متقبلة،لا زيف فيها ،تشبع الأمن فى نفس العميل،ويطلق عليها فى كثير من الأحيان مقابلة التهيئة Initial Interview،أو المقابلة الأولية .
 وكثيرا من المتخصصين وغيرهم من الذين يعتقدون أن هذا النوع من المقابلة يشبه تلك الصور من المقابلات التي تجرى فى الاختبارات النفسية ،ومقابلات الالتحاق بالكليات العسكرية أو المعاهد أو المقابلات المتعلقة بالوظائف ،ولكن المقابلة الأولية فى العملية الإرشادية تختلف تماما لما لها من أهمية قصوى فى العملية الإرشادية ،أما باقي المقابلات التي تأتى بعدها فيمكن أن نطلق عليها جلسات الإرشادCounseling Sessions .
الضوابط المهنية التي يجب أن تتبع فى الجلسة الإرشادية الأولى.
 فيما سبق أشرنا إلى أهمية المقابلة الإرشادية الأولية ولذا يجب أن تتضمن هذه المقابلة على عدة تكنيكيات هامة وهى:
1-موعد المقابلة:
  يحتاج المرشد النفسي أن يحدد موعدا لمقابلة العميل ،ويكون العميل على علم بهذا الموعد الذي يشتمل على اليوم والتاريخ والساعة،ويمكن إعلام العميل مباشرة أو عن طريق الجهة المحول منها،وعلى المرشد الالتزام بمواعيد المقابلة لأن ذلك يتيح لدى العميل نموذجا سلوكيا علاجيا فى بعض الحالات التي ترغب فى المحافظة على الوقت والصدق فى السلوك ،ولا يجب أن تقتصر المواظبة على التوقيت فى هذه الجلسة فقط ولكن يجب أن تمتد لكل الجلسات الإرشادية الأخرى.
2-مكان المقابلة"بيئة الإرشاد"
  تحتل البيئة الإرشادية التي يقوم فيها المرشد النفسي بعمله الإرشادي مع العملاء مكانة هامة فى إنجاح العملية الإرشادية،ويجب إلا ننسى ونحن بصدد الأعداد لحجرة المرشد النفسي حاجات العميل وخاصة تلك الحاجات النفسية وما يعتريه من مشاعر وانفعالات حين يأتى إلى مكتب المرشد النفسي،وتعكس البيئة المطلوبة من العميل الإحساس بالدفء والود من قبله للجلسة الإرشادية.
 وفى كثير من الأحيان لا يستطيع المرشد النفسي التحكم فى اتساع حجرة البيئة الإرشادية للعميل وعليه إلا يشغل نفسه بها كثيرا،وما يهمنا فى حجرة الإرشاد أن تتوافر الطمأنينة،والخصوصية للمرشد،بحيث لا يكون هناك مقاطعات للعمل الإرشادي من تليفونات أو استقبال أشخاص .
 ويجب أن تحتوى غرفة الإرشاد النفسي "البيئة الإرشادية"  على مقعدان مريحان معدان لاستخدام المرشد والعميل ،ويجب أن يكون مقعد المرشد من النوع الذي يسهل معه الدوران يمين ويسار وعلى كل اتجاه،ويجب أن يكون هناك تقارب مكاني بين المرشد والعميل وتعتبر المسافة التي تفصل المرشد عن العميل هامة إذ لا يجب أن تكون متسعة فيسبب ذلك الشعور لدى العميل بالبعد ،ولا أن تكون قريبة بحيث لا يشعر العميل بعدم الارتياح والتوتر،كذلك يجب أن تخلو حجرة الإرشاد من أي مصادر مشتتات انتباه ،وأن تكون مستوفاة شروط التهوية والحرارة المناسبة.
 كذلك يجب أن تحتوى الغرفة الإرشادية على مكان مغلق لحفظ ملفات العملاء للحفاظ على أسرارهم المهنية.
3-مدة الجلسة:
 تتوقف زمنية الجلسة الإرشادية على مجموعة من الاعتبارات ويأتى فى مقدمتها العمر فزمنية الجلسة الإرشادية للطفل تختلف عن الراشد والمسن،وفى العادة يجب إلا تزيد مدة الجلسة للأطفال أقل من السابعة عن ثلثي الساعة"20دقيقة"،وتزداد لمن هم أكبر سنا حتى تصل إلى حدود ساعة "60دقيقة".
4-التحضير للمقابلة:
 فى كثير من مراكز الإرشاد النفسي المتخصصة يكون مطلوبا من العميل تعبئة بيانات بعض البطاقات التي تشتمل على تاريخ الحالة وبعض المعلومات عن المشكلة التي يعانيها وغيرها،كما قد يكون مطلوبا من العميل"فى بعض مراكز الإرشاد المهني " إجراء بعض الاختبارات قبل أن يبدأ عمله مع المرشد ،وتسمى هذه الإجراءات بالتحضير أو المقابلة التحضيريةIntake  ،والبيانات التحضيرية التي نحصل عليها من العميل يجب أن تكون متاحة للمرشد النفسي قبل موعد المقابلة الأولى ،لكي تساعد المرشد وتوجه فى عمله،خصوصا فى الإرشاد الطلابي ،فمن الأفضل للمرشد أن يطلع على مجموعة من المعلومات وخاصة أن كثيرا من المعلومات حول طلاب المدرسة تكون متاحة للمرشد ،وبالاطلاع عليها يستطيع أن يقدر المرشد مدى حدة المشكلة للطالب.

أهداف المقابلة الأولى"مقابلة التهيئة":
 يحاول المرشد النفسي جاهدا إلى تكوين الألفة بينه وبين العميل ،وكذلك التعرف على مشاكله أو مشاغله التي جاء من أجلها للإرشاد،وفى العادة وعن طريقة الممارسة العيادية نستطيع أن نقول أنه لا تبنى الألفة من الجلسات الأولى وإنما تنمو جلسة بعد أخرى نتيجة توافر مقومات العلاقة الإرشادية.
ويحدد (*)أيزنبرج وديلانى "1977Eisenberg &Delaney الأهداف الآتية للمقابلة الأولى وهى:
1-توليد اتصال منفتح ،وأمين وكامل حول المشغوليات التي تحتاج للمناقشة،والعوامل والخلفية المرتبطة بهذه المشغوليات.
2-العمل على تحقيق مستويات تزداد عمقا من التفهم والاحترام والثقة بين المرشد والعميل.
3-مساعدة العميل على أن ينظر للإرشاد على أنه يساعده على تحقيق شئ مفيد له عبر الجلسات الإرشادية.
4-التعرف على المشكلات والمشغوليات التالية فى الأهمية ،أي التي يحتاج المرشد أن يركز عليها فى الجلسات التالية.
5- تكوين نظرة كلية لدى العميل ،بأن الإرشاد هو عملية ينبغي على طرفيها (المرشد والعميل)أن يعمل كل منهما بجد للتعرف على العميل وفهمه وفهم مشكلاته ومشغولياته.
6-الحصول على معلومات حول العميل فيما يتصل بحل مشكلاته والتعامل مع مشغولياته.
 وفى نهاية المقابلة الأولى يجب على المرشد النفسي والعميل أن يصل كل منهما إلى قرار حول استمرار علاقتهما،وأن اتفقا على استمرار علاقتهما فإن عليهما أن يتفقا على ميعاد الجلسة القادمة،ويجب على المرشد أن يمهد للعميل بقرب انتهاء الجلسة،ويمكنه أن يستخدم مهارة التلخيص للجلسة Feed back،وعلى المرشد تسجيل المقابلة كاملة وما دار بداخلها.
  المقابلة الإرشادية الجماعية
  Group Counseling Interview  
  وتستهدف هذه المقابلة توفير الكثير من الجهد ، وسرعة الوقت ،وقلة التكاليف ،وتشير الخبرات الإكلينيكية والعملية فى استخدامها فى العلاج الجماعي والعائلي تشير إلى أنها لا تخلو من مزايا وعيوب ،ويتراوح أعداد المجموعة فى هذه المقابلة الإرشادية الجماعية والتي تستخدم للتشخيص والعلاج معا بين (10-12) شخصا يتم إيجاد التناسق بين لأفرادها والعمل على تهيئتهم على يد مدرب مختص على مستوى عال من المهارة ،ومن أبرز مزايا المقابلة الإرشادية الجماعية كالتالي:

أ-     التشجيع على التعبير والمشاركة.
ب-إمكانية الحصول على أوسع مدى من الاستجابة نتيجة وجود مدى أوسع من الخبرة والتبادل التفاعلي فى الجماعة.
ج-   يساعد التفاعل الاجتماعي على سهولة تذكر التفاصيل عن الخبرات .
ء-  الجو الجماعي يخفف عن الفرد مشكلاته حين يسمع مشكلات الآخرين التي غالبا ما تكون أكبر من مشكلته وهو بدوره يخفف عنهم ويساعدهم .

أما عيوب (المقابلة الإرشادية الجماعية)فهي كالتالي:
 1-تحتاج لأخصائي على مستوى عال من الخبرات والمهارات والتدريب والمعرفة    بديناميات الجماعة والتفاعل .
 2-لا تنجح المقابلة الجماعية ما لم يكن أفراد المجموعة فى حالة إعداد وتناسق وانسجام مسبق،وتقارب فى السن،والثقافة،والمستوى الاقتصادي،ونوعية المشكلات ودرجة حددتها وعندها يولد التفاعل ثمارا محددة.
3- قد يكون (الخجل والخوف)عائقا عند بعض الأفراد.
4- قد يحتكر بعض الأعضاء المناقشة والدور ويخرجون عن أهداف وموضوع                  المناقشة.
5-المقابلة الجماعية قد لا تمثل (البيئة المحلية)كلها فى المشروعات الاجتماعية ومشاريع التنمية.
 

وعلى الجانب الآخر هناك كثير من المقابلات الإرشادية التي يحتاج المرشد النفسي الإلمام بها وبأنواعها ومنها على سبيل المثال:
     مقابلة الالتحاق بالعلاج أو المؤسسة
Admission or Intake Interview
 والهدف من هذه المقابلة القصيرة تحديد حالة المريض بصفة مبدئية وإمكانية قبوله بعد دراسة استمارة يقوم بإملائها ،أو تحويله لجهة أخرى،ويمكن أن يصنف الفرد بها تصنيفا مرضيا إذا كان الأخصائي فى المقابلة ذا مهارة عالية فتصبح لها قيمة تشخيصية ،وقد تكون غاية هذه المقابلة قبول فرد معين فى مؤسسة أو إدارة ،ويطلق على هذه المقابلة القصيرة المدة Brief Interview ،وهى تزيد من توعية المريض وتبصيره بمشكلته وتصحح تفكيره عن العلاج النفسي،وتوجهه إلى نوعية الخدمات المتاحة له للاستفادة منها.

مقابلة الفرز والتشخيص المبدئي"انتقاء أو عزل"
    Screening and Diagnostic Interview
  إن التشخيص المبدئي فى هذه المقابلة يستهدف تصنيف الأفراد حسب درجات مرضهم النفسي،وحالتهم ويكون تحت ضغط السرعة،كالطلبة المتخصصين فى الدراسات النفسية العليا أو طلبة الكليات العسكرية،ويكون الأفراد فى هذه المقابلة تحت نوعية خاصة من التوتر كخلع الملابس،وهنا تتهاوى الدفعات النفسية عند الفرد ومقاومته للإجابة الصحيحة تقل،أما عملية العزل والانتقاء أثناء الفرز فتهدف إلى اختيار أفراد إلى مهن ومهمات معينة وعزل أفراد عن مهمات لا تتناسب معهم ،وتزداد هذه المقابلة من هذا النوع فى الخدمة العسكرية ويتوقف نجاحها على "دقة الملاحظة" عند الأخصائي أثناء المقابلة وخبرته فى الكشف عن مظاهر السلوك السيكوباتي والشاذ.
مقابلة البحث الاجتماعي والشخصي للحالة
   Social and Personal History Interview
 وتهتم هذه المقابلة بجمع بيانات تفصيلية عن "الحالة " منذ مولدها وتطورها وأسرتها والعلاقات بين الحالة ووالديها وغيرهما من الأشخاص الهامين بالنسبة لها،ويضم هذا النوع من المقابلة النواحي الصحية،والتعليمية والاجتماعية والبيئية،وقد يستخدم الأخصائي سجلات الشرطة وأحكام القضاء كما فى حالات الجناح،وكذلك انفصال الوالدين أو وفاة أحدهما أو حدوث اضطرابات مالية للأسرة،أو مشكلات لأفرادها،ويجب على الأخصائي أن يميز بين الكذب العشوائي الذي يقوم به المريض تحت ضغط ظروف سيكوباتية والكذب المتعمد المقصود الذي يمكن كشفه الفوري بواسطة اكتشاف آلة الكذب.
   مقابلة ما(قبل)وما(بعد)الاختبار النفسي
                  Per and Post Testing Interview    
  تلعب مقابلة ما(قبل)الاختبار النفسي دورا كبيرا فى تهيئة العميل عقليا ونفسيا لأداء الاختبار وتخفف من مخاوفه وهذه المقابلة تؤثر تأثيرا مباشرا على سلامة الأداء ويتأكد فيها الأخصائي من سلامة المجيب من أي خلل حسي أو شلل أو تشويه يعرقل أداء الاختبار ويضع ذلك منذ البداية فى الاعتبار ،وتبرز أهمية هذا النوع من المقابلة (قبل )الاختبار فى (البيئة العربية) لأن الأفراد عموما فى بلادنا مازالت فكرة إجراء الاختبارات التشخيصية عليهم أمرا جديدا،وهم يتطلبون إرشادا وإعدادا قبلها.
 أما المقابلة التي تعقب الاختبار فهدفها إشباع رغبة المريض فى معرفة نتائج الاختبارات التي طبقت عليه ،ويعتبر هذا الهدف بالغ الأهمية فى نظر علماء النفس لأنها تقضى على القلق الناشئ عن تطبيق الاختبارات كما أنها تساعد فى توجيه الحالة نحو العلاج وتمهد له ،وتساعد أيضا فى مراجعة صدق نتائج الاختبارات ،وتمكننا هذه المقابلة من التحقق من الكثير من الفروض المتعلقة بذكاء الحالة أو ديناميات سلوكها ،ويميل البعض إلى تسمية هذين النوعين من المقابلة "جلسات "Session.
المقابلة الممهدة للعلاج النفسي
 Introduction to Therapy Interview.        
  يختلف الأفراد من حالة لحالة ،حسب شدة الحالة ودرجة تعقيدها ،ولكن الجميع يحتاج قبل بدء العلاج إلى تمهيد وإعداد ،وهدف هذه المقابلة تعريف المريض بطريقة العلاج وضرورة تعاونه مع الطبيب النفسي،وغرس الثقة عنده لأن الدافع لدى المريض بالشفاء من أقوى دعائم النجاح فى العلاج،ويتركز هدف هذه المقابلة فى محاولة الأخصائي تعديل "الاتجاهات الخاطئة" عند المريض ،وضرورة عدم مجاملة المريض على حساب صحته النفسية وحقائق حالته لأن الصراحة المعقولة معه ستوفر عليه حزنا أكثر ووقتا أطول ويأسا أكثر عبئا مما يظن.
     المقابلة مع أقرباء المريض وأصدقائه
 Interviewing Friends and Relatives of Patient.
  يؤدى أهل المريض وأقرباؤه وأصدقاؤه دورا بارزا فى جمع البيانات وتقييم الحالة وتشخيصها ،ودورا فى تقدم العلاج والمسارعة فيه لأنهم "البيئة البشرية" التي كانت وتظل تحيط بالمريض،ويجب على الأخصائي أن يكون حذرا ولبقا فى استئذان المريض قبل مقابلة أقاربه وأصدقائه،حتى لا تؤدى مقابلتهم إلى عكس النتائج المتوقعة منها ،وتساعد هذه المقابلة أثناء سير العلاج حين يتعاون الأقارب مع الطبيب النفسي على مساعدة المريض وشفائه السريع.

   المقابلة البؤرية
    Focused Interview        
 وتهدف المقابلة البؤرية إلى تركيز اهتمام المريض أو العميل على خبرة "معينة"Specific Experience  وعلى آثار هذه الخبرة مثل "فاجعة عائلية،أو حادث تصادم أو رؤية فيلم"والأخصائي يعرف مقدما هذه الخبرة ويعد الأسئلة المرتبطة بكافة جوانبها وأبعادها ،ومصدر المقابلة ومحورها هو الأخصائي لأنه يعرف نوعية البيانات التي يود الحصول عليها ،ولاسيما "الخبرة الذاتية للأشخاص" الذين تعرضوا للموقف ،وتستخدم المقابلة البؤرية بصفة عامة الأسلوب غير الموجه فى تشجيع العميل على تحديد الموقف الذي تعرض له،وذلك عن طريق الإشارة إلى أهم الجوانب فى هذا الموقف ثم التدرج فى استطلاع استجاباته إذا كان فردا واحدا.
 المقابلة الإكلينيكية
 Clinical Interview
  وتكون فى المجالين (العيادى والاجتماعي) وتهتم بالمشاعر والدوافع وكامل الخبرات)فى حياة العميل أكثر من اهتمامها بآثار خبرة معينة ،وفى المقابلة الإكلينيكية،يلاحظ السلوك غير اللفظي مثل ملامح الوجه وسرعة الكلام لدلالاتها التشخيصية،وتختلف نوعية المقابلة الإكلينيكية طبقا "للهدف"منها.
مقابلة المشكلة الواحدة (أو التعمق)
 Problem or Depth Interview    
 يميل بعض علماء النفس فى هذه الآونة إلى أن المقابلة يجب أن تتجه نحو "مشكلة واحدة" بذاتها وبشكل متعمق دون التطرق إلى الأطراف الأفقية منها،وهذا الاتجاه العمودي يجعل الأخصائي محددا فى شئ معين بدلا من انشغاله بأشياء كثيرة فى وقت واحد.
         المقابلة المتمركزة حول العميل
             Client Centered Interview
  يعتبر العالم (كارل روجرز 1951C. Rogers) أول من ابتكر هذا النوع من المقابلة واستخدمه للتشخيص والعلاج بنفس الوقت بأسلوب "إرشادي" ،وكارل روجرز لا يفصل بين العلاج والتشخيص وهو يعتبرهما متلاحمين ومتصلين ،ويشجع الأخصائي "العميل" للتعبير عن مشاعره بدون شرط أو قيد ،وبأقل قدر ممكن من التوجيه أو المساءلة ،كما يعمل على خلق جو من التقبل والسماحة والتنبه للمشاعر التي تتضح فى أقوال العميل ،بصورة تشجعه على التعبير الطليق عن مشاعره دون خوف .












ثانياً:الملاحظة الإرشادية
  Counseling Observation            

  الملاحظة من الأدوات الهامة التي ينبغي للمرشد استخدامها بفن ومهارة عالية ،ويشير حامد زهران بقوله(*) "هي ملاحظة الوضع الحالي للعميل فى قطاع محدود من قطاعات سلوكه،وتسجيله لموقف من مواقف سلوكه ،وتشمل ملاحظة السلوك فى مواقف الحياة الطبيعية ،ومواقف التفاعل الاجتماعي بكل أنواعها ،فى اللعب والعمل والراحة والرحلات والحفلات وفى مواقف الإحباط والمسئولية الاجتماعية والقيادة والتبعية والمناسبات الاجتماعية بحيث يتضمن عينات سلوكية لها مغزى فى حياة العميل ".
 والملاحظة الإرشادية هي تلك الملاحظة المنظمة التي يحاول فيها المرشد أو غيره (المدرس –الوالد –العميل) أن يجمع معلومات عن سلوك معين على النحو الذي يحدث فيه فى الموقف الذي يحدث فيه وتسجيل هذا السلوك.
          أدوات الملاحظة الإرشادية
 Observational Tools
 تتضمن أدوات الملاحظة الإرشادية على عدد من الأدوات وهى:
1-لوحات المشاركة:
 وتستخدم لتسجيل مشاركة الفرد أو الأفراد فى نشاط جمعي،أو مناقشة جماعية .

2-قوائم السلوكCheck Lists :
 وتشتمل قائمة السلوك على عدد من الخطوات ،مثل الأنشطة والسلوكيات التي يسجلها القائم بالملاحظة عند وقوع الحدث ،وهى تشبه فى ظاهرها مقاييس التدريج ،وهى تساعد المرشد الملاحظ فى إذا ما كانت سمة أو خاصية موجودة من عدمه ،وهى تفيد فى تقويم الأنشطة الطلابية والتعليمية التي تشتمل على الإنتاج وعلى العملية التعليمية،وأيضا تستخدم فى جوانب من التوافق الشخصي الاجتماعي للعميل.
3- مقاييس الشخصية والتقديرRating Scales .
 فهي تشبه مقاييس التقدير قوائم الصفات (قوائم المراجعة) وهى تساعد المرشد على أن يشير إلى الحالة أو نوعية ما يقوم بملاحظته وتتيح مقاييس التقدير إجراءات منتظمة للحصول على تسجيل ،وتقرير أحكام القائم بالملاحظة.
 وهناك عدة أنواع من مقاييس التقدير ،منها المقاييس الرقمية التي تحدد قيما رقمية لمستويات السلوك مل (ممتاز= 5، فوق المتوسط=4،متوسط=3،تحت المتوسط-2،متأخر= 1،وتعرف هذه المقاييس بمقاييس التقدير الرقمية.
 وهناك نوع آخر من مقاييس التقدير البيانية ،ويعتمد على وجود خطوط بيانية تقع عليها التقديرات ويمكن اختيار الدرجة المناسبة مباشرة .
 أما النوع الثالث فيعرف بما يسمى بمقاييس التقدير المقارن ،وهو يزود المرشد النفسي القائم بالتقدير بعينات معيارية ذات درجات جودة مختلفة ليقارن بها سلوك المفحوص .
  أما النوع الرابع فيعرف باسم مقاييس الترتيب ،حيث يعطى لكل فرد من العملاء رتبة فى السلوك أو الخاصة الملاحظة،حيث يوضع أعلى الأفراد فى أعلى المقياس وأدناهم فى أسفله ،ثم يرتب باقي الطلاب بينهم.
 والنوع الخامس يعرف بما يسمى مقاييس المقارنات الثنائية المزدوجة،حيث يقارن فرد بآخر،ويحدد أيهما أكبر فى الصفة أو الأداء من الثاني..وهكذا..الخ.
4- التسجيلات القصصية Anecdotal Records
 وهذه التسجيلات تسجل أحداثا معينة خلال فترة محدودة،وهى تزود المدرس أو المرشد بصورة طولية عن تغييرات معينة بالنسبة لطالب معين ،ويجب أن تشمل على عناصر وهى:
1-ينبغي أن تشتمل على وصف واقعي لما حدث ،ومتى حدث، وتحت أي ظروف حدث هذا السلوك.
2- يجب أن يكون التفسير والإجراء الذي يوصى به مستقلا عن وصف السلوك .
3- يجب أن يشتمل كل سجل قصصي على تسجيل لحادث واحد .
4- يجب أن يكون الحادث الذي يسجل ذا أهمية لنمو وتطور الطالب.
  وهذه الطريقة تتميز بسهولتها وتلقائيتها ،ولكنها فى نفس الوقت تستهلك كثيرا من الوقت فى إعدادها .

مزايا الملاحظة:
 تتضمن مزايا الملاحظة عددا من المزايا وهى على النحو التالي:
1-تمدنا الملاحظة الإرشادية بتسجيل للسلوك الواقعي كما يحدث.
2-تطبق الملاحظة فى المواقف الطبيعية للسلوك.
3-يمكن استخدامها مع الأطفال وغيرهم من الحالات التي يكون التخاطب اللفظي معها صعبا.

عيوب الملاحظة الإرشادية:
  تتضمن الملاحظة الإرشادية على بعض من القصور وهى على النحو التالي:
1-النفقات العالية فى إجراء الملاحظة.
2-صعوبة وجود الملاحظ فى الموقف دون أن ينتبه إليه الآخرون .
3-لا تخلو الملاحظة من التحيز والعوامل الشخصية.
4-تحديد السلوك الذي تلاحظه.
5-تحديد أهمية عنصر مستقل من السلوك.
6-أن الملاحظة تكون ذو صفة خارجية ،فما نلاحظه هو السلوك وليس ما يعنيه السلوك.
العوامل التي ترفع من تحسين عملية الملاحظة  
 تتضمن العوامل التي ترفع من عملية تحسين الملاحظة على عدد من العوامل أهمها:
1-خطط مقدما ماذا تلاحظ ،وقم بإعداد قائمة أو دليل أو نموذج للملاحظة لتجعلها موضوعية .
2-يجب أن يركز القائم بالملاحظة على سلوك واحد من اثنين .
3-استخدم مصطلحات واضحة خالية من الغموض.
4-يجب أن يكون كل عنصر مستقلا عن غيره.
5-يجب أن يكون الملاحظ منتبها لأخطاء المعاينة.
6-نسق بين الملاحظة وبين باقي الأنشطة الإرشادية.
7-سجل ولخص الملاحظة بعد حدوثها.
8- لا تتعجل بتفسير السلوك .
9-استخدم الفئات أو الرموز الخاصة بالتصنيف التي يسهل استخدامها،.
أنواع الملاحظة الإرشادية
الملاحظة العلمية:
  لقد عرفها الإنسان منذ زمن قديم ،ويكفى أن نعود لتراث الكتاب والأدباء والشعراء والفنانين لنرى إلى أي مدى سجل الإنسان ملاحظاته عما رآه من خبرات وأحداث ،والملاحظة أداة أساسية ،وخبرة تعليمية هامة لدى الطفل ملاحظا ما يقوم به الكبار كذلك هي أيضا أداة الرئيس بمرءوسيه ،وتعرف الملاحظة العلمية بأنه "هي المراقبة المقصودة لرصد ما يحدث وتسجيله كما هو .
 وهى تمتاز عن الملاحظة غير العلمية بأنها تهدف إلى تحقيق هدف علمي محدود ،وهى مخططة تخطيطا مقصودا،تنظم فيه طرق تسجيل الملاحظات وربطها بافتراضات عامة،وخضوعها لضوابط تحقق ثباتها وصدقها.
2-الملاحظة بالمشاركة:
 وهى من أشهر الطرق التي يلجأ إليها المرشد النفسي لأن كثيرا من صور السلوك اليومي تكون مألوفة لديه "مثل طرق تبادل التحية بين الناس ،وتربية الأطفال،وطقوس الميلاد والزواج ،والوفاة،لذلك فإن المرشد المدرب على هذا النوع من الملاحظات تتيح له هذه الطريقة فرصة جيدة لرصد ما يريد .
 ونعنى بالمشاركة قدر من معايشة المرشد للحياة التي يحياها العميل،وتختلف طبيعة ودرجة ومدى هذه المعايشة اختلافا بينا من دراسة لأخرى،وتتراوح من مجرد أن يقيم المرشد مجرد أقامه ليتابع المشكلة موضوع الإرشاد إلى القيام بدور فعال ورئيسي فى حياة العميل نفسه،وتحمل الملاحظة بالمشاركة المرشد النفسي مسئوليات جسمية وأعباء كثيرة ،وهى فى نفس الوقت قد تشكل عاملا جديدا يصعب تقدير حدوده تأثيره فى تغير العميل موضوع الملاحظة .
  إلا أن من مميزاتها أنها تجعل موقف الملاحظة طبيعيا لا تكلف فيه ،وتتيح للمرشد النفسي أن يحصل على ما يريده مباشرة ،وأن يغوص ويتعمق فى فهم المؤثرات التي يتعرض لها العميل.

3-الملاحظة المنظمة.
  وهى تختلف فى طبيعتها عن الملاحظة بالمشاركة،إذ يكون الهدف هو الوصف أو التشخيص فى ضوء محكات أو فئات يمكن تقديرها مقدماً، ومن أبسط الأمثلة على هذا النوع من الملاحظة ،هو استخدامها فى ملاحظة سلوك الأطفال فى حضانتهم ،ومحاولة رصد كل ما يفعله أو يقوله الطفل على فترات طويلة  .











ثالثاً:  نموذج بطاقة دراسة الحالة
  يستخدم المرشد النفسي قبل بدء جلساته الإرشادية هذا النموذج وذلك لإمداده بالبيانات الهامة عن مشكلة العميل الراهنة ،كما أنها تزود المرشد النفسي بوقائع حياة الشخص منذ الميلاد وحتى الوقت الحالي ،وتتضمن بطاقة دراسة الحالة على بنود متعددة نوضحها كما يلي:
نموذج رقم (1)عيادة مستشفى الحسين الجامعي التابع لجامعة الأزهر الشريف00
البند الأول:
أولاً :البيانات الأساسية
- الاسم:
2- السن:                               
3- الجنس:                                 
4- المهنة:
5-الحالة الاجتماعية:
6-مستوى التعليم:
7- العنوان      :
البند الثاني :
التاريخ الاجتماعي والشخصي والمرضى الحالي ويشمل:
  (قصة الشكوى حسب ترتيب حدوثها مع ذكر البداية،ومدة المرض وتطوره الحالي)
البند الثالث:
الشكوى الحالية للمريض
               وتشمل (شكوى المريض نفسه وشكوى أهل المريض).
البند الرابع:
اختيار الأدوات التشخيصية ومبررات هذا الاختيار
 وهى تتضمن (1)المقابلة   (2) تقرير المستشفى أن وجد      (3) الاختبارات النفسية
البند الخامس
نتائج الأدوات التشخيصية.( عرض النتائج كميا وكيفيا)وهى تتضمن :
علاقة العميل بصورة الذات:وتشمل :
1- الطموح   2-الأهداف   3- القدرة على الإنجاب   4-مشاعر الإحباط لدى الذات          5-تقبل أو نبذ صورة الذات إدراكيا.
6- اتجاهه نحو الجسم وصورته.  7- اتجاهه نحو الدور الجنسي للذات.
8- الأنا والأنا الأعلى والدفعات اللاشعورية.
نموذج الأنا ومصادر التعيين (التوحد).
البند السادس:
ج) العلاقة بالمعايير والمعتقدات والأشياء:
1-القيم          2- الدين والأخلاق         3- الفكر الأيدلوجي  
4- علاقته بممتلكاته فى مقابل ممتلكات الآخرين.
5- اتجاهه نحو العمل والمهنة واتجاهه نحو معايير المجتمع واتجاهاته الحالية.
البند السابع:.
ء) اتجاه العميل نحو الحالة المرضية الحالية:
1-يعانى منها  2-  يرغب فى العلاج أو يقاوم أو يستفيد فوائد ثانوية فى واقعة الأسرى أو المرضى أو فى علاقته بالمجتمع.
البند الثامن:
هـ –أهم الميكانزمات النفسية (الآليات) التي يستخدمها..
البند التاسع:
تقييم العمليات النفسية وهى تشمل :
1-الإدراك
 2- التفكير واللغة ويشمل(الذاكرة والانتباه و الوعي والتوجه والذكاء والبصيرة والحكم ).
3-الانفعال(أو الوجدان).     
4-السلوك ويشمل (المظهر الخارجي- البنيان الجسدي –تعبير الوجه والملابس و الحركة واضطراباتها).
البند العاشر:
النمط المميز لشخصية المريض.

البند الحادي عشر:
التشخيص المميز للحالة فارقيا وديناميا.
البند الثاني عشر:.
التنبؤ ومؤشرا ته من دراسة الحالة.
البند الثالث عشر:.
العلاج المقترح ويوضح مدى جدوى النوع المختار من أنواع العلاجات المختلفة..





















    رابعا: اختبار وكسلر بلفيو
     لقياس ذكاء الراشدين والمراهقين
    ((WAIS) wechller Bilevieue For Intelligence Adults            
 نشر وكسلر مقياسه عام 1939 باسم "مقياس وكسلر بلفيو لذكاء الراشدين والمراهقين فى محاولة لتغطية جوانب القصور التي يعانى منها مقياس ستانفورد بينيه وغيره من مقاييس الذكاء الفردي وبخاصة فى مقياس ذكاء الراشدين باستخدام مفهوم العمر العقلي، وهو من رأى وكسلر أنه استخدام مضلل إلى حد كبير.
 وذلك لأنه بعد حوالي سن 15، لا يزيد متوسط الدرجات فى كل مقاييس الذكاء تقريباً زيادة جوهرية بازدياد السن، كما أن عينات التقنين فى اختبارات الذكاء الفردية لا تشتمل إلا العدد القليل من الراشدين.
 وقد لاحظ وكسلر أن مواد كثير من هذه الاختبارات لا تناسب الراشدين ولا تستثير اهتماماتهم، لأنها وضعت أصلاً لمن هم أصغر سناً وقد لاحظ وكسلر أيضاً أن الاهتمام بالسرعة فى هذه المقاييس يغلب أن يشكل عائقاً لكبار السن، بالإضافة إلى غلبة الطابع اللفظي فى المقاييس التقليدية للذكاء ولا تقدم هذه المقاييس أكثر من نسبة ذكاء كلى.
 وفى عام 1955 قام وكسلر بمراجعة للمقياس نشرها تحت عنوان مقياس وكسلر لذكاء الرشداين (WAIS) وفى هذه المراجعة استبدلت بعض فقرات المقياس القديم بفقرات أخرى وزاد عدد فقرات معظم الاختبارات فى المقياس الجديد بهدف تحسين معاملات ثباتها.
وفى عام 1981 نشرت مراجعة مقياس وكسلر لذكاء الراشدين بعنوان WAIS-R وفيها تابع وكسلر تطوير المقياس وتحسينه من حيث المضمون والتقنين.
  ويعتبر مقياس وكسلر من أهم الأدوات التي يتدرب عليها الطلاب فى أقسام علم النفس بكليات الآداب والتربية والتي يستعين بها الأخصائي النفسي فى مختلف مؤسسات الخدمة النفسية وفى البحوث السيكولوجية والتربوية.
 مكونات المقياس
 يتكون مقياس وكسلر بلفيو لذكاء الراشدين والمراهقين من إحدى عشر اختبار فرعى مقسمين إلى اختبارات لفظية وعددها ستة اختبارات، وغلى اختبارات عمليه وعددها خمسة اختبارات وهى على هذا النحو:.

 
   (1)               (2)       
  الاختبارات اللفظية       الاختبارات العملية       
   المعلومات العامة        ترتيب الصور       
   الفهم العام        تكميل الصور       
   إعادة الأرقام       رسوم المكعبات       
    المتشابهات        تجميع الأشياء       
 الاستدلال الحسابي        رموز الأرقام       
المفردات        












خامساً: مقياس وكسلر لذكاء الأطفال  
           Wechsller Intelligence scale for children            
            تأليف ديفيد وكسلر
     أعداد  د/ محمد عماد الدين إسماعيل               د/ لويس كامل مليكه
 جاء ظهور المقياس من أحضان مقياس وكسلر بلفيو لذكاء الراشدين والمراهقين. بل أن أسئلة مقياس وكسلر للأطفال مأخوذة من الصورة الثانية (2) للمقياس السابق مع أضافه بعض أسئلة جديدة فى الجزء السهل من كل أختبار وذلك حتى يصبح المقياس صالح لاختبار من هم فى سن الخامسة فما فوق.
  ويتحدد المقياس فى قياس ذكاء الأطفال حتى مرحلة المراهقة، وقد شمل المقياس على تعليمات تختلف عن المقياس السابق، ومن الملاحظات فى المقارنة بين المقياسين (أي مقياس وكسلر لذكاء الراشدين والمراهقين ومقياس وكسلر للأطفال) أنه قد لوحظ فروق إكلينيكية وإحصائية بين استجابات الراشدين واستجابات الصغار لبعض الأسئلة المشتركة بينهما.
  مكونات المقياس
 يتكون المقياس من أثنى عشر اختبارا وينقسم إلى قسمين، قسم لفظي Verbal Testes، والآخر عملي Performance Testes وقد أستخدم فى تقنين المقياس جميع الاختبارات الاثنى عشر إلا أن المقياس قد أختصر بعد ذلك إلى عشرة اختبارات فقط بقصد الاقتصاد فى الوقت، فأصبح يتضمن خمسة اختبارات لفظية وخمسة اختبارات عملية، وتحتسب نسبة الذكاء على هذا الأساس، والاختبارات التي تم حذفها هي:إعادة الأرقام، واختبار المتاهات من الاختبارات العملية بهدف ضعف ارتباط كل منهما ببقية المجموعة التي ينتمي إليها. وينصح المؤلف أن الاختبارات التي تستخدم فى المقياس هي :

 
الاختبارات اللفظية    الاختبارات العملية       
المعلومات العامة    تكميل الصور       
الفهم العام    ترتيب الصور       
الحساب    رسوم المكعبات       
المتشابهات    تجميع الأشياء       
المفردات    المتاهات    











    سادساً: اختبـار رسـم الرجــل
DRAWING A MAN TEST                                        
اختبار جود أنف-هـاريس للرسم
   Harris-Good Enough Test OF Psychological Maturity

 منذ العقد التاسع من القرن الماضي بدأت الاهتمامات برسوم الأطفال،فبعد"بحث كوك * Cooke ,1885عن الرسم وصلته بالتطور النفسي"لدى الطفل .     
 تتالت الاهتمامات والمشروعات البحثية،وأخذ الاهتمام يتركز أكثر على رسوم الأطفال بثراء بوصفها محور اهتمامهم ،وأكثرها صلة بهم،وهى رسومهم  للرجل،أو الشكل الإنساني .
  فالرجل ،هو أكثر الموضوعات شيوعا فى عالم الطفل،أنه يلتقي به فى أي مكان،داخل البيت وخارجه،وهو أكثر الموضوعات التي يعلق بصره بها،يضاف إلى ذلك أنه يلعب دورا يتجاوز كونه"موضوعا"بصريا،إنه طرف التفاعل بين الطفل والآخرين،ومصدرا  للكثير من الإشباعات،ومرفأ الأمان والسكينة للطفل.
 هو أذن  الشخصية الأكثر شيوعا فى عالم الطفل والأكثر تأثيرا فيه ولفتا لانتباهه،وفى كل يوم تنمو معلومات الطفل وتزيد عن الرجل وعن هيئته وتفاصيل شكله، وهو بصفة عامة نموذج للشكل الإنساني المتميز عن بقية الكائنات الأخرى.
 وهو يستطيع أن يرسمه مبتدئا بتحديد خصائصه الأساسية،فالرأس دائرة والعيون دوائر صغيرة،والأنف خط رأسي،والساقان خطان آخران أسفل الجذع وبالمثل الذراعين خطين قرب قمة الجذع ومن هذه التعبيرات شديدة البساطة يتطور رسم الطفل تدريجيا مع ارتقاؤه العقلي ونضج تكوين المفاهيم لديه.
 وفى عام1926 نشرت فلورنس جود أنف هذا الاختبار،ولقد ذاع صيته وقتها ،حتى أنه فى عام 1946م أعتبر ثالث أدوات القياس النفسي الأكثر انتشارا بعد مقياس ستانفورد بينيه ،وكسلر بلفيو،وأستمر الاختبار دون تعديل يطرأ عليه حتى عام 1963م،حيث ظهر معدلا بصورة شاملة،وباسم جديد هو"اختبار جود أنف-هاريس للرسمHarris-Good Enough Test OF Psychological Maturity.
 ويطلب فيه من المفحوص فى أدائه على الاختبار ”أرسم صورة رجل"أرسم أحسن رسم عندك،ويعتمد الاختبار فى كلتا صورتيه القديمة والحديثة(التي روجعت)على دقة الملاحظة لدى الطفل،وارتقاء قدرة الطفل على التصور،ولا يهتم الاختبار بقياس المهارة الفنية فى الرسم.
 وتعطى الدرجة على رسم تفاصيل أجزاء الجسم،والملابس،والنسب،والمنظور،وذلك طبقا لمفتاح التصحيح.(راجع مفتاح التصحيح)
 ومن أمثلة ذلك.رسم الذراعيين ،طول الجذع أطول من عرضه،اتصال الأذرع والساقيين بالجذع فى الأماكن الصحيحة،خلو الرسم من الشفافية.
 وتحول الدرجة الخام إلى عمر عقلي ثم تحسب نسبة الذكاء،وقد اعتمدت فقرات تصحيح المقياس على أساس قدرتها على التفرقة بين الأعمار المختلفة،وارتباطها بالدرجة الكلية،وبالدرجات على الاختبارات الجمعية.
 وقد بلغت الوحدات القابلة للقياس 73وحدةأختيرت على أساس تمايز الأعمار والعلاقة بالدرجة الكلية للاختبار والارتباط بدرجات مقاييس الذكاء الأخرى.
  ويتطلب الاختبار فى صورته المعدلة أن يرسم الطفل أيضا صورة امرأة وهو ما لم يكن متضمنا فى الاختبار بصورته الأصلية،ويصحح هذا الرسم فى ضوء 71وحدةمتشابهةلوحدات تصحيح رسم الرجل والاختبار صالح للتطبيق الجماعي"
  مكونات الاختبار
  يتكون الاختبار من ورقة بيضاء مساحتها   21×16,5سم،وهى تعتبر مساحة مناسبة،فهي ليست صغيرة تعوق تلقائية خطوط الطفل،ولا هي كبيرة بحيث تثير ملل الطفل وضيقه،  وفى أعلاها يملأ المفحوص البيانات الأساسية من الاسم والسن وتاريخ الميلاد بالأرقام ،وقلم رصاص ،وممحاة..
تعليمات الاختبار.
 1-يقوم الفاحص بإعطاء ورقة الرسم  للمفحوص،ويعطيه كذلك القلم الرصاص والممحاة،على أن يوفر الفاحص الظروف الطبيعية التي من شأنها أن لم تتوافر تؤثر فى أداء المفحوص والتي منها درجة الحرارة،والتهوية المناسبة،واستبعاد مشتتات الانتباه من أمام المفحوص،والجلسة الصحيحة على المقعد ثم بعد ذلك يلقى عليه التعليمات الآتية:.
 "أنا عايرك(يراعى تغيير صيغة الأمر حسب طبيعة جنس المفحوص)ترسم فى الورقة التي أمامك صورة راجل .رسم كويس على مقدار ما تستطيع عمله،يعنى أحسن رسم لصورة راجل ومعاك القلم الرصاص والممحاة.
2-وبعدان ينتهي المفحوص من رسم الرجل على الفاحص أن يسأله عن جنس الرسم (ده راجل ولاست)ثم يقلب صفحة الرسم على الوجه الأخر ويطلب من المفحوص أن يرسم صورة للجنس الآخر والذي لم يرسمه فى الصفحة الأولى(عاو زك ترسم هنا صورة واحدة ست رسم كويس).
3-وعلى الفاحص تسجيل الإيماءات أو الاستجابات الصادرة من المفحوص أثناء الرسم لما لها من دلالات اسقاطيه هامة،وعدد مرات توقفاته فى الرسم.
4-يجب على الفاحص بعد التطبيق الفردي أن يبدأ بقوله"كلمني عن الصورة التي رسمتها"ويتجنب وضع فروض من جانبه أو توجيه إيحاءات .مثال لذلك إذا لم يقم الطفل تلقائيا بتحديد جزء غامض فى رسمه ،فعلى الفاحص أن يسأل (وهو يشير إلى هذا الجزء):"ده أية يا ترى؟.."
 ويجب تسجيل أجابه الطفل وكتابة تحديداته مباشرة على الرسم.
5-يجب أن يزود الطفل بقلم رصاص وكتيب للاختبار،ويجب عدم استخدام أقلام الشمع الملونة،ويفضل استخدام أقلام رصاص بسمك مليمتر واحد،أو مليمتر ونصف،ويجب التأكد أن الكتب والصور موضوعة بعيدا للأقفال من احتمالات النقل.
6-عند اكتمال الرسم قل بعض كلمات الإعجاب أو التقدير .ثم أطلب من الطفل أن يضع القلم ويفرد إصبعه لكي يسترخي بعد التوتر الناتج عن التركيز والمجهود.  ولا يوجد زمن محدد للاختبار علما بأنه يستغرق من 5دقائق إلى10 دقائق فى التطبيق.
7-على الفاحص ملاحظة الأتي:.
(أ)طفل يفسد رسمه ويرغب فى البدء من جديد ،ويجب فى مثل هذه الحالة إعطاءه نسخة جديدة من الورق ليرسم عليها،ويسمح له أن يحاول من جديد،ويتعين فى مثل هذه الحالة وضع علامة على حافة الورقة بعد أن ينتهي الطفل من عمله.
 (ب)قد يرسم الأطفال الأكبر من سبع سنوات ،ونادرا ما يفعل ذلك الأطفال الأصغر من سبع سنوات ،صورة نصفية،فإذا كان من الواضح أن ذلك ما انتواه الطفل فيعطى نسخة جديدة من الورق ليرسم عليها ويطلب منه أن يرسم رجلا كاملا ويحتفظ بكل من الرسمين للمقارنة بينهما.

 سابعاً:اختبار رسم
         المنزل والشجرة والشخص(H.T.P)
   House-Tree-Person Test                                               تأليف جون.ن.باك   J.Buck 1948      
              أعده للعربية د/لويس كامل مليكه
 يعتبر اختبار رسم المنزل والشجرة والشخص  (H.T.P)اختبار إسقاطي لقياس ديناميات الشخصية،ولقياس الذكاء أيضا ألفه جون.ن.باك   J.Buck 1948.
 ويطلب فيه من المفحوص أن يقوم برسم منزل وشجرة وشخص ،وأن يجيب عن بعض الأسئلة المتعلقة بما رسمه ،ويصحح الاختبار ويفسر طبقا لبعض المعايير المحددة بدقة أحيانا أو طبقا لبعض الاتجاهات النظرية الخاصة بتصحيحه وفق نظرية الإسقاط ومفهومها(فطريقة الرسم تعكس العلاقات العائلية والمشاعر الجنسية وتخيلات المفحوص عن الأسرة ،والشجرة تعكس علاقات المفحوص بالبيئة كما تعكس مدى اتزانه الداخلي ،والشخص يعكس شخصية المفحوص وتصوره لنفسه ولدوره،ولقد قام لويس مليكه فى الخمسينات بنقل الاختبار وإعداده للبيئة العربية(*) .
  الاختبار
 مؤلفه جون.ن.باك ،وفيه يطلب من المفحوص أن يرسم بالقلم الرصاص فى كراسة ذات أبعاد مقننة رسما جيدا بقدر ما يستطيع لمنزل ثم لشجرة،ثم لشخص ثم يوجه إليه عددا من الأسئلة ،تتصل بهذه الوحدات ثم يطلب منه رسمها بالألوان ،ثم تصحح الرسوم وتحلل كميا وكيفيا.
 ويهدف الاختبار إلى إمداد الأخصائي النفسي الإكلينيكي بأداة تمكنه من الحصول على بيانات هامة من الناحيتين التشخيصية والتنبؤية عن الشخصية الكلية،وتفاعل تلك الشخصية مع بيئتها من النواحي العامة والخاصة.
 ويمكن أن ننظر إلى الاختبار (اختبارات الرسم) على أنه موقف يقدم للمفحوص مشكلة يحاول حلها ،فيسلك فى محاولته هذه سلوكا لفظيا وتعبيريا وحركيا.
 وهذا السلوك كالرسم نفسه يكون موضع ملاحظة من الفاحص ،يستمد منه مادة يختبر فيها الفروض على أساس من البيانات المتوفرة.
 ويستطيع كذلك الأخصائي النفسي أن يخرج بدلالات دينامية هامة عن درجة تأثر القدرة العقلية بالعوامل الانفعالية أو العضوية ،أو بكل منهما ،وبتقدير لمستوى الوظيفة العقلية الحالية ،وللمستوى الكامن لهذه الوظيفة وللعوامل المعوقة للكفاءة العقلية ،وقد يحدد النمط العقلي السائد ،هل هو نمط ذهانى ،أم نمط عصابى،أم سوى،والدرجة الأساسية للنضج العقلي والطريق المحتمل لاضطراب الشخصية ومفهومه عن كل وحدة من وحدات الرسم ،ومفاهيمه عن ذاته وعن بيئته ،إلى غير ذلك من دلالات تعينه على دراسة ديناميات الشخصية لدى المفحوص.
مواد الاختبار:
يتكون الاختبار من الآتي:
 كراستين للرسم،تخصص إحداهما للرسم بالقلم الرصاص ،وتخصص الثانية للرسم بالألوان ،والكراسة عبارة عن ورقة بيضاء غير مسطرة)من النوع الثقيل مطبقة بحيث تتكون من أربع صفحات طول كل صفحة منها (21,5سم)وعرضها (17,5سم) ،ويجب مراعاة هذه الإبعاد بدقة ،وتخصص إحدى الصفحات لرسم المنزل والأخرى لرسم الشجرة،وتخصص الثالثة لرسم الشخص ،أما صفحة الغلاف فهي تخصص لرسم "الشخص من جنس غير جنس المفحوص" بمعنى إذا كان المفحوص ذكر فإنه يرسم على هذه الصفحة صورة امرأة أو بنت ،والعكس صحيح.

ثامناُ:اختبار الذكاء الثانوي
  (للأستاذ إسماعيل القباني)
 وهذا الاختبار من النوع اللفظي الجمعي الذي يطبق على مجموعة من الأفراد فى وقت واحد ويبدأ الاختبار بأربعة أمثلة مثل:-
ضع خطا تحت كلمتين من الكلمات الآتية تكون العلاقة بين معانيهما مثل العلاقة بين [القطار والقاطرة]:- حصان - عفش - عربة - محطة.
 والاختبار يتكون من 58 سؤالاً، هي عبارة عن اختبارات تكملة سلاسل أعداد، وتكوين جمل، وسخافات، واستدلال وإدراك علاقات لفظية .
 ومعايير هذا الاختبار مقسمة إلى خمسة طبقات أ،ب،جـ،د،هـ تقابل على التوالي الممتاز والذكى جداً ومتوسط الذكاء ودون المتوسط والغبى.
 ويمكن تطبيق الاختبار على طلبة المدارس الإعدادية والثانوية أي على الأفراد الذين يتراوح عمرهم الزمني بين 12-18 عام بيد أنه يمكن تطبيق هذا الاختبار على أفراد يزيد عمرهم عن 18عام مع الحصول على نتائج طيبه والواقع أن هذه ميزه كبرى لاختبار الذكاء الثانوي.

تاسعاً:اختبار القدرات العقلية الأولية
    "إعداد د/ أحمد زكى صالح"
وهذا الاختبار من أعداد (أحمد زكى صالح) والاختبار فى صورته العربية يتضمن أربعة اختبارات فرعية:-
الاختبار الأول: .
 اختبار معاني الكلمات، وعلى المختبر أن يعين الكلمة المرادفة للفظ معين من بين أربع كلمات أخرى، فمثلاً ما هي أقرب الكلمات معنى لكلمة (أخ) من الكلمات الآتية:
 عم - أب - شقيق - قريب.
 الاختبار الثاني:.
 اختبار الإدراك المكاني ويعطى فيه المختبر شكلاً نموذجياً ويطلب منه انتقاء الأشكال المشابهة له.
ويلاحظ أن جميع الأشكال المنحرفة وليست المعكوسة
الاختبار الثالث:.
  عبارة عن سلاسل حروف والمطلوب من المفحوص أن يدرس النظام الذي تسير به كل سلسلة ويكملها بحرف واحد، مثال ذلك أن يطلب من الفرد أن يكمل سلسلة الحروف الآتية: أ أ ب ب جـ…
الاختبار الرابع:.
 هو اختبار العدد، ويعطى المختبر عدداً من العمليات الحسابية "أقتصر على الجمع" وتحت كل منها حاصل جمعها، وعليه أن يؤشر بعلامة صح () إذا كان حاصل الجمع صحيحاً، أو (×) خطأ إذا كان حاصل الجمع خطأ.
 ويمكن أن يستخرج النتاج العقلي العام أو نسبة ذكاء الفرد بعد تصحيح أجزاء الاختبار الأربعة عن طريق إعطاء كل جزء وزناً خاصاً، ثم حساب المجموع الكلى للدرجات الموزونة وقراءة المقابل له فى جدول خاص.

عاشراً: اختبار الذكاء الإعدادي - اختبار الذكاء العالي
       أعداد د/السيد محمد خيري
 أعد الاختبار الدكتور/ السيد محمد خيري وسنعرض لاختبار الذكاء العالي فى إيجاز. يتكون الاختبار من 42 سؤالاً تتدرج فى الصعوبة، وتتضمن عينات مختلفة من الوظائف الذهنية وهى:
أ- القدرة على تركيز الانتباه الذي يتمثل فى تنفيذ عدد من التعليمات دفعه واحدة
ب- القدرة على إدراك العلاقات بين الأشكال التى تتمثل فى المقارنة بين عدد من الأشكال عن العلاقة بينهما.
جـ- الاستدلال اللفظي ويتمثل فى الأحكام المنطقية والمتناسبات اللفظية.
د- الاستدلال العددي ويتمثل فى حل سلاسل الأعداد وأسئلة التفكير الحسابي
هـ- الإستدلال اللفظي ويتمثل فى التعامل بالألفاظ فى أسئلة التعبير والمترادفات
 والاختبار يقيس القدرة على الحكم والاستنتاج خلال ثلاثة أنواع من المواقف وهى: مواقف لفظية، مواقف عددية، ومواقف تتناول الأشكال المرسومة.
 ولم يستخدم فى هذا الاختبار العمر العقلي، للتعبير عن مستوى الذكاء فى الأعمار، ولكنه أستخدم الرتب المئينية فى المعايير التي توصل إليها.
 وقد اشتملت عينه التقنين فى هذا الاختبار على 5828 طالباً وطالبة منهم 1442 بالمدارس الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي.
وقد حسب معامل ثبات الأختبار باستخدام صورتين لهذا المعامل وهى إعادة التطبيق للاختبار، ومعامل الثبات النصفي فكان 84, فى الأول، 88, فى الثاني .
 وقد حسب معامل صدق الاختبار بإيجاد ومعامل الارتباط بين نتائج تطبيق اختبار الذكاء الثانوي (للقباني) فكان معامل الارتباط بين نتائج الاختبارين 99، كما وجد أن معامل الارتباط بين متوسط تقديرات المدرسين لذكاء الطالب ودرجته على الاختبار هو 0.52 وقد قنن الاختبار على أساس وضع رتب مئينيه مقابلة للدرجات الخام حسب المعايير المستخدمة من العينه التي أجريت على 5828 طالب وطالبة. والوقت المحدد لإجراء الاختبار هو 30 دقيقه.











حادي عشر:مقياس ستانفورد بينيه لقياس ذكاء الأطفال
    الصورة الرابعة لمقياس 1986
      أعداد رو برت ل.ثورا نديك ،واليزابيث هاجن، وجيروم .م. ساتلر
         وقننها إلى العربية دكتور لويس كامل مليكه

 فى إطار تطوير المقياس ستانفورد- بينيه للذكاء لكي يواكب التطور فى النظر إلى القدرات المعرفية والأساليب السيكومترية ،صدرت عام 1986 الصورة الرابعة من مقياس ستانفورد بينيه للذكاء ،وهى الصورة التي أعدها كل من رو برت ل.ثورا نديك ،واليزابيث هاجن، وجيروم .م. ساتلر ،وأعدها إلى العربية (*)وقننها دكتور لويس كامل مليكه سنة 1993 ،وتمثل هذه الصورة تطورا جوهريا فى قياس القدرات المعرفية وفى أساليب السيكوتكنولوجيا.
 يمثل رو برت ل.ثورا نديك الاستراتيجية التي اتبعت فى أعداد الصورة الرابعة من مقياس ستانفورد بينيه على النحو التالي:.
 نقطة البداية هي المتغير الذي ارتبط بأكبر قدر بالعامل العام ،أي المتغير الأعلى تشبعا بالعامل العام "وهو فى هذه الحالة يتمثل فى "الاختبارات الكمية".
 ثم يحدد المتغير الذي يرتبط ارتباطا جزئيا بأعلى قدر مع العامل المشترك فيضاف بالوزن المناسب ثم يمكن أضافه متغير ثالث ورابع إلى أن يتوقف معامل الارتباط المتعدد عن الزيادة،وهذه المتغيرات المضافة يمكن أن تكون المتغيرات التي ترتبط ارتباطا عاليا بالعامل العام وارتباطا منخفضا نسبيا بالاختبارات الأخرى التي سبق اختيارها ،وهى الاختبارات التي لا تشارك فى التباين فيما عدا ما يمثل هذا التشبع بالعامل العام .
 ويخلص ثور نديك وزميلاه إلى أنهم توصلوا إلى قناعة قوية بأن أحسن مقياس للعامل العام وبالتالي احسن منبئ عام يتعين أن يقوم على أساس مجموعة متباينة من المهام المعرفية التي تتطلب تفكيرا ارتباطيا فى سياقات متنوعة وهذه هي الاستراتيجية التي اتبعت فى إعداد الصورة الرابعة من مقياس ستانفورد بينيه للذكاء.
أعداد المقياس (الصورة الرابعة)
 حرص كل من رو برت ل.ثورا نديك ،واليزابيث هاجن، وجيروم .م. ساتلر فى هذه الصورة أن تحتفظ بثلاث جوانب للقوة وهى:
1-أسلوب الاختبار التواؤمي  Adaptive Testing .
 وهو يعنى أن لا تطبق كل فقرات المقياس على كل المفحوصين ،كما أن المفحوصين من نفس العمر الزمني لا يتحتم أن يستجيبوا كلهم لنفس الفقرات ،ذلك أن كل فرد يختبر فى مدى من المهام التي تتفق مع مستوى قدرته ،ويؤدى هذا الأسلوب إلى تكوين علاقة أحسن بين الفاحص والمفحوص.
 2-تقديم مقياس مستمر لتقييم الارتقاء المعرفي من سن سنتان وحتى مرحلة الرشد ومن ثم فإن المقياس يشكل أداة لها قيمتها بخاصة فى الدراسة الطولية للارتقاء فى القدرات العقلية المعرفية وفى دراسة الأطفال الصغار جدا.
3- تنوع المضمون والمهام ولكن مع إسقاط الصياغة السابقة التي كانت تقوم على أساس المقاييس العمرية وبدلا منها وضع كل الفقرات من نوع واحد فى اختبار واحد.
 وقد حدد رو برت ل.ثورا نديك ،واليزابيث هاجن، وجيروم .م. ساتلر أربعة مجالات أساسية لقياس القدرات المعرفية وهى:
1-الاستدلال اللفظي .                           Verbal Reasoning
2- الاستدلال المجرد.                  Quantitative Reasoning  
3-الاستدلال المجرد البصري. Abstract Visual Reasoning     
 4- الذاكرة قصيرة المدى.     Short-Term Memory           
 
وقد قرروا كذلك ضرورة الحصول على درجة مركبة أو كلية تمثل العامل العام أو القدرة الاستدلالية العامة.
ويندرج تحت كل مجال من المجالات الأربعة عدد من الاختبارات بلغت فى مجموعها خمسة عشر اختبارا فرعياItems  ،وتم اختيار هذه المجالات الأربعة للقدرات المعرفية على أساس نموذج هيراركى من ثلاث مستويات لتركيب القدرات المعرفية.
 ويشتمل النموذج على عامل الاستدلال ( G ) العام General المستوى الأعلى يليه المستوى الثاني من ثلاثة عوامل عريضة وهى (القدرات المتبلورة ،والقدرات السائلة التحليلية،والذاكرة قصيرة المدى.
 ويتكون المستوى الثالث من ثلاث مجالات أكثر تخصيصا وهى الاستدلال اللفظي والاستدلال الكمي والاستدلال المجرد البصري،ويستجيب هذا النموذج للأغراض التي يغلب عليها أن تستخدم فيها المقياس مثل التعرف على الأطفال الموهوبين وتقييم القدرات المعرفية لمن يعانون من عجز عن التعلم وعلى المعاقين عقليا.
 1-العامل العام (  G  ) General Factor ،وهو ما يستخدمه الفرد حين يواجه مشكلة ما لم يسبق له تعلم حلها.

2-عامل القدرات المتبلورة: وهو المهارات المعرفية الضرورية لاكتساب واستخدام المعلومات عن المفاهيم اللفظية والكمية لحل المشكلات وتتأثر هذه القدرات إلى حد كبير بالتعليم المدرسي ولكنها ترتقى أيضا من خلال الخبرات العامة خارج المدرسة،بمعنى آخر فهي"عامل القدرة المدرسية أو الأكاديمية حيث أن هذه المهارات اللفظية والكمية لها معاملات ارتباط موجبة مرتفعة مع التحصيل الدراسي.
3-عامل القدرات السائلة التحليليةFluid- analytic abilities  : ويتضمن هذا العامل اختراع استراتيجيات معرفية جديدة أو إعادة تجميع تتميز بالمرونة لإستراتيجيات قائمة على التعامل مع المواقف الجديدة.
4-الذاكرة قصيرة المدى Short-Term Memory: وهى تخدم وظيفتين وهما :
أ-الحفاظ على المعلومات المدركة حديثا بصورة مؤقتة إلى أن يمكن تخزينها فى الذاكرة طويلة المدى.
ب-الحفاظ على معلومات مستمدة من الذاكرة بعيدة المدى لاستخدامها فى مهمة جارية.
 
  والمستوى الثالث الاستدلال اللفظيVerbal Reasoning   والاستدلال الكمي Quantitative Reasoning ،والاستدلال المجرد البصري Abstract Visual Reasoning  ،فهي اكثر نوعية واكثر اعتمادا على المضمون من العوامل فى المستويين الأول والثاني.




 والشكل التالي يوضح نموذج تنظيم القدرات المعرفية فى الصورة الرابعة من مقياس ستانفورد -بينيه للذكاء.

         العامل العام(  G   )

الذاكرة قصيرة المدى   القدرات السائلة-   التحليلية    القدرات المتبلورة

                

                    الاستدلال الكمي        الاستدلال اللفظي
    الاستدلال التجريدي








ثاني عشر:اختبار مينسوتا المتعدد الأوجه للشخصية
   Minnesota Multiphasic Personality Inventory      
(M.M.P.I)                                                   
     
 يعرف بأنه "(*)مقياس نفسي للشخصية يعتمد على التقرير الذاتي الذي يعطيه الفرد عن نفسه،حيث يجيب على عباراته بوضع علامة تحت رقمها فى ورقة الإجابة أمام "نعم" إن كانت العبارة تنطبق عليه،أو أمام "لا" إن كانت العبارة لا تنطبق عليه،أولا يضع أية علامة على الإطلاق إذا لم يستطع أن يقرر ما إذا كانت العبارة تنطبق عليه أم لا.
 ويعتبر الاختبار أشهر اختبارات الشخصية من نوع اختبارات التقرير الذاتي ،فقد سجلت أنا ستازى فى طبعة 1976 من كتابها "القياس النفسي" أن أكثر من 3500 مرجع قد نشرت عن هذا الاختبار حتى وقت إعدادها لتلك الطبعة،وهذا يشير إلى مدى ذيوع هذا الاختبار وانتشاره فى العالم.
 ولقد ألفه هاثاوى وماكينلى من جامعة مينسوتا ونشراه عام 1940،وترجمه لبيئتنا العربية عطية محمود هنا،ومحمد عماد الدين إسماعيل ،ولويس كامل مليكه ونشروه فى الخمسينات ،وفى تقديمهم للاختبار يقولون" يشمل الاختبار 550 عبارة تغطى مدى واسعا من الموضوعات تتناول الجوانب المختلفة فى الشخصية،مثل الصحة العامة والنواحي الصحية الخاصة بما فيها أجهزة الجسم المختلفة،والعادات ،والعائلة والزواج،والمهنة،والتعليم،والاتجاهات الجنسية،والاجتماعية،والدينية،والسياسية،والنزعات السادية والماسوكية،والهواجس ،والهلاوس،والمخاوف المرضية،وكذلك الحالات الانفعالية المختلفة بما فيها حالات الانقباض والحالات الو سواسية والقهرية،وكذلك الروح المعنوية،وما يتصل بالذكورة والأنوثة،واتجاه المفحوص نحو الاختبار ،وقد صنفت هذه العبارات فى أربعة مقاييس صدق يرمز لها بالرموز  : ؟،ل،ف،ك،وعشر مقاييس إكلينيكية هي مع رموزها :
  توهم المرضHypochondriasis     (هـ س)، الانقباض Depression (د) ،الهستيريا  Hysteria(هـ ى) ،الانحراف السيكوباتي Psychopathic Deviation  (ب د) ، الذكورة والأنوثة Masculinity –Femininity (م-ف) ، البر انويا Paranoia (ب أ) ،السكاثينيا Psychasthenia (ب ت)، الفصام Schizophrenia (س ك)، الهوس الخفيف Hypomania  (م أ)،والانطواء الاجتماعي Social Introversion (س ى)."
 















.







 الفصل الثامن
   التكنيكيات النفسية
   المستخدمة فى الإرشاد النفسي
               (طرق الإرشاد)



 تتعدد الطرق والنظريات المهتمة بالعملية الإرشادية ،وتعتمد الطرق الإرشادية على أساس من نماذج أو نظريات مثل نظرية السمات ،والعلاج السلوكي ،والعلاج العقلاني الانفعالي ،والعلاج المعرفي ،والعلاج الجشطلتى،والعلاج بالمعنى،والعلاج عند ادلر،التحليل النفسي،العلاج متعدد الوسائل،العلاج بالسيكودراما ،العلاج المتمركز حول العميل وسوف نتناول بعض منها كالآتي:.
  التكنيكيات القائمة
     على أساس من الإشراط الإجرائي
  فهناك مجموعة من الطرق تقوم على أساس من نظرية الإشراط الإجرائي التي صاغها سكينر 1938،والتي ترى أن السلوك يزداد ويتكرر نتيجة لما يحدث بعده من تعزيز وأنه ينقص نتيجة لما يحدث بعده من عقاب ،كذلك تشتمل النظرية على مجموعة من قواعد التعلم التي يمكن أن تفسر لنا السلوك،وهى بالإضافة إلى التعزيز والعقاب ،والانطفاء ،التعميم ،والتمييز ،والتشكيل والتسلسل وسوف نتناول كل منها كما يلي:
1-تكنيك التعزيز(التدعيم)
              Reinforcement
 وهو إذا كان شأن حدث ما "نتيجة" يعقب إتمام استجابة أن يزداد احتمال حدوث هذه الاستجابة مرة أخرى سمى هذا الحدث اللاحق للاستجابة معززا أو مدعما
والمعززات تنقسم إلى نوعين وهما :

1-المعززات الأولية:
 وهى أحداث لاحقة "نتائج "غير مشروطة من حيث أنها قد أكتسب قيمتها التعزيزية بدون تدريب خاص ،ومن أمثلة ذلك الطعام ،الماء،تخفيف الألم ،وغيرها من الأشياء،التي تعتبر حيوية للكائن الحي،وتحافظ على حياته ،وبالتالي فإن هذه المعززات يكون لها قيمة تعزيزية إذا كانت هناك حاجة للمحافظة على الحياة(الجوع ،العطش،التعب،الألم ..الخ..).
2-المعززات الثانوية:
 فهي أحداث لاحقة للاستجابة "نتائج" يكون لها قوة تعزيزية نتيجة لخبرات تعليمية مشروطة،على سبيل المثال "الامتداح،المال،الالتفات،تعتبر أحداثا لاحقة لها قيمة تعزيزية ،وتتحدد قيمة حادث لاحق "نتيجة"لمعزز ثانوي على أساس فردى،ومن واقع الخبرات التعليمية السابقة للعميل.
**التعزيز الإيجابي :Positive Reinforcement
 إن ظهور حدث سار لاستجابة ما"سلوك" ،ويترتب عليه زيادة الاستجابة ،هو ما نطلق عليه التعزيز الإيجابي ،فإذا أتى شخص ما بسلوك ،وكان نتيجة لذلك أن حدث شئ طيب كأن تلقى مكافأة فإن ذلك ما نسميه تعزيزا إيجابيا.
**التعزيز السلبي Negative Reinforcement
 فإذا أعقب سلوكا أو استجابة ما استبعاد سيئ منفر وترتب على ذلك أن ازداد السلوك فإننا نطلق على هذه العملية التعزيز السلبي.
 وفى جميع الأحوال فإن التعزيز هو تقوية للسلوك ،وبالتالي فإن السلوك الذي نراه فى العميل "سواء كان سلوكا مرغوبا أم غير مرغوب "قد استمر وقوى نتيجة للتعزيز إيجابي والسلبي.
  وعند استخدام التعزيز لزيادة سلوك مرغوب أو الإبقاء عليه بعد تكوينه فإن هناك مجموعة من الأمور ينبغي أن نراعيها وهى،أن يكون ظهور المعززات فى وقت قريب من السلوك الذي نود أن نعززه بقدر الإمكان ،وكذلك أن نختار المعزز من حيث النوع والكمية بما يناسب حاجة العميل ،وأن نستخدم جداول تعزيز متقطعة تطول المدة فيها شيئا فشيئا ،وبذلك نتجنب انطفاء السلوك بسرعة عند توقف التعزيز.
 ويستخدم أسلوب التعزيز فى تعديل سلوك الأطفال ،والمتخلفين ذهنيا،وكذلك لدى مرضى اضطرابات الكلام ،وتكوين العادات الصحية والأخلاقية الصحيحة.
 ومن أساليب التعزيز "الفيش" أو بونات التعزيز "وتسمى أحيانا اقتصاديات الفيش حيث يحصل الفرد الذي يأتى بالسلوك المطلوب على فيش أو تذكرة بحيث إذا جمع عددا منها يمكن أن يبادل هذه الفيش بمشروبات أو بهدايا ،وقد استخدم نظام الفيشات بنجاح فى مستشفيات الأمراض النفسية .
 وكذلك من الأساليب التي تستخدم فى التعزيز عملية إرجاع المعلومات Feed Backللعميل حول سلوك معين مما يؤدى إلى تعزيز هذا السلوك الذي أداه ،كذلك أسلوب التعاقد Contracting حيث يحرر القائم بتعديل السلوك عقدا مع الفرد الذي يعدل سلوكه يلتزم فيه الأول بتقديم أشياء معينة عندما يقوم الثاني "العميل" بأداء السلوك المطلوب.
2-تكنيك العقاب
Punishment
 العقاب عملية يترتب عليها إضعاف الاستجابة التي سبقته أو توقفها ،وينقسم العقاب إلى العقاب الإيجابي،والعقاب السلبي.



* العقاب الإيجابي Positive Punishment .
 إذا صدر عن الفرد استجابة ما ،وأعقب هذه الاستجابة وقوع شيء منفر أو مؤلم للفرد ،فإن ذلك قد يؤدى إلى نقص الاستجابة أو توقفها ،ويسمى ذلك الشيء المنفر أو المؤلم عقابا إيجابيا ،ومن أمثلة الإيجابي الإيذاء "مثلا الضرب" أو التوبيخ.
 *العقاب السلبي   Negative Punishment.
 فإذا صدر عن الفرد استجابة ،وأعقب هذه الاستجابة استبعاد شيء سار من هذا الفرد ،وترتب على ذلك نقص الاستجابة أو انقطاعها سمى ذلك عقابا سلبيا،على سبيل المثال الطفل الذي يلعب فى الشارع ولا يستذكر دروسه ،وكان حرمان هذا الطفل بعد اللعب من مشاهدة التلفزيون ،يؤدى إلى نقص اللعب فى الشارع قلنا إن ذلك عقاب سلبي.
 ومن أنواع العقاب التي تستخدم فى مجال تعديل السلوك .
 1-الحرمان أو الإبعاد لبعض الوقت،حيث يحرم الفرد لبعض الوقت من المعززات ومن الأشياء المرغوبة مثل الانضمام لجماعات النشاط ،والاشتراك فى الترتيب لحفلة أو الخروج فى رحلة .
2- ثمن الخطأ :حيث يغرم الفرد بأن يدفع ثمن الخطأ ،ومثال على ذلك ما يتبع فى أسلوب الغرامات،زيادة التصحيح ،حيث يطلب من الفرد تصحيح ما ترتب على سلوكه وزيادة عليه فمثلا،إذا كسر التلميذ زجاج نافذة فقد يكلف بأن يشترى كل زجاج النوافذ الأخرى على حسابه.
3-الصدمات الكهربائية: ويستخدم هذا الأسلوب فى بعض الأحيان مع الأطفال الذين يقومون بسلوكيات مؤذية للذات كأحداث جروح فى أنفسهم أو إدماء أصابعهم أو ضرب رئسهم فى الحائط "وهذه السلوكيات كثيرا ما توجد لدى الأطفال المتخلفين عقليا" .
4- التعبيرات اللفظية: وهذه التعبيرات يكون الغرض منها تقليل السلوك غير المرغوب ،ولذلك فهي تعتمد على الإحباط والتوبيخ واللوم.
 
 فالعقاب أسلوب مستخدم منذ القدم ،وهو قائم على كراهية الإنسان للألم البدني ومن ثم كراهية أيضا للألم النفسي ،ويجب على أخصائي الإرشاد النفسي أن يدرس استخدام العقاب وخاصة الإيجابي منه دراسة كافية قبل أن يقدم عليه ،ويفضل أن لا يقوم هو بالعقاب .
3-تكنيك  الانطفاء
  Extinction    
 وهو يعنى وقف التعزيز عن استجابة سبق تعزيزها ،والاستجابة التي تتعرض للانطفاء تنتقص فى تكرارها حتى تعود إلى مستواها الذي كانت عليه قبل التعزيز أو تتلاشى،فالشخص الذي يحاول أن يشغل سيارته المعطلة  يتوقف عدة مرات من المحاولة ،كما أننا نتوقف عن إصدار التحيات الحارة بعد عدة مرات من عدم الإجابة على من نحييه ،وفى كل الحالات فإن السلوك يتناقص لأن النتيجة المعززة لم تعد تحدث .
 ويستخدم الانطفاء فى المواقف التطبيقية عادة للسلوكيات التي سبق أن تلقت تعزيزا إيجابيا ،كما أنه يمكن أن يستخدم مع الاستجابات التي تلقت تعزيزا سلبيا .
 فالانطفاء فى حالة الاستجابات "السلوك" التي تعزز سلبيا ،وهى غالبا تعزز بإزالة الخوف أو الألم أو القلق،هذه الاستجابات تحتاج لكي تطفأ إلى أساليب خاصة يطلق عليها أحيانا أساليب إزالة أو خفض الخوف Fear Reductionومنها طريقة التخلص التدريجي "أو المنظم" من الحساسية Systematic Desensitization،وطريقة الغمرflooding,،وطريقة التفجر الداخليImplosion،وطريقة التدريب على السلوك التوكيديAssertive Training .
  فالمرشد النفسي وهو يحدد مشكلة العميل والتي تتمثل فى سلوك غير مرغوب يحتاج إلى التغيير عن طريق خفضه أو التخلص منه ،هذا المرشد يحتاج أن يتعرف على المعززات التي أبقت على السلوك ،مثل تشجيع الزملاء ،الحصول على مكاسب ثانوية،لفت نظر الوالدين ..الخ ،فإذا استطاع المرشد أن يحدد تكنيكيا الفصل بين المعززات والسلوك الذي قد يكون فى شكل تغيب عن المدرسة ،أو إدعاء المرض ،عدم الاستذكار..الخ ،فإنه بذلك يكون قد أعد خطة لانطفاء السلوك الضار غير المرغوب فيه.
 4- تكنيك التشكيل
 Shaping
 وهو يعتبر أحد الأساليب الهامة فى العملية الإرشادية وخاصة عندما ينصب اهتمام المرشد على إكساب "تعليم" العميل سلوكيات جديدة ،ويعرف كذلك باسم التقريب المتتابع Successive Approximation ،أو مفاضلة الاستجابة response Differentiation ،ويعتبر التشكيل أسلوبا عاما ،يعد لتوليد سلوكيات جديدة عن طريق التعزيز الأولى لسلوكيات موجودة لدى الفرد ،وبالتدريج نقوم بسحب التعزيز من السلوكيات الأقل مماثلة ونركزه على السلوكيات الأكثر تشابها والتي تصبح شيئا فشيئا مشابهة للسلوك النهائي المرغوب .
  ويستخدم أسلوب التشكيل فى مواقف كثيرة منها،تدريب الأطفال الصم على إخراج الحروف وكذلك حالات اضطرابات النطق،ففي البداية يقوم المعالج بتعزيز استجابة تقليد الصوت التي تصدر عن الطفل ،ثم يدرب الطفل على التمييز ،ويعزز المعالج الاستجابات الصوتية إخراج حرف من الحروف إذا حدث فقط فى خلال خمس ثوان من نطق المعالج له،ثم يكافأ الطفل عند إصدار الصوت الذي أصدره المعالج وكلما كرر ذلك ،وعلى المعالج تكرار ما فعله فى الخطوة السابقة مع صوت أخر شبيه بالصوت الذي تم فى الخطوة الثالثة.
  ويستخدم أسلوب التشكيل فى البرمجة الأكاديمية "مثلا القراءة" والبرمجة الاجتماعية "مثلا الاقتراب من الآخرين،التحدث معهم ،والتعاون) ،والسلوكيات الحركية المعقدة لدى الأطفال والراشدين العاديين أو الذين لديهم مشكلات حيوية ،ويستخدم التشكيل عادة لتكوين سلوكيات مفردة ،وعندما يكون الهدف هو تكوين تتابعات سلوكية مثل ارتداء الملابس ..قضاء الحاجة ..الخ،فأن التشكيل يستخدم مع فنية أخرى هي التسلسل.
     5-تكنيك التسلسل
Chaining
   ويعتمد التسلسل على تجزئة السلوك أو ما يعرف ببرنامج التقريب المتتابع Successive Approximation   والذي يرمز له أحيانا بـ)  SAP (حيث يتم التدريب على كل جزء من أجزاء السلوك النهائي باستخدام التعزيز ،وتبدأ عملية تسلسل السلوك بترتيب السلوكيات فى التتابع الذي نراه مناسبا ،فالغرض من التسلسل العلاجي هو أن نأخذ الاستجابات الموجدة "أجزاء السلوك " ونربطها مع بعضها البعض بإضفاء قيمة تعزيزية على الروابط المختلفة .
ويبين الشكل التالي عملية تسلسل (السلوك لدى طفل فى عملية الملبس).
 
السلوك (أ)    السلوك (ب)    السلوك (ج)    السلوك (د)    السلوك (هـ)    السلوك (و)       
ارتداء السروال    ارتداء الفانلة    لبس الجورب    ارتداء البنطلون    ارتداء القميص    لبس الحذاء    

 أما الخطوة التي تلي ذلك فهي تشمل هذه السلسلة خطوة خطوة،وعلى المرشد استخدام الثناء فى كل خطو جزئية يقوم بها الطفل بنجاح.
 ويعتبر أسلوب التسلسل ذا أهمية فى تعليم السلوكيات المركبة وخاصة للأطفال،والمتخلفين عقليا ولمن لديهم إعاقات بدنية،والذي يميز التسلسل عن التشكيل هو أننا فى التشكيل نبدأ بأول خطوة ونعززها ثم ننتقل إلى الخطوة الثانية حيث يقوم الشخص بالخطوتين ثم نعزز الخطوة الأخيرة"أي ننتقل فى اتجاه متقدم للأمام أما فى حالة التسلسل فإن آخر خطوة هي التي تعزز دائما .
6- تكنيك التمييز
   Discrimination              
 يعتبر ضبط المثير "تمييز المثير" من القواعد الهامة فى برامج تعديل وعلاج السلوك ،ففي كثير من هذه البرامج يكون الهدف هو تبديل العلاقة بين السلوك وظروف المثير التي يحدث فيها هذا السلوك ،وتنشأ بعض مشكلات السلوك نتيجة إخفاق مثيرات طبيعية فى ضبط السلوك (عدم التمييز)رغم أن هذا الضبط يكون مرغوبا ،فالأطفال الذين لا ينفذون تعليمات آبائهم إنما يكون سلوكهم هذا نتيجة غياب المثير،أي أن هذه التعليمات لم يعد لها تأثير على سلوك الأطفال ،ويكون هدف برنامج تعديل السلوك أن نزيد من استجاباتهم للتعليمات.
 وفى مجال الإرشاد النفسي فإن التدريب على السلوك التوكيديAssertive Behavior يقوم أساسا على مهارات التمييز لدى المسترشدين كجزء من عملية الإرشاد حتى يتم تدريبهم على التعرف على المؤشرات المختلفة من المواقف المتنوعة والتي تستدعى استخدام مهارات السلوك التوكيدي،إن الطريقة الإجرائية فى التمييز ذات أهمية عملية كبيرة عندما يلاحظ وجود إخفاق فى التمييز ،وحينئذ نحتاج إلى أن ندرب العميل على أن يتعلم أن يستجيب لأفضل المثيرات التي يتوقع معها تعزيز السلوك.
7-تكنيك التلقين والتلاشى
       Prompting and Fading
 وهو يشبه التلقين باعتباره مبدأ من مبادئ التعلم ،وهو عبارة عن تلميح أو مؤشر يجعل احتمال الاستجابة الصحيحة أكثر حدوثا ،وإن الأحداث التي تساعد على بدء استجابة تعتبر تلقينات ،فالتلقينات إذن تسبق الاستجابة ،وعندما ينتج عن التلقين استجابة فإن الاستجابة يمكن أن يعقبها تعزيز .
  إن استخدام التلقينات يزيد من احتمال حدوث الاستجابة ،فمثلا "السير إلى المرحاض كان أكثر احتمالا من حدوثه عندما قاد الباحث الطفل فعلا إلى المرحاض عما لو تركه يستجيب بمفرده،وبينما تشكل الاستجابة الملقنة فإنه يمكن تعزيزها ،وكلما زاد تكرار تعزيز الاستجابة كلما تم تعلمها بسرعة،ويكون الهدف النهائي عادة هو الحصول على الاستجابة النهائية فى غياب لملقنات.
تكنيك السحب التدريجي"أو التلاشي"
      Fading
  وهو أسلوب من أساليب العلاج السلوكي التي تعتمد على مبادئ الإشراط الإجرائي ،ويشتمل على تناول سلوك يحدث فى موقف ما وجعله يحدث فى موقف آخر عن طريق التغيير التدريجي للموقف الأول إلى الموقف الثاني مثال :(قد يكون الطفل هادئا فى البيت ،ولكنه يكون خائفا ومنكمشا إذا وضع فجأة فى حجرة للدراسة غريبة عليه ،ويمكن أن نزيل هذا الخوف إذا قدمنا للطفل بالتدريج لمواقف تشبه حجرة الدراسة.
 ويعتبر هذا الأسلوب ذا أهمية كبيرة عندما يتعلم العميل سلوكيات جديدة من بيئة مقيدة مثل عيادة أو مؤسسة ،ثم ينتقل فجأة من هذه الأماكن إلى بيئة المنزل أو المجتمع مما قد ينتج معه فقدان لكثير من السلوكيات والمهارات التي اكتسبها ،ويفضل أن يتم السحب التدريجي من بيئة العلاج إلى بيئة المنزل ويتم ذلك من خلال عمل تقريبات فى جانب المثير أي البيئة نفسها.
تكنيك التعميم
   Generalization
  يحدث التعميم عندما يمتد أثر تعزيز سلوك ما إلى ظروف أخرى غير التي حدث فيها التدريب ،أي إلى مواقف أو يمتد إلى سلوكيات أخرى غير التي تناولها البرنامج ،ويعرف التعميم الذي يمتد فيه أثر التعزيز إلى مواقف أخرى بتعميم المثيرStimulus         Generalization .
  أما النوع الثاني الذي نعمم فيه الاستجابة التي يتعلمها الفرد (مثل إلقاء التحية) إلى استجابات أخرى "مثل الابتسام والمصافحة" فيعرف بتعميم الاستجابة Response Generalization،وللتعميم أهمية كبيرة فى تفسير انتقال أثر التعلم إلى مواقف أخرى واستجابات أخرى،وله أهمية علاجية كبيرة حيث إن المرشد يهدف دائما إلى أن ينقل للعميل أثر التدريب إلى مشكلات أخرى ،ومواقف أخرى خارج مكتب الإرشاد وإلى استجابات أخرى تكمل الاستجابات التي تعلمها من الموقف الإرشادي.









    ثانيا ً: التكنيكيات القائمة
 على أساس الإشراط الكلاسيكي
       
      11-تكنيك التخلص المنظم من الحساسية
Systematic Desensitization                         
 هو أسلوب من أساليب العلاج السلوكي،يستخدم فى حالات القلق والخوف ،ويقوم على أساس من قاعدة الإشراط المضادCounter Conditioning  ،ويرجع الفضل فى تطوير هذا الأسلوب واستخدامه فى العلاج النفسي إلى الأبحاث التي قام بهاجوز يف ولولبيه Wolpe فى جنوب أفريقيا والتي عرفت باسم العلاج بالكف بالنقيض Reciprocal Inhibition .
 وتقوم فكرة التخلص التدريجي (أو المنظم) من الحساسية على أساس أنه لو أمكن أن نكون استجابة مضادة للخوف أو القلق لدى الشخص فإنه يمكننا بتقريب مثير الخوف "مصدر الخوف أو موقف الخوف"بالتدريج أن تنطفئ استجابة الخوف أو القلق لدى الفرد،وبذلك فإن مكونات هذا النوع من العلاج تنحصر فى ثلاث جوانب وهى:
الوصول إلى استجابة مضادة لاستجابة القلق أو الخوف والتدريب عليها.
1- تدريج مثير الخوف.
2-تنفيذ العلاج.
 وبالنسبة للاستجابة المضادة للخوف فهناك عديد من الاستجابات تضاد القلق أو الخوف ،ومنها تناول الطعام ،والانشراح ،والغضب ،والاسترخاء
 ويحتاج العلاج بأسلوب التخلص المنظم من الحساسية لعدد قليل نسبيا من الجلسات العلاجية حيث يقدر متوسط عدد الجلسات فى هذا النوع من العلاج بين 16-23جلسة، ويعتمد استخدام هذه الطريقة على ما يقدمه المعالج أو المرشد من شرح مبسط حول هذه الطريقة وهى كالتالي:
أ-التدريب على الاسترخاءRelaxation .
 ويتم هذا التدريب فى غرفة هادئة ذات إضاءة خافته ،وتكون بعيدة عن الضوضاء الخارجية وبها أثاث بسيط /ومن الأحسن أن تشتمل الغرفة على أريكة حيث يمكن تيسير الاسترخاء عن طريق استلقاء العميل عليها،أو استخدام كرسى كبير مريح،وتقوم الخطوة الأولى بأن يجلس العميل على الأريكة أو الكرسي ويسند ظهره إليه ،ثم يغمض عينيه (ويقوم المعالج بتدريب العميل على كيفية الاسترخاء من تمرينات فسيولوجية رياضية..الخ.
ب-إعداد مدرج القلق :
 من الضروري للمعالج أو المرشد أن يحدد مصدر القلق لدى العميل سواء كان هذا المصدر مواقف أو أفكار وذلك عن طريق المقابلة أو الملاحظة،أو باستخدام القياسات السيكولوجية أو الفسيولوجية،وبعد تحديد المثيرات المولدة للقلق فإنها تقسم إلى مجموعات تبعا للعناصر المشتركة بينها وقد يقسم المعالج المثيرات بناء على موضوع أو حادث غير مناسب ،ولذا فعلى المعالج فصل كل المصادر التي من شأنها إثارة القلق مرة أخرى للعميل .
 وبعد تحديد مصادر القلق وتقسيمها إلى مجموعات فإن المعالج يتولى تحديد ما يحتاج منها إلى العلاج ، فعادة ما يأخذ المعالج كل مجموعة من مثيرات الخوف "عادة ما يكون لدى العميل مجموعتان أو أكثر من هذه المجموعات"وترتب هذه المجموعات فى شكل تدرج قائم على ترتيب المثيرات تبعا لكمية القلق أو الخوف التي تولدها لدى العميل مع وضع الجوانب التي تولد أقصى درجة من القلق فى قمة المدرج وأقلها فى القاعدة،ويجب على المعالج الاعتماد على التقدير الشخصي للعميل فى تحديد مستويات القلق ولا مانع من استخدام القياسات السيكولوجية والفسيولوجية.
ج-مرحلة العمل(إجراءات التخلص المنظم من الحساسية).
  بعد أن يتم تدريب العميل على الاسترخاء ،وإعداد مدرج القلق تبدأ عملية التخلص المنظم من الحساسية والتي تتم فى الواقع الملموس للحياة ، أو عن طريق التخييل وهو الأكثر شيوعا ،وإذا كان العميل يعانى من أكثر من نوع من المخاوف وأعددنا معه أكثر من مدرج لهذه المخاوف فإن العلاج يركز فى البداية على أكثر هذه المخاوف أهمية بالنسبة له ،ومن الممكن أن يتعامل المرشد أو المعالج مع أكثر من مدرج للخوف.
  وتبدأ الجلسة الأولى فى هذه المرحلة-مرحلة العمل أو التنفيذ بأن يطلب المعالج من العميل أن يسترخي لمدة (5دقائق)مع الإيحاء له بأنه قد أصبح أكثر استرخاء،وأنه يحقق استرخاء أعمق وأعمق ،ويطلب المعالج من العميل أن يشير بإصبع السبابة اليمنى عندما يصبح فى حالة من الاسترخاء والشعور بالراحة،وعندما يشير العميل بأنه وصل إلى حالة الاسترخاء فإن المعالج يطلب إليه أن يتخيل مشهدا من المواقف التي حددها فى مدرج القلق ويكون هذا المشهد عادة هو أقل المواقف إثارة للقلق ،أي الذي أعطاه العميل درجة (0)ويعرف هذا المشهد بالمشهد الضابط ……وهكذا
 وتشير الكتابات والدراسات فى مجال علم النفس ،ومجال الطب النفسي إلى أن أسلوب التخلص المنظم من الحساسية يستخدم على نطاق واسع وبنجاح كبير فى علاج المخاوف المرضية (الفوبيا phobia ) ،كذلك فقد استخدم هذا الأسلوب مع اضطرابات الكلام ،وأزمات التنفس ،والأرق ،وتعاطى الخمور،والغضب،والتجوال السباتى،والكوابيس ..الخ ..

12-التدريب على السلوك التوكيدي
  Assertive Behavior
 يعرف السلوك التوكيدي Assertive Behaviorعلى أنه مجموعة من الخصائص التالية:
1-السلوك التوكيدي سلوك يتصل بالعلاقات الشخصية،ويتضمن التعبير الصادق    والمباشر عن الأفكار والمشاعر الشخصية.
2-السلوك التوكيدي سلوك ملائم من الناحية الاجتماعية.
3-عندما يسلك الشخص بطريقة توكيدية فإنه يأخذ فى اعتباره مشاعر وحقوق الآخرين.
  وتتسم صفات الشخص المؤكد لذاته (الحازم) يتصف بالصفات التالية:
1-يشعر بالحرية فى أن يظهر نفسه عن طريق الكلمات والتصرفات :يقول هاأنا ذا ،وهذا ما أشعر به وأفكر فيه وأريده.
2- يمكنه الاتصال مع الآخرين فى كل لمستويات مع الغرباء،والأصدقاء،والأسرة،وهذا الاتصال يكون دائما صريحا ،ومباشرا ،وصادقا وملائما.
3-يكون له توجه نشط فى الحياة،فهو يمضى وراء ما يريده ،وعلى عكس الشخص السلبي الذي ينتظر الأشياء ،لتحدث فإنه يحاول أن يجعل الأشياء تحدث.
4- يتصرف بطريقة يحترمها شخصيا ،ويتجنب جوانب القصور لديه،ويسعى دائما للمحاولة الجيدة التي تجعله سواء كسب أو خسر أو تعادل يبقى على احترامه لذاته.
 5- وهناك فرق فى مجال السلوك التوكيدي بين (الحزم)من جهة ،والعدوان Aggressionمن جهة أخرى،فالسلوك العدواني سلوك له آثار سلبية على رفاهية الغير
 6- ويشتمل التدريب على السلوك التوكيدي على أسلوب علاجي يهدف إلى زيادة قدرة الفرد على القيام بهذا السلوك.وتشتمل الأهداف النوعية لهذا النوع من التدريب على زيادة قدرة الفرد على التعبير عن المشاعر السلبية مثل الغضب،والضيق ،وكذلك المشاعر الإيجابية مثل الفرح والحب،والامتداح.
 ويفيد التدريب التوكيدي العميل فى طريقتين:
1-أن المعالج أو المرشد يعتقد أن سلوك العميل بطريقة أكثر تأكيدا(حزما) سوف تعطى هذا العميل شعورا أكبر بالراحة،بل أن الاستجابة التوكيدية لها تأثير مشابه إلى حد كبير مع تأثير الاسترخاء العضلي العميق فى إمكانية الكف المتبادل للقلق ،ومن ثم يمكن استخدام أسلوب السلوك التوكيدي كاستجابة مضادة للقلق.
 2- إن المرشد يفترض أن العميل حين يسلك بطريقة أكثر تأكيدا سيصبح أكثر قدرة على تحقيق ميزات اجتماعية هامة،وبالتالي يحصل على رضاء أكبر فى الحياة ،وتحقيق هذه الميزات وهذا الرضا يستلزمان نوعا من التعقل وليس مجرد الانفعال التلقائي غير الاستجابي،ولذلك يجب على المعالج أن ينتبه فى تدريب العميل ألا يحدث تعميم للسلوك إلى مواقف تعود عليه بالضرر،كأن يرد فى غلظة على رؤسائه فى العمل.
 ولقد وصف أند رو سالترSalterطريقة التدريب على السلوك التوكيدي وهى تعتمد على ستة أنواع رئيسية من التدريبات وهى:
1-التحدث عن المشاعر: ويشتمل هذا النوع من التدريبات على التعبير لفظيا عن أي شعور لدى الفرد مثل"أفضل أن أشرب القهوة"،أو"لم يكن ذلك سلوكا طيبا منى"…الخ.
2-استخدام تعبيرات الوجه: وتشتمل هذه التدريبات على ممارسة التعبير بما يتلاءم مع الانفعالات التي يعايشها الفرد مثل الفرح والخوف والحزن والضيق والغضب.
3-التعبير عن الرأي الشخصي فى حالة مخالفته للرأي المطروح: وفى ذلك يمارس الشخص تعبيره عن رأيه الشخصي حين يكون لديه رأى يختلف عن الرأي المطروح من الآخرين.
 4-استخدام ضمير المتكلم بدلا من ضمير الغائب: ويشتمل هذا الجانب على التدريب على التعبير عن الذات ونسبة الأحداث والخبرات لها بدلا من نسبتها إلى ضمير الغائب أو المبنى للمجهول.
5- التعبير عن الموافقة عندما يكون هناك اقتناع أو فائدة أو رضا: وفى هذه الحالات فإنه لا بأس بأن يعبر الفرد عن أنه يوافق على ما عبر عنه أو ذكره الآخرون .
6-ممارسة الارتجال فى الحديث: ويقصد به أن يتدرب الفرد على الكلام الحرفي صورة مرتجلة ودون اللجوء بكثرة إلى الكلمات المعدة مسبقا أو الموجهة عن طريق الكتابة.
  فنيات التدريب التوكيدي:
 1-فنية تكرار السلوك : وهى أكثر أساليب التدريب التوكيدي شيوعا،وتتطلب فى تنفيذها أن تكون العلاقة الإرشادية بين المعالج والعميل قد تقدمت،وفى جانب من الجلسة الإرشادية يقوم العميل بالدور المطلوب(الذي ينقص فيه السلوك التوكيدي)على حين يقوم المعالج بدور الشخص الهام فى حياة العميل،أي الذي يظهر فى حضرته نقص السلوك التوكيدى،ويمكن أن يدخل فى فنية تكرار السلوك فنيات أخرى مثل استخدام التعزيز،واستخدام أسلوب التشكيل،أسلوب تبادل الأدوار وتتيح هذه الطريقة العميل لمشاهدة الانفعالات المصاحبة للقيام بالدور التوكيدي.

2-فنية الاستجابة البسيطة الفعالة: ويقصد بها أن يحقق هدف العميل بأقل جهد وأقل درجة من الانفعالات السالبة،مثال على ذلك قد يكون الفرد فى موقف يود أن يستمع إلى شئ ولكن الآخرين يحدثون ضجيجا مثلا عند عرض أحد الأفلام السينمائية أو أثناء إجراء حوار فى ندوة،يمكن هنا أن يلتفت هذا الشخص إلى الجلوس الحاضرين قائلا فى صوت هادئ:يا أخواني :ألا يمكن أن نكون أكثر هدوءا ؟
13-تكنيك التصعيد
Escalation
 هذا الأسلوب يساعد العميل على زيادة الثقة فى نفسه ويؤدى إلى تعميم السلوك التوكيدي،غير أنه ينبغي على المعالج أن ينبه العميل بأن يؤخر هذه الاستجابات الشديدة إلى المواقف التي تدعو لاستخدامها.
1-استخدام مدرجات السلوك:
 فى هذه الحالة يقوم المعالج(المرشد) مع العميل بإعداد مدرجات للسلوك الذي يمارسه العميل فى مواقف ،ويتدرج مع العميل إلى مواقف أصعب،ويعين العميل لكل موقف درجة من (صفر-100) تدل على ما يعتريه من غضب أو ضيق فيه.،ويستفيد المرشد من هذه المدرجات بأن يحدد نقاط البداية فى العلاج أو التدريب التوكيدي حيث يبدأ فى تدريب العميل على المواقف التى تحدث أقل إثارة للقلق والتوتر لدى العميل .
2-التدريب التوكيدي الجمعي:
  يمكننا القول بأن التدريب التوكيدي قد يحقق نتائج أفضل إذا استخدمناه فى إطار جماعات إرشادية أو علاجية عما لو تم على أساس فردى،وفى المعتاد فإن جماعات التدريب التوكيدي التي تعد لهذا الغرض تضم بين 5-10 أفراد (عملاء) فى الجلسة ،ويعتمد التدريب على أسلوب تكرار السلوك الذي سبقت الإشارة إليه ،ويبدأ العمل بأن يطلب المرشد من أحد العملاء (أعضاء الجماعة )أن يعرض المشكلة أمام الجماعة ثم يطلب منه المرشد أن يؤدى أمامهم الاستجابة التي اعتاد أن يستجيب بها فى مثل هذا الموقف حيث يتم تقويمها بطريقة غير منحازة وفى عبارات ودية عن طريق باقي أعضاء الجماعة.
       14- تكنيكات الإشراط التنفيرى
  Aversive Conditioning   
  هو مجموعة من الأساليب التي تستخدم بقصد إنقاص أو إنهاء سلوك غير مرغوب لدى العميل،و ينتمي هذه الأساليب أو الفنيات للإشراط الكلاسيكي،بينما تنتمي باقي الفنيات للإشراط الإجرائي ،ويستخدم هذا الأسلوب مع مدمني الكحول (الخمور)وتقوم فكرته على إيجاد مثير طبيعي يحدث استجابة الألم (استجابة طبيعية)وفى المعتاد أن تستخدم حبوب الأميتين  Emitine أو أبو مورفين حيث يتناولها المتعاطي قبل احتسائه للخمر.
 وعن طريق الإشراط فإن الخمر تصبح مثيرا مشروطا يمكن فيما بعد عند تناوله بدون الحبوب أن يولد الاستجابة-أي استجابة الألم نفسها (استجابة مشروطة فى هذه الحالة)،وللإشراط التنفيرى استخدامات متعددة ،وعادة ما تلجأ إليها الأمهات والآباء،بأساليب مختلفة وإن كان يشوبها عدم الدراسة وتقدير النتائج الجانبية ،مثل استخدام القطرة فى العين للتخلص من سلوك العصيان عند الأطفال،كما تتبع الأم أسلوبا مماثلا فى فطام الرضيع .
15- تكنيك الغمر
Flooding  
  تعتمد هذه الطريقة على تعريض الشخص الذي يعانى من القلق أو الخوف بشكل متدرج ،فإن طريقة الغمر تعتمد على تعريض الشخص الذي يعانى من القلق أو الخوف بشكل مباشر وكامل للمثير الذي يبعث فيه القلق أو الخوف، وتقوم هذه الطريقة على تعريض العميل للمثير الشرطي (مثير الخوف أو القلق )فى الوقت الذي نقلل فيه هروبه من هذا المثير المشروط ،وتسمى هذه الطريقة فى بعض الأحيان بطريقة منع الاستجابة(استجابة القلق أو الخوف) Response Prevention.
 والفكرة المحورية التي يرتكز عليها العلاج بالغمر هي التعريض السريع للعميل لذلك المثير المشروط (الذي يخاف منه )بدلا من تعريضه على فترات أو بالتدريج ،وفى الوقت الحاضر فإن الغمر يستخدم مع المواقف المثيرة للقلق (أو الخوف) .
 ومميزات هذه الطريقة هي أنها أسرع فى تأثيرها من الطرق التدريجية مثل التخلص التدريجي من الحساسية ،أما عيوبها فهى أنها فى بعض الأحيان قد تكون نتيجتها عكسية فتزيد من الاستجابة المشروطة (القلق أو الخوف )بدلا من أن تطفئها ،ولذلك فإن كثيرا من المعالجين يفضلون استخدام طريقة التخلص التدريجي من الحساسية عن طريقة الغمر.









ثالثاً:التكنيكيات القائمة على التعلم الاجتماعي
Social Learning   
 16- تكنيك النماذج السلوكية (النمذجة)
Modeling
 التعلم الاجتماعي أو التعلم بالملاحظة (التعلم من نموذج ) أسلوب عرفته البشرية منذ القدم ،ويشير القرآن الكريم فى قصة أبني آدم ،كيف تعلم الإنسان من الغراب الذي جاء يبحث فى الأرض .
(فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه)   "المائدة 31"
  وتقوم طريقة استخدام النماذج السلوكية ،أو النمذجة ،على أساس إتاحة نموذج سلوكي مباشر (حي) أو ضمني (تخيلي) للعميل،حيث يكون الهدف هو توصيل معلومات حول النموذج السلوكي المعروض للعميل بقصد إحداث تغيير ما فى سلوكه (إكسابه سلوكا جديدا ،أو زيادة ،أو إنقاص سلوك موجود لديه)وتفيد هذه الطريقة مع طرق أخرى علاجية فى علاج حالات القلق وحالات العدوان ،وعيوب النطق ،وفى إكساب الأطفال المهارات الاجتماعية وفى بعض حالات الوسواس القهري،والمخاوف المرضية.
ولكن ما هي الوظائف الأساسية للنمذجة ؟…
  هناك أربعة وظائف رئيسية :
1-فعن طريق ملاحظة نموذج يمكن للعميل أن يتعلم سلوكا جديدا مناسبا .
2-أيضا فإن ملاحظة سلوك النموذج يكون له أثر اجتماعي تسهيلي (أو إنمائي) عن طريق دفع العميل إلى أداء هذه السلوكيات التي كان بوسعه أن يقوم بها فيما مضى،وذلك فى أوقات أكثر ملائمة وبأساليب أكثر ملاءمة أو تجاه أشخاص أكثر ملائمة.
3-أيضا فالنمذجة قد تؤدى إلى إنهاء كف سلوكيات كان العميل يتجنبها بسبب الخوف أو القلق .
4-وبينما ترفع الكف عن السلوكيات فإن النمذجة قد تزيد الانطفاء المباشر والانطفاء بالإنابة للمخاوف المرتبطة بالشخص أو الحيوان أو الشيء الذي كان السلوك موجها نحوه.
وهناك عوامل تؤثر فى النمذجة منها:
1-خصائص النموذج :
  يزداد الانتباه لنموذج ما يقوم بسلوك معين كلما كان النموذج محببا ومشوقا للعميل ،فالنموذج الذي يلقى قبول أو الذي يحظى باهتمام اجتماعي يكون له أثار أكبر فى النمذجة ،كذلك يفضل أن يكون النموذج مناسبا فى السن والنوع والأصول للعميل ،حيث أن ذلك يزيد من قابلية العميل لتقليد السلوك المنمذج عما لو كانت النماذج بعيدة الشبه منه فى هذا الجانب.
2-خصائص المتعلم (العميل):
  يشير باندورا عوامل أربعة تؤثر على نتائج النمذجة كعوامل يحتاج أن تتوفر فى العميل وهى:
أ-عمليات الانتباه :Attention Processes
  يجب على العميل أن يستوعب المعلومات التي يعرضها النموذج ،وتتوقف عمليات الانتباه على بعض الجوانب الخاصة بالمثيرات الداخلة فى النمذجة كوجود تنافر فى الإضاءة وفى الصوت وتكرار فى المقاطع الرئيسية ،والتلخيص الواضح ،وكذلك على بعض الجوانب لدى المسترشد مثل سلامة الحواس لديه (السمع والبصر والشم والتذوق واللمس)،ومستويات الاستثارة لديه ،وكذلك الجوانب الإدراكية.
ب- عمليات الحفظ Retention Processes :
  ينبغي على العميل أن يكون قادرا على تذكر المادة التي استقبلتها حواسه (فى عمليات الانتباه) ويتم ذلك عن طريق حفظ (تخزين ) هذه المادة فى صورة مرمزة فى شكل سمعي وبصري ،ويساعد اقتران الجوانب البصرية مع الجوانب السمعية وتكرار المعلومات على تذكر المادة المنمذجة.
ج-استرجاع (إعادة توليد )السلوك)Motoric Reproduction :  
  وفيها يتم استرجاع السلوك المحفوظ (فى الذاكرة) ،غير إنه ينبغي أن نلاحظ أنه فى بعض السلوكيات الحركية المعقدة مثل ركوب الدراجات ،فإن السلوك لا يكفى لأدائه تقليد النماذج المعروضة ،بل يجب أن تكون لدى الفرد المهارات الحركية المناسبة والقدرة على حفظ التوازن المطلوبين لأداء هذا السلوك .
 فالإنسان قد يختزل معلومات حول نموذج معين لسنوات طويلة ثم يعيد هذه السلوكيات عندما يحين وقتها أو تدعو الحاجة إليها ،فالطفل الصغير يكتب سلوكيات جديدة من خلال معاشرته لأسرته ،وقد يحتفظ بجانب كبير من هذه السلوكيات ليؤديها عندما يكبر ويكون أسرة لنفسه.
د-عمليات الدافعيةMotivational Processes :
  إذا توافرت عمليات انتباه العميل للنموذج وفهمه للمعلومات المراد توصيلها له من خلال العرض ،وحفظ هذه المعلومات وتوافرت المهارات الحركية اللازمة لتنفيذ النشاط المنمذج فإن هذا العميل قد لا يؤدى السلوك المنمذج لأنه قد توقع نتائج منفرة من أداء السلوك (عقاب) ،ومن ناحية أخرى فإنه عندما يتوقع نتائج إيجابية من أداء السلوك المنمذج فإننا نتوقع أن يقوم بأداء هذا السلوك.    
3-خصائص مرتبطة بالإجراءات :
  إن موقف النمذجة والأسلوب الذي تتم به قد يتضمن بعض الجوانب التي تؤثر على نتائجها ،فقد لوحظ أن النتائج التي يحصل عليها النموذج "القائم بالعرض" تؤثر على فاعلية النمذجة،فالنموذج الذي يكافأ على تصرف ما يكون أكثر قابلية أن يقلده العملاء عما لو كان النموذج يتلقى عقابا .
 كذلك فإن أداء النماذج للسلوكيات المنمذجة فى مواقف مختلفة يزيد من آثار النمذجة ،كذلك فإنه عند وجود نماذج متعددة تكون النتائج أفضل مما لو اقتصر الأمر على نموذج واحد ،وإذا اشتملت النمذجة على قاعدة أو خطة يمكن أن يكتشفها العميل من واقع السلوك المنمذج فإن آثار النمذجة على العميل تزداد إلى حد كبير.     
* أنواع النمذجة :
هناك ثلاثة أنواع من النمذجة هي:
 (1) النمذجة المباشرة أو الصريحةOvert Modeling   :
  وفيها يتم عرض نماذج حية تؤدى السلوك المطلوب عرضه ،حيث يقوم بذلك أشخاص واقعيون أو عن طريق أشخاص ومواقف معروضة بالصوت والصورة.
(2)النمذجة الضمنية    : Covert Modeling
  ويعتمد أسلوب النمذجة الضمنية على أن يتخيل العميل نماذج تقوم بالسلوكيات التي يرغب المعالج (المرشد) أن يقوم العميل بها،ولأن النمذجة ترتكز على عرض معلومات نود أن نوصلها للعميل ،فإن دفع العميل إلى تصور تتابع أو سلسلة من الأحداث يمكن أن يؤدى نفس الآثار التي تؤديها النمذجة الصريحة .


(3) النمذجة بالمشاركة  :Participant Modeling.
  وهى تشتمل على عملية نشطة مصحوبة بتوجيهات للعميل إلى جانب النمذجة المباشرة للسلوكيات موضوع العلاج ،ويرى باندورا Bandura .أن هذه الطريقة فى العلاج ذات فاعلية أكبر من مجرد أن نجعل العميل يراقب النموذج وهو يؤدى السلوكيات المطلوبة.
 وبذلك فإن النمذجة بالمشاركة تشتمل على عرض للسلوك بواسطة نموذجModel  ،وكذلك أداء هذا السلوك من جانب العميل مع توجيهات تقويمية من جانب المعالج (المرشد) موجهة للعميل،وبذلك يكون هذه الطريقة أفضل وأكثر فاعلية من استخدام النمذجة(بدون مشاركة) وحدها.
استخدامات النمذجة:
تستخدم النمذجة فى عملية الإرشاد والعلاج النفسي لسببين وهما:
1-زيادة السلوك عن طريق النمذجة:  وهو يشتمل على ثلاثة أنواع من الآثار السلوكية،مثل  آثار الاكتساب ،وآثار ناتجة عن إزالة الكف،وآثار خاصة بتسهيل حدوث السلوك.
2-استخدام النمذجة فى إنقاص السلوك:  وهو يشتمل على نوعين وهما ،الآثار الكافة،الآثار الناتجة عن عدم الملائمة.



   رابعاً: الإرشاد باستخدام العلاقة الإرشادية
    17- الإرشاد المتمركز حول العميل
 Client Centered Therapy
 وهو يعنى الإرشاد غير الموجهNondirective   الذي قال به كارل روجرز   Rogers ،وتقوم نظرية روجرز على مسلمة أساسية وهى أن الإنسان مفطور على الخير ،وأن الطفل حين يولد تكون لديه حاجة وحيدة وهى تحقيق الذات،وفى البداية تكون الذات هي الكيان العضوي ويكون تحقيق الذات من خلال إشباع الحاجات العضوية (الفسيولوجية) ثم تنمو الذات حيث يميز الطفل نفسه عمن يحيط به وتنمو حاجتان فرعيتان هما الحاجة إلى التقدير الإيجابي من جانب الذات والحاجة إلى التقدير الإيجابي من جانب الآخرين ومعهما تنمو ما عرفه روجرز "بشروط الأهمية" وهى الشروط التي يضعها الأشخاص ذو الأهمية فى حياة الطفل لتقديم التقدير الإيجابي له،فالتقدير الذي يحصل عليه الطفل من الآخرين هو تقدير مشروط يجعله يقبل بعض الخبرات ويضمها إلى ذاته لأنها وافقت شروط الأهمية على حين يرفض بعض الخبرات أو ينكرها،أو يشوها ويقابلها بحيل دفاعية نتيجة عدم استيفائها لشروط الأهمية ،ومن هنا ينشأ عدم الانسجام المتمثل فى القلق والدفاعات.
ويلخص روجرز تطور عدم الانسجام بين الذات والخبرة فى الآتي:
(1)بمجرد أن تنمو شروط الأهمية فإن الناس يستجيبون لخبراتهم الذاتية بطريقة انتقائية ،فالخبرات التي تكون متسقة مع شروط الأهمية تدرك وترمز بصورة دقيقة فى الوعي ،أما الخبرات التي لا تتسق مع شروط الأهمية فإنها تحرف أو تستبعد من الوعي.
(2) بعد نمو شروط الأهمية فإن الأفراد يحذفون من وعيهم تلك الخبرات  التي   تعتبر معاكسة أو متعارضة مع هذه الشروط ،وبالتالي فإنهم يستبعدون من الذات بعض الخبرات التي قد تكون مفيدة لها.
(3) إن الإدراك الانتقائي للخبرات الذاتية ينتج عنه عدم تطابق (عدم             انسجام ) بين الذات والخبرة ،لأن بعض الخبرات التي قد تكون مساعدة على النمو الإيجابي قد تحذف أو تستبعد من الوعي،ومتى حدث عدم الانسجام بين الذات والخبرة فإن الفرد يصبح مستهدفا للمرض النفسي وينشأ لديه عدم التوافق .
  ويشير روجرز أن عدم الانسجام هو السبب فى كل مشكلات التوافق لدى البشر،ومن ثم فإنه يترتب على وجهة نظره هذه أن إزالة عدم الانسجام سوف يترتب عليها حل كل المشكلات.
إعادة الاندماج :
  لكي يحدث (الانسجام أو يزداد حدوثه ،ينبغي أن يحدث نقص فى شروط الأهمية وزيادة فى الاعتبار غير المشروط للذات ،ومن أهم الوسائل التي تحقق ذلك أن يتلقى الفرد اعتبارا إيجابيا غير مشروط من شخص أخر له أهمية،وأن يتم توصيل مثل هذا الاعتبار غير المشروط فى إطار التفهم القائم على المشاركة "التعاطف" .
  فإذا ما أدرك الفرد هذا الاعتبار،فإن ذلك يؤدى إلى التفكك أو إضعاف شروط الأهمية التي أستدمجها هذا الشخص من قبل ،ومن ثم تزداد نظرته الإيجابية لذاته بينما ينخفض التهديد ويزداد الانسجام بين ذات الفرد وخبرته ،ويصبح الفرد حينئذ أقل استهدافا لاستشعار التهديد وأقل دفاعية وأكثر انسجاما.

نظرية روجرز فى العلاج
  (نظرية العلاج وتغيير الشخصية)
تقوم نظرية العلاج بالإرشاد النفسي لدى روجرز وفقا للشروط التالية:
(1)أن يكون هناك شخصان بينهما اتصال.
(2)أحد هذين الشخصين وهو العميل فى حالة من عدم الانسجام مع ذاته  وحالة استهداف للمرض النفسي أو لديه قلق.
(3)الشخص الثاني وهو المرشد أو المعالج فى حالة انسجام مع ذاته فى إطار العلاقة الإرشادية.
(4) يمارس المرشد الاعتبار الإيجابي غير المشروط تجاه العميل.
(5) يمارس المرشد تفهما قائما على التعاطف من واقع الإطار المرجعي الداخلي للعميل.
(6) يستقبل العميل ولو إلى درجة بسيطة الشروط رقم (5)،(6).
 خصائص عملية الإرشاد النفسي لدى روجرز:
وتشمل العملية الإرشادية لدى روجرز على عدة خصائص وهى:
1-يزداد تحرر العميل فى التعبير عن مشاعره من خلال القنوات اللفظية والحركية.
2-وهذه المشاعر المحررة المعبر عنها تكون مرجعة للذات بدلا من اللاذات .
3-ويزداد تمييز العميل وتفريقه بين مكونات مشاعره وأدركا ته ،وبذلك تصبح خبراته مرمزة بدقة أكبر فى الواعي.
4-تكون المشاعر التي يعبر عنها الفرد مرجعة إلى عدم الانسجام بين مجموعة من خبراته وبين مفهومه عن ذاته.
5- يعايش العميل فى الوعي تهديد عدم الانسجام الحادث ،نتيجة لما يتيحه المرشد من اعتبار إيجابي غير مشروط تجاهه.
6- العميل يعايش تماما فى الوعي تلك المشاعر التي كانت فيما سبق تستبعد من الوعي أو كانت محرفة فى الوعي.
7-يعيد العميل تنظيم مفهومه لذاته ليتمثل ويحتوى تلك الخبرات التي كانت من قبل مشوهة أو مبعدة عن الوعي.
8-بينما تسترد إعادة تنظيم بنية الذات للفرد فإن مفهومه عن ذاته يصبح أكثر تطابقا مع الخبرات التي يعايشها بينما تقل الدفاعية.
9-تتزايد قدرة الفرد "العميل"على أن يعيش بدون أن يستشعر التهديد فى وجود الاعتبار الإيجابي غير المشروط من جانب المرشد.
10-يتزايد شعور العميل باعتبار ذاتي إيجابي.
11- تزداد معايشة العميل لذاته كمركز لتقويم الخبرات.
12- يستجيب العميل فى خبرته بصورة أكبر لعملية التقويم الصادرة من داخله (من الكائن العضوي)ويستجيب بصورة أقل لشروط الأهمية (التقويم الخارجي)..
خامسا ً: التكنيكيات السلوكية المعرفية والطرق المعرفية.
       Cognitive Behavioral and Cognitive Methods        
     18- التكنيك العقلاني الانفعالي
.Rational Emotive Therapy
 يتبع العلاج العقلاني الانفعالي إلى النظرية التي طورها ألبرت إيليسAlbert Ellis 1977،والتي تفترض أن الاضطرابات والمشكلات النفسية إنما تنشأ عن أنماط خاطئة أو غير منطقية فى التفكير.
 ويرى إيليس أن البشر يشتركون فى غايتين أساسيتين وهما ،المحافظة على الحياة ،والإحساس بالسعادة النسبية والتحرر من الألم ،وأن العقلانية تتكون من التفكير بطرق تقف حجر عثرة فى تحقيق هذين الهدفين على حين أن عدم العقلانية يشتمل على التفكير بطرق تقف حجر عثرة فى سبيل تحقيقهما ،وبذلك فإن العقلانية يمكن تعريفها على أنها استخدام المنطق فى تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة.
 ولقد وضع إيليس ثلاثة فروض أساسية لفهم هذه الطريقة وهى:
(1)أن التفكير والانفعال بينهما صلة وثيقة.
(2)أن درجة الصلة بين التفكير والانفعال من القوة بحيث إن كل منهما يرافق الثاني وأنهما يتبادلان التأثير على بعضهما البعض،وفى بعض الأحيان فإنهما يكونان نفس الشيء.
(3)أن كل من التفكير والانفعال يميل إلى أن يكون فى صورة حديث ذاتي أو عبارات داخلية ،وأن هذه العبارات التي يقولها الناس لأنفسهم تصبح هي نفسها أفكارهم وانفعالاتهم ،وبالتالي فإن العبارات الداخلية التي يقولها الناس لأنفسهم تصبح قادرة على توليد وتعديل الانفعالات.
 ويرى إيليس أن الانفعالات غير الملائمة مثل القلق إنما تقوم على أساس من أفكار غير منطقية ،مما يؤدى إلى إعاقة السلوك الواقعي ،كذلك فإن العدواةHostility   قد يكون لها جانب منطقي وأخر غير منطقي.
 فالجانب المنطقي منها يشتمل على الشعور بالضيق أو عدم الراحة كأساس للتصرف المعد للتغلب على التذبذب ،على حين أن الجانب غير العقلاني منها يشتمل على لوم الآخرين أو لوم العالم ،وبطريقة تمنع التصرف الفعال،وربما تولد المزيد من عدم السعادة للفرد.
 ويرى إيليس أن البشر لديهم استعداد فطرى وميل مكتسب لأن يكونوا عقلانين ،وكذلك أن يكونوا غير عقلانين ،فمن ناحية نجد أن البشر لديهم طاقة كبيرة لأن يكونا منطقيين "عقلانين " ومولدين للسعادة ،ومن ناحية أخرى فإن لديهم طاقة هائلة فى أن يكونا قاهرين لأنفسهم Self Defeating وللآخرين ،كما أنه يرى أن إخفاق الناس فى تقبل الواقع ينتج عنه أن يظهروا الاضطراب الانفعالي.
 وينظر إيليس إلى البيئة وإلى مرحلة الطفولة على أنها تساعد ذلك الميل الفطري لتكوين الأفكار غير العقلانية ونموها ،وفى عرضه لنظريته فإنه يحدد العناصر الآتية:
1-إذا كان أ ( A )هو الحدث أو الواقعة المنشطة ،والذي قد يكون شيئا وقع بالفعل أو سلوكا أو اتجاها من جانب شخص آخر.
2-وكانت ب ( B ) تلك الأفكار أو المقولات التي يقولها الفرد لنفسه حول الحادث أ( A ).
3- وكانت ج ( C ) هي النتيجة أو ردود الفعل التي يستجيب بها الفرد سواء كان ذلك سعادة أو اضطرابا انفعاليا.
 4- فأنه فى الواقع يكون هذا الانفعال سواء كان انفعالا سارا أو انفعالا غير سار ليس نتيجة للحدث الذي سبقه أ( A )،وإنما هو نتيجة للفكرة الخاطئة ب ( B )،بمعنى أن النتائج الانفعالية والسلوكية المترتبة على أحداث منشطة فى حياتنا إنما يحكمها نظام التفكير لدينا ،وأن لدينا القدرة على ضبط وتعديل أفكارنا ومن ثم النتائج النفسية.

 وتقوم إستراتيجية العلاج العقلاني الانفعالي على أن يساعد المعالج (المرشد) العميل على التعرف على الأفكار غير المنطقية لديه وأن يحل أفكارا أكثر عقلانية محلها،ويشتمل الإرشاد لديه فى الخطوات التالية:
1-الإقناع اللفظي والذي يهدف إلى إقناع العميل بمنطق العلاج العقلاني.
2-التعرف على الأفكار غير العقلانية لدى العميل من خلال مراقبة العميل لذاته وتزويد المعالج (المرشد )له بردود الفعل.
3-تحديات مباشرة للأفكار غير العقلانية مع إعادة التفسير العقلاني للأحداث.
4-تكرار المقولات الذاتية العقلانية بحيث تحل محل التفسيرات غير العقلانية.
5- واجبات سلوكية معدة لتكوين الاستجابات العقلانية لتحل محل الاستجابات غير العقلانية التي كانت سببا فى حدوث الاضطراب النفسي






ويوضح الشكل التالي  عناصر نظرية إيليس.
( A ).-(أ) حادث منشط
               الذهاب لمقابلة للحصول على وظيفة
                               ولكنني فشلت فى الحصول عليه
               ( B )-(ب) الأفكار المرتبطة بالحادث ( A )

       الشخص الأول                               الشخص الثاني
لديه أفكار منطقية" عقلانية"                              لديه أفكار غير منطقية
"تطلعات أو رغبات"                                               "مطالب أو أوامر"
-لا أحب أن أكون مرفوضا.                                  كم هو مزعج أن أكون مرفوضا.
-حقيقي أنه أمر يضايقني.                            أنا لا أستطيع أن احتمل هذه المهانة.
-يبدو أن هناك مشكلة فى                                   هذا الرفض يجعلني شخصا وضيعا.
 الحصول على هذه الوظيفة
       ج ( C ) النتائج المترتبة على ( B ) بخصوص ( A ) (أ)

   نتائج انفعالية مرغوبة                    نتائج انفعالية غير مرغوبة
(مشاعر سلبية مناسبة للموقف)                (مشاعر غير ملائمة )
لقد شعرت بالأسف والإحباط                 لقد أحسست بالاكتئاب
والتوتر ولكنى سأستمر فى المحاولة.                     لقد أحسست بالقلق.
شعرت بأنه ليس لي قيمة وشعرت بالغضب.
نتائج سلوكية مناسبة                    نتائج سلوكية مرغوبة
(سلوكيات مرغوبة)
-واصلت البحث عن العمل                   -لقد رفضت أن أذهب إلى مقابلة أخرى.
-حولت تحسين مهاراتي .                            -لقد أحسست بالقلق لدرجة أن أدائي قد أنخفض    فى المقابلات التالية
 19- تكنيك الإعادة المتدرجة للبناء العقلاني
 Systematic Rational Restructuring
  تشبه هذه الطريقة إلى حد كبير طريقة التخلص المنظم من الحساسية ،حيث يطلب المعالج (المرشد) من العميل أن يتخيل تدرجا من المواقف المولدة للقلق ،وفى كل خطوة يعطى العميل تعليمات بأن يتعرف على الأفكار غير المنطقية المرتبطة بهذا الموقف المحدد وأن يدحض هذه الأفكار ويعيد تقويم الموقف بطريقة عقلانية،كذلك يطلب المعالج من العملاء أن يمارسوا إعادة البناء العقلاني فى الواقع الملموس ،وذلك فى المواقف التي تولد القلق ،وتشترك هذه الطريقة مع طريقة إيليس فى الأساس النظري.
20- تكنيك التدريب على التعليمات الذاتية
Self Instructional Training
  تنتمي هذه الطريقة (النصح الذاتي) إلى دونا لد ميكنبومMeihenbaum   1974فهو مكتشفها وقد أقترح طريقة إعادة البناء المعرفي عن طريق التدريب على إعطاء تعليمات ذاتية وتقوم على فكرتين وهما:
1- فكرة العلاج العقلاني الانفعالي لألبرت أليس وتركيزها على أن الأشياء غير العقلانية التي يقولها الإنسان لنفسه هي السبب فى الاضطراب الانفعالي.
2-تتابع النمو لدى الأطفال الحديث الذاتي (الداخلي) والضبط اللفظي –الرمزي    على السلوك.
  ويشتمل التدريب على النصح الذاتي(التعليمات الذاتية على الخطوات التالية:
 (أ)   تدريب العميل على التعرف على الأفكار غير التوافقية (المقولات الذاتية) و الوعي بها.
(ب) يقوم المرشد بنمذجة السلوك المناسب بينما يشرح بالكلام الطرق الفعالة ،وتشتمل هذه الأقوال على شرح متطلبات الواجب ،والتعليمات الذاتية التى تقود الأداء المتدرج ،والأقوال الذاتية التي تؤكد كفاءة الشخص وتعارض الانشغال بالفشل والتعزيز الذاتي الضمني للأداء الناجح.
(ج) يقوم العميل بعد ذلك بأداء السلوك المستهدف ،وفى البداية يتم ذلك بينما يعطى العميل لنفسه التعليمات المناسبة بصوت عال ،ثم بعد ذلك يكون ذلك بترديد هذه التعليمات فى سره أي بينه وبين نفسه ،وتساعد توجيهات المرشد فى هذه المرحلة على تأكيد أن ما يقوله العميل لنفسه فى سبيل حل المشكلة قد حل محل الأفكار التي كانت تسبب القلق فيما مضى.
 ويساعد التدريب على التعليمات الذاتية على تعديل مجموعة كبيرة من السلوكيات عند الأطفال والكبار ،وقد أستخدم بنجاح فى تخفيض المشكلات المرتبطة بالقلق مثل قلق الكلام والقلق الاجتماعي وقلق الاختبارات ،وكذلك فى زيادة الضبط الذاتي لدى الأطفال المندفعين .
   21- تكنيك التدريب على التحصين ضد الضغوط
Stress Inoculation Training                
 تبنى هذه الطريقة على مقاومة الضغوط عن طريق برنامج يعلم العميل كيف يتعامل أو"يتجاوب" مع مواقف متدرجة للانضغاط ،وأسلوب التدريب على هذه الطريقة ذو طبيعة متعددة نظرا لما يحتاجه من مرونة فى مواجهة المواقف المتنوعة للضغوط ،ووجود الفروق الفردية والحضارية،كذلك لأن أساليب التجاوب نفسها متنوعة،وتنقسم عملية التدريب على التحصين من الضغوط إلى ثلاث مراحل وهى:


(1)مرحلة التعليم :  
  وفيها يزود العميل بإطار تصوري لفهم طبيعة ردود فعله تجاه الضغط ،ويكون ذلك فى أسلوب عامي مبسط ،ويكون الهدف من تحديد الإطار هو مساعدة العميل على أن ينظر إلى المشكلة بشكل (عقلاني) منطقي وأن يوافق ويتعاون فى الإرشاد المناسب،وفى حالات الفوبيا على المعالج إقامة مقابلة تقويمية ،يليها عرض القلق على العميل ويجب أن يشتمل على استثارة فسيولوجية عالية ( مثل زيادة ضربات القلب ،وسرعة التنفس ،وعرق اليدين،وغيرها من الأعراض التي يخبرنا بها العميل ،مجموعة من الأفكار الهروبية الدافعة لظهور القلق كما يدل عليها استياء العميل والإحساس بانعدام الحيلة ،وأفكار الألم ،ورغبة فى الهرب.
 وعلى المعالج أن يخبر العميل فى ذلك الوقت أن العبارات التي يقولها لنفسه أثناء استثارة القلق قد أدت إلى سلوك التجنب الانفعالي وأن العلاج سيتجه نحو:
أ-مساعدة العميل على ضبط الاستثارة الفسيولوجية.
ب-تغيير العبارات الذاتية التي تمت تحت ظروف الانضغاط.
  وعلى المعالج بعد ذلك أن يشجع العميل على أن ينظر إلى خوفه أو ردود فعل الانضغاط لديه على أنها تتكون من أربع مراحل بدلا من كونها رد فعل غير متمايز وهى: الإعداد للضاغط (مصدر الضغط) ،مواجهة الضاغط أو التعامل معه، احتمال أن يكون الضغط شديدا عليه ، تعزيز نفسه على أنه قد واجه الضغط.
مرحلة التكرار:
  فى هذه المرحلة يقوم المعالج بتزويد العميل بأساليب التعامل  (التجاوب) Coping Techniques،وتشتمل على إجراءات مباشرة ووسائل مواجهة معرفية يستخدمها فى كل مرحلة من المراحل الأربعة،وتشمل الإجراءات المباشرة على الحصول على معلومات حول الأشياء المخيفة ،الإعداد لطرق الهروب ،والتدريب على الاسترخاء،أما المواجهة المعرفية فتحتوى على مساعدة العميل أن يصبح واعيا بالعبارات السلبية القاهرة للذات واستخدامها كإشارات على تكوين عبارات ذاتية غير مناسبة للمواجهة.
مرحلة التدريب التطبيقي:  
  عند تأكد المعالج (المرشد )بأن العميل قد أصبح ماهرا فى أساليب المواجهة ،فإنه كان يعرض فى المختبر لسلسلة من الضغوط المهددة للأنا ،والمهددة بالألم بما فى ذلك صدمات كهربية غير متوقعة كما قام المعالج من قبل بنمذجة استخدام مهارات التجاوب ،ويجب أن يكون التدريب متعدد الأوجه ويشتمل على مجموعة من الأساليب العلاجية ،والتي تشتمل على تدريب على الكلام ،والمناقشة ،والنمذجة،وتعليمات للذات ،والتكرار السلوكي،والتعزيز.










    سادسا : التكنيكيات الواقعية
   22- تكنيك الإرشاد باستخدام القراءة
     Reading Therapy
 وتقوم هذه الطريقة على الاستفادة من الكتب والمؤلفات على اختلاف أنواعها فى مساعدة العميل على مواجهة مشكلته ،وتشتمل هذه الطريقة على الخطوات التالية:
1-يختار المعالج (المرشد) بعض الكتب التي تعكس حاجات العميل أو موقفه.
2- يقوم العميل بقراءة هذه الكتب.
3- فى أحيان كثيرة يقوم العميل بالتطابق (التوحد) مع الشخص الموجود فى المادة التي يقرؤها .
4- يستجيب العميل انفعاليا لما يقرؤه.
5- يناقش المعالج والعميل ما قرأه العميل وكيف كان رد فعله لما قرأه .
6- يكتسب العميل جوانب استبصار عن ذاته.
 7- وتتوقف هذه الطريقة على مجموعة من العوامل فى مقدمتها الهدف الإرشادي المتفق عليه بين المعالج والعميل ،ثم عمر العميل ،وكذلك المادة المكتوبة المتوافرة ،وإن أسلوب العلاج (الإرشاد ) باستخدام القراءة يمكن أن يساعد المعالج على الإجابة على كثير من تساؤلات العملاء .
 كما يوفر عليه الوقت الطويل الذي يقضية فى التعامل مع بعض جوانب المشكلات ،وهذا النوع من العلاج يحتاج إلى دقة بالغة وإلى تعاون بين المعالج وبين أمين المكتبة إذا كان العميل بالمدرسة ،وذلك لإعداد ومراجعة المواد التي يمكن استخدامها لهذا الغرض بحيث تكون مناسبة للعميل الذي يرشد لذلك من جميع النواحي
   23-تكنيك الإرشاد باستخدام الأنشطة
Activity therapy
  تعرف الأنشطة التي يقوم بها الفرد على أنها أما أنشطة ذهنية(عقلية) أو أنشطة حركية(بدنية) وكلتاهما ذا أهمية كبيرة فى العملية الإرشادية ،فهي وسيلة هامة مساعدة الأفراد على التعرف على قدراتهم وميولهم واتجاهاتهم ،كما أنها بيئة مناسبة تنمية طاقات العملاء وتفريغ الطاقات البدنية والانفعالية والذهنية،وفى مجال الإرشاد النفسي فى المدرسة أو الجامعة ،على المعالج (المرشد) أن يلجأ إلى الأنشطة الرسمية وغير الرسمية لممارسة الإرشاد الإنمائي والوقائي والعلاجي.
24-تكنيك الإرشاد بإتاحة المعلومات للعميل
Information therapy
 فى الكثير من الأحوال تكون المشكلة الهامة لدى العميل هي نقص أو عدم توافر المعلومات المناسبة التى يمكن أن يبنى عليها اختيارا من الاختيارات المتاحة أمامه،وفى مثل ذلك فأن المعالج يعتبر الموجه لعملية الحصول على المعلومات ، وفى هذه الآونة انفتحت الكثير من مصادر المعلومات مثل الإنترنت ،الستالايت ،والقنوات التعليمية المتخصصة ،والمكتبات العامة ،ومراكز الأبحاث العلمية المتخصصة .
 والذي يحتاج إليه المعالج (المرشد) هو: تحديد مدى الحاجة للعميل للمعلومات ، وتحديد المعلومات اللازمة، اختيار المعلومات المناسبة والتي تتوفر فيها شروط الدقة والحداثة،ثم عرض المعلومات على العميل فى صورة مناسبة ،والاستفادة من المعلومات فى تحقيق الأهداف العلاجية (الإرشادية).













سابعاً: التكنيكيات المعرفية
        Cognitive Methods
  25- تكنيك اتخاذ القرارات
 Decision Making
 وتتعلق هذه الطريقة بمشكلات الاختيار من قبل العميل فى مشكلة ما تتعلق بتغيير فى سلوكياته ،فإن ما يمر به الفرد هو حالة من التردد ،أو لنقل أنها حالة من الصراع الداخلي حول موضوعين أو أكثر بينهما تقارب كبير ،وكل من هذه الموضوعات له قوة جذب خاصة به.
 وللمعالج دور هام فى مساعدة الأفراد الذين يعانون من التأرجح بين عدد من البدائل دون قدرة على التحديد السريع ،وهو فى ذلك يتدخل بطريقة تعليمية تساعد العميل على تعلم كيفية اتخاذ القرارات فى مثل الموقف الذي جاء به إلى العلاج (الإرشاد) ومن أمثلة هذه المواقف ،اختيار المقررات الدراسة ،اختيار الشعبة الدراسية ،اختيار التخصصات الجامعية،والفرد بصفة عامة فى مقبل حياته يحتاج إلى أن يتخذ قرار حول الوظيفة، وحول الزوجة، وحول مكان السكن،والكثير من احتياجاته.
 وعملية اتخاذ القرارات مهارة يمكن اكتسابها أو تعلمها ، ويمكن تحسينها وتصحيحها،فالعميل هو الذي يستطيع أخذ القرار وإنما دور المعالج هو استبصار العميل بخطوات اتخاذ هذا القرار وتتحدد قرارات العميل فى أما قرارات شخصية ،أو مهنية،أو تعليمية.
 ويقرر  محمد محروس الشناوى(*)أنه "يمكن للمرشد أن يستفيد من أحد نماذج اتخاذ القرارات فى تدريب ا المسترشد" على هذا النحو:
نموذج كرمبولتز ،وثوريسونKrumboltz&Thoreson  (1976)  
 يتكون هذا النموذج من ثماني خطوات هي:
1- تكوين قائمة لكل التصرفات الممكنة (البدائل).
2- جمع المعلومات المناسبة عن كل بديل معقول من هذه التصرفات (البدائل).
3-تقدير احتمال النجاح لكل بديل على أساس من خبرة الآخرين وتوقعات المستقبل المستمدة من الواقع الحالي .
4- الأخذ فى الاعتبار القيم الشخصية التي يمكن أن تزداد أو تقل فى إطار إجراء من الإجراءات (بديل من البدائل).
5- وزن الحقائق وتقديرها ،والنتائج المتوقعة والقيم الخاصة بكل بديل.
6- استبعاد أقل البدائل رغبة فى الاعتبار.
7-إعداد خطة مبدئية للتصرف خاضعة للتطويرات والفرص الجديدة.
8-تقييم عملية اتخاذ القرارات على المشكلات الأخرى فى المستقبل".



   26- تكنيك العلاج المعرفي
  Cognitive Therapy
  هو أحد الأساليب الحديثة فى العملية العلاجية (الإرشادية)،ويعتمد أساسا على علم النفس المعرفي  Cognitive Psychology الذي يهتم بالعمليات المعرفية مثل الإحساس والإدراك ،والذاكرة،واللغة،والتفكير.
 ويعتمد العلاج المعرفي على دور العمليات العقلية (التشغيل المعرفي) بالنسبة للانفعال والسلوك ،حيث تتحدد الاستجابات الانفعالية والسلوكية الخاصة بشخص ما فى موقف ما عن طريق كيفية إدراكه ،وتفسيره ،والمعنى الذى يعطيه لهذا الحادث.
 والعلاج النفسي المعرف ينظر إلى الاضطراب النفسي على أنه ناتج من مجموعة من العوامل ،ويشير بيك1989Beck"أن الشخصية تعكس التنظيم والبناء المعرفي للفرد ،والذي يتأثر بالجوانب البيولوجية والجوانب الاجتماعية ،وفى حدود التشريح العصبي ،والكيمياء الحيوية للفرد ،فإن الخبرات التعليمية تساعد على تحديد ،كيف ينمو هذا الفرد وكيف يستجيب".
 وترتكز الأهداف الأساسية للعلاج المعرفي على تصحيح المعالجة الخاطئة للمعلومات ،ومساعدة المرضى على تعديل الفرضيات التي تبقى على السلوكيات والانفعالات غير التوافقية،وتستخدم الأساليب المعرفية لتحدى الأفكار المعطلة ولتطوير تفكير تكيفي أكثر واقعية ،ويهتم العلاج المعرفي بالتخلص من الأعراض التي تشتمل على سلوكيات المشكلة واختلالات المنطق ،ولكن هدفه النهائي هو إزالة التحيزات المنتظمة فى التفكير، وفى دينامية العلاج المعرفى يقوم المعالج بعملية تقدير وتصوير للمشكلة (التشخيص ) ويحدد مع العميل الأهداف ،وفى الحالات المرضية يأخذ المعالج دوره مباشرة .
 ويقوم العلاج المعرفي على ثلاثة مفاهيم أساسية وهى التجريب المشترك ،والحوار السقراطي،والاستكشاف الموجه، ففي التجريب المشترك "المتعاون" تكون العلاقة العلاجية أو الإرشادية تعاونية (متعاضدة) وتتطلب تحديدا مشتركا لأهداف العلاج،ويصبح المعالج والمريض باحثين مشتركين يمحصان الدليل الذي يؤيد أو يرفض الجوانب المعرفية للمريض ،ويستخدم الدليل الامبيرقى لتحديد ما إذا كانت هناك عمليات معرفية معينة تخدم أي غرض مفيد ،وتخضع الاستنتاجات الأولية للتحليل المنطقي،ويتعرى التحيز فى التفكير(التفكير المنحاز) مع زيادة وعى المريض بالمصادر البديلة للمعلومات ،وتدار هذه العملية كمشاركة بين المريض والمعالج مع زيادة دور أي منهما حب الحاجة.
 أما الحوار السقراطي ،فيقوم على تساؤل باعتباره أداة مفضلة فى العلاج المعرفي ،وتعتبر طريقة الحوار السقراطيSocratic Dialogue هي الطريقة المفضلة للتساؤل ،ويعد المعالج(المرشد)بعناية مجموعة من الأسئلة المتتابعة لينهض بالتعليم الجديد للمريض ،وهذه الأسئلة تهدف إلى :
1-توضيح وتحديد المشكلات    
2-المساعدة على التعرف على الأفكار ،والتخيلات ،والفروض.        
3-تمحيص معاني الأحداث بالنسبة للمريض.
4-تقدير نتائج الإبقاء على الأفكار والسلوكيات غير التكيفية.
 ويشمل الحوار السقراطي أن يصل المريض إلى خلا صات منطقية قائمة على أساس من الأسئلة التي وجهها المعالج ،ولا تستخدم الأسئلة كمصيدة للمرضى .
 وذلك لتوجهيهم إلى استنتاجات حتمية أو لمهاجمتهم وإنما تساعد الأسئلة المعالج على فهم وجهة نظر المريض وتوضع بحساسية بحيث يمكن للمرضى أن ينظروا لافتراضاتهم بشكل موضوعي وبغير دفاعية ،وفى الاستكشاف الموجه فإن العميل يعدل اعتقاداته أو أفكاره غير التكيفية ،ويعمل المرشد(المعالج) هنا كدليل يعين السلوكيات المشكلة والخطأ فى المنطق بإعداد خبرات جديدة (تجارب سلوكية) تؤدى إلى اكتساب مهارات ومنظورات جديدة .
 ومن خلال الطرق المعرفية والسلوكية ،فإن المريض يكتشف أساليب أكثر تكيفا للتفكير والسلوك، وهذا الاكتشاف الموجه يتضمن ألا يقوم المعالج بدفع المريض على أن يستخدم المعلومات والحقائق والاحتمالات للوصول إلى منظور واقعي.
   خطوات العلاج المعرفي:
  يبدأ العلاج بإعداد قائمة للمشكلات التي جاء بها المريض (الأعراض ) ثم يتدرج فى المرحلة الوسطى والنهائية إلى أنماط التفكير لدى المريض ،وتظهر الارتباطات بين الأفكار ،والانفعالات ،والسلوك ،بشكل رئيسي خلال فحص الأفكار التلقائية ،وهذه الأفكار تكون متاحة بشكل نسبى ،وكذلك مستقرة ،وتتيح الفرصة لممارسة مزيد من التفكير المنطقي ،وحالما يمكن للمريض أن يتحرى الأفكار التي تتداخل مع الأداء فإنه يمكن أن يأخذ فى الاعتبار الافتراضات الأساسية التي ولدت هذه الأفكار.
 وفى ختام الجلسات النهائية يكون هناك تركيز على الأساليب المعرفية أكثر من الأساليب السلوكية ،والتي ترتكز على المشكلات المعقدة،التي تشتمل على العديد من الأفكار المعطلة،وتكون هذه الأفكار فى الغالب أكثر عرضة للتحليل المنطقي عنها للتجريد السلوكي ...

.

















الفصل التاسع
المجالات التطبيقية للإرشاد النفسي





  تتعدد المجالات التطبيقية لأستخدم الإرشاد النفسي ،فها نجن على بدايات القرن الجديد وقد غمر التطور الحضاري والثقافي والاجتماعي والتكنولوجي على سلوك الإنسان بشكل لم يجد معه الإنسان إلا مواكبة هذا التطور والقليل منهم من لاحقه الشعور بالتأخر،وهؤلاء القلة هم الذين شعروا بالاغتراب ،وهم فى تعدادهم الإحصائي يشكلون رقما ليس بالقلة مما يؤثر فى التطور الاقتصادي والاجتماعي .
 فضلا عن فئات أخرى كان القدر يقف فى ظهورها بهذه الشاكلة التكوينية من أفراد نطلق عليهم الفئات الخاصة ،مثل الأطفال المتخلفين عقليا ،والآخرين الذين يعانون من الصمم ،وآخرين يعانون من فقدان البصر ،وغيرهم من أطفال هذه الفئات ولذا فلم يكن غريبا على علم النفس الإرشادي إن يمد يد العون للقائمين على شئون هؤلاء،وهؤلاء حتى يشعر الإنسان بقيمته عبر الزمان والمكان بأنه إنسان .
 وسوف نستعرض المجالات التطبيقية الذي يساهم فيها علم النفس الإرشادي على النحو التالي:
           أولاً: الاختيار المهني
 Professional Selection
 أصبحت المهن الحضارية من الدقة بحيث تتطلب استعدادت وكفايات خاصة ينبغي التأكد منها قبل أن توكل المهنة إلى من سيقوم بها ،ولذلك أخذ بمبدأ الاختيار المهني عند الترشيح لمهنة جديدة،وقد لا يكتفي بهذا الاختيار بل يضاف إليه ضرب من التوجيه المهني استكمالا للاستعداد للمهن الدقيقة،ولهذا التوجيه مراكز ومعاهد خاصة.
 ويلاحظ فى عملية الاختيار المهني إنها تعتمد على اختيار وظيفة ما تتطلب طاقات جسمية واستعدادت ذهنية معينة ،ويقصد به أساسا استبعاد من لا يصلحون للمهنة ،وفى التوجيه يعنى بإعداد مهارات خاصة لا يمكن بدونها أداء المهنة على الوجه الصحيح،وإلا فات الغرض المقصود من التوجيه
ويلعب الإرشاد النفسي دورا هاما فى هذا المجال وذلك على محورين وهما:
المحور الأول:
 الأفراد الذين يرغبون مهن ما ولا يستطيعون الدخول فيها نظرا لضالتهم الطريق إليها ،أو الأفراد الذين يرغبون مهن ما ثم لا تؤهلهم قدراتهم واستعداد تهم للعمل بها ،الأمر الذي يقلل من تعرضهم للإصابات الجسمية،وأيضا العمل على المحافظة على الاقتصاد القومي الذي يقوم على الدعامة الأساسية له وهو الإنسان.
المحور الثاني:
 وهو يعتمد فى جوهره على النظام الاقتصادي السائد فى المجتمع ،وفى ذلك يساهم الإرشاد النفسي فى الحد من نظام التكدس الوظيفي فبناء على دراسة احتياجات السوق الاقتصادي لطبيعة المهن المعينة ،وعن طريق وضع خطة قومية تهتم التحليل القدرات الفعلية من إمكانيات بشرية وتجنب مادون ذلك يستطيع علم النفس الإرشاد المساهمة فى رفع وتحسن المستوى الاقتصادي القومي .
والمرشد النفسي ينحصر عمله فى ذلك فى تحليل القدرات العقلية والسلوكية والمهنية لمهنة ما وإلحاقها بالشخص القادر عليها والذي تتوفر فيه خصائص هذه المهنة،ونجد مجالات المرشد هنا فى المصنع ووزارة القوى العاملة ،والقوات المسلحة"الانتقاء والتوزيع"،وفى الشركات المهنية والتجارية الاستثمارية…الخ.



ثانياً:التوجيه المهني
     Vocational Guidance                 
 ويقصد بها العملية التي يتم بها اختيار أنسب عمل لغرد معين ،فلو أتانا فرد يريد التوجيه المهني ،فإننا سنجد أمامنا العديد من الأعمال آتى يمكن أن يعين فيها ،لكن من بين هذه الأعمال توجد أعمال أكثر مناسبة له بحيث نتوقع له فيها نجاحا أكثر ،بينما توجد أعمال أقل مناسبة بحيث نتوقع له فيها فشلا،أو نجاحا أقل.
ومن ثم تكون مهمة التوجيه المهني هي معرفة أنسب الأعمال للفرد وتوجيهه إليها ونصحه بالعمل فيها .
 ويتم التوجيه المهني بشكل علمي بناء على تحليل الأعمال التي يمكن التوجيه إليها لمعرفة ما يتطلبه كل منها من استعدادت عقلية وذهنية ومعرفية ومن خصائص شخصية،هذا من جانب ومن جانب آخر تحليل الفرد طالب التوجيه لقياس استعداداته وخصائصه المختلفة،ثم توجيهه إلى العمل آذى يتناسب فى متطلباته مع خصائص هذا الفرد.
 ودور المرشد النفسي هنا نجده هام وحيوي بالنسبة لكل من الفرد والمهنة على حد سواء ،وهناك ميادين كثيرة تحتاج للتوجيه المهني (مثل المصانع،القوات المسلحة،دور التربية الفكرية،ومستشفيات الصحة النفسية"العلاج بالعمل "،والمرشد النفسي يستخدم فى توجيهه المهني أدواته النفسية الخاصة بتحليل القدرات العقلية ،وطرق تحليل العمل واختبارات الشخصية وما إلى ذلك حسب طبيعة الفرد والمهنة المرشح له "المختارة" …الخ.
 
     ثالثا :التوجيه التربوي
       Educational Guidance
 ويقصد به العملية التي يتم بها اختيار أنسب أنواع التعليم للطالب ونصحه بالالتحاق به ،ويتم ذلك بأسلوب علمي حيث يأتى طالب التوجيه إلى الأخصائي النفسي(المرشد النفسي) الذي يقوم بدراسة استعداداته العقلية والشخصية المختلفة"عن طريق القياس النفسي عادة والمقابلة الشخصية" ويوجهه إلى نوع التعليم الذي يتفق وهذه الاستعدادات التي يتمتع بها الطالب، والتوجيه التربوي بهذا المفهوم يقابل التوجيه المهني بالنسبة لطالب العمل،كما أنه يعتبر نوعا من الإرشاد التربوي.
ويلعب الإرشاد النفسي دورا هاما فى العملية التربوية على مستويات متعددة منها:
1-فقد نجده فى البدايات الأولى المدرسية مع الأطفال  فى مرحلة ما قبل المدرسة (الحضانة) فيكون دور المرشد النفسي هنا هامة وتقوم بصفة أساسية فى تقييم القدرات العقلية للتلاميذ ،والوقوف على الحالات العقلية واكتشاف الأطفال الذين يعانون من تأخر فى النمو العقلي ،وتكون أدوات المرشد النفسي هنا اختبارات الذكاء مثل اختبار ستانفورد بينيه "الصورة الرابعة" الخ .
2- وعندما يتقدم الطفل فى سنواته التعليمية الأولى نجد أن المرشد النفسي يولى اهتماماته الأولية فى تقييم القدرات التحصيلية للتلميذ وحل المشكلات التي تعوق تقدم التلميذ فى التحصيل الدراسة كما أن المرشد النفسي لا يقف عند هذا الحد فقط بل أنه مسئول عن حل مشكلات النمو السلوكية للتلميذ (مثل البوال –قضم الأظافر –الكذب-الهروب-الاضطرابات السيكوسوماتية فى الطفولة-الغياب-)والعمل على رصد حركة تفاعلاته الاجتماعية وسط أقرانه
            رابعاً: الإرشاد التربوي
Educational Counseling.
 ويقصد به مساعدة التلميذ أو الطالب فى حل مشكلاته التوافقية وعلاجها ،ومعاونته فى ذلك "سواء كانت هذه المشكلات داخل المدرسة أو الكلية أو خارجهما".
 ويتم ذلك عن طريق الدراسة العلمية لهذه المشكلات وفهم أسبابها وعواملها ومعاونة الطالب وإرشاده وتوجيهه وتبصيره بأفضل وسائل مواجهتها والتغلب عليها،والاشتراك معه فى علاجها .
ويستخدم المرشد النفسي كل ما يستطيع من أساليب وتتاح له من وسائل لتحقيق هذا الهدف ،أما إذا كانت المشكلة التوافقية لدى الطالب قد وصلت إلى مرحلة المرض النفسي.
فعند ذلك يقوم المرشد التربوي بتحويل الطالب إلى المعالج النفسي المختص،حيث يحتاج الأمر فى مثل هذه الحالات إلى معالج نفسي متدرب وخبير فى علاج الأمراض النفسية حيث تضرب جذورها فى أعماق الشخصية وتهز كيانها بأكثر مما تفعل ما نطلق عليه بالمشكلات التوافقية،حيث تعتبر هذه الأخيرة مجرد مشكلات خفيفة الحدة،قريبة الجذور،والإرشاد التربوي هنا يقابل ما يعرف بالإرشاد المهني بالنسبة للعاملين.
 ودور المرشد التربوي ليس فقط فى المدرسة وإنما يمتد إلى الجامعة وداخل المدن الجامعية ،بل وفى أنشطة الطلاب ،ولا يقتصر الأمر على المرشد التربوي فقط فمن الممكن أن يكون أستاذا بالمدرسة أو الجامعة وعليه الإلمام بدور رسالته العلمية والتربوية الإرشادية كذلك.
       خامساً:الإرشاد المهني
      Vocational Counseling
 ويقصد به مساعدة العامل فى حل وعلاج مشكلاته التوافقية داخل العمل وخارجه وذلك عن طريق دراسته وإسداء النصح إليه وتنويره وتبصيره بأنجح الطرق لمواجهتها والتغلب عليها ،والاشتراك معه ما أمكن فى علاجها.
 ويستخدم المرشد المهني كافة ما يستطيعه من أساليب للنجاح فى مهمته سواء كان المقابلة أو الملاحظة أو الاختبارات النفسية أو تحويل العامل إلى متخصصين يفيدونه فى التغلب على مشكاته التي تؤثر على إنتاجيته فى العمل وتوافقه النفسي المهني.
  سادساً:الإرشاد الزواجى
  Marriage Counseling
 ونعنى به عملية التوجيه والنصح وعلاج للمشكلات المتعلقة بإقبال الشباب على الزواج ،أو بالرجال والنساء المتزوجين فعلا،وذلك بغرض التشجيع على الزواج وإزالة معوقاته وتقوية الدافع إليه ،أو بهدف حل المشكلات والخلافات التي تقابل المتزوجين فعلا،وتهدد استمرارهم أزواجا سعداء،أو تنذر بانفصالهم.
 وعيادات الإرشاد الزواجى منتشرة فى بلاد العالم المتقدم ،وبدأت تعرف حديثا فى بعض الدول النامية،ويمكن اعتباره بصفة عامة نوعا من الإرشاد النفسي متخصصا فى مشكلات الزواج والأزواج.
 وعملية الإرشاد الزواجى تنقسم إلى نوعين من الاتجاهات:
الاتجاه الأول:
  وهو خاص بمرحلة ما قبل الزواج (مرحلة الاختيار)من جانب الجنسين كل لبعضهما، ولقد كان مجتمعنا المصري قبل قليل من الزمان لا تنطبق فيه هذا النوع من الإرشاد نظرا لأنه يحكمه السلوك القدري القائم التواكلية ،وبعدما انتشرت الأمراض الزواجية بصورة ارتفع معها معدلات الطلاق جعل الكثير يفكر فى عملية الاختيار العلمي النفسي لشريك العمر القادم وأصبحت مكاتب "عيادات " الاستشارات الزواجية (الفحص ما قبل الزواج تتم بحرية تامة دون أن يكون هناك حرج منها).
 فلو كانت فتاة ما مقبلة على الزواج من شخص تعرفه موضوعا خارجيا وشكليا دونما أن تكون على علم بما يكنه من سلوكيات تتنافر معها العشرة الزواجية مثلا(يكون مدمنا للمخدرات ) وهى لا تعرف ..أو ..أو…الخ أو العكس بالعكس صحيح .، فهل ستكون حياتها الزواجية سعيدة فيما بعد ..وهكذا فلقد سهلت هذه المراكز الاستشارية الكثير من النصيحة الإرشادية لكي تعمل على استقرار الأسرة المصرية والإنسان عموماً.
الاتجاه الثاني:
  وهو يختص بالعلاج النفسي الأسرى (المشكلات الزواجية بعد الزواج ) وهى متعددة ولكل حالة طبيعة فردية خاصة ناتجة من مجهلة كل من الزوجين بذاته والآخر وإعطاء الفرصة للضغوط الخارجية أن تدخل فى الغلاف المحيط بكل منهما دونما وعى بأهداف الأسرة والعمل على تحقيقها وعدم فهم كل من الطرفين للآخر.
 والمرشد النفسي فى ذلك عليه أن يساعد طرفي الأسرة (الزوج والزوجة) فى التعرف بطبيعة مشكلاتهما وأهدافها والعمل على حلها وفض الصراعات النفسية بينهما ،وغنى عن البيان أن أمراض الأسرة النفسية تؤثر وبصورة مباشرة على الأطفال من الناحية الصحية والنفسية والاجتماعية.
      ثامنا :الإرشاد النفسي الأسرى
Family Counseling    
 ويقصد به الإرشاد داخل البناء الأسرى ،والأسرة بطبيعة الحال مكونة من كل من الأب والأبناء سواء كانوا ذكور أم أنا ث وشبكة التفاعلات النفسية الاجتماعية بينهم جميعاً،فكثيراً ما تواجه الأسرة سلوكيات من جانب الآباء أو الأمهات أو الأبناء تؤثر مباشرة فى استمراريتها وتعوق نموها من ذلك مثلاً(السلوكيات المنحرفة لأحد الوالدين مثل (تعاطى المخدرات أو الانحرافات الجنسية أو الانحرافات السلوكية المتمثلة فى الرشوة والكذب..الخ ) وهذه بدورها تؤثر مباشرة فى درجة نماء أفراد الأسرة من الناحية النفسية لافتقادهم القدوة أو الأنموذج لهم  .
 ومن جانب ثاني فإن طبيعة التربية للوالدين تساهم فى تنشئة الأطفال النفسية سوية أم لا.،فلو أتسم أحد الوالدين بالشدة أو التساهل أو الجمود أو البرود العاطفي لأثر ذلك مباشرة على البناء النفسي للأبناء.
 وكذلك فإن اتسم الوالدين بأسلوب التفضيل للأولاد من ناحية الجنس (الولد أحسن من البنت أو العكس ) يؤدى ذلك أيضا إلى تداخل الأساليب اللاسوية فى حياة الأبناء ،ولذا فإن استقرار البناء النفسي للأسرة يتحدد بدرجة واضحة بناءا على تحديد الأهداف للأسرة ،وأداء كل فرد منها دوره جيداً.
 وغنى عن البيان أن هناك أمراضا نفسية وبيولوجية تعانى منها الأسرة ويجب على المرشد النفسي العمل جاهدا ًعلى أن يقدم الحلول الممكنة لمساعدتهم ومن هذه الأمراض البيولوجية (مرض ضغط الدم-مرض السكر-مرض الإيدز-..الخ)،أما الأمراض السلوكية النفسية فتتمثل فى(السلوكيات اللاسوية كالانحرافات –والكذب ..الخ).
     تاسعاً:الإرشاد النفسي للأطفال
   Counseling for Children
 الطفل يعد من أهم اللبنات الأساسية والتي يساهم فى تشكيلها الإرشاد النفسي، ومنذ بداية تكوينه يلعب الإرشاد النفسي دوراً فى صياغته بيئيا ،فإذا كان الإرشاد النفسي للوالدين فى مرحلة الزواج الأولى يحمل معه تبعات إرشادية بما يجب أن تفعله الأم لتكوين جنين خالي من التشوهات الخلقية مثل (منعها من تعاطى الأدوية دون استشارة طبية،أو تعرضها لأشعة فى فترة الحمل أو منعها من التدخين أو تعاطى الكحوليات أو المخدرات ) كل ذلك يشير إلى تأثير الإرشاد النفسي على تكوين الطفل وهو جنينا.
وبعد ولادة الطفل مباشرة فإن هناك دورا أساسيا للإرشاد النفسي له ويتمثل فى إمداد القائم على تربيته سواء كانت الأم أو الأم البديلة بالمعلومات النفسية لمراحل النمو النفسي جسمي للطفل فى كل مرحلة عمريه يمر بها منذ الميلاد وحتى مرحلة المراهقة.
إلا أن هناك متلازمات نفسية يعانى منها الطفل فى فترات نمائه ونذكر منها على سبيل المثال:
1-ترتيب الطفل فى الأسرة.
  الطفل الأخير:
  تشير الدراسات أن الطفل الأخير يشعر بأنه أقل قوة،وأقل نموا وأقل قدرة على التمتع بالحرية،والثقة ممن هم أكبر منه ،وزيادة على ذلك فإن الوالدين يعاملانه عادة على أنه طفل ،ولو لمدة أطول من المدة التي عومل فيها من أتى قبله على أنه كذلك.
 ولذلك فهو ينشأ مدللا شاعرا بنقصه ،وقد يترتب على ذلك إما تعويض ناجح لهذا الشعور بالنقص أو تعويض غير ناجح ،ولهذا فإننا نجد أن عددا كبيرا من الحالات بينها الطفل الأخير.
الطفل الوحيد:
 ويشبه الطفل الأخير إلى حد كبير الطفل الوحيد أو الشبيه بالوحيد ،فالطفل الوحيد يحاط برعاية أكبر بكثير من حاجته ،ولا يختلط بمن فى سنه اختلاطا يؤدى إلى احتكاكه معهم فى المصالح على قدم المساواة احتكاكا كافيا يؤدى إلى صقله وتعويده العطاء كما تعود الأخذ،لذلك ينشأ الطفل الوحيد غالبا مؤمنا حق الإيمان بحقوقه ،ولكن لا يشعر كثيرا بواجباته ،وينشأ بسبب هذا غير قادر على التعامل الناجح فى الحياة .
 أما الطفل الشبيه بالوحيد فهو الطفل الذي يعيش مدة طويلة منفردا بمركز ممتاز جدا فى الأسرة ،وهذا يحدث فى حالة طول الفترات الواقعة بين طفل وأخر،وقد تكون الفترة طويلة بالطبيعة أو بالقصد أو بسبب الوفيات بين طفل وأخر.
  عاشراً :الإرشاد النفسي والفئات الخاصة.
 تفيد اختبارات الذكاء فى الكشف عن الأطفال الذين يعنون من الضعف العقلي وتتحد قيمة اختبارات الذكاء على هذا النحو:
1- التعرف على الأطفال ضعاف العقول وفصلهم عن الأسوياء.   فى كل طبقة من طبقات أي مجتمع هناك أفراد ليس لديهم القدرة على تدبير أمورهم بالصورة الفطنة المألوفة، وعاجزون عن أن يصبحوا مستقلين عن غيرهم من الناحية الاقتصادية. وحتى ما يتعلمونه يعجزون عن الاستفادة منه فى حياتهم مما يعرف بالضعف العقلي، ولما كانت نسبة الذكاء تعطى قياساً تقريبياً لذكاء الفرد النسبي ومستوى أدائه العقلي، فإنها تستخدم على نطاق واسع فى تشخيص الضعف العقلي.
  ويعتبر الأشخاص الذين تقل نسبة ذكائهم عن 70 أو 75 ضعاف عقول. والضعف العقلي فى تعريفه العلمي هو "العجز عن أن يعنى الفرد فى المجتمع الذي يعيش فيه".





ويشير الجدول التالي إلى نسب توزيع الذكاء فى مقياس ستانفورد بنيه للذكاء (الصورة الرابعة).
 
نسبة الذكاء    %    التصنيف    نسبة الذكاء    %    التصنيف       
متوسط منخفض بيني
ممتاز جداً                  
160 - 196    0.03        80 - 90    14.5           
150 - 159     0.2        70 - 79    5.6           
140 - 149    1,1        60 - 69    -,2           
أعاقه عقلية
130 - 139    3.1             ممتاز    50 - 59    0.4           
متوسط مرتفع                     
120 - 129    8.2        40 - 49    0.2           
110 - 119    18.1        30 - 39    0.03           
متوسط                      
100 - 109    23.5                       
90  -  99    -,23                    

ويوضح الجدول التالي بيان بمستويات التخلف العقلي.
فى كل من مقياس وكسلر بلفيو للذكاء، وستانفورد بنييه للذكاء وتوزيعها فى المجتمع بعامة، ومجتمع المتخلفين عقلياً بخاصة.
 
مستوى التخلف    نسبة الذكاء وكسلر (4-15)    نسبة الذكاء ستانفوردبنييه    النسبة المئوية فى مجتمع المتخلفين عقلياً    المجتمع بعامة       
ضعيف Mild    69 - 55    68 - 52    80 - 9    2.14       
معتدل Modrat    54 - 40    6 - 12    6 - 12    0.13       
شديد     Sever    39 - 25    3.5 - 7    3.5 - 7    0.003       
بالغ الشدة Profound    24 - فأقل    19 - فأقل    -,1 - 1.5    0.0003    
  ويجب التمييز بين ضعاف العقول والذهانيين (وهم المرضى العقليين)، فضعيف العقل يولد بنسبة ذكاء محدودة، لا يستطيع تجاوز الضعف العقلي والوصول إلى مستوى من الذكاء المتوسط. أو حتى الأقل من المتوسط، ولكن ما يمكن القيام به هو محاولة تدريبه على ممارسة الحياة اليومية وحماية نفسه من الأخطار.
  أما الذهانى فهو شخص لديه اضطراب انفعالي شديد، قد يكون مصحوباً بتدهور فى القدرة العقلية أو الذكاء العام وذلك لانفصاله عن الواقع وازدحام عقله بأمور بعيدة عن الواقع مما قد تؤدى إلى انخفاض نسبة ذكائه كما يتضح فى الأداء على اختبار الذكاء.
 كما يختلف الضعف العقلي عن التأخر الدراسي، رغم أن الضعف العقلي يؤدى إليه، أي يكون سبباً فى التأخر الدراسي، ولكنه لا يعد السبب الوحيد له، فليس بالضرورة أن يكون التأخر الدراسي راجعاً إلى التخلف العقلي (الضعف العقلي)، لأنه قد يعود إلى أسباب أخرى تتعلق بالبيئة التي يعيش فيها سواء كانت منزلاً وأسرة أو مدرسة ومعلمين أو أسباب شخصية كثيرة ومتعددة. ويعد نقص الذكاء أو انخفاضه أحد أسباب التخلف الدراسي.
 ولقد وضع علماء النفس تقسيم يوضح فئات (الضعف العقلي) التخلف العقلي على هذا النحو:
(1) المعتوهون Idiots         =     التخلف العقلي الشديد Sever :
 تقل نسبة ذكاء الأشخاص الذين يقعون فى هذا القسم عن (25) درجة وهم ضعاف فى نموهم الاجتماعي وعاجزين عن القيام حتى بأسهل الأعمال وتشيع العيوب الحسية والعجز الحركي فى هذه الفئة  بجانب الخلل الفسيولوجى والحساسية الشديدة للمرضى. ولا يستطيع المعتوه حماية نفسه من الأخطار ويتخاطب بطريقة بدائية ونسبتهم حوالي 0.1% من أفراد المجتمع.  
(2) البلهاء Imbeciles     = التخلف العقلي المتوسط Modrat :
 وتتراوح نسبة ذكاء هؤلاء الأشخاص بين (26)، (50) درجة، وقد يصلون فى نضجهم الاجتماعي إلى مستوى يعادل سن الرابعة، وعلى الرغم من عدم قدرة هؤلاء الأشخاص على الاستفادة من التعليم العادي، فإن كثير منهم يقدرون على وقاية أنفسهم من الأخطار العادية، وعلى تعلم الأعمال السهلة.
 ومن النادر أن نستطيع تعليمهم القراءة والكتابة ولكن يستطيع بعضهم الكلام مع تحكم معقول فى اللغة، ومن الناحية الجسمية فأنهم فى العادة يعانون عيباً أو شذوذاً جسمياً مزمناً، ونسبة هؤلاء حوالي 0.6% من أفراد المجتمع.
(3) المورون Morons =         التخلف العقلي البسيط Mild :
 ويمثل هؤلاء الأفراد أعلى مستويات الضعف العقلي، ويصل متوسط ذكائهم بين (51)، (75) درجة، و ينبغي توجيههم لأنهم لا يتحملون المسئولية، ويمكنهم أن يستفيدوا من التعليم الابتدائي (وفى بعض الحالات يصلون إلى مستوى الصف الرابع أو الخامس) وبالرغم من وجود بعض العيوب الجسمية، فإنه يمكن إلحاقهم بالأعمال التي تتطلب قدراً من الذكاء.
 وتتبنى هيئة الصحة العالمية، تصنيف الضعف العقلي السابق الإشارة إليه فى ضوء نسب الذكاء التقليدية، ولكنها استخدمت بدلاً من العته والبله والمأفون مصطلحات التخلف العقلي الشديد والتخلف العقلي المتوسط، والتخلف العقلي البسيط بالترتيب السابق، وتوصف أعمارهم العقلية على النحو التالي :
 الفئة الدنيا  أقل من ثلاث سنوات (عمر عقلي).
الفئة الوسطى  من 2 - 7 سنوات (عمر عقلي).
الفئة البسيطة  من 8 - 12 عام (عمر عقلي).

     أنواع الضعف العقلي.
وينقسم الضعف العقلي إلى نوعين.
(1) ضعف عقلي أولى (وراثي) .
 وأغلب حالات الضعف العقلي وراثيه، ولا ترجع هذه الحالات إلى الإصابة العضوية للمخ أثناء الولادة أو تعرض الأم الحامل لبعض الأمراض أو المتغيرات البيئية.
 (2) ضعف عقلي ثانوي.
 وهو ضعف عقلي ناشئ عن ظروف بيئية ابتداء بالبيئة الرحمية، كأعراض داون Downs Syndrome، أو المنغولية Mongolism.، كما هو شائع حيث يتكون الفرد من 47 كروموزوم بدلاً من 46 كما هو المعتاد.
 ويعتقد البعض أن سبب هذا الشذوذ قد يرجع إلى البيئة الأولى للجنين داخل الرحم، ويمكن التعرف على الأطفال الذين يعانون من هذا المرض عند الميلاد من خصائص مظهرهم، حيث تكون العيون على شكل اللوز. وتكون رؤوسهم مستديرة كما قد تكون الحصبة الألمانية و أصابة الأم الحامل بها سبباً فى الضعف العقلي وأيضاً عامل Rh وهو مرض دموي يصيب الوليد، حيث يكون فيها مدة حياة خلايا الجنين قصيراً، نتيجة فعل جسيمات مضادة، وأطلق عليها هذا الاسم لأن التجارب الأولى أجريت على قرود ريزوس Rhesus Morvkeys وقد يتسبب هذا العامل فى الضعف العقلي.



 حادي عشر: الإرشاد النفسي والأمراض النفسية
 الأمراض والاضطرابات النفسية
 إن مستوى الصحة النفسية يعتبر جانبا مهما من جوانب بشخصية الفرد فالصحة النفسية . والصحة النفسية أمر نسبى ولكن لا نجد صحة نفسية كاملة عند شخص فإن اخطر الصحة النفسية لفرد انعكس ذلك على أفعاله ونشاطه وكل علاقاته مما يؤدى إلى  عدم التوافق الاجتماعي بل ويصل الأمر  به إلى الجنون والانتحار .
مظاهر الاضطرابات النفسية ( الأعراض )
1 –اضطرابات الإدراك :
 إدراك أشياء لا وجود لها فى الواقع الفعلي مثل الهلاوس ويحس فيها الفرد أحاسيس ليست منبهات حقيقية كأن يحس بأن شخصا يناديه ويحدثه ويسمع صوته ويراه :  ويكون المريض مصدقا لكل ما يحس به وإدراك سوء التأويل نوع من اضطرابات الإدراك أيضا وهو أنه توجد أشياء فى الواقع لا ندركها الشخصية كما هي عليه فعلا بل تدركها محرفة بحيث يتفق هذا التحريم مع حالتها النفسية مثل الإنسان المتشكك الذي يفسر سلوك الناس على أنهم يخفون نوايا سيئة نحوه فيفسر سلوك من يعاديه على أنه موجه ضده كتقديم كوب شاي يعتبره سما 00 إلا أن الأصحاء لديهم سوء تأويل وليس مرضيا ولكنه ناتج  عن ضعف الحواس وعن قوانين الطبيعة ( الانكسار ) .
2 – اضطرابات التفكير وأنواعها :
أ – الهذاءات  :
 تسلط أفكار غير واقعية ولا مقنعة مع ما هو عليه الفرد من مستوى عقلي واقتصادي أو سن 00الخ وهو عبارة عن معتقدات يعتقدها المريض رغم ما فيها من سخف  ولا يمكن إقناعه بفساد هذا الاعتقاد ( اعتقاد بعض المرضى أنهم أنبياء أو شخصيات تاريخية ) .
ب – الوسواس :
 يعتقد الفرد أن الفكرة التي تراوده وتتسلط عليه فكرة غير صحيحة وتتسلط عليه ولا يملك منها قرارا ( تلح أحيانا على الأم فكرة وقوع حادث لأبنها طوال بقائه خارج المنزل وتقلق على ولدها إلى أن يعود .
ج – التدهور العقلي : يصاب الاستعداد العقلي للمريض بالتحلل والاضمحلال والنقص المستمر
د – خلط التفكير وغرابته : انتقال الفرد من فكرة إلى فكرة انتقال مفاجئ دون وجود رابطة منطقية من أفكاره .
هـ – اضطراب الذاكرة : قد يفقد المريض ذاكرته كلية 00 وقد يفقدها بحادثة جزئيا إذا تعلقت ذاكرته بموقف معين مؤلم حينما يقي جوانب ذاكرته الأخرى سوية.
3 – اضطرابات الانتباه وأنواعها :
أ – سهولة تحول الفرد من موضوع لآخر بالرغم من محاولة تركيز انتباهه على الموضوع الأول
ب – حالة تبلد الانتباه
ج – الهذيان والذهول ويقللان من قدرة الفرد على الانتباه للواقع ويصاحبهما 0 هذيان والذهول هياج وتخيلات
د – يبلغ اضطراب الانتباه أقصى درجاته فى الغيبوبة


4 – اضطرابات الانفعالات :
 هو عدم مناسبة الانفعال سواء من حيث شدته وأنواعه للموقف الذي يعايشه الفرد وأنواعها :
1 – اضطراب هوسي : يبدو فيه الشخص مرحا متفائلا سعيدا دون ما يكون هناك ما يستوجب هذا
2 – اضطراب مناقض : وهو الاكتئاب وفيه يبدو الشخص حزينا مهموما بكاء متشائما 000 مفكر فى الانتحار .وقد يتناوب الاضطراب الهوس والاكتئاب حالة الإنسان بالتناوب
3 – البلادة الانفعالية .
5 - انفعالات السلوك وشذوذه :
  أن انحراف السلوك وشذوذه عن المألوف يعتبر من مظاهر الاضطراب النفسي للشخصية وهذا يدخل تحته الشذوذ  الجنسي -  اللعثمة واضطرابات النطق والكلام وارتعاش اليدين أو الساقين أو عضلات الوجه . وإتيان أفعال حركية لا معنى لها ولا فائدة ز ومع ذلك نجد الإنسان إتيانها ولا يستطيع التخلي عنها .
6 – أعراض جسمية :
 هناك من الاضطرابات من يتخذ الجسم مظهر للتعبير عنها فيصاب العضو الجسمي بالمرض نتيجة الاضطراب النفسي ويندرج هذه الأعراض تحت  نوعين كبيرين : -
ا – الهستيريا التحولية :
 ويندرج  تحت هذا النوع الأعراض التي تتمثل فى فقدان العضو القدرة على ممارسة وظيفته دون إصابة تشرعيه به أو فى مراكز الدماغ أو أي شئ يتعلق بالجسم مثل شلل الأطراف الهستيري أو فقدان العضو الجنسي قدرته على ممارسة الجنس .
ب – الأمراض السيكوسوماتيه: هي أمراض جسمية تنشأ بسبب نفس ويحدث فيها تلف فى البناء التشريحي  للعضو المريض بحيث  يمكن للأشعة أو التحاليل اكتشاف هذا التلف 000 إلا أن العلاج البطيء وحده لا يفلح فى شفاء المريض بل لابد من اقترانه بالعلاج النفسي حتى يعالج السبب الأصلي للمرض ويندرج تحت هذا ( بعض السكر وحفظ الدم – بعض قرح المعدة و الأثنى عشر – أنواع الصداع – الحساسية ) .
       تصنيف عام للاضطرابات النفسية
1 – الأمراض العصابية   2 – الأمراض الذهانية    3 – الأمراض السيكوباتية
4 – الأمراض السيكوسوماتيه .

أولا : الأمراض العصابية
1 – الهستيريا :
 مرض نفسي متشعب الأعراض ومتعدد الأنواع فمنها :
 أ – الهستيريا التحولية وتحدثنا عنها
ب -  الإغماء الهستيري المتمثل فى نوبات يفقد فيها المريض وعيه وقد يتصلب جسمه أو يهذى بكلمات لا معنى لا.
 ج – التجوال النومى : المشي أثناء النوم وإنجاز أعمال  والفرد فى حالة نوم .
د – تجوال لاشعوري : يتمثل فى فقدان المريض لذاكرته فترة طويلة
هـ – تعدد الشخصية : فيعيش المريض فترة  فى شخصية معينة وفترة فى شخصية أخرى وغالبا  لا يتذكر المريض الشخصية التي سبق أن عاشها .
2 – الخواف المرضى :
 هو خوف من موضوع أو شئ أو موقف لا يستثير عادة الخوف لدى عامة الناس ومن هنا اكتسب طابعه المرضى ( الخوف من الأماكن المفتوحة –المغلقة 000الخوف من الأماكن الفسيحة والعالية . ومريض الفوبيا لا يظهر عليه الخوف والفزع إلا إذا ظهر موضوع خوفه أمامه وتختلف درجة الخوف عند مرض الفوبيا 000 أحيانا خوف  قوى – خوف ضعيف .
3 – الوسواس القهري:
 أفكار تراود المريض وتعاوده أو تلازمه دون أن يستطيع طردا أو التخلص منها بالرغم من شعوره بالاستياء منها .. وهذه الأفكار تشغل بال المريض وتظل بدون تغيير أو قد يختفي وتحل محلها فكرة أخرى حتى تعود الأولى وهكذا 000 وقد تجتمع أكثر من فكرة وسواسية فى نفس الوقت.
4 – الحواز :
  عبارة عن قيام المريض بأفعال حركية رتيبة جامدة على نمط واحد لا تحقق له فائدة وليس لها معنى منطقي لدى المريض أو الغير . وإذا كان المريض يلتمس لها أسبابا مثل المريض الحوازى الذي يغسل يديه عدة مرات خوفا من الجراثيم يجاهد الحوازى نفسه بنفسه ليمنعها من إتمام الفعل الحوازى لاقتناعه بعدم جدواه وعدم منطقيته .
ولكنه يفشل ويستسلم للدافع الداخلي الذي يطلب منه إتمام الفعل الحوازى ( قيام الفرد عدة مرات من سريره قبل الاستغراق فى نومه للتأكد من أن باب الشقة مغلق  عد درجات السلم وهو صاعد – تفتيشه داخل الحجرة قبل أن يخرج ) ويختلف الحواز عن الوسواس فى أن الحوازى حركي والوسواس فكرى ويتشابها فى طابعهما.
5 – توهم المرض :
 وهو أن المريض يتوهم إصابته فعلا بمرض أو أمراض معينة أو استعداده للإصابة السريعة بمرض وهو دائم التخوف ومنشغل جدا بصحته . فإذا مرض بمرض ضعيف بسيط وشفى يعاوده الخوف من المرض مرة ثانية .
6 – الوهن النفسي  ( النيورستانيا ) : ويقصد إحساس المريض بالتعب والإرهاق ونقص الحيوية ويشمل الأنواع التالية من  الظواهر المرضية :-
1 – اضطرابات فى الحساسية : صداع متصل – منقطع وأوجاع متصلة وحساسية مفرطة .
2 – اضطرابات حشويه ومعوية : ارتخاء فى الأمعاء – تقلصات المعدة – اضطراب فى الإفراز المعوي – الإمساك .
4 – ضعف جنسي متفاوت
5 – اضطراب تنفسي – ربو كاذب
6 – اضطرابات عصبية نفسية متنوعة : صعوبة البدء فى العمل وتشتت الانتباه والتركيز – رجفة قلق – اكتئاب .


7 – القلق العصابى :
 غالبا ما يصاحب القلق الأمراض النفسية – إلا أن القلق العصابى الذي يكون هو العرض الوحيد الذي لا يتطور إلى مرضى نفسي فيظل المريض خائفا منكل شئ ومن لا شئ فى نفس الوقت ويظل يبحث عن شئ يبرر به  خوفه ويربطه به : ويكون قلقه وخوفه أكثر مما يتطلبه الموقف ( الطالب فترة الامتحانات – الانشغال بانتظار النتيجة )
8 –الاكتئاب العصابى :
  يسيطر على صاحبه حالة من الهم والحزن والانصراف عن الاستمتاع بمباهج الحياة والرغبة فى التخلص من الحياة . ويجئ هذا الاكتئاب العصابى نتيجة فقد شخص عزيز والاكتئاب العصابى لا تصاحبه هزاءات أو هلاوس .
9 – العصاب الصدمى :
  يتعرض بعض الأشخاص لمواقف ومنبهات بالغة الشدة أو الخطورة بحيث لا تمكنهم السيطرة عليها عاجزين عن منه درء خطرها 00 ( الانفجار – الحوادث – الحروب ) وينتج عنها أمراض نفسية تسمى بالعصاب الصدمى ( مثل عصاب الحرب ) . وذلك ناتج عن أن الصدمة تولد كميات من التوتر تتصرف فى صورة أعراض  مرضية أهمها  تعطل الأنا فى وظيفته أو ضعفها وتولد الصدمة أيضا أزمات انفعالية قهرية يغلب عليها القلق والغضب وأرق فى النوم مصحوب بأحلام يتكرر فيها موقف الصدمة . وقد يسترجع المريض موقف الصدمة فى     التغطية أيضا فيحيا المرة تلو المرة فى أخيلته وأفكاره ووجدانه .

10 – العصاب الخلطى :
 مرض يجمع بين أعراض مميزه لأكثر من مرض عصابى.

   ثانيا : الأمراض الذهانية
 الذهان يقابل الاصطلاح الدارج ( الجنون ) والذهان لا يدرك أنه مريض أو شاذ،  ولذلك قلما يجيء طلبا للعلاج بل أنه يقاوم العلاج عندما يجبر عليه. والنكوص فى التنظيم النفسي للمريض الذهانى يكون إلى  مراحل الطفولة المبكرة ( الفمية والشرجية الأولى ) ومن هنا يكون الذهانى أشد خطورة  وتأثير على زعزعة كيان الشخصية وإفقادها اتزانها وتكاملها . هذا وتنقسم الأمراض الذهانية إلى نوعين :
1 – الأمراض الذهانية الوظيفية    2 – الأمراض الوظيفية العضوية
وهذا التقسيم حسب السبب الذي نشأ عنه الذهان فإذا كان السبب عضوي كان سهل الكشف عن سببه بالوسائل العلمية المعروفة وغن كان وظيفيا إذا استحال تحديده عضويا 0
 إلا أننا نريد أن نقرر أن الذهان لا ينشا فى كثير من الحالات لسبب عضوي فقط ووظيفي وغنما نرى أن السببين يتداخلان .
أشهر الأمراض الذهانية :
1 – جنون الهذاء ( البر انويا ):
 وهو ذهان وظيفي ويتميز بوجود هذاء ( أفكار غير واقعية ) وهو منظم وثابت مع احتفاظ الشخصية بإمكاناتها العقلية دون تدهور ناتج عن استمرار فترة المرض. ويتخذ من هذه  الإمكانات العقلية سند التبرير لصدق معتقداته الهذائية والدعوة بين الآخرين لتصديقها .
2 – الأفكار الهذائية التي يعتنقها الذهانى :
أ – هذاء العظمة     ب- هذاء الاضطهاد    ج – هذاء الغيرة .
هذاء العظمة :
 نجد  أن المريض يعتقد أنه شخص عظيم بينما  فى هذاء الاضطهاد قد نجد المريض ملاحقا من هيئة أو منظمة أو شخص معين للاعتداء أو قتله حسدا أو غيره – أما هذاء الغيرة فنجد المريض يغار غيرة جنونية على من  يحب دون مبرر منطقي لهذه الغيرة وقد يصل به الحال إلى قتل حبيبه الذي يحبه إن سنحت له الفرصة . وقد يصاب المريض بنوع واحد من هذه الهذاءات أو يجمع مريض أكثر من نوع منها .
2 –الاكتئاب :
 هو من الذهان الوظيفي ويبدو فى الجانب الانفعالي للشخصية حيث يتميز بالحزن الشديد واليأس من الحياة ووخز الضمير وتبكيته على شرور لم ترتكبها الشخصية وهى شرور متوهمة واحتمال الانتحار فى الاكتئاب كثيرة للتخلص من الحزن والهم واليأس والقلق الذي يجعله قليل النوم بطئ الحركة رافضا للطعام ويشير فى ذلك ( شافر ) أن حالات  الاكتئاب لا تصيب الوظائف الذهنية وممكن شفائها .
3 –الهوس : يتعلق بالجانب الانفعالي للشخصية وأهم أعراض الهوس مايلى :
   أ – الشعور بالنشاط والخفة والرضا  
  ب – السرعة والتعجل فى كل العمليات العقلية .
  ج – التعرض لأفكار هذائية تبين عن امتياز المريض وعظمته وإلقاء المريض للنكت وضحكه الكثير . وهذه الحالة مناقضة لحالة الاكتئاب  .
4 – الفصام :
 العرض البارز فيها  التبلد الانفعالي ولا يهتم بأصدقائه أو أسرته – يضحكون عندما لا يوجد باعث على الضحك كما أنهم لا يبدون أي انفعال إذا وجد الباعث على ذلك ويصحبه هذاءات وهلاوس لمعظم الحالات
أقسام الفصام :
1 - البسيط : ويختص بأعراض البعد والانسحاب من الواقع
2 –الكتاتونى : أعراض التعبيرات العضوية السالبة
3 – الهذائى : الشعور بالاضطهاد
4 – الطفلى : التوحد الكوني المعذب
5 – خبل الشيخوخة : اضطراب عقلي يصيب الشخصية نتيجة تقدمها فى السن ويشير دريك أنه يظهر تقريبا فى سن الستين كنتيجة لتدهور عقلي ناتج عن كبر السن ومن اعرضه نقص الذاكرة والنقص العقلي فى القدرة على التركيز والأنانية ونقص الاهتمام بالأحداث الجارية وسرعة التقلب الانفعالي .
6 – الصرع :
 يعرف انجلش الصرع بأنه اسم يطلق على مجموعة من الأمراض العصية مظهرها الأساسي هو التشنج ن ونوبات الصرع مختلف الشدة مختلفة التكرار ، ويعرفه ( در يفز ) بأنه مرض بأنه مرض السقوط وأنه اضطراب فى الجهاز العصبي يتضح فى نوبات تقع للمريض على فترات غير منتظمة حيث يقع فيها المريض على الأرض مصحوبا بتقلصات عضلية وفاقد وعيه مع رغاوى على فمه .
 والصرع يمكن كشفه بالرسام الكهربائي للمخ فذبذبات المريض غير ذبذبات السليم. وأسبابه إما أن  تكون عوامل وراثية أو إصابة الدماغ عند الولادة أ ورم بالدماغ وبهذا يكون الصرع ليس ناجما عن سبب واحد وإنما عدة أسباب .
 وهناك فرق بين الصرع وحالة الإغماء الهستيري : فنوبة الهستيريا لا تصيب المريض إلا فى المواقف التي تحقق له فيه كسبا وفائدة شخصية – فالنوبات الهستيرية لا تنتاب المريض إلا عندما يكون فى موقف يأمن فيه على نفسه ويكون عادة بين أفراد يهبون لمساعدته والمريض الهستيري يقوم بالنوبات إراديا تحقيقا لحالة مقصورة وهروبا من وطأة مواقف ضاغطة انفعاليا إلى حالة اللاوعي فيهرب من الضغط ويتحقق منه .
    السيكوباتية
  تمثل السلوك الذي يعادى المجتمع ويخرج عن قيمه ومعاييره وقوانينه وبهذا تشمل السيكوباتية انحرافات السلوك والخلق . وسنعرض تصنيف د . صبري جر جس بالنماذج الخاصة بالشخصية السيكوباتية : المجرمون – المتقلبون انفعاليا – غير الأكفاء – أشباه البار انوين – مدمنو المخدرات والخمر – الأفاكون – النصابون – المصابون بجنون السرقة – المصابون بجنون إشعال النار – المنحلون خلقيا – المنحرفون جنسيا وأشباه المتذمرين – مدعو المرضى .
التشخيص المقارن للحالات السيكوباتية : د . محمد عبد الحكيم ( سمات هذه الشخصية )
1 – يجب أن تظهر نزعاتهم منذ سن مبكرة فى صورة أعمال مضادة للخلق وفى صورة تكبر وعناد للسلطة
2 – السيكوباتية غير قابلية للشفاء وهم يقومون بأعمالهم المضادة للمجتمع بإلحاح ولا يستجيبون للعقاب أو العلاج أو التعلم
3 – يرتكبون أعمالهم بلا خجل وفى بعض الأحيان علانية
4 – لا ينتفعون من التجربة السابقة برغم ما يبدو عليهم من تفوق ذهني
5 – يرتكبون جميع أنواع الجرائم أي أنهم لا يتحصنون من جريمة بعينها
6 – جرائم السيكوباتية لا معنى لها فيسرقون أشياء لا نفع لهم منها وهم يكذبون حين ينجيهم الصدق وهم لا ينتفعون من أعمالهم الشريرة فإذا انتفعوا منها فهم مجرمون .
7 – على الرغم من استمرار سلوكهم المضاد للمجتمع فإنهم يبدون أمام الغرباء كقوم ظرفاء
 8 – سوء السلوك عندهم إدمان ، أما المجرم عكس ذلك .
         الفرق بين السيكوباتي والجناح العادي :
1 – الجانحون العاديين يقومون بأعمالهم عن تعمد وقصد وينتفعون منها ويستطيعون وضع خطة معقدة لخدمة أهدافهم 000 وهم على مهارة إخفاء أخطائهم ، أما السيكوباتيين فإنهم على ذكاء شديد ومنحدر ون غالبا من طبقات اجتماعية راقية . وهم على كثير من الظرف والجابية وهم  حلقة الوصل بين الذهانى والعصابى وبين المجرمين العاديين من  ناحية . ويذهب كليكلى أبعد من ذلك حيث يذكر أن السيكوباتي الحاد اقرب إلى الذهان منه إلى العصابى وذلك استنادا إلى عدم وعيه بشذوذ سلوكه وعدم سعيه لعلاج انحرافاته وعدم شعوره بالقلق تجاهها .
ويرى كيربيكوف الروسي أن السيكوباتية ترجع إلى شذوذ وراثي وعوامل بيئية غير مناسبة وبعرض ( لاجاش رأى التحليل النفسي فيقول أن فى بعض الحالات يتم التقمص بالنسبة لشخصية أو جماعة تملك نظاما من القيم  يختلف  عن نظام المجتمع الأوسع ( مثل الطفل الذي يربيه والدان من اللصوص ) أو يتم التقمص باقتباس السيئة لأحد أفراد البيئة 00 أو بالنسبة لشخصية مريضة .
 واستجابة السيكوباتي للعلاج ضعيفة – ولا يتأثر من العقاب ويعتبر العقاب نوعا من العدوان مسلطا عليه من المجتمع .
رابعا : الأمراض أو الاضطرابات السيكوسوماتيه
 أعلن هارفى ومايو " الجراحان الأمريكيان أنهما يريان أن قرحة المعدة تنشأ من التوترات الانفعالية أي من أسباب نفسية 00 فلقد كان الرأي الطبي يجمع على أن قرحة المعدة تنشأ من اختلال فحواه أن غشاء المعدة يتآكل بفعل عصيرها الحامض ولكن هذا الاختلاف الوظيفي بقيت أسبابه غامضة 000 ونذكر مشاهدات وولف فقد سنح لها أن يشاهد مريضا أجريت له عملية جراحية هيأ له لجراح بها فتحة خارجية فى المعدة أشبه شئ بفم معدي
 فكان يمضغ طعامه ويصبه فى أنبوبة تدخل إلى المعدة عن طريق هذه الفتحة وراقب وولف خلال هذه الفتحة تأثيرات المنبهات المختلفة فى النشاط المخاطي وفى حركة جدرانها فتبين أن كثيرا  الانفعالات النفسية يستثير حركة بالغة وإفراز حامض كثير ، وإذا دامت هذه التغيرات مدة كبيرة تبدأ المعدة فى التقرح .
  ما طبيعة هذه الانفعالات ومصدرها ؟
 المنهج الذي يتبع فى الكشف عن هذا هو التحليل النفسي فتدلنا الملاحظة على انتشار قرحة المعدة لدى الطموحين ورجال الأعمال فإن سلوكهم أنهم ينزعون فى غير هوادة إلى مواجهة العقبات ومغالبتها وكأنه يوعز بأنه رجل القدرة والنشاط وأنه الزعيم المقتدر ولا يحتاج شيئا من أحد والناس فى احتياج إليه.
 ولكن عن طريق التحليل النفسي للسلوك الظاهر فوجد أن هذا السلوك يحوى ميول دفينة تخالفه هي ميول أن يكونوا موضع الحب والعطف ، رغبة ملحة فى الاتكال على الغير . بالرغم من انهم يكتمون هذه الميول  الدفينة وينكرونها ولكن هذا يضاعف من إلحاحهم  أن يكنوا موضع الحب . أما الدافع إلى تنكرهم هذا فهم يشعرون بما تنطوي عليه من عودة إلى الطفولة .فالطفل عندما يقدم له الأكل يفرح وإذا جاع يغضب فارتبط استقبال الطعام بالحب وعندما يوصد السبيل دون التماس الحب فإن الحرمان الذي يفرضه هؤلاء المرضى عل أنفسهم لا يلبث أن يستثير وظائف التغذية .
  فتنشط المعدة إلى الحركة وإلى إفراز عصيرها كأنها تتأهب لاستقبال الطعام وكلما كان التنكر شديد كان الإلحاح شديد وكان بديلها الفسيولوجى أعنى نشاط المعدة إلى الإفراز كبيرا ولكن الإفراز فى هذه الظروف ليس طبيعي لأنه غير مقترن بتناول الطعام بحيث يؤدى إلى تدفق العصير المعوي الحامضى على المعدة مع خلوها من الطعام لابد أن يؤدى إلى اضطراب مزمن ،تتآكل غشاء المعدة وتكوين  القرحة . فنرى  أيضا يجدون فى إقبالهم الشديد على الأكل بديلا عن التماس الحب فيصابون بالسمنة . وأن تقدم البحوث قد دخل كثير من الأمراض المزمنة أو بعض حالاتها من الأمراض السيكوسوماتيه مثل اسكر والضغط والصداع والمفاصل .



ثاني عشر : الإرشاد النفسي وأمراض العصر
الإيدز               H.I.VAIDS      
مازال الإنسان حتى قيام الساعة يجهل أنه مجهلة،ويسعى للعيش في دروب ذاتيته وإمام عينيه آية قرآنية هامة وهى :
    بسم الله الرحمن الرحيم
"وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً"،وآية أخرى هي"وكان الإنسان لنفسه ظلوماً جهولاً"…..صدق الله العظيم
وما بين الآيتين الكريمتين تظهر بواكير أمراض العصر.
 ونحن إذ يظهر علينا القرن إلحادي والعشرين نجد هناك الكثير من الأمراض التي يمكن أن نطلق عليها أمراض العصر قد بدأت تظهر في الأفق وهى كثيرة ومتنوعة ومتعددة،فعلى سبيل المثال هناك ما يتعلق منها بالحالة الجسمية للإنسان ومثل تلك الأمراض يتحدد في مرض ضعف المناعة المكتسب(الإيدزH.I.V) ،والسرطان،وأمراض العمود الفقري،ومرض الجنس الثالث (الخنوثة)،وغيرها من أمراض العصر الجسمية.
 أما أمراض العصر العقلية فمنها الاكتئاب العقلي المؤدى للانتحار سواء على المستوى الفردي أو الجماعي،على حين نجد أن أمراض العصر النفسية تظهر بواكيرها في الهلع النفسي،وهستيريا الإنترنت،والخواف الاجتماعي،الخ وغيرها .
 وقد نجد أمراض العصر الاقتصادية متمثلة فى التكتلات الدولية والعولمة الاقتصادية وغيرها،مما ينتج عنها أمراض نفس جسمية،وأمراض اقتصادية ،وأمراض اجتماعية.
أما أمراض العصر الاجتماعية فنجدها تظهر في الفردية وتحلل القيم والتفكك الأسرى وغيرها.
 هذا على مستوى الفرد أما على مستوى الجماعة والتي هي نواة للمجتمع الدولي،فهي تأخذ في فحواها تلك التي يعانيها الفرد بصورة رمزية دالة وخير مثال على ذلك إذ أمعنا النظر فى ماذا يجرى في العالم الآن من صراعات تكتليه هي في حقيقتها عدوان وهلع نفسي ليس من شئ سوى الخوف من ظلمة الغد،هل ستكون هذه الظلمة للغد ملفحة بأسباب اقتصادية أم دينية أم مكانة عسكرية..أم. ….الخ
 ومادمنا بصدد الحديث عن مرض ضعف المناعة المكتسب(الإيدزH.I.V)كأحد أمراض العصر فأننا سوف نتعرض له بتعريفه وكيفية ظهوره والوقاية منه وعلاقته بالعرض المرضى ولكنهه  مرض مكتسب،وأتمنى أن ينال هذا المقال لدى القارئ الاستفادة والاستزادة العلمية وأن تمهد تلك الكلمات لأجيالنا من بناتنا الأعزاء وأبنائنا فى فترات نموهم الحرجة تعديلات سلوكية وفكرية تبنى على الاستزادة العلمية السليمة بما تتفق بالسلوك المستقيم للإنسان المصري فى بداية القرن الحادي والعشرين ليكون المصري عصريا بعلمه وسلوكه.        
  اللوحة الإكلينيكية لمريض ضعف المناعة المكتسب(الإيدزH.I.V)
1-من الممكن أن يكون الفرد مصاب بالإيدز وهولا يعلم إلا من خلال تحليل الدم،وبعدها يعلم بمرضه (وتسمى إكلينيكيا كمون الأعراض)
2-إصابة الفرد بأدوار البرد وتستمر معه فترة طويلة جداً
3-يشعر الفرد بأن جسمه بأكمله قد أصابه الألم (الآم في الجسم كله).
4-ازدياد الرشح بالأنف بصورة متزايدة.
5-التهابات بالجلد.
6-عند إصابة الفرد بجرح ما فى جسده إلا انه لا يلتئم.
7-شعور الفرد بالسخونة (ارتفاع درجة الحرارة)
8-وفى بعض الأحيان يشخص مريض الإيدز بمدى كفاءته في قيادة السيارة والقدرة على التحكم وسرعة الحركة واتخاذ القرار.
9-كل هذه الأعراض السابقة تستمر مع مريض فترة كبيرة من الوقت وهى لا تشفى.""
* مرض ضعف المناعة المكتسب(الإيدزH.I.V)
 رغم تقدم العلوم واستخدام الأساليب الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة التي نسمع أو نقرأ عنها كل يوم ،إلا أن الإنسان يقف عاجزاً مكتوف الأيدي أمام لغز جديد من ألغاز الحكمة الإلهية التي تتحدى الإنسان كل فترة ،والتي تجعل العلم والعلماء حيارى أمام تفسيرها ولاكتشاف مسبباتها وصولا إلى التحكم فيها محققين أهداف العلم ورفاهية الإنسان ،فالعلماء والباحثين في سعى حثيث دائم وراء فض هذا اللغز،والوصول إلى المعرفة التي قد تعنى في كثير من الأوقات الشفاء،واللغز المحير فى الوقت الحاضر هو لغز مرض (الإيدزH.I.V)AIDS) ).
  والذي ظهر مع أوائل عام (1981) ميلادية محيرا للبشرية عدو للإنسان ،حيث يعد مرض الأيد زمن الأمراض المكتشفة حديثاً والتي لاقت اهتماما كبيراً حيث تبين للعلماء مدى جسامته وخطورته،وصعوبة علاجه الحاسم حتى الوقت الحاضر،فعلى الرغم من حداثة المرض الذي لا يزال في مهده حسب قول العلماء إلا أنه قد أصبح مشكلة مؤرقة لهم في مختلف المجالات والميادين لأسباب كثيرة من أهمها: .
1-كثرة عدد المصابين به في فترة وجيزة.
2-لا يوجد له علاج حتى الآن ونهاية المصاب به الموت المحتوم لا محالة.
3-سرعة انتشاره على مستوى العالم أجمع وفى آسيا وأفريقيا على درجة الخصوص.
4-طول فترة حضانة المرض.
 وحتى الوقت الحاضر يعد مريض الإيدز محكوما عليه بالهلاك والموت إن عاجلاً أو أجلا،وبالتالي فمن المتوقع أن يعانى من اضطرابات انفعالية شديدة،نظرا لارتباط المرض في أذهان الناس بالمحرمات والمعاصي وهو الأمر الذي يؤدى إلى سوء توافقهم النفسي مما ينعكس أثره على حياتهم الانفعالية بوجه عام.فالمرض الجسمي كما نعلم يؤدى إلى تفاعلات نفسية شديدة على حياة الإنسان.
 ويعرف المرض بأنه انحراف في حالة الإنسان عن المعتاد،والانحراف إما أن يكون في التركيب أوفى وظيفة العضو المريض،والأمراض تختلف مسبباتها اختلافا كبيراً،فمنها الأمراض البيئية،وهى التي تتسبب عن البيئة التي يعيش فيها الإنسان،وهى تضم الأمراض الجرثومية والتي تكون بطبيعتها معديه،أي أن المرض يمكن أن ينتقل من الشخص المصاب إلى الشخص السليم إما باللمس المباشر،أو باستعمال أدوات المريض الملوثة.
 أما الأمراض الفسيولوجية فتنشأ من إختلالات وظيفية داخل الجسم،كاختلاف الغدد الصماء المفرزة للهرمونات ومن أمثلتها أمراض الغدة الدرقية،ومرض السكرDIABETES
 أما الأمراض الوراثية فهي التي تنتقل من الأباء إلى الأبناء والأحفاد حسب القوانين الوراثية،وتسبب هذه الأمراض حدوث بعض العيوب الخلقية أو التركيبية،أو بعض الأمراض الوظيفية أو العقلية،كمرض المنغولية (MONGLISM)،وأمراض الحساسية الموروثة،وحساسية بعض الأفراد لبعض البر وتينات ومرض الصرع..الخ.
أذن فليكن تساؤلنا على هذا النحو:.
 هل الإيدزH.I.V  بهذه الشاكلة المرضية يعتبر من الأمراض الفسيولوجية،أم من الأمراض البيئية،أم من الأمراض الوراثية؟..
والإجابة على هذا التساؤل هي أن الإيدز     H.I.Vيعتبر من الأمراض البيئية الجرثومية والتي تكون بطبيعتها معدية.
 ويعرف الإيدز H.I.V بأنه تدهور عام في كرات الدم البيضاء المكون الثاني للدم وهو بذلك يعتبر أحد أمراض الدم فهو ضعف عام في المناعة للجسم يهدد البناء الكلى لجسم الإنسان .
والمناعة هي الطرق والوسائل التي بواسطتها يدافع الجسم عن نفسه ويحفظ بيئته الداخلية من غزو الكائنات الغريبة أومن نمو أو تكون أي نوع غير مرغوب فيه من الخلايا(كالخلايا السرطانية)أو بعض النتاجات الداخلية غير المرغوب فيها .
 أما علم المناعة IMMUNE LOGIC فهو العلم الذي يبحث تلك الطرق والوسائل .
 ويمتلك الجسم للإنسان الكثير من وسائل المقاومة أو الدفاع ضد هجوم الجراثيم والأجسام الغريبة الضارة الأخرى ويمكن تقسيم هذه الوسائل إلى :..
(أ)وسائل دفاعية غير نوعية.        (ب)وسائل دفاعية نوعية.
 ويعتبر جهاز المناعة IMMUNE  SYSTEMأمتن واعتي وسائل الجسم الدفاعية النوعية،ويعتبر كل من الجلد والدم وينقسم إلى كرات دم حمراء أو كرات دم بيضاء والمسئول الرئيسي للدفاع عن الجسم كرات الدم البيضاء،وعمل هذه الكرات الدم البيضاء للدفاع عن الجسم يكون بأشكال متعددة فبعضها يفرز نوعا من السموم لقتل البكتيريا،بينما يقوم قسم آخر بتثبيت السموم التي تفرزها بعض أنواع البكتيريا،
 

أما جهاز المناعة المركزي IMMUNE  SYSTEM    
يتكون من ثلاثة أنواع من الخلايا هي:
1-الخلايا البلازمية.            Plasma Cells    
2-الخلايا البلعومية الكبيرة.     Macrophages
3-الخلايا الليمفاوية.             Lymphocytes
 وتشريحيا يتكون الجهاز المناعي المركزي IMMUNE  SYSTEMمن:.
1-التوثةThymus     2-جراب فابريشيش (الخلايا الليمفاوية للأمعاء واللوزتين)
3-الجهاز المناعي المحيطى  Peripheral
ويتكون من الطحال Spine-العقد الليمفيةLymph nodes  
 وعلى هذا الأساس الوصفي والتشريحي لجهاز المناعة لدى الإنسان يمكن أن نقول أنه وعلى الرغم من أن الإيدز H.I.Vمن أمراض العصر التي تصيب الإنسان ولم يتم العثور بعد على عقار كيميائي يتم بواسطته التغلب على هذا الفيروس الذي يهدد ديمومة الجسم بأسرها:
 إلا أن العوامل المسببة لوجود هذا الفيروس والتي من الممكن كما أوضحنا سابقاً أنها بيئية(مرض بيئي) ينتقل بالعدوى من فرد لآخر وهذه العوامل نسوف نعرضها بشيء من الإيجاز:.
*العوامل التي تؤدى إلى الاتجاه للزيادة بالنسبة لمرض الإيدز.
 وتتضمن هذه العوامل ،عوامل طبية،أو عوامل بيئية،أو عوامل سلوكية أو نفسية،أو اجتماعية،أو اقتصادية،ونوضح هذه العوامل فيما يلي:.

(أ)-العوامل الطبية:
1-كثيراً ما يستخدم الفرد الحقن التي تستخدم بعد غليها بالماء الساخن نظراً لاستخدامها أكثر من مرة من مريض لآخر ولذا يجب أن تستخدم الحقن البلاستيكية لمرة واحدة فقط.
2-كثيراً ما تنتقل عدوى المرض طبياً عن طريق بنوك الدم ولذا يجب التأكد من تحليل الدم أكثر من مرة عند استخدام دم خارجي للمريض .
3-يجب أن يستخدم الطبيب التعقيمات الطبية اللازمة قبل بدء الجراحة للمريض وتطهير الأدوات وكذلك استخدام الواقي اليدوي،والواقي الأنفي حتى لا يتطاير الدم أو الرزاز من المريض ويصيبه وكذلك فريق العمل الطبي بأكمله من الجراح وطبيب التخدير والمساعدين من الممرضين..الخ.
4-يجب أن يقتصر استخدام الحاجات أو الأشياء الخاصة بخدمة المريض مثل أدوات الحلاقة،وملابسه،والأواني الخاصة بأكله وحاجاته الخاصة تقتصر عليه وحده وأن لا يستخدمها أي مريض آخر.
5- كثيرا من الأطباء يقعون في سوء التشخيص للحالة مما يتبعه كتابة عقار كيميائي يؤثر سلباً فى ظهور الإيدز.
(ب) العوامل البيئية:
1-يجب تهوية المكان المتواجد به المريض حتى لا يساعد في انتشار العدوى.
2-وكذلك لابد من عزل المريض في مكان بعيد عن الأفراد الأسوياء والذين لا يعانون من المرض حتى لا تنتقل العدوى فيما بينهم.
3-يجب تطهير المكان والهواء وتنظيف مكان المريض حتى لا تتسرب العدوى.

(ج)العوامل السلوكية (النفسية)
1-الانحراف الجنسيSex Div ،أو ما يسمى بالبغاء،ولقد ثبت أن البغاء في أشكاله المتعددة من انحراف جنسي مثلى،أو غيري يشكل السبب الرئيسي في الإصابة بعدوى مرض الإيدزH.I.Vبنسبة من 10-90% من الإصابات بالمرض .
2-ولقد دلت الدراسات أن المريضات البغيات اللاتي يعانين من الإيدز يتصفن بأنهن أقل ذكاء،ويتصفن بعدم النضج العاطفي،والكثير منهن له تاريخ يدل على الإدمان على الخمور وتعاطى الحقن المخدرة.
3-من الأسباب والعوامل التي تؤثر في ظهور مرض الإيدز تعاطى المخدرات عن طريق الحقن أو شرب الخمر فانتقال العدوى من مريض لآخر عن طريق تعاطيه الأبرالمخدرة خلف زميله ذلك
يجعل العدوى تنتشر من فرد لآخر،ومن المعروف أن مرضى الإدمان يعانون من اضطراب في الشخصية.
4-انتشار العدوى لعدم الطهارة ففي كثير من الأحيان أن يكون المصاب بالإيدز يحمل الفيروس وهو كامن بداخله،ولا يخفى على أحد طرق الطهارة الغير طبية،واتى يقوم بها غير متخصص في مجال الجراحة في علم الطب،فى أنه يستخدم أدوات غير مطهرة ومن الممكن أن يصاب أو تصاب الحالة بانتقال فيروس العدوى.
5-ولا يغيب على الذهن الحالة النفسية التي يعانى منها مريض فيروس الأيد زمن هلع نفسي Pain Anxiety وهو الخوف الحاد والهلع والانطواء عن الآخرين ومعاناته من الكبت،والاكتئاب النفسي،الأمر الذي نجده مع بعض الحالات بعد علمهم بخطورة الحالة التي يعانون منها إي الانتحار،والخلاص من الحياة،فضلا عن المحيطين بمريض الإيدز،ومعاناتهم،من أن بينهم مريض حامل للإيدز وانقطاع صلة التعامل معه نجدهم وقد تملكهم الخوف والرغبة في الابتعاد عنه والاشمئزاز من المريض والهروب حتى من الحديث معه.
 (ج)العوامل الاجتماعية:
1-لقد دلت البحوث الاجتماعية أن النساء اللاتي يعانين من مرض الإيدز،ويقبلن بسهولة الاتصال الجنسي قد جئن من بيوت غير مستقرة وهذا ناتج عن وفاة العائل للأسرة،أوفى الأسر التي يحدث فيها انفصال بين الزوجين أو طلاق.
2-عدم الاستقرار العاطفي والاجتماعي وقد أشارت الدراسات أن مرض الإيدز ينتشر فى سن المراهقين بين الذكور والإناث في المجتمعات الغربية بنسبة كبيرة،نظراً للإباحة الجنسية هناك،وهذه المرحلة من العمر تتصف عادة بعدم الاستقرار العاطفي.
3-العلاقات الزوجية غير المتوافقة،هذا ما يدعو لإصابة بعض من لا تستقر علاقاتهم الزوجية،أولا يشعرون بالسعادة فى إطارها،فيصبحون ضحايا للأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي ومنها الإيدز.
4-التحول إلى المدنية والتقدم الصناعي،فكثيراً ما نجد أن مرض الإيدز H.I.V تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي،فهي مشكلة هامة في المدن والمراكز الصناعية والمناطق التي تنتقل إليها أعداد غفيرة من الناس.
(د)العوامل الاقتصادية:
1-أوضحت الدراسات أن كثيراً من الفتيات اللاتي أصبن بالإيدز قد جئن من بيوت فقراء ،وأن انخفاض المستوى الاقتصادي قد ظهر لديهن بشكل واضح.
2-كذلك ظهرت حالات المرضى الذكور المصابون بالإيدز بأنهم كانوا يبحثون على زيادة دخلهم الاقتصادي وذلك بالعمل في البلاد الأخرى

(الإيدزH.I.V ) المصيـــــر…،والمــــآل…والعلاج.
 حتى الآن لا نستطيع معرفة سر المرض ،ولم يعد كمال التركيب البشرى أو مظاهر نقصه محلا للجدال ،لأن كل من الرأيين السابقين يفترض جسداً لا يتغير في بيئة دائمة التغيير،ويدرك الأطباء فى يومنا هذا أن من المستحيل فهم حقائق الصحة والمرض إلا إذا تصورنا الجسم البشرى كله على أنه نظام ديناميكي يتأثر ويستجيب باستمرار لمختلف العوامل الخارجية.
 ولهذا السبب فأن دراسة الطب يجب أن تمتد إلى كل شيء يتصل بسعادة الإنسان وصحته،وبدلا من أن تقتصر على علاج أمراضه يجب أن تمتد إلى دراسة العالم المحيط به من الخارج جنباً إلى جنب مع دراسة تركيبه الداخلي.
أن الثالوث الجديد للطب الحديث هو الإنسان والمرض والمجتمع،ويستحيل فصل أي منهما عن الآخر.
ولذلك فأن مآل مرض الإيدز ومآله وعلاجه حتى الآن هو الوقاية السلوكية للعوامل التي أوضحناها سابقاً والابتعاد عن السلوكيات التي تؤدى إلى الإصابة به .













ثالث عشر الإرشاد النفسي والأمراض النفسية الاجتماعية
 الإرهاب  Terror.
 الإرهابTerror(*)" لغة أحداث الخوف والرعب ،وهو قانونا يقرن بالحكم فيقال" حكم الإرهاب " يعنى استناده إلى وسائل قاسية تكفل بث الرعب فى نفوس المحكومين ولا ترعى الأحكام والضمانات القانونية لمن يقع ضحية الإرهاب ،بل دون التمييز العادل بين اتهام وآخر،على شاكلة "انج سعد فقد هلك سعيد".
وسمت بحكم الإرهاب فى فرنسا مثلا أيام الثورة ،فترة دكتاتورية "لجنة الأمن العام "بزعامة روبسبير ،بع إعدام الملك لويس السادس عشر ،واستمرت من سنة 1793،حتى إعدام روبسبير يوم 27-77/1749".
 و يوثق صفوت إرنست فرج أطروحته عن الإرهاب بقوله(*) ( يعتمد الإرهاب على اعتبار مفهوم الإحباط الناجم عن الحرمان الحضارة بكل جوانبه الروحية والمادية أساسا لخلق أحد نمطين من السلوك وهما،الانسحاب والعدوان،وعندما يقترن الإحباط بمشاعر تقدير الذات والمفهوم الإيجابي لدى الشخص عن نفسه تنمو لديه مشاعر العدوان ضد النحن المحبط ،الذي يتعامل معه بوصفه آخر لا يقف منه موقف العداء فقط ،بل موقف الرفض والإنكار،ويمكنه من تطوير هذا الموقف إلى مستوى القتل والإرهاب عنصران هما :
1-وجود أيدلوجية تشكل نحن فرعى يجابه النحن الأم ،ويرفض من خلاله مشروعية وجوده .
2-وتسلل الهو العدواني والبدائي إلى أنا أعلى ليبرر الإرهاب باعتباره كفاحا أخلاقيا لسيادة صورة مثالية يسعى إليها الإرهابي.
ولقد أصبح انتشار الإرهاب فى مجتمعات متباعدة ،مختلفة الخصائص ،ولا تندرج فى فئة تصنيفية واحدة من حيث سماتها الحضارية ،من الأمور التي تثير عددا من التساؤلات الهامة يتعلق أولها:
كيفية تخطى ظاهرة مرضية واحدة،متباينة الأعراض ،وذات أسباب مختلفة .
أهداف متباعدة لنطاق المحلية والإقليمية .
 ويتعلق السؤال الثاني باحتمال أن يكون هناك نسق نظري قادر على فهم هذه الظاهرة ،وتفسير هذا الانتشار ،رغم مواجهتها الدموية مع المجتمعات التي تنشأ فيها ،والتي تخرج منها خاسرة ،إن لم يكن فى كل مرة ،ففي المحصلة النهائية .
ويمكن تحديد العوامل السيكولوجية لظاهرة الإرهاب بتتبع بعض البديهيات مثل:
أن الفرد كائنا ما تكون انتماءاته ،إلا أنه عضو فى نحن سيكولوجي شديد التماسك ،وقد يتفق هذا النحن السيكولوجي مع انتماءاته المعلنة والعريضة ،وقد يتعارض معها ،وقد يكون بمثابة نسق جزئي فى إطار نحن أكبر وأوسع يتعارض معه خصائص ويتفق معه فى أخرى،وبصفة عامة يتجاوز النحن السيكولوجي فى عمقه وتأثيره على الفرد ودرجة ارتباطه به ،وتوجهه لسلوكه ،مفهوم المجتمع أو مفهوم الجماعة الفرعية أو القومية أو غير ذلك من المفاهيم السسيولوجية ،التي تعبر عما يتجاوز الفرد فى تشكيل الحياة الاجتماعية.
 أن النسق العقائدي أو الأيدلوجي يشكل دائما نحن متميز سواء لتفق مع نحن الأكبر ،أو تطابق معه أو اختلف معه وحتى فى حالات التطابق ،قد ينشأ نوع من الخلل فى الانتماء أو أولوية الانتماء ،ويتسم النحن الإيماني بكونه لاعقلانيا إذ يحكم العلاقات فيه مبدأ الطاعة والانقياد ،بينما يقوم أي نحن سيكولوجي آخر على مبدأ الاختيار وإيجابية المشاركة.
 أن الإدراك فى النحن الإيماني أو العقائدي ذو طبيعة انتخابية ويقينية ،بينما الإدراك فى النحن العقلاني ذو طبيعة فحصية ونقدية.
 أن النحن العقلاني يقبل الآخر ويرتبط معه "بعلاقة" تواصل وقد يرتبط معه تحت ظروف معينة "بعلاقة" عداء أما النحن الإيماني "فينكر" الآخر ويرفضه.
 أن النحن كائنا ما تكون طبيعته يقوى ويشتد فى وجود قوى مضادة ومعادية ،ويتفكك ويسترخى تحت ظروف انعدام التهديد .
 وإذ بدأنا بنمو النحن السيكولوجي والتماسك فى مقابل آخر أو آخرين ،ويكتسب هذا المفهوم صلابته من خلال مجموعة من الحدود الهامة سواء الحقيقية أو المدركة،أو اللغة والعقيدة والأصل العرقي،وجماعة المهنة الواحدة،والأسرة الممتدة ،تمثل حدودا هامة لتشكيل "نحن" متميز كما تلعب عقيدة أيدلوجية معينة إضافة إلى الجيرة الجغرافية أو مجموعة المصالح الهامة مثل هذا الدور ،وفى أحيان أخرى يلعب مجرد الاختلاف رغم عدم التجانس عن محيط ممتد واضح الحدود المعنوية فى أي من صوره المعنوية أو المادية.
 وتسود فى إطار "النحن" الواحد أساليب الشرعية لتحقيق المصالح والإرادات، بحيث يقبل كل أفراد النحن صيغا عامة لتحقيق الإرادة، سواء فى مواجهة الفرد أو فى مواجهة النحن ،وعادة ما تتسم هذه الصيغ العامة بالسلمية والشرعية ،وإن كانت هناك بعض الاستثناءات التي قد تشعر الأفراد بوجود خلل يتعين تصحيحه باستخدام أدوات التصحيح المقبولة ،وفى الحدود التي تسمح بها طبيعة هذا النحن.
والرغبة فى إطار النحن المتماسك لا تستخدم أسلوب التعامل مع الآخر،فنحن نحارب الآخر،ونقتتل معه ونشك فيه ونتوجس منه ،وكلها أمور تختلف عن أسلوب مواجهتنا فى إطار النحن.
 ولأن النحن كائنا ما تكون طبيعته يعايش مع الزمن تغيرا وتطورا لا يتوقف نتيجة لطبيعته الدينامية ،كما قد يكون هذا التغير والتطور من السرعة والحدة بحيث يؤدى أحداث فروق نوعية وكيفية ،لا مجرد فروق كمية فى مستويات الحياة وأنماط المعيشة،وعناصر تكوين النحن وتميزه،ولأن مستويات المعيشة وأنماط الحياة هذه تمتد فى أية فترة زمنية على درجات سلم متباين أو شديد التباين ،فإن التغير والتطور قد يحدثان وفق أحد الأنماط التالية:
نمو معدلات التطور فى ذيل المتصل الحضاري والاقتصادي أسرع من نمو معدلات التطور فى رأس المتصل،بحيث يتقارب طرفا السلم مع استمرار معدلات التطور والتغير ،أو بمعنى أخر تضيق المسافة بين الذيل والرأس ،مع حصول الجميع على ثمار التقدم الذي تساعد على التكنولوجيا الحديثة والتطور العلمي اللوغاريتمي السرعة على توفير مزاياه.
 يتسم نمو معدلات التطور بسرعة فى السلم ،وانخفاض معدلات السرعة عما كانت عليه فى ذيل المتصل ،أو تدهورها بما يؤدى إلى امتداد السلم واتساع الفجوة ،وفيض الإشباع فى اتجاه ،مع مضاعفة الحرمان فى الاتجاه الآخر.
نمط عشوائي ينطلق فيه الرأس إلى مسافات أبعد ،مع ظهور خلل جديد يتمثل فى انطلاق بعض مفردات الرأس نحو الذيل لأبعد مما كان الذيل عليه ،وانطلاق بعض مفردات الذيل لأبعد مما كان عليه الرأس .
 وتؤدى هذه الحالة الأخيرة إلى خلل شديد الحدة فى النحن الأم إلى أكثر من "نحن" فرعى ويؤدى إلى نمو مشاعر الاغتراب ومظاهر التفكك .
وعندما نتحدث عن معدلات النمو والتطور ،والسرعة والبطيء،والذيل والرأس ،فنحن لا نتناول مفاهيم اقتصادية عامة ،وأن كانت هذه المفاهيم غير مهملة فى هذا السياق .
 إن ما نعنيه حقيقة هو كم ونوع الإشباع السيكولوجي الذي يحصل عليه الفرد فى إطار نحن يشعر بشدة وعمق انتمائه له من بين هذه الإشباعات ،فرصة التعليم ونوعيته ،فرص المشاركة ودرجتها وقيمتها ،الحظ من الثقافة الراقية ،الإشباع الاقتصادي،نصيبه من مركز اهتمام النحن وعنايته ،نصيبه من الحرية المقننة وعائدها والتزاماتها.
  بمعنى آخر فإن معدلات التطور الحضاري هنا تشمل كل وجود الحياة المادية والمعنوية ،وتصبح المشكلة المحورية إذن والتي تتعلق بالتغير والتطور فى إطار "نحن" معين ،هي توفير الإشباعات للاحتياجات القائمة على والمتجددة فاحتياجات الفرد الواحد من أفراد النحن متعددة ،منها ما هو اجتماعي ،وما هو اقتصادي،وما هو ثقافي ،وما هو حضاري أوسع كثيرا .
 بل ويمتد الأمر لاحتياجات تتمثل فى قدر من الآمال والتوقعات ،وبقدر اعتماد الفرد على نفسه ،فى الموقف السوي،لإشباع احتياجاته بقدر ما يعتبره أن له حقوقا على هذا النحن لمساعدته فى توفير السبل والمناخ للحصول على الإشباعات المختلفة.
 ويؤدى استمرار حصول الفرد على الإشباع لحاجته المختلفة إلى شعوره العميق بالنحن المشبع والتصاقه به،إلا أن القدرة على إشباع احتياجات الفرد تتعرض أحيانا للفشل كما يحدث فى الحالة الثانية،ورغم أن الصدع الذي يصيب النحن السيكولوجي،لا يعد بسيطا إلا أن التشرذم إلى "نحنوات"فرعية لا يحدث دائما نتيجة لاستمرار توافر مقادير ونوعيات متفاوتة من الإشباعات ،واحتياجات عامة للكل بلا استثناء ،ووجود مشاعر عامة بالصدع ،وتوافر محاولات مختلفة لعلاجه .
 أما الظروف العشوائية للتغير ،التي تحدث وفق خصائص النمط الأخير فإنها تؤدى إلى تنمية شعور الفرد بعدم وجود قاعدة تحكم الأمور ،وتعرضه للتغير المفاجئ غير المنتظم يترتب عليه أمران وهما:
الأول:
 أن حركة التغير بقوة اندفاعها تدفع معها الأغلبية ،فتترك أقلية ضئيلة تعانى من آثار المتغير الغالب الذي كان على قمة التغير ،وتأتى موجه أخرى من موجات التغير تدفع أغلبية الأغلبية،وتترك بالمثل أقلية ضئيلة تعانى من الحرمان من المشاركة فى التغير فى المتغير الثاني أقلية من الأقلية،مع حرمان الأولى محرومة من المتغيرات معا.
 وبحكم قانون الاحتمالات ،سنجد لدينا فئة من الأفراد محرومة من ثمار التغير فى متغيرين ،وفئة أصغر محرومة من ثلاثة متغيرات ،وفئة أصغر وأصغر محرومة من أربعة متغيرات ،وهكذا إلى أن نصل إلى مجموعة من أفراد النحن ،التي تعانى من حرمان شامل ،وتمثل فئة البقايا ،ولا تملك هذه الفئة الوسائل أو الإمكانات المناسبة لمشاركة النحن خصائص التماسك بين أفراده،احتياجاتهم ،وآمالهم ،وإشباعا تهم.
الثاني:
 أن مثل هذه الظروف تؤدى بشكل مباشر إلى الإحباط ،وحيث تنمو مشاعر العجز،والحرمان والحقد ضد أولئك الذين يحصلون على كل شئ أو على بعض الشيء سواء من بين أولئك الذين كانوا فى ذيل النحن الواحد بلا شئ.
ويؤدى الإحباط إلى نتيجة من اثنتين وهما :
الأولى:
 هي ظهور مشاعر وسلوك الانسحاب وحيث لا يملك الشخص الإمكانية ،فتتفكك علاقته بالنحن ،ويصبح سلبيا ،منعزلا،رافضا لأي قدر من المسئولية ،متحللا من أي التزام ،وربما يلجأ استمرار لهذه الحالة إلى الإدمان أو غيره كشكل من أشكال الهروب والتحلل لمشاعر النحن فيه.
الثانية:
 هي أن يؤدى الإحباط إلى الانسحاب بل إلى العدوان ،فيحمل الفرد "النحن" مسئولية ما وصل إليه ،وتنمو لديه مشاعر الاغتراب ،ويصبح النحن "أخرا" وبكل ما يعنى الآخر بالنسبة للفرد ،ومشروعية ما يعنيه فى مواجهته ،ويتوجه إليه بعدوانه ،فإذا أقتصر هذا العدوان بكل أشكاله عليه وحده دون مشاركة من آخرين له فى مشاعره وموقفه ،وحالته يسهل أن يتحول الفرد إلى الانحراف والجريمة،أما إذا امتدت مشاعر العدوان القائمة على الإحباط لأحاد آخرين ،فإن الفرصة تصبح مهيأة لتشكل "نحن" نحن معاد وعدواني للنحن الأكبر.
 غير أن سؤالا هاما يبرز ويتطلب إجابة ،وهو هل يستطيع النحن الفرعي الجديد ،النحن العدواني أن يوفر الإشباعات المطلوبة ؟.
 وواقع الأمر أنه لا يشبع الاحتياجات الناقصة باستمرار ،ولكنه يوفر إشباعات لمشاعر العدوان والغضب التي تعد بديلا كافيا للإشباعات الأصيلة كائنا ما تكون ما تكون طبيعتها ،فهي تحتل الصدارة وتستقطب كل ما عداها ،ويتميز النحن الفرعي الجديد بكفاءته هنا فى توفير الإشباعات المطلوبة بل على إلغاء الاحتياجات التي يتعذر إشباعها تحت أي من الدعاوى غير العقلانية.
 وعلى هذا فإن حالة الإحباط التي تؤدى إلى العدوان تيسر تشكيل "نحن" فرعى يتعامل مع النحن الأم بوصفه آخر،ويصوغ عدوانه نحو هذا الآخر فى صيغة مشروعه من صيغ مواجهته .
 الفارق إذن بين العدوان على مستوى الفرد ،والعدوان على مستوى الجماعة "النحن" هو أن الحالة الأولى تنتج منحرفا ،يعرف قبل غيره أنه يمارس الجريمة والانحراف ،وأنه طريد هذا النحن وهذا المجتمع وهذا النظام القانوني الذي يحكمه ،وانه يخضع فى نهاية الأمر لقواعد الصواب والخطأ فيه وقواعد القبول والرفض السائدة بين أفراده .
 أما العدوان فى الحالة الثانية فيتطلب إطارا يجعل منه موقفا ،حركة مشروعية ،هو فى موقف حرب لا فى موقف انحراف ،هو يدافع عن … لا يعتدي على … ويتطلب هذا بالضرورة أن "يعتمد"عقيدة أو أيدلوجية "اعتماد" الأيدلوجية أو العقيدة عن "اعتناقها" ،فالاعتماد عملية دخيلة مصطنعة لا تعبر عن جذور حقيقية لمبادئ هذه العقيدة،فى نفس الفرد ،ولا تمثل إيمانا منزها بكل مسلمات هذه العقيدة،وغالبا ما يكون هذا الاعتماد وظيفيا ،بمعنى أنه عملية هادفة تستخدم لتحقيق أهداف معينة.
 وسواء بدا ذلك من خلال الملاحظة المباشرة ،أو تتطلب فترات من الفحص العميق ،إلا أن الاختلاف يبدوا كبيرا وشاسعا بينه وبين الإيمان الذي يعبر عن تسليم لعقيدة أو لأيدلوجية وقبول مسلماتها الأساسية على آماد طويلة تشكل شخصية الفرد ،وتنأى به فى كل الحالات إلى الانفتاح على الإنسانية ،وتنمى فيه الرغبة العميقة فى أن يكون عضوا فى نحن متسع يضم كل الشر،أو على أقل تقدير ،يوفر الخير والسلام لكل البشر.
 وعادة ما يستخدم اعتماد عقيدة أو أيدلوجية معينة ،بوصفه مظلة مناسبة يتسلل من خلالها الهو،وهو المكون أو النظام اللاشعوري العدواني البدائي النزعات إلى الأنا الأعلى ، وهو النظام الممثل لسلطة المجتمع والقيم والمعايير المثالية ،وفقا لما تذكره نظرية التحليل النفسي .
 بحيث يمكن من خلال هذا الاعتماد وضع غلالة أو غطاء للنوازع العدوانية ،أو صياغتها بمثاليات العقيدة أو الدين ،فيبدو" القتل " قتالا لا بوصفه جريمة أو عدوانا ،بل بوصفه جهادا وبوصفه دفاعا عن المبادئ السامية ،وهكذا يتمكن الفرد من توفير مبررات تحتفظ لذاته بالتقدير والقبول والتماسك ،وقوة الدفع ،وكلها أمور تؤدى إلى تماسك هذا النحن الفرعي الجديد .
وماذا عن "نحن" المصريون والهجمة الإرهابية التي أصبحنا نعانى منها فجأة إلى الدرجة التي جعلتها تؤثر فى كل مناحي الحياة ،وتشغل مساحة كبيرة فى حياتنا اليومية  وحياة أفراد المجتمع .
 علينا أن نضع فى اعتبارنا أن الأحداث اليومية فى حياة الأفراد والشعوب تأخذ شكل المتصل الممتد الذي لا توجد فيه فواصل زمنية أو تصنيفات محددة ،ونحن نقوم بصياغة دلالة هذه الأحداث والربط بينها فى نسق إدراكي واضح يتضمن متعلقاتها ،وأحيانا أسبابها ونتائجها لكي نتعامل معها باعتبارها ظاهرة تحكمها قوانين أو مبادئ ،أو على أقل تقدير ،نفترض نظرية تفسر مسارها وتمكننا من التنبؤ بما يمكن أن تأتى به الأيام .
 وتهتم المجتمعات المتقدمة عقليا وحضاريا اهتماما بالغا بفحص هذه الدلالات والصياغات فى فترة مبكرة مرة ومرات قبل التشخيص والعلاج ،ذلك أن هذا الفحص المبكر يهدف إلى تنقية الظاهرة أو مجموعة الظواهر من المصادفات غير المتعلقة ،والتي لا ترتبط بالأحداث وفق منطق حدوثها أو تطورها ،وما يتيح أن نتعرف على الظاهرة فى صورة نقية تقبل التشخيص السليم .
والواقع أن الخطأ فى المقدمات يؤدى بالضرورة ،إلى أنواع لا حصر لها من الأخطاء فى النتائج ،بل والبعد عن إدراك المسار الصحيح للظواهر .
 وقد سقط مجتمعنا فى إحدى أهم قضاياه الراهنة ،وهى قضية الإرهاب وهجمته الشرسة على امتداد أكثر من عقد زمني ،فى خطأ إدراك الدلالة الحقيقية لتلك الظاهرة.
 وفى فحص متعلقاتها الأساسية ،ونتيجة لهذا ،أو ربما جزء من هذا ،انحرف كتابنا ومفكرونا ،وبالتالي صانعو القرار خلف مشكلة غير المشكلة ،وحلول لا علاقة لها بالظاهرة .
 وكانت المشكلة هي الإرهاب الموجه ضد الدولة تارة ،وضد بعض فئات المجتمع تارة أخرى ،وضد حركة المجتمع وآماله المستقبلية ،التي لا ترتبط بفرد معين أو فئة محددة ،بل ضد الأجيال القادمة ،وتطلعاتنا جميعا إلى حاضر أقل قسوة ومستقبل أفضل .
 كان الخطأ فى النظر إلى الظاهرة يتعلق بالتسمية التي أطلقت عليها وهى تعبير الجماعات الدينية المتطرفة وما تضمنه هذه التسمية من ربط عضوي بين التطرف فى التدين وبين الإرهاب فى بعض الفترات إلى غير المسلمين .
 وتحت وطأة سرعة وتلاحق الأحداث نحو تشخيص الظاهرة ،وكان هذا التعبير هو الفتنة الطائفية ،وعندما تم الربط بين جماعة دينية إسلامية متطرفة ،وفتنة طائفية انتاب الفزع ، ذلك النحن المتماسك على مدى قرون ،وشعر أفراده بالخطر فى فترة كانت عوامل الانفصال والتفكك تطل فيها برأسها فى كثير من الدول الأوربية والأسيوية ، التي ظلت لقرون معبرة عن وحدة تختفي فيها معالم الفروق مهما كانت طبيعتها .
 لقد وجدنا أنفسنا إزاء أخطبوط ،أخذ يحيط "نحن" بأذرعه ،وينهش مقوماته وتماسه ،وأخذت ردود أفعالنا العشوائية تتوالى دون تصويب على الهدف الحقيقي ،الذي يمثل الظاهرة الأصلية ،وهى ظاهرة الإرهاب ،وأخذنا نسرف فى معسول القول ،وطلقات الرصاص ،أسرفنا فى الحديث عن الوحدة الوطنية ،ووحدة التاريخ والمصير ،وشركة الأفراح والأتراح ،فى محاولة لتعزيز النحن على المستوى اللفظي.
 وأسرفنا فى قوافل الدعوة والتوعية ،والوعظ والإرشاد ،والتعريف بصحيح الدين ،وتحسين أوضاع المساجد وشملها برعاية الأوقاف ،و … و… و … ، مما لا يسهل حصره ،وكلها أشياء طيبة ولكن لا علاقة لها بالمشكلة ،لقد انحرفت زاوية رؤيتنا مائة وثمانين درجة ،واعتقدنا أننا إزاء مشكلة دينية ،مشكلة اختلاف فى الاجتهاد ،مشكلة تطرف فى النظر ،مشكلة فتنة دينية بين أبناء النحن الواحد ،وأدى كل ذلك لأن تصبح مشكلتنا مزمنة.
 من المعروف سيكولوجيا ،أن جانبا هاما من سلوكنا الاجتماعي منه على وجه الخصوص ،ناتج عن التعلم ،وتلعب عوامل التنشئة فيه الدور الأساسي ،ولهذا فإن روح المسالمة لدى المواطن المصري من الأمور التي يمكن تفسيرها بهذه العوامل الممتدة على مدى زمني طويل ،فنمط تعامل المصري فى إطار النحن عميق الجذور ،الذي يعيش فى داخله بل وفى أعماقه ،يوفر له ميكانزمات ذات شرعية مقبولة ،لا على مستوى هذا النحن فحسب ،بل على المستوى الإنساني المتحضر.
 ووفقا للشرائع الدينية السامية ،إن أفكارا عنيفة ،مثل القتل والاعتداء واغتصاب حقوق الآخرين ،بل واسترداد الحق اغتصابا ،لا يتطرق إلى الوجدان المصري بوصفها شرائح "النحن" لقد كانت إحدى مسوغات القبول من الشعب ،التي قدمها انقلاب 23يوليو ،هي أنه لم يكن دمويا ،كما لم يصل الصراع السياسي بين الأطراف منذ قرن على الأقل ،إلى مستوى العدوان .
 معنى هذا ،أن العدوان فى صورته الدموية "الإرهاب " لم يكن أبدا من خصائص شريعة العلاقات داخل "نحننا "المصري،كما لم يكن الدين ،فى أي صورة من صوره المتطرفة سببا فى اقتتال على الأرض المصرية ،بل كان دائما بمثابة حوار فكرى ، بمثابة مدارس متنازعة ،بمثابة تيارات يقوى البعض منها أحيانا ،ويضعف البعض الآخر،ووفقا لعوامل التنشئة ،وميكانزمات التعلم ،لا يسهل افتراض أن كل ذلك قد تغير فجأة ،وأننا أمام حالة مختلفة لا جذور لها فى بنية هذا النحن المتماسك .
  إذا انتقلنا إلى نقطة جديدة فسنجد ظواهر حادة كان لهزتها وقع الصدمات فى مجتمعنا ،فعلى امتداد العقود الثلاثة الأخيرة حدثت تغييرات جذرية فى المجتمع المصري ،كان مهيأ لبعضها ، وغير مهيىء للبعض الآخر ، وكانت من النقيض إلى النقيض أحيانا فى أقل من عقد واحد .
 واتسعت هذه التغيرات لتشمل الثروة ، وتوزيع السلطة ونمط المشاركة فيها ،والخريطة التعليمية ،ونوعية المسارات التعليمية ،وأنماط الإشباع ،بل وشكل العالم الخارجي الذي نتعامل معه .
 كانت النتيجة المباشرة لذلك ،امتدادا متصلا لتوزيع الثروة بين فئات تعانى الكفاف وأخرى تحصل على إعانات الكفاف ،إلى دخول متفاوتة تحسب قيمتها بالتضعيف مئات المرات عن متوسط الدخول فى المجتمع ،إلى ثروات الملايين ومئات الملايين ،ومن ثروات تضخمت ،إلى ثروات نشأت من العدم ،إلى ثروات قضى عليها .
 وتراوح نمط السكن بين سكنى المقابر إلى سكنى المستوى الأدنى من الإسكان الشعبي والمتوسط ،ثم الإسكان الفاخر ،والقصور والضياع فى أوربا ،وأمريكا ،وفرص عمل تبدأ من بطالة ممتدة لأكثر من عشر سنوات بين المتعلمين وغير المتعلمين ،إلى وظائف حكومية توفر الفتات إلى أخرى ذات عائد يماثل أكثر من مائة ضعف السائد بين فئات معينة ،ومن أغان وموسيقى مسفه ،إلى حفلات أوبرا راقية لفرق أجنبية ،ومن تكدس سكنى يصل إلى عشرة أفراد فى الحجرة إلى نزلاء دائمين فى الفنادق الكبرى.
 اختلط كل ذلك فى وقت واحد بين فئات صاعدة ،وأخرى هابطة ،وثالثة قافزة من العدم ،وأخيرة مطحونة.
 وبالقدر نفسه ،نجد أنماطا من التفاوت فى التعليم ،وأنماط الإشباع ،وتوقعات المستقبل ،وهى توقعات أصبحت تمثل تهديدا لقطاعات عريضة من الشباب الذي يتطلع إلى المشاركة الإيجابية الفعالة فى نحن معطاء.
 وكما رأينا من أحد دروس علم النفس المبكرة ،أن الإحباط يولد أمرين ،أمل الانسحاب وإما العدوان ،ويأخذ الانسحاب فى حالتنا صورا عديدة من لامبالاة إلى سخرية من النفس ،إلى أنواع من العجز العقلي والمادي فى قدرات الشخص وإمكاناته ،إلى رضا بالكفاف أو ما هو أقل منه .
 ويمثل كل ذلك مشكلات للمجتمع ،ولكنها مشكلات لا تخيف ،فهي تتضمن نوعا من الاحتجاج السلبي ،خافت الصوت ،والذي لا يترتب عليه أي شكل من الإيذاء ،وبقدر من التبلد ،وصمم الآذان ،وإغماض العيون يستطيع المجتمع معايشتها لسنوات عديدة بل لعقود طويلة.
 أما العدوان استجابة للإحباط فهو فعل انتقامي ،غالبا ما يكون عشوائيا ،شحنته متجه إلى كل شئ ،وبقدر شدة الإحباط تكون شدة العدوان ،الذي يصبح إرهابا عندما تتوافر فيه شروطا معينة.
 وقد لا يكفى هذا التفسير لنشأة الإرهاب ،فالمحبط الذي تحول إلى عدوان لا جذور له فى الإرهاب ،ولا يسهل بالنسبة للشخص العادي ،الذي خضع لتنشئة اجتماعية وميكانزمات تعلم ،تدعم وتعزز المسالمة أن يتحول إلى إرهابي ،وهنا تظهر هذه الشروط المعجلة لنشأة الإرهاب.
 إن هذا الشخص ،يؤمن علاوة على ذلك بقدراته ومهاراته الشخصية وإمكاناته كما يؤمن أنه أفضل كثيرا من أولئك الذين يعتقد أنهم حققوا نجاحات سهلة ،وهذا ما يضاعف من مشاعر الإحباط لديه ،ويملأه بمشاعر الغضب والعدوان .
 ولكنه فى النهاية صاحب مفهوم إيجابي عن ذاته ،وتقدير مرتفع لها،فلا هو مجرم ولا هو سفاح بالطبيعة ،وقضيته قضية عامة (هكذا يقنع نفسه) وليست قضية شخصية.
وهذه هي بداية نشأة النحن الفرعي والاغتراب عن النحن الأم ومعاملته بوصفه آخرا،فكيف يمكن إذن التوفيق بين هذه النقائض ،المفاهيم الإيجابية والسلوك الإرهابي.
 لا يحدث هذا التوفيق إلا من خلال معادلة ذات مجهول واحد استطاعت أقلية صغيرة للغاية أن تجد لها حلا،أو تتقبل الحل الذي قدم لها ،وهى الأقلية التي تصادف بحكم قوانين  الاحتمالات أن عانت من احباطات متعددة ،ولم تنل ،أو لا تتوقع أن تنال حظها أو حقها من مصادر الإشباع وأشكاله ومقاديره .
كان هذا المجهول الواحد الذي توصلت إليه هذه المجموعة ،التي شكلت فيما بينها نحن جديد غاضب ،هو العقيدة أو الأيدلوجية ،وقد يكون توصلها لهذا المجهول بوعي أو بغير وعى .
 أو من خلال استثمار من قوى أكثر إدراكا لأهمية هذا العامل فى تحريك الوجدان المصري وربطه بالإحباط ،ومن خلال العقيدة ،لا يصبح الإرهاب إرهابا ،ولا يصبح العدوان عدوانا ،ولا ينخفض تقدير الذات واعتبارها بل يتزايد ،وينشط الأنا الأعلى ،وقد عشش فيه فيروس الهو البدائي والعدواني.
 فإذا ربطنا الإحباط بالعقيدة ،فسنجد أن النحن لا يوفر ما يريده الغاضبون ،بل هو نحن كافر أي "آخر" عدواني، ونحن (أي هم ) لا تريد هذه الاشباعات "التي حرمنا منها ) بل نرفضها ونتنزه عنها ، نحن لا نحطم لأننا غاضبون ،بل لأننا نريد أن نبنى المجتمع الجديد ،المثالي،المتفق مع صحيح الدين والعقيدة.
 وقد تكون العقيدة بالنسبة لشعوب كثيرة ،أيدلوجية وضعية براقة ،وبصفة عامة فإن المجتمعات المختلفة تفرز عقائدها أو تميل ،وفقا لبنيتها الحضارية ،إلى اعتناق عقائد معينة ،وفى مجتمعنا ،لا تتهيأ الفرصة لأولئك الذين يمثلون البقايا لفلسفة عقيدة معينة ،أو اعتناق أيدلوجية وضعية معقدة ،وهنا توفر البيئة ،ويوفر السياق التاريخي للنحن المصري هذا المطلب بصورة مثالية .
 فلا الثورة الاشتراكية الكبرى مطلبا ،أو الدور التاريخي المتميز دافعا ،ولا النقاء العرقي وحمايته محورا تتجمع حوله موجات الإحباط ،وكلها أمور تتوافر مقوماتها ونماذجها لدى العديد من الشعوب الأخرى  .
 أما بالنسبة لنا نحن المصريين ،نحن الشعب المسالم ،فالدين هو العقيدة ،والدين فقط ولاشيء غيره ،ولا يعنى ذلك أن الإيمان الديني العميق هو "المبرر" أو السبب الكافي الذي يحول هذه الفئة إلى الإرهاب ،إنه "اعتماد "الدين ،"اعتماد" العقيدة بمثابة الإطار التنظيرى الميسور لتفجر عدوان الإحباط .
 وهو إطار تنظيري ييسر الأمر ،لا بالنسبة لأولئك الذين اعتمدوه ولجئوا إليه ،بل بالنسبة للمجتمع أيضا ، فالدين فى المجتمع المصري إرث مشترك ، ومن خلال الدين ومظاهره ،يستطيع المحبطون الإرهابيون أن يخلقوا مظاهر مشتركة ولغة مشتركة بينهم ،وبين بقية الناس ،فيحصلون على قدر مناسب من التعاطف والمساندة الوجدانية فى الوقت الذي يرفضون فيه تماما هذا النحن ويعتبرونه آخر يحارب ويقاتل ويدمر).

          التعصب Prejudge
 
  تشير كلمة التعصب إلى حكم مسبق وهى مشتقة من الأصل اللاتيني Prejuicum ، والتعصب هو(*) "اتجاه سلبي نحو جماعة معينة أو نحو أعضائها،ويتميز التعصب بوجود معتقدات نمطية ،وغالبا ما يستخدم هذا المصطلح فى العلوم الاجتماعية فى مجال البحث عن الجماعات السلالية أو العنصرية،ويعرف وليامز التعصب بأنه (اتجاه سلبي ينتهك بعض المعايير أو القيم الهامة المقبولة فى الثقافة " .
 ويذكر حامد زهران فى تعريفه عن التعصب بقوله(*) (التعصب هو اتجاه نفسي جامد مشحون انفعاليا ،أو عقيدة أو حكم مسبق ، مع أو (فى الأغلب والأعم ) ضد جماعة أو شئ أو موضوع ،ولا يقوم على سند منطقي أو معرفة كافية أو حقيقة علمية .
 بل ربما يستند إلى أساطير وخرافات ، وأن كنا نحاول أن نبرره ،ومن الصعب تعديله ،وهو يجعل الإنسان يرى ما يجب أن يراه فقط ولا يرى مالا يجب أن يراه ،فهو يعمى ويصم ،ويشوه إدراك الواقع ويعد الفرد أو الجماعة للشعور والتفكير والإدراك والسلوك بطرق تتفق مع اتجاه التعصب )
 أما شريف وشريف     Sheriff and sheriff 1956فيعرفان التعصب على أنه "موقف معاد ضد الجماعات الخارجية وخاصة عندما لا يكون هناك تفاعل مباشر بين هذه الجماعات وبين الجماعة التي ينتمي إليها الفرد "
 ويذهب كرتش وكرتشفيلدKrech and Crutchfield  فى تعريفهما للتعصب بأنه" هو تلك المعتقدات والاتجاهات المتعلقة ببعض المساوئ التي يراها فرد أو جماعة ضد أقلية عنصرية أو قومية".
 وبناء على ذلك يعتبر التعصب مشكلة هامة فى عملية التفاعل الاجتماعي ،ويعتبر حاجزا يصد كل فكر جديد ،ويعزل أصحابه عن الجماعات الأخرى ويبعدهم عنهم ،ويترك أصحابه بمنأى عن التطور المتلاحق الذي تدفعه جهود البشر فى كل مكان .
  وهناك صور كثيرة لأشكال التعصب فنجد التعصب العنصري ،أو الجنسي كما نلاحظه ضد الزنوج فى الولايات المتحدة الأمريكية ،وفى اتحاد جنوب أفريقيا. وفى حقيقة الأمر أن التعصب العنصري يعتبر من الأمراض الاجتماعية النفسية السياسية والاقتصادية لبعض المجتمعات الحديثة،ويسمى "مرض الكراهية"
 أما الصور الأخرى للتعصب ،مثل التعصب الطبقي،كما نشاهده بين طبقة العمال أو طبقة الفقراء ،والتعصب الديني كما نلاحظه ضد فئات دينية مثل المسيحية واليهودية والإسلامية، فالتعصب الديني (*)ضرب من الحماس الشديد الذي يدعو إلى الغلو والاستمساك برأي أو موقف معين ،وله مظاهره ،وأوضح ما يكون فى المواقف الوطنية والآراء الدينية.
ولا يقف التعصب الديني عند الإيمان العميق بفكرة أو عقيدة،بل يتعدى هذا إلى الدفاع عنها والاستماتة فى سبيلها ،والاستخفاف بآراء الآخرين ،ويخضع للدعوات التبشيرية ووسائل الإيحاء المختلفة.
 ويعتبر التعصب حالة مرضية غير سوية على المستوى الفردي والجماعي، فسلوك المتعصب يتميز بالنظرة الحادة الضيقة الأفق ويتصف بالرعونة والبعد عن التعقل،والتصلب فى الرأي ،والخضوع لسيطرة الانفعالات الجامحة، والاستهانة بالقيم ،والعرف الاجتماعي السائدة كأن لا يلتقي مع اعتقاده .
 وإذا كان موضوع التعصب لا يتفق مع ما تواضع عليه المجتمع فأنه يكون نتيجة لازمة لعدم التكيف الاجتماعي،مما قد يشعر المتعصب بالفشل إذا لم يتحقق طموحه فى إطار القيم الاجتماعية المحيطة ببيئته ،ويؤدى هذا بدوره إلى شذوذ نفسي ينعكس فى رغبة جامحة فى الأحداث التي تثير المعاناة وعدم اللامبالاة ".
 وهناك نوع ثالث من التعصب وهو التعصب السياسي والمتمثل فى الاتجاه ضد الشيوعية أو الرأسمالية،وهناك نوع رابع وهو التعصب الرياضي،التعصب ضد فريق ما مثلا الأهلي والزمالك ..الخ.
 وتشمل كل أنواع التعصب مظاهر النفور والرفض والكراهية والميل للعدوان (المادي والمعنوي) .
 ويعد التعصب سلوك متعلم ،فليس هناك أي دليل فسيولوجى أو نفسي على وجود غريزة تسمى التعصب أو أن التعصب فطرى ،وفى حقيقة الأمر هناك استعداد للتعصب .
 ويعتبر توجيه التعصب إلى فرد معين أو جماعة معينة سلوكا مكتسبا (تعلم) ، والتعصب تحدده المعايير والقيم الاجتماعية التي يتعلمها الأطفال من والديهم ومعلميهم ومن وسائل الأعلام وسائر عوامل التنشئة الاجتماعية دون نقد أو تفكير،فهو نتاج اجتماعي لميول الفرد مزودا به ،وينو التعصب مع نمو الفرد تدريجيا ،إذ يرجع التعصب إلى مراحل مبكرة من حياة الفرد ،وأن الفرد فى بدء حياته متمركزا حول ذاته ،وينمو ليصبح متمركزا حول الجماعة .
  وينمو الشعور "بالـ النحن ،ويزداد ارتباطه بجماعته،وتلعب عوامل التنشئة الاجتماعية دورا فى إكساب الطفل وتعليمه اتجاهات مناهضة أو معادية لإحدى هذه الجماعات ،مما ينمى الاتجاه السالب لدى الطفل مع زيادة الشحنات الانفعالية ليصبح بعد ذلك تعصبا مكتسبا ضد جماعة ما.
الآثار النفسية الناتجة من التعصب.
 يمكن أن نشير للآثار النفسية الناتجة من السلوك "التعصب" بأنه:
1-يباعد التعصب بين الناس ويؤدى إلى التشاحن والصراع .
2- ينظر المتعصب إلى ضحاياه على أنهم أقل  فى المكانة والقدرات العقلية وأن لهم من الصفات غير المستحبة والمنفرة الكثير،وينظر إليهم نظرة عداء أينما وجدوا.
3-يدفع "التعصب"المتعصبين إلى القيام بسلوك لاأخلاقي أو مضاد للمجتمع تجاه ضحايا تعصبهم .
4-قد يشعر المتعصب أن تعصبه يتعارض مع مبادئه العامة مثل اعتقاده فى المساواة بين البشر وأيمانه بالعدالة والحرية. الخ.  
 سمات الشخصية المتعصبة.
 يبدو الشخص المتعصب ضد جماعة أقلية متعصبا كذلك ضد جماعات أخرى ،وقد أظهرت الدراسات النفسية أن التعصب يعتبر إحدى السمات المميزة للشخصية ،ويبدو الشخص المتعصب يفضل استخدام العقاب الجسمي والانضمام إلى الأحزاب المتطرفة الأقرب إلى الفاشية ،وإلى صلابة الرأي والمحافظة والتسلطية ،ويتصف بجمود الفكر وجمود الاتجاهات وعدم المرونة ،ويهتم بالمكانة الاجتماعية والقوة،ويتأثر بسهولة بأصحاب مراكز السلطة ويميل إلى العدوان والقلق إلا أنه يكبته ويظهر مؤدبا هادئا ويسقط عدوانه وقلقه على الجماعات التي يتعصب ضدها.
التفسير السيكولوجي للسلوك التعصبي.
 يفسر علماء النفس التحليلين التعصب بأنه يشير إلى وظيفة نفسية تتحدد فى التنفيس عما يجيش فى النفس من توتر وكراهية وعدوان مكبوت ،وذلك عن طريق عمليتي الإزاحة والإبدال دفاعا عن الذات وعمن تحبه .
 والتعصب ضد العقيدة الدينية أو الآحاد قد يكون رد فعل أو تكوينا عكسيا لرغبة عنيفة عن الإيمان تتوجس النفس من عواقبها شرا ،والعكس قد يكون رد فعل أو تكوين نفسي لميول عنيفة نحو التمرد على سلطان الدين ،وبصفة عامة على السلطة أي أن كانت فى رموزها وصورها المختلفة.
 أن الشخص المتعصب قد يجنى من موقفه كسبا ،غير أن هذا الكسب لا يختلف عما يجنيه العصابى من سلوكه الشاذ ،أي أنه كسب وهمي ناقص يفوت على صاحبه فرصة حل مشكلته حلا رشيدا واقعيا مجديا ، وقد يكون التعصب عبارة عن إسقاط نقائص الفرد ومشاعر الذنب لديه على الآخرين الذين يعتبرون كبش فداء أو ضحية ، ومن ذلك يعتبر التعصب إحدى حيل الدفاع .
 وتنص نظرية "الضحية"  Victimعلى أن الإحباط يسبب العدوان ، ويكون هناك محاولة لكف العدوان ضد المصدر الحقيقي للإحباط ، وقد يغيب أو لا يعرف مصدر الإحباط ،وذلك يسبب إزاحة العدوان على جماعة أخرى ،ويرى بعض علماء النفس أن التعصب يتسبب عن طريق حيلة "تحول المخاوف" لدى المتعصبين من تهديد المتعصب ضدهم لكيان وأمن ومكانة وذات المتعبين .
 ويشير البعض الآخر من علماء النفس أن التعصب معناه حب الذات أو عشق الذات (النرجسية) ،وآخرين يرون أن الفرد يكتسب التعصب من مجتمعه من باب الموافقة أو المطابقة أو المسايرة ويعتبر بمثابة "تذكرة دخول اجتماعي" تساعد الفرد على التفاعل الاجتماعي ومسايرة النمط الثقافي السائد فى مجتمعه .
ويرى كرتش وكرتشفيلدKrech and Crutchfield 1948أن التعصب لا يوجد فى الغالب إلا بين الشخصيات التي تعانى من السادية ومشاعر العدوان والإحباط والهذاء "البر انويا".
العلاج الإرشادي لظاهرة التعصب.
 هناك طرق نفسية متبعة لعلاج التعصب نذكر منها:
1-نشر المعلومات الوافرة الصحيحة،و إعطاء البيانات الموضوعية عن الأفراد والجماعات العنصرية خاصة فى مجال علم الاجتماع وعلم الإنسان والجغرافيا البشرية وتقديم قراءات مختارة والقيام بزيارات منظمة،وتلعب وسائل الأعلام والدعاية دورا هاما فى هذا الصدد.
2-نشر المبادئ الديمقراطية الصحيحة والقيم الإنسانية ومبادئ التسامح الاجتماعي.
3-بعث روح التعاطف بين أفراد المجتمع عن طريق التربية التقدمية والتنشئة الاجتماعية السليمة منذ الطفولة المبكرة ،وتدل البحوث على أنه كلما زاد التعليم الفرد مال إلى التخفف من التعصب .
4-إشراك الفرد فى عضوية جماعة ليس فيها تعصب ضد الجماعة التي يتعصب الفرد ضدها.
5- إصلاح الجماعات التي يصدر منها التوتر .
6-تشجيع الاختلاط والاتصال الفعلي بين الجماعات وإتاحة الفرصة أمام الإفراد والجماعات لاختبار أفكارهم فى الواقع فى إطار موضوعي بحيث تكون ظروف المعايشة والمخالطة تدعو للتعاون المتبادل.
7- القضاء على أسباب نمو التعصب ودعم قطبي التنشئة الاجتماعية (كل من الأب والأم ) بوعي تام فى التربية السليمة للأطفال الخالية من التفضيل والمساواة بينهم.
8- إظهار عيوب التعصب ومضاره النفسية بالنسبة للمتعصبين أنفسهم.
 
الثــأر FEUD.
 الثأر "(*)دافع يلزم بالقصاص والانتقام بين جماعتين ،اعتدت إحداهما على الأخرى ،وقد عرف فى شعوب كثيرة قديمة وحديثة،وكان عرب الجاهلية يحرصون عليه حرصا شديدا ،ولهم فيه وقائع وأيام مشهودة،وكانوا يحرمون أنفسهم الطيبات إلى أن يأخذوا بثأرهم .
وصاحب الثأر هو القريب الأقرب ،فإن مات قبل أن ينال ثأره يضطلع بهذا الواجب من يليه فى القرابة.
 ولا يزال طلب الثأر واجبا تلتزم به القبائل والعشائر فى العالم العربي جميعه ،وله شأن ملحوظ فى صعيد مصر ،حيث يحتفظ النظام العشائري بشيء من قوته، ويمتاز نظام الثأر بخصائص أهمها أنه نظام جماعي يتحقق بين قبيلتين أو عشيرتين ،وفيه ما يدل على تماسك كل واحدة منهما وشعور كل فرد فيها بالواجب المشترك ،وأوضح ما يكون ذلك حين تكون وحدة القرابة أحادية السلالة ،فالاعتداء على فرد من أفراد هذه الجماعة يعتبر موجها إلى أفرادها جميعا ويلتزمون بالثأر له وينسون فى سبيل ذلك خصومتهم الداخلية.
 والأصل فى نظام الأخذ بالثأر ،أنه يتجه إلى العشيرة كلها التي ينتمي إليها الجاني،لا إلى الجاني وحده ،فهو يقوم على نظام المسئولية الجماعية."
 تشترك ظاهرة الثأر مع ظاهرتين أخريين وهما القصاص، والانتقام ، فهم جميعهم يشتركوا فى كونهم سلوكيات عدوانية .
 فالقصاص كسلوك يشير إلى اتجاه ما فى علاقة العدوان بين الأفراد ، فالقصاص حق مشروع للمعتدى عليه ،يلزم المجتمع بالاقتصاص له من المعتدى، وأساس السلوك فى "القصاص" هو تكافؤ الضرر وحماية المعتدى من تجاوز المعتدى عليه لحدوده ،فى رده لحقه منه وضمانا للمعتدى عليه من رد كل حقه من المعتدى.
 فالقصاص هو تنظيم اجتماعي يأخذ شكل القانون وتقوم السلطة بتنفيذه فيما يخص علاقة الاعتداء بين الأفراد، وأهم أسس القصاص كسر العلاقة التي تنشأ بين فردين بتدخل السلطة بينهما بحيث تعبر الاعتداء الواقع على فرد ما هو اعتداء عليها وبحيث تعتبر نفسها مقدرة الحق المراد رده منفذته الوحيدة.
 أما الثأر(*) فهو فصل المعتدى عليه فى رد حقه الذي قرره بنفسه وبوسائله الخاصة ،ورفض تدخل سلطة المجتمع فى علاقته بالمعتدى، ولذلك يعتبر الثأر قصاصا فى إطار من الانعزال عن السلطة العامة ،وفى إطار من الفردية بمعناها المجرد أي بمعنى القانون الذي يسنه صاحب الحق لنفسه ، والفرق بين القصاص والثأر يكمن فى مصدر التشريع وسلطة التنفيذ وليس فى مبدأ رد الحق.
 أما الانتقام : فهو مفهوم يتسع للثأر ولأفعال عدائية أخرى لا علاقة لها بالثأر ، وهو عدوان غير محدد بهدفه أو بمداه أو بمادته أي عدوان غير متكافئ ،بينما الثأر عدوان محدد بهدفه وهو قتل إنسان فى مقابل إنسان قتل سابقا ،ومحدود بمداه وهو قتل شخص فى مقابل شخص ،أما الانتقام فهو قد يوجه إلى موضوعات مادية أو معنوية أو بشرية مما يجعله فى وضع خاص من القانون، وعلى ذلك فالانتقام غير ملتزم بمبدأ التكافؤ بين الضرر والأضرار.
 وكل من الثأر والانتقام والقصاص سلوكيات ناتجة من العدوان ،فالانتقام والقصاص مشاعر شائعة فى الإنسان باختلاف حضاراته ورقيه باختلاف سنه وثقافته ، أما الثأر فيقتصر على فئات بعينها وثقافات بعينها وحضارات بعينها .
 التطور التاريخي للثأر:
 من المعروف أن الثأر كسلوك ينشط فى المجتمعات القبلية التي تلعب فيها روابط القرابة والعصبية دورا هاما ،فالمجتمعات الزراعية التي يقوم نظام الإنتاج فيها على أساس الأسرة وليس العائلة ،وعلى أساس قرابة الجوار وليس قرابة الدم يقل فيها سلوك الثأر بشكل ملحوظ.
 على حين يزداد سلوك الثأر فى المجتمعات التي تتصف بالرعي والصيد  ،وما يترتب من قيام الإنتاج على أساس العائلة وقرابة الدم.
 فالثأر نظام دخيل على مصر الزراعية مستورد إليها من مجتمعات قبلية فليس فى التاريخ الفرعوني أي دلائل تشير على وجود نظام الثأر كما أن كل معالم تاريخ مصر خالية من دليل مقنع على وجود ظاهرة الثأر منه إلى أن جاء الفتح العربي لمصر ،ويرجع تاريخ الثأر فى مصر إلى ما بعد الفتح العربي .
 ويؤكد أن العرب هم من أدخلوا الثأر كنظام فى مصر ما نجده من تطابق قوانين الثأر فى بلدان خضعت للحكم العربي فترة ،فالثأر فى شمال أفريقيا مطابق للثأر فى ريف مصر وصعيد مصر ذلك بالإضافة إلى أن الثأر فى مصر له شروط فى نظام الفندتا فى كورسيكا،.
 والثأر سلوك له طابع خاص وهو ظاهرة فى مجتمع لا يقبلها بحكم أسسه البنائية ،ولكنها قاومت نفوره لقوة خاصة تحكمها ،وربما كانت تلك القوة هي حاجة المجتمع فى فترات تفككه إلى تصريف طاقاته بنظام خاص عندما ينتقد نظامه العام فالثأر كنظام خاص لتصريف العدوان ينتشر فى المناطق والفترات التي تضعف فيها سلطة الدولة وتقل فاعلية نظام القصاص كقانون منفذ من السلطة.
 وتدل إحصاءات الجريمة فى مصر أن الثأر ينتشر فى ريف مصر أكثر من انتشاره فى مدنها ،كما أن انتشاره فى جنوبها أكثر من انتشاره فى شمالها ،وذلك بالإضافة إلى انتشاره فى القرى المنعزلة إداريا أكثر من انتشاره فى القرى ذات الاتصالات الخارجية.
 وينتشر الثأر فى المجتمعات المغلقة والتي تعتمد فى علاقتها على النظام القبلي ،والتي لا يكون للفرد فيها قيمة إلا فى جماعته المرتبطة بها بعلاقة دم ،وذلك يعنى أن الثأر ظاهرة تنتشر فى تلك القرى التي يحصل الفرد فيها على قيمته من قيمة بدنته وعشيرته ،ثم يلاحظ كذلك أن تلك القرى تكون فى وضعها الإداري بعيدة عن النفوذ الفعلي للدولة والرقابة القانونية والتنفيذية.



اللغة الاجتماعية لقانون الثأر.
يدل المثل القائل (المعركة بدنان والدم بيوت) على وصف قاعدة الثأر الاجتماعية وهى أن الثأر يخص بيوت فلا يجوز لشخص من بيت أخر أن يأخذ بثأر بيت ما .
ولكن تقوم البدنه بدور من يحمى ويساعد ويعضد صاحب الثأر فى أخذ ثأره ، ووراء هذا القانون يقف نظام القرابة ،فعند قتل شخص من عائلة تنتمي إلى بدنة تشعر العائلة بالخسارة وتطلب التعويض ،وفى هذه الحالة تكون البدنة التي تنتمي إليها العائلة فى حالة مشاركة فعلية ومستعدة لمؤازرة إذا منع صاحب الثأر من ثأره ،كما أن البدنة المعتدية تكون مستعدة بنفس الأسلوب ،.
 وعلى ذلك نجد أن قانون الثأر هو نفسه قانون القرابة ومطابق للنظام الطوبغرافى الاجتماعي النفسي ،وهذا ما يجعل الثأر ظاهرة قابلة للاتساع من نقطة مركزية إلى محيطات تزداد مدى مع استمرار طلب الرد ،بحيث قد تتحد بدنات مجاورة ضد بدنات أخرى لتعتبر أن المعركة معركتها هي أيضا و أحيانا ما تكون البدنة المجاورة بدنة مسيحية /مما يشير إلى ما وراء فكرة القرابة من مصالح مادية.
 ويتضمن الجزء الثاني من القانون على التكافؤ،فقتيل بقتيل دون اعتبار للمركز أو للمكانة عدا فى حالة واحدة هي قتل رب الأسرة أو شيخ البدنة ،فقتل رب الأسرة لا يعادله قتل رجل من الأسرة المعتدية بل عدد من الأشخاص .
 وفى حقيقة الأمر  أن مبدأ التكافؤ محير من حيث شكله فالثأر هو تكافؤ الضرر ،بحيث ينتهي إذن تكافؤ عدد القتلى من الطرفين ،ورغم ذلك فعلاقات الثأر لا تنتهي لأسباب وهى:
1-لاستمرار العدوان بصورة ممكنة فى أي وقت مما يؤدى إلى تجدد الثأر بعدد تكافؤ العدد.
2- أن انضمام بدنات (أسر) لبعضها ضد أخرى يجعل التكافؤ مستحيلا إذ قد يتساوى القتلى أجمالا ولكنه لا يتساوى تفصيلا.
3- أن تدخل الحكومة فى علاقة ثأر قد تجعل التساوي أمرا صعبا نظرا إلى أن الثأر هو قصاص خارج حدود المجتمع .
 القانون السيكولوجي لسلوك الثأر.
 من الملاحظ أن العدوان الممارس فى الثأر هو عدوان بين أقارب ،إلا أن المظهر الخارجي له له بالأهمية بمكان لا يغفل، فحدود الوحدة القرابية تتجه إلى الداخل باستمرار فى شقها النفسي وتتجه إلى الخارج فى شقها الاجتماعي ، ويتضح ذلك من المثل الشعبي السائد (المعركة بدنات والدم بيوت ) ،ومثل أخر (أنا وأخويا على ولد عمى ،وأنا وأبن عمى على الغريب)
 أن القانون النفسي للثأر مطابق فى شكله للقانون الاجتماعي ،ولكنه مضاد له فى حركته ،فالأرض فى مجتمع الثأر ذو قيمة اقتصادية بالغة ترتفع من أهميتها للشخص حيث تدفعه مصالحه الاقتصادية إلى المصاهرة والتحالف مع أسر (بدنات) أخرى وإلى جانب ذلك نجد أن الأرض ليست مجرد مكان يزرع ويسكن بل هي أرض محملة بالتقاليد والتراث تدفع الشخص إلى معاداة معنوية (لأسر)بدانات أخرى ،ولو كان ذلك على حساب المصالح الاقتصادية ،لذلك نجد أن الأرض قد تؤدى فى شكلها الاقتصادي الاجتماعي دور الحافز على الحياة ،وتؤدى فى شكلها المعنوي النفسي دور المحرض على الموت.
  فالفرد فى مجتمع الثأر لا قيمة له فى ذاته بل قيمته مستمدة من بدنته (قبيلته) ،ورغم ذلك يبدو أن الإهانة البسيطة الموجه إليه تدفع بدنته كلها إلى ردها ، وهذا يوضح أن التناقض فى الثأر يتميز بأنه تناقض له اتجاه رأسي وأخر أفقي .
 
 ففي الاتجاه الرأسي نجد أن الفرد له قيمة البدنة (القبيلة) كلها والمساس به وحده مساس بالبدنة كلها والمتحالف معها.
أما فى الاتجاه الأفقي فنجد أن القيمة متشاركة فى الجميع ،دون تمييز والمساس بالقبيلة (البدنة) مساس بالأفراد كل على حده وبقدر متساوي
 ويتلخص قانون الثأر من الوجهة السيكولوجية فى الآتي:
1-رجل برجل .
2-اعتداء على رجل هو اعتداء على قبيلته.
3-لا ثأر من طفل أو امرأة .
4-الثأر بين (القبائل)البدنات وليس داخل البدنة الأبوية الواحدة.
 
 ونخرج من ذلك أن الثأر نظام اجتماعي ينظم علاقة العدوان بين أفراد القبيلة الواحدة فى المجتمع الزراعي المغلق ذي الشكل القبلي ،حين يكون قانون المجتمع المفتوح ضعيفا .
 وأساس هذا النظام هو تفريغ العدوان فى اتجاه معاكس لحقيقته ،فالعدوان متجه إلى الخارج لمنع انصرافه إلى الداخل ،يتجه من الفرد إلى الجماعة منحصر فى الرجل دون المرأة ينصرف إلى الغريب دون الشقيق مستفحش إذا اتجه إلى الأب وانقلاب
 العدوان واضح فى علاقة الثأر بالمرأة ،فأي شئ كاف لاستثارة الثأر عدا المرأة ،إذ يقع الإغفال عليها تماما ،فالمرأة فى مجتمع الثأر موضوع مزدوج الوظيفة ،أن وظيفتها الرسمية تكاد أن تكون معدومة ،إذ لا سلطة لها إطلاقا إلا على أولادها ،ولكن مادامت سلطتها ممارسة على الأبناء فهي فى النهاية السلطة الفعلية فى المجتمع ،إذ أن كل أب هو أبن لامرأة.
 
 أن الرجل فى مجتمع الثأر شخص يستمد اعتباره من رب الأسرة الذي يعطى (القبيلة) اعتبارها العام ويخضع الشخص للعلاقة الأبوية خضوعا تاما بحيث يصبح حقه فى مكانته منحة من ممتلك كل شئ (الأب) ،ويقابل حصول الأب على هذه السلطة فقدان الأم لها تماما من حيث الشكل لذلك كانت المرأة فى مجتمع الثأر شخصا لا اعتبار له ،وليست لها سلطة إلا على الأبناء وزوجات الأولاد .
 ذلك بالإضافة إلى أن تلك العلاقات لا تسمح بالنزعات الفردية فى التنافس والعدوان ،بل توقعها تحت تحريم شديد وتوجهها إلى الخارج ،فبدلا من أن يتنافس الاخوة فإن المجتمع ينقل التنافس إلى بدائل هم أولاد عمومتهم .
وهذا ما يتماشى مع الاتجاه المعكوس لعلاقة الثأر ،أن الموضوع الأول للعدوان والتنافس فى إطار الملكية المطلقة هو الأب ثم الأخ ،ولكنه فى حالة التنفيذ يقع كل التحريم على الأب ،ويقع كل المنع على الأخ ،لذا كان الثأر عدوان موجه إلى الأب والاخوة يستبدل بأب وأخوة آخرين
 فالثأر تقنين لعلاقة العدوان ضد الأب فى المستوى السادي وذلك بإبدال الأب بمثيله (العم) والشقيق بمكافئه (الأخ) ، أن الرغبة السائدة فى المجتمع الثأري هي المرأة والفعل هو منافسة ممتلكاتها عليها ولكن هذه الخصائص تمتزج امتزاجا خاصا هو نفى كل تلك الصفات والتمسك بنقيضها ،فالعداء لا يوجه أبدا إلى الأب ولا إلى الشقيق ،والتنافس لا يكون أبدا على المرأة .
 أن الثأر هو صراع على بديل الأم وهو الأرض ،وعلى الأشكال المادية لمصادر الإنتاج بعد تغليفها بشحنات وجدانية عالية التقاليد والقيم ) .








الفصل العاشر
   النظريات النفسية فى الإرشاد النفسي










  معنى النظرية   :
 حقيقة أن العلم ليس موقفا توفيقا ، أي  لابد أن يكون العالم ملتزما بنظرية محددة عند استنباطه للفروض والتحقيق منها بل وتفسير نتائجها .
 لكن تاريخ العلم حتى بالنسبة للعلوم الطبيعية زاخر بالتوفيق بين النظريات والتداخل فيما بينها خصوصا فى بداية نموه ، ولعل هذا ما حدث خلال النصف  الأخير من هذا القرن بالنسبة لعلم النفس على وجه الخصوص ، نظرا لأن نظرية كانط فى معظمها إمتدادات طبيعية لبعضها أو على الأقل تشكل زوايا وأبعاد للنظر إلى الشخصية يتعين اخذ معظمها فى الاعتبار عند تفسير ظاهرة الشخصية .
 ولكن ما هي النظرية ؟ .
 وما دورها فى العلم وما جدوى الالتزام بها ؟ 00  
  المعروف أن النظرية توجد فى مقابل الحقيقة دائما. وذلك لأنها فرض لم يتأيد بعد ، أو بالتحديد هي نسق متكامل من الفروض المتجانسة والمرتبطة أساسا بموضوع الظاهرة التي تسعى النظرية لتفسيرها كما يدخل فى هذا النسق مجموعات من التعريفات الإجرائية والمفاهيم الوسيطة وغير ذلك من الاصطلاحات التي تهدف إلى وصف الواقع وتفسيره  كما يتصور صاحب النظرية ، نظرا لأنها تحدد سلفا الإجراءات التي يمكن بها قياس هذا الواقع . وعندما تتأيد النظرية تصبح حقيقة .
  فالنظرية مجموعة من المتواضعات ، أو المسلمات التي ابتكرها صاحب النظرية ، وافترض أن لها مقابل ( نظري ) فى الواقع وتهدف النظرية دائما إلى معاونة من يأخذ بها على استنباط الفروض التي تصلح للدراسة وإدراج النتائج الجديدة فى النسق النظري للنظرية بهدف إثرائه وتجديده ، كما أنها تعمل على تنظيم وتكامل البيانات والمؤشرات المختلفة المتصلة بالواقع أو بالظاهرة ( موضوع النظرية ) وكذلك فإنها تعين على تفسير وفهم الوقائع والعلاقات المرتبطة بهذا الواقع من خلال ما تتضمنه من مجموعة القوانين العلمية ( أو المبادئ ) الثابتة نسبيا .
 وهكذا يصبح التمسك بنظرية ما رهن بقدرتها على ربط الحقائق المتفرقة وعلى التنبؤ بحقائق إضافية ، وعلى إمكان التحقق من هذه التنبؤات بالتجارب المنظمة . فإذا جاءت نتائج هذه التجارب مؤيدة لما تقول به النظرية ازدادت درجة احتمال واقعيتها ومن ثم كان تمسك العالم بها اكثر ، أما إذا تعارضت النظرية مع الواقع المشاهد لجأ العلماء إلى تعديلها أن أمكن أو تغييرها ، وعليه فإن وصف نظرية ما بأنها صادقة أو غير صادقة ليس صحيحا من الوجهة المنطقية ولا يتلاءم مع وظيفة العلم .
 ولقد أسفر جهود علماء النفس منذ بداية هذا القرن عن استنباط مجموعة غير قليلة من النظريات الخاصة بالشخصية ومنها على سبيل المثال "نظرية التحليل النفسي لسيجموند فرويد ،ونظرية يونج ،ونظرية أيريك بيرن ،ونظرية كيرت ليفين ،ونظرية كارل روجرز ،وغيرها من النظريات النفسية التي تساعد على فهم النفس الإنسانية
            دراسة السلوك الإنساني
       من منظور متعمق "النظريات التحليلية"
  وهذا المنظور يتناول نفس السلوك الصادر عن الإنسان من حيث (الفهم ) أي الهدف . انظر الآن  إلى تلك السطر التي نقراها فأنني مشدود بانتباهك غليها ؟ أليس كذلك ؟       
 فنظرك الآن متعلق بهذه الأسطر التي تقراها حتى تفهم  ما هو معروض فيها من أفكار وتقرر أن تنتقل إلى السطر الذي يليه أو أن تعيد نفس السطر من جديد حتى يكتمل إدراكك للفكرة المشارة ، فإذا فهمت ( أدركت ) الفكرة  قررت الانتقال إلى اسطر الذي يليه فما الذي حدث ؟ أن المخ قد أطلق إشارة تنبيه  إلى العين كي ينتقل إلى السطر الآخر حتى تنتهي في الورقة كلها فيصدر المخ إشارة إلى الأصابع كي تقلب الصفحة – لاشك في أن هذا مستوى معين من التفسير الآلي لميكانيزمات عمل المخ وهناك مستوى آخر يمكن فهم عمل المخ على أساسه بأخذ بأسباب الفهم والمعرفة والإدراك فأنت الآن  جالس فى غرفة مكتبك أو أي مكان قد تعودت القراءة فيه وبجانبك كتاب لونه أبيض وفلم لونه أزرق وإذا نظرت فى النافذة ستجد زرقة السماء وإذا ما تساءلنا هل أنت ترى هذه الأشياء فى حقيقة ذاتها ؟
  أم بعد أن تعيد بناء ذلك الواقع الخارجي من جديد ؟ هل أنت رأيت اللون الأزرق المتمثل فى القلم والسماء فى حد ذاته ؟ أم أنك قد أعدت بناء هذا اللون فى عقلك ( مخك ) –إن الذي حدث فى هذه الأشياء ذات الألوان قد سقط منها شعاع ضوئي ذات أطوال معينة سقطت على عدسة العين فنقلتها على الشبكة التي نقلتها إلى الحزم العصبية 000 إلى المخ الذي قام بالترجمة الفورية لتلك الأطوال فى الشعاع الساقط على العين ليحدد الحجم والمساحات والألوان التي تعكس موضوعات وأشياء ذات وجود فى حيز الإدراك – وهذا مستوى آخر فى التفسير يختلف عن المستوى الأول .









    نظرية سيجموند فرويد
               Freud
 
  من هذا نرى أن تكوين الشخصية ما هو إلا مفهوم التكامل بين منظماتها المختلفة فلقد  نرى تكوين الشخصية لدى فرويد Freud على سبيل المثال ، فالشخصية لديه تتكون من قوى ثلاث منفصلة وغير منفصلة تعمل فى وحدة تكاملية لأن كل منها لها خصائصها ووظائفها ومكوناتها ومبادئها وميكانزماتها ودينامياتها وغير منفصلة الآن كلها يتفاعل بعضه مع البعض الآخر ، ولا يمكن فصل تأثير أحدها عن الآخر ، لذلك فإن سلوك الإنسان إنما هو نتاج عمل هذه القوى الثلاث وهذه القوى هي السهو    Id   والأنا  ego   والأنا الأعلى superego .
الهو id  
  هو مستقر الطاقة النفسية والبيولوجية ويتكون من كل ما هو موروث أي ما هو فطرى بما فى ذلك الغرائز instincts  ، ويسميه فرويد " بالواقع النفسي الحقيقي " لأنه محصلة تجربة مقصورة على الخبرة الذاتية للعالم الداخلي ويجهل كل شئ عن العالم الواقعي ، هو جانب لا شعوري عميق لا يعرف عن الأخلاق شيئا ولا عن القيم  ،
 والهو يتخلص من التوترات غير المريحة أي المؤلمة آتى تصيب الفرد بطريقة مباشرة أي يخفض التوتر أيا كان صوره وهذا المبدأ هو مبدأ اللذة Hedonism  والهو من الجانب البيولوجي للشخصية ، ولكي يتغلب الهو على الألم ويحقق اللذة فإن هذا يتطلب " عملية أولية " التي تزود الفرد بصورة ذهنية لموضوع يزيل التوتر .
  كما يحدث فى الحلم الذي يكون غالبا محاولة لتحقيق رغبة ، على أن العمليات الأولية غير قادرة على خفض التوتر وأن كانت هي الواقعة الذي يعرفه الهو ، ولما كان الفرد لا يستطيع أن يحقق رغباته تحقيقا حقيقيا فى الحلم فأن هذه العمليات الأولية تلزم أن يكون إلى جانبها عمليات نفسية ثانية وهنا تبدأ الأنا فى الظهور .
الأنـاego  
  الأنا تتكون بالفعل من التنشئة الاجتماعية ، ذلك أن حاجات الكائن الإنساني تتطلب طريقة مناسبة للتعامل مع العالم الخارجي ، أي تتطلب تعلما لكيفية إشباع الفرد لحاجاته الفطرية دون معارضة من العالم الخارجي ( العالم الواقعي ) أوكف لها أو إحباط.
 والأنا مركز للشعور والإدراك والتفكير وتبصر للعواقب ، لهذا فهو يقوم بالحد من اندفا عات السهو وتعديل سلوكه ، لذلك فإنه يخضع لمبدأ الواقع ويعمل طبقا للعمليات الثانوية أي للتفكير الواقعي فيشبع هذا الدافع ويرجئ ذلك  دون إسراف فى الإشباع أوفى الإرجاء ، ويتميز بهذه الصفات أنا الراشد السوي،
بينما يكون أنا الطفل فجا ، يخضع لمبدأ اللذة .
 والأنا يستعيد قوته من السهو وهدفه المحافظة على حياة الفرد والعمل على تكاثر النوع الإنساني ، أنه الشخصية الشعورية وأنه الجانب السيكولوجي للشخصية .
الأنا الأعلى  Super - ego
   ويمكن النظر إليه على أنه سلطة تشريعية تنفيذية أو هو الضمير
  Conscience  وهذه السلطة أو هذا الضمير هو ممثل للقيم كما تعلمه الطفل أثناء عملية التنشئة الاجتماعية عن طريق الثواب والعقاب ، والأنا الأعلى يبدأ من سن مبكرة ، لذلك فهو جانب لا شعوري . هو مثالي ينزع إلى الكمال فالطفل لكي يحصل على الثواب ويتجنب العقاب فأنه يتعلم أن يسلك السلوك الذي يرتضيه والداه وينبذ ما ينبذه والداه ، فكل ما يعاقبانه عليه يستطبه ضميره، وكل ما يرتضيانه يتوحد بأناه المثالية فالأولى تمثل شق الأنا الأعلى والآخر يشكل الشق الثاني له .
 ويتم ذلك عن طريق الميكانزم أو الحيلة ، فالضمير يعاقب الفرد والأنا المثالي يجعل الفرد يشعر بالفخر بنفسه ، بذلك تتم عملية الضبط الذاتي ولا حاجة لعقاب أو ثواب الوالدين ، أي يتم تنشئة الأنا الأعلى .
 من ذلك نرى أن فى الشخصية ثلاث قوى متعاونة تعمل كفريق واحد متعاون قوة بيولوجية وقوة سيكولوجية وقوة اجتماعية والشخصية تكون قواها متعاونة فى حالة السواء ، متصارعة فى حالة المرض أو سوء التوافق ، وبهذا يسوء توافق الفرد ، ويصبح نهبا للصراعات والقلق والتوتر ، ولا يصبح متمتعا بالصحة النفسية .
ميكانزمات الدفاع .
  عندما يحدث صراع بين الدوافع الذي يلح فى طلب الإشباع وبين القوى التي تعوق هذا الإشباع فيتصنع الأنا الأعلى ما يعرف بأساليب التوافق للوصول إلى حل ودي للصراع وبذلك فإن الأساليب التي يلجأ إليها تتسم بالمرونة والخداع والالتواء 00 وبذلك يحقق الأنا توفيق الشخصية ونجاحها اجتماعيا . ومن هذه الأساليب :
1 – القمع .
 عندما يقوم الأنا بتأجيل إشباع الدوافع أو التعبير عنه إلى أن تتهيأ الظروف المناسبة لهذا الإشباع أو التعبير . لإذن فالقمع عملية استبعاد مؤقت والانا يقم بوعي تام بهذه العملية ويسيطر عليها 000 لذا فان عملية القمع شعورية .


2 – الكبت Repression .
 وهو عملية يقوم فيها الأنا باستبعاد الدوافع والذكريات والأفكار من منطقة الشعور إلى اللاشعور ومن هنا لم يعد يشعر بها الأنا وهذه الدوافع لا تموت بانتقالها إلى اللاشعور بل تظل حبيسة بطريق غير مباشر عن طريق هفوة أو حلم أو مرض نفسي إشباعا  محرفا مقنعا .
 3 – النقل  Displsment.
  ويقوم الأنا فى هذه العملية بنقل دوافع أو رغبة مرتبطة بموضوع معين إلى موضوع آخر 000 ويقوم الأنا بهذا النقل لا شعوريا أو شعوريا – مثل الزوج الذي يصب غضبه على زوجته عندا يهان من رئيسة وذلك لتصريف دافع العدوان الذي استثير لديه .
4 – التسامي Sublimation.
  وهو إحدى العمليات التي يلجأ إليها الأنا فى حله للصراع فينقل طاقة دافع من موضوع أصلى تريد أن تنطلق إليه إلى موضع آخر بديل مقبول اجتماعيا وتتم هذه العملية على مستوى لا شعوري ،مثل تحويل طاقة الدافع الجنسي  لدى المراهقين إلى الرياضة والفن والخدمات الاجتماعية . ويحدث التسامي أيضا فى السلوك العدوان فبدلا من العدوان والتدمير فيتسامى بها الأنا الأعلى فيصرفها فى الرياضات العنيفة المحبذة اجتماعيا ( الملاكمة – المصارعة )
5 – الإسقاطProjection   .
  فإذا حدث  صراع داخل الشخص حول دافع معين فيقوم الأنا بأن يتخلص من هذا الدافع برميه على شخص خارجي أو أي شئ  خارجي . وترى الشخص أن هذا الشخص أو الشيء الخارجي دوافعها هي واتجاهاتها هي وخصائصها الذاتية هي .
  وهكذا نميل إلى أن نسقط دوافعنا وميولنا وأحاسيسنا التي لا نحب الاعتراف بها على غيرنا من الأشخاص بحيث نراها ملتصقة بهم بعيدة عنا ( كما يعتقد المجنون أنه عاقل وما سواه مجانين ) .والإسقاط يحدث على مستوى لا شعوري وهو لا يشمل الدوافع والرغبات والخصائص المرفوضة اجتماعيا فقط بل والمقبولة اجتماعيا 00 فيدرك الشخص السعيد أن كل الناس سعداء وهكذا.
6 – التوحد Identification.
  قبل أن نفهم التوحد لابد أن نفهم عملية المحاكاة والتقليد 00 فالتقليد يقوم به الشخص فى تقليد حركات شخص آخر وتفكيره وهذه العملية مؤقتة ( مثل الممثل وتقليده لدور شخصية تاريخية مثلا ) إذن يصنع الفرد نفسه شعوريا فى موقف الشخصية التي يقلدها بشكل مؤقت.
 أما التوحد فهو عملية تلجأ إليها الشخصية بشكل شعوري فتتمثل بهذه العملية وتندمج اتجاهات ودوافع شخص آخر بحيث تصبح اتجاهات ودوافع أصيلة لها 00 ولهذا فإن التغير الذي يحدث فى الشخصية نتيجة عملية التوحد لا يكون مقصودا أو مؤقتا ومفتعلا مثل المحاكاة .
 فالابن يتوحد بأبيه ولا يقلده وكذلك البنت والشخص يتوحد بالشخصيات التي يرى فيها مثله العليا 00 ويشبع دوافعنا ويحقق ميولنا كنوع من إشباع هذه الدوافع التي قد تكون محيطة فى الواقع 000 فلا عجب أن نجد بين المشاهدين  يسعد عندما ينجح البطل وينفجر باكيا عندما يلاقى البطل مآسي لأن النجاح الذي يحدث لمن نتوحد بهم نجاحا لنا والعكس يكون إحباطا لنا.


7 – التحول Teranferance.
  يلجا فيها الفرد إلى حل صراعه النفسي عن طريق تحويله إلى حل يبدو فى عرض جسمي وتتم لا شعوريا – ونجدها فى الهستيريا التحولية كالشلل الهستيري للذراع . والعلاج فى هذا لا يفيد إلا العلاج النفسي .
8 – التكوين العكسي Reaction Formation .
  وهو تكوين سمة شخصية مضادة لدافع غير مرغوب فيه يوجد دفينا فى الشخص بحيث يطرأ تغير جوهري على هذا الدافع تقلبه إلى الضد تماما فى شعور الشخص وفى هذه الحالة يكون ما فى شعور الشخص مضاد لماه وموجود بلا شعوره ( مثال عدم الاشتهاء الجنسي للمحارم عند الكبار كتكوين عكسي لاشتهائهم فى الطفولة الأولى والشفقة المفرطة كتكوين عكسي للرغبة الجامحة فى القسوة والاعتداء .
 ونود أن نقول أن الرغبات والميول التي يعالجها الأنا باستخدام هذه العملية هي المنبوذة اجتماعيا وتتم لا شعوريا.
9 – التبرير .
  يلجأ إليها الأنا ليبرر سلوك الشخصية أو ميولها أو دوافعها التي لا تلقى قبولا من المجتمع أو الأنا الأعلى بحيث يقدم الأنا مبررات وجيهة تقنع الشخص على المستوى الشعوري بها ويحاول إقناع الغير أيضا حتى لا يلام على ذلك( مثل التلميذ الذي يبرر رسوبه بتحدي المدرس له ) .
 وهذه العملية لتبريره تحفظ للشخص ثقته وتقديره لكفاءته ولنزاهة دوافعه وسلوكه وترفع قيمته لدى الآخرين  ، وهذه العملية تتم لا شعوريا 000وتكون الشخصية صادقة فى إقناعها بما تقدمه من أسباب تبريريه لسلوكها ودوافعها وهذا بخلاف التمويه الذي يلجأ إليه الشخص شعوريا .
10 – النكوص Regression.
  هو عودة الشخصية إلى أنماط من السلوك والإشباع النفسي لدوافعها لا تتفق مع مرحلة النمو التي وصلت إليها فتصبح كالشخص الراشد الذي ينطق الكلام بطريقة طفلي مثلا . وهذا السلوك يعتبر غريبا .
  فالنكوص يلعب دورا أساسيا فى الأمراض والانحرافات الجسمية حيث نجد أن الشخصية التي بلغت سن الرشد وقد تراجعت إلى دوافع وأساليب إشباع غير ناضجة لن تتفق والنضج الجسمي الذي وصلت إليه . وتلجأ الشخصية فى ذلك إلى تحريف دوافعها وأساليبها الطفلية حتى تموهها على الآخرين وعلى الذات.
11 – الاستدماج Interjection .
  هي أن يقوم الفرد بإستدماج الموضوعات التي يهتم بها داخل ذاته بحيث تصبح جزءا منه أي  من ذاته وبذلك ينفصل الفرد عن العالم الخارجي المحيط بحالة شبه بالاكتفاء الذاتي.
 12– الأحلام Dreams.
  هي عملية يلجأ إليها الفرد لإشباع دوافعه التي تلح على طلب الإشباع إذا كان هذا الإشباع مستحيلا فى الواقع ويصدق هذا على أحلام اليقظة وأحلام النوم 000ففى أحلام اليقظة يحقق أهدافه عن طريق  تخييلات 00
  أما فى أحلام النوم فالأمر يختلف لأن الرغبات فيها مموهة مخفاة بحيث لا يعي الحلم نفسه هي عمليات وحيل من طبيعة خاصة تميز اللاشعور عن الشعور فيما يستخدم من منطق وحيل والتحليل النفسي هو آذى ينجح فى كشف الدوافع التي تشبعها الأحلام.

13 – التعويض .
  تقوم بها الشخصية بشكل شعوري و أحيانا لا شعوري و أحيانا بالجمع بين  ما هو شعوري ولا شعوري حيث تحس نقصا فى جانب بتقوية جانب آخر للتغلب على هذا النقص والتعويض عنه . وغالبا ما تمعن الشخصية فى استخدام حيلة التعويض هذه وتشتد فيتحول الأمر إلى ما يعرف بالتعويض الزائد ( مثل الأعمى الذي يعوض هذا النقص فى مجالات أخرى بحواس أخرى )
             مراحل النمو للإنسان
  استطاع أر يكسون أن يحدد ثمانية مراحل هامة فى تطور الشخصية وتتميز كل مرحلة بنوع خاص من الصراع الذي ينتهي إلى إعطاء الشخص شعورا متميزا بذاته وإحساسا مقابلا بالآخرين . ويمكن  من تتبع التطور عبر هذه المراحل الثمانية أن ندرك طبيعة الشخصية السوية ، وأن نجد كذلك معالم الأمراض التي تصيب الشخصية فى تطورها ويبين الجدول التالي تلك المراحل  :.

 
اسم المرحلة    الفمية    الشرجية    القضيبية    الكمون    المراهقة    بداية الشباب    الشباب    الشيخوخة       
الإحساس السوي    الثقة    التلقائية    المبادأة    الإنتاجية    الآنية    الألفة    الخصوبة    التماسك       
الإحساس اللاسوى    عدم الثقة    الشك والخجل    الذنب    الدونية    فقدان الدور    العزلة    العقم    الاشمئزاز اليأس    


1 – المرحلة الأولى :
  إن المشاكل التي يتعرض لها  الطفل فى سنته الأولى أي المرحلة الفمية تتلخص فى موقف الثقة فى أمه  أو عدم الثقة فيها . فالإشباع المتصل المستمر يجعل الرضاعة عملية مزدوجة فبالإضافة  إلى أنها تشبع جوعه فأنها تمنحه قدرا كبيرا من الشعور بالحب ، وبذلك يكون الحب علاقة قوية مع الأم  تجعل الطفل يستطيع أن يتحمل الفطام والحرمان من  الطعام دون أن يعتبر  ذلك تخليا من الأم عنه.
 ويتضح شعور الحب هذا فى إحساس الطفل بثقته فى أمه وبالتالي يأتيه شعور أساسي بالثقة فى نفسه ، ويعنى بالشعور الأساسي  بالثقة فى الذات اطمئنان إلى أنه كائن محب وليس خطيرا مدمرا ، إما إذ كان الإطعام غير منتظم وغير مشبع بعلاقة الحب فإن الطفل سيشعر بعدم ثقته فى أمه واحتمال  تخليها عنه .  
  وبذلك يعنى الفطام أو الحرمان انسحاب ثقته بأمه وينعكس هذا على نفسه فى شعور بأنه غير جدير بالثقة وبأنه أن لا يؤمن جانبه ، ويعبر عن نتائج هذه المرحلة بأنها مرحلة الشعور الأساسي بالثقة Basic Trues  فإذا تمت بنجاح كان شعور الثقة وكان الشعور بالآخر بأنه جدير بالثقة وكان تصور رأى الآخرين بأنه  هو الآخر جدير بالاطمئنان عليه
2 – المرحلة الثانية :
  فى المرحلة الشرجية يتعرض الطفل إلى مشاعر من نوع آخر فإذا انتهت المرحلة السابقة على الوجه السليم ، فإن مشاعره تجاه تبرزه وتبوله تشكل له موقفا دقيقا ففي البداية تنتابه نوبات من الخجل  Shame فغضب أمه منه عند تبرزه وتبوله ، وبعد أن يكون قد شعر بثقته فى نفسه يملأه خجلا من نفسه .
 ولكن تبادل الحب مع الأم يدفعه خطوة إلى استعادة ثقته وإلى إضافة جانب آخر إليه وهو الشعور بالتلقائية spontaneity  وتعنى التلقائية أن الطفل باطمئنانه إلى ذاته يستطيع أن يتبرز ويتبول بإرادته وتلقائيا دون الرجوع إلى أمه . ولكنه  يستمر عاجزا عن إنفاق عملية التبول والتبرز لفترة طويلة تجعله يشك فى أمه وفى نفسه وأساس شكه هو تلك الضجة التي تثيرها الأم على إطلاقه لتبرزه ولبوله .
 ولكنه يتمكن من التغلب على شكه ليزداد شعوره بالتلقائية وتحويل ثقته الأساسية إلى فعل ونشاط . وبذلك  لا تنتابه مشاعر بالخجل من ذاته أو الشك فى قدرته ، ويشعر بتسامح أمه وكأنها تنظر إليه بوصفه  كائنا قادرا يمكن الارتكان إليه
  3 – المرحلة الثالثة :
  عندما ينتقل الطفل إلى المرحلة القضيبية . بشعور أساسي بالثقة وإحساس بالتلقائية ، فإنه يتعرض لموقف صراعي جديد . أن مشاعره الجنسية تجاه والده من نفس الجنس معاقب وقاس ، ولكنه يتمكن بتأجيله لرغباته
 المحارم من أن يتغلب على سبب شعوره بالذنب لتسود علاقة سوية بالوالدين . وأساس هذه العلاقة أن يشعر الطفل بقدرته على المبادأة  Intittotion .
 وتعنى المبادأة أن تكون لدى الطفل قدرة على القيام بأعمال والتعبير عن مشاعره فى حرية دون أن يأتيه ذلك الشعور بالذنب أو خوف من العقاب . فمشاعر الذنب المرتبطة بالرغبة الجنسية المحرمية تجعل الطفل عاجزا عن التمييز بين مشاعر ومشاعر أخرى . لذلك تنتابه مشاعر الذنب بالنسبة لكل فعل أو رغبة تجتاحه ويبدو هذا الشعور بالذنب فى تخاذل الطفل عن القيام بنشاطه دون أن تبدو حول معالم التشجيع ، فإذا أمكنه كبت رغبته الجنسية زال سبب الشعور بالذنب وأنطلق مبادئاً  بالنشاط والتعبير .
 4 – المرحلة الرابعة :
  يتم للطفل فى آخر عمره السادس التغلب على هذه الرغبات المحرمية ويشرع فى الدخول فى مرحلة من النشاط الاجتماعي ، وتكون المراحل الثلاثة السابقة قد جعلته متحصلا على إحساسه بالثقة وشعور بالتلقائية وقدرة على المبادأة ، وينعكس ذلك على شعوره بالآخرين فى صورة شعور بالثقة بالتسامح والتشجيع . ويترتب على ذلك أن يشعر الطفل بان الآخرين يرون فيه إنسانا أهلا بالثقة وقادرا على  الفعل ومبادئا . وعلى هذه الأسس وبعد اختفاء رغباته الطفلية فى شكلها الفج وكبتها يأخذ الطفل فى الاندماج فى المجتمع وتكوين صداقات متنوعة .  
  وفى هذه المرحلة لابد أن يحس الفتى الناشئ بأنه منتج Industrious كنتاج  طبيعي لشعوره بذاته وشعوره بالآخرين ، ففي هذه المرحلة تبدأ فترة الدراسة بالنسبة للدول المتقدمة وفترة المشاركة فى العمل بالنسبة للدول النامية . وبذلك يجد الطفل فى دراسته أو عمله لذة ومصدرا لإحساس جديد بالذات هو الشعور بفائدته لغيره وحاجة الآخرين له. وإحساسهم بأنه قادر ومفيد
 ولكن تمكن هذا الشعور من الذات ليس بالأمر اليسير . فكثيرا ما يتعرض الطفل إلى إحباط يعطيه شعورا بالدونية Inferiority ، ولكنه إذا تواجد فى بيئة مساعدة غير متعالية على إمكانياته البسيطة يستقر فيه إحساس بالإنتاجية ويقابله إحساس بأن الآخرين أناس يساعدون ويسهلون له الصعاب .
 وبانتهاء هذه المراحل الأربعة من تطور حياة الطفل وبدأ الشخص الدخول إلى المراحل الرقى من الوعي بالذات .
   يمكن تلخيص حصيلة الشعور بالذات والآخر وتوقع تقدير الآخرين للذات على هذا المنوال :
أ – الشعور بالذات: ثقة أساسية – تلقائية – مبادأة – إنتاجية
ب – الشعور بالآخر : جدير بالثقة – متسامح – مشجع – ممكن ومسهل
ج – توقع شعور الآخرين : اطمئنان إليه : ارتكان عليه - إعجاب به - توقع منه
 ونجد أن شعور الطفل بذاته وبالآخر يكون نتيجة لاحتكاك رغباته بالعالم وبالآخرين اللذين يقومون على إشباعها له. وينعكس على شعوره بذاته ما يلقاه من إشباع الآخرين لرغباته . وتنبني عناصر الشخصية على هذا المنوال .
 من هذا نجد أن الشخصية هي نتاج عملية تخلى عن أشياء فى مقابل اكتساب أشياء أخرى . تخلى عن رغبات بدائية حيوية فى مقابل اكتساب رغبات راقية ذات طابع نفسي .
  أن الشخصية هي أسلوب تخلى وأسلوب اكتساب ونتاج أتزان وإمكانيات إشباعها وتحقيقها فى المجتمع . وهكذا نستطيع تتبع مراحل التطور بعد تكوين
نواة الشخصية لنرى ما يترتب على هذه النواة من خصائص .
 5 – المراهقـــة :
   بعد أن تستقر شخصية الطفل فى مرحلة الكمون  Latency period  وتهدأ مشاعره تجاه نفسه وتجاه الآخرين ، يتعرض مرة أخرى لاضطراب  عنيف فى مرحلة المراهقة  . ففي نهاية مرحلة الكمون تحدث تغييرات فسيولوجية سريعة فى جسم المراهق ويزداد نموه فجأة وتنشط فيه الرغبة الجنسية نشاطا قويا وبذلك تفقد الشخصية اتزانها ويضطرب شعورها بذاته وشعورها بالآخرين . فهذه التغيرات السريعة كثيرا ما تؤدى إلى ضعف الكبت الذي وقع على مشاعر عدم الثقة والشك والخجل والشعور بالذنب ، فتعاوده هذه المشاعر بقدر ما يفقد المراهق اتزانه .
  فالموقف محير له، فمن جانب أصبح أكبر من أن يكون طفلا ، ومن جانب آخر أصغر من أن يكون راشدا ، وتتعاون المشاعر المكبوتة فى إنقاذ أنيته  Identity وتعنى كلمة " الإنية " إحساس بالانتماء إلى المجتمع والقيام بدور فيه " فاضطرابات المراهق تفقد الشباب إدراكه لدوره ومكانه فى المجتمع ، ولكن مشاعر الحب سرعان ما تجعله يستعيد اتزانه ليأخذ دورا جديدا فى المجتمع Role taking  وأن يشعر بالأنية . وينعكس شعوره بالأنية على شعوره بالآخرين حيث يرى مجتمعا مرحبا به يحتفظ له بمكانته فيه ، وبذلك يتصور الفتى الشاب أن المجتمع يراه جديرا بالانتماء إليه والمساهمة فى بنائه وحاصلا على إنية جديرة بالاحترام .
6 – مرحلة الشباب المبكر :
  فالفتى فى هذه المرحلة يحتاج استقرار النشاط الفسيولوجى الضعيف الذي يباشره الفتى فى مرحلة المراهقة Puberty Period إلى بعض الوقت فإذا ما هدأ هذا التغير فى بداية العقد الثاني من العمر ، يدخل المراهق مرحلة جديدة هي مرحلة الشباب المبكر .
وفى هذه المرحلة يأخذ الشاب الصغير فى شق طريق فى الحياة اكثر استقلالا، وأقل حاجة للمساعدة وليس مما فيه شك أن الطريق يعرضه فى أحيان كثيرة لإحباطات ومشاكل لم يتعرض لها من قبل ، وهو ينعم بحماية أهله . لذلك ينتابه شعورا بالعزلة Isolation وبأن بيئته متباعدة عنه . إلا عندما يأخذ فى التقدم يستعيد شعوره بالألفة Intimacy وبأن مجتمعه رحب ودود وليس مجتمعا مجافيا .
 ويستقر فيه إحساس بالألفة ليرى أن الآخرين ودودين له وبأنهم ينظرون إليه باعتباره فردا منهم يسعدون به كما يسعد بهم ،ويعتبر الشعور بالألفة امتدادا للشعور بالإنية ، كما أن الشعور بترحيب المجتمع به يستمر ليصبح إحساسا برحابة المجتمع ودوره .
 7 – مرحلة الرجولة :
  تعد مرحلة الرجولة من أطول مراحل العمر وأكثرها ديمومة ، فبعد أنتها مرحلة الشباب المبكر فى بداية العقد الثاني يدخل الشخص فى ممارسة طاقاته ليجنى ثمرة  جهوده . ولا شك أن انتقال الفرد لهذه المرحلة مزودا بإحساس بالإنية والألفة يجعله قادرا على الأثمار والتزايد Generatively  فإذا أخذنا هذه السمة حرفيا وجدنا أن دخول الشخص مرحلة الرجولة يدفعه  إلى تكوين أسرة وإلى التكاثر .
 أما إذا أخذنا تلك السمة مجازا فسنجد أن الرجل يدخل طورا من القدرة على مضاعفة إنتاجه والمشاركة فى الإثمار العام للمجتمع.
 ويمنحه ذلك النشاط إحساسا بأنه نواة متوالدة ولادة ، ويجعله يشعر بأن النشاط مع الآخر مثمر ومجدي . وباستقرار هذا الشعور يختص شعوره بعقمه
Stagnation وعدم جدواه للمجتمع ، وهو ما يجعله يشعر بأن مجتمعه يجافيه ولا يتيح له فرصة التوالد والإثمار ، وبشعوره بإثماره وبخصوبة مجتمع يتصور أن  رأى مجتمعه فيه أنه إنسان أساسي وضروري .
8 – مرحلة الكهولة .
  وتعد هذه المرحلة من اكثر المراحل دقة فى حياة الفرد . فقبل انتهاء الحياة وانطفاء جذوتها فى الفرد يمر الإنسان بفترة تتناقص فيها طاقاته ويقل معها إنتاجه .
 إذ بعد أن باشر فى مجتمعه دورا مثمرا يجد نفسه قد أصبح أقل إثمارا . وعادة ما يصاحب هذا الإحساس شعوره باليأس من جدوى الاستمرار واشمئزاز من الذات لما يصيبها من وهن وقد عبر البعض عن ذلك بقولهم أن الحياة هي الرغبة فى الحياة ، وتعنى هذه العبارة أن مشاعر اليأس والاشمئزاز قد تنعكس على المسن فيرى أن الآخرين يستهينون به وأنهم أصعب من أن يعيش بينهم وأنهم يهزءون منه ويستضعفون  أمره، مما يجعل رغبته فى الحياة تقل .
  ولكن نجاح المسن فى مرحلة الرجولة ووفرة إنتاجه خلال سنواتها يمكنه من التماسك والإحساس بالاحترام Integrity  فمن خلال انتصاراته أثناء رجولته وبواسطة ما خلفه من آثار فى هذه المرحلة وعن طريق ما تمنحه هذه الانتصارات والمخلفات له من إحساس بالقيمة يمكن للإنسان أن يجد فى شيخوخته معان عدة ، لعل أهمها انه مرغوب فيه.

  إن الشعور بالتماسك والاحترام يجعله يحكم على الآخرين بأنهم يحترمونه ويقدرون جهوده ويتمسكون ببقائه لما فى ذلك من عرفان بحقه وما يمكن أن يفاد من خبرته ومما يجعل هذه المرحلة من المراحل الدقيقة أن الإنسان يشعر فيها بأنه لن ينتقل إلى مرحلة تتلوها بل أن عليه الاستمرار فيها أطول فترة ممكنة وأن يظل على تمسكه باحترامه لذاته واحترام الآخرين له دون يأس .

















              نظرية يونج
 Carl Jung        
   
 كارل يونج أحد تلامذة فرويد وزملائه البارزين فى ا لتحليل النفسي والمنشقين عنه عام 1912 ، وقد كون مدرسة خاصة فى التحليل النفسي سماها بعلم النفس التحليلي analytical psychology تمييزا لها عن التحليل النفسي .
 ولقد اتفق يونج فى مدرسته مع فرويد فى كثير من آراء مدرسة التحليل النفسي كاللاشعور والصراع النفسي والوظيفة النفسية للسلوك الإنساني ، إلا أنه اختلف معه فى بعض التفاصيل كاللاشعور والإنبساطية ، وكفكرة القناع أو الشخصية العامة وكتحديده للوظائف النفسية الأربع والتي هي التفكير والوجدان والإحساس والحدس ويعتبر يونج اقرب المنشقين إلى التحليل النفسي الفرويدى ، فهولا يبعد عنه كثيرا.
 ويرى يونج أن هناك لا شعورا جمعيا collective unconscious ، يوجد لدينا جميعا ورثناه عن البشرية التي انتهى إلينا تطورها الحالي . وأن اللاشعور الجمعي هو الذي يوجد بين التكوين النفسي لنا كبشر ، حيث يوجد بداخل كل منا قدر ما من هذا اللاشعور الجمعي .
  وإن كان هذا القدر يختلف من شخص لآخر فكأن اللاشعور الجمع هو المخلفات النفسية التي ورثناها عن أسلافنا من البشر وهو الذي يحمل لنا الحكمة والمعرفة والخبرة التي أتتنا عن الجدود كالتماس ثدي الأم للرضاعة  عند الولادة والخوف من الظلام والمجهول ، واستخدام الرموز فى الأحلام التي نراها فى نومنا ، وذلك كنتيجة لخبرات متراكمة مر بها الجنس البشرى وحفرت بشكل فطرى فى عقولنا وتكويننا النفسي .
 
 واللاشعور الجمعي فى نفس كل منا يقابل لاشعوره الخاص unconscious personae وهو الذي يتكون من تر سيبات وردود فعل الخبرات الخاصة التي يمر
 بها كل منا وهى بطبيعتها تختلف من فرد لآخر ، ويرى يونج أن اللاشعور الجمعي أقوى تأثيرا فى نفس الفرد وأخطر أثرا فى تكوين شخصيته من لا شعوره الفردي أو الخاص ، بل هو الذي يلون هذا اللاشعور الردى وينضح عليه .
  كما يرى يونج أن هناك اتجاهين تأخذهما النفس البشرية فى موقفها وتعاملها مع غيرها هما:
أ – الاتجاه الانبساطى  Extroversion
  وفيه يميل الفرد إلى أن يتعامل مع غيره وتكون له علاقات معه .
ب – الاتجاه الانطوائى Introversion
  وفيه يميل الفرد إلى الانطواء على نفسه والانعزال عن غيره .
 ويوجد الاتجاهان معا فى الشخصية الواحدة ، إلا أن أحدهما يكون اكثر ظهورا وسيادة نتيجة التكوين الخاص للاشعور الشخصي المعين .
 أما فكرة القناع فقد استعارها يونج من مصطلحات المسرح وقصد بها فى نظريته أن
لكل منا قناعا شخصيا يبدو به أمام الناس وغالبا ما يكون مغايرا لحقيقته التي يعرفها هو عن نفسه ، فكأنه يظهر بشخصية معينة ذات صفات معينة  وتصرفات معينة وأخلاق معينة أمام الناس اتفاقا مع تقاليد المجتمع ، وتمشيا مع ما يرتضيه الناس واستجابات لمقتضيات الواقع وهذا خلاف شخصية الفرد الخاصة والتي يحاول إخفائها عن الآخرين خلف الواجهة الاجتماعية التي يظهر بها .


 ومن الجدير بالذكر أن يونج كان  من أقرب علماء النفس والمحللين النفسيين اتجاها ونزعة نحو الفكر الغيبي فى حديثه بالذات عن اللاشعور الجمعي.
 ولعل فى تاريخ يونج ما يفسر ولعه بالأمور الغيبية والميتافيزيقية ، فلقد كان والده من رجال الدين المسيحي ويعمل قسيسا ، ولقد رأى يونج حلما جعله يتحول إلى دراسة العلوم الطبيعية فاستجاب للحلم مباشرة وانتهى به ذلك إلى دراسة الطب الذي برز فيه وقاده إلى أن يصبح من أعلام التحليل النفسي.














          نظرية التحليل التفاعلي
  Transactional Analysis Theory        
                  أيريك بيرن   Eric Bern

  تعد نظرية التحليل التفاعلي (التبادلي) لأيريك بيرن Eric Bernمن أحدث النظريات فى علم النفس المعاصر ،والتي استخدمت معطياتها استخداما واسع الانتشار فى العلاج النفسي فى أوربا والولايات المتحدة الأمريكية،وتعتمد هذه النظرية على منهجا فى التحليل لا يقيم وزنا للأحداث الماضية التي تمر بالفرد وإنما تركز كل اهتمامها على تحليل ما يمكن أن يمر به مستقبلا من أحداث لتمكنه من إرادة التغيير ،وتكوين نسقا متكاملا من الضبط الذاتي Self Controlبما يمكنه أيضا من حرية الاختيار.
 ومما لاشك فيه أن النظرية التفاعلية "التبادلية" تعتمد أساسا على نظرية التحليل النفسي ،وأن كانت تستخدم بعض مفاهيمها للوصول إلى معان مختلفة عنها على نحو ما .
  فلقد أثبتت نظرية التحليل النفسي أن للإنسان طبيعة نقديةMultiple   متغايرة،فهو يحوى فى أعماقه عدة أشخاص فى شخص واحد ،ويحمل فى طياته صراعا حادا بين الرغبات المتعارضة (الهدم والبناء،الخير والشر)وتلك حقائق أوضحها فرويد فى نظريته عند تحليله للصراعات والمخاوف اللاشعورية التي استخرجها فى تحليله لمستدعيات مرضاه إكلينيكيا ومثل هذه المعطيات ،هي التي بنى عليها أريك بيرن   Eric Bernنظريته فى التحليل التفاعلي (التبادلي)مع اختلاف نوعى فى تناوله لها تأصيلا وتنظيراً.
 وربما لا يجب أن نعتبر نظرية بيرن نظرية جديدة تماما إلا من حيث التناول،ولكي نفهم هذا المعنى جيدا نورد هنا الفرق بين لغة الاتصال Communicationولغة التخصص العلمي فالمصطلحات وربما الكلمات قد يكون لها معنى فى الثانية مختلف على نحو ما عن معناها فى الأولى .
 وكذلك يمكن القول أن علم الرياضة علم قديم ،لكنه يستخدم اليوم لغة جديدة تتمثل فى الرياضة الحديثة ،ومن ثم يمكن القول أن الجديد فى الرياضة هو هذه اللغة الحديثة.
 وهكذا يثور سؤال هام مؤداه "هل يمكن لأي معلومات تتاح فى فترة زمنية أن تتميز بالنفع الدائم؟  وبمعنى آخر هل يمكن لمثل هذا النفع أن يتميز بالثبات والصدق لفترات طويلة من الزمان؟  
ولو كان الأمر كذلك لما ظهرت نظرية التحليل النفسي بعد السلوكية؟ ولم ظهرت أي نظرية بعد التحليل النفسي كنظرية.
ولقد حاول الطبيب الجراح بنفيلد القيام لاختبار إمكانية استحضار بعض الخبرات المنسية فى اللاشعور تجريبيا،وذلك بتنبيه اللحاء الصدغي Temporal Cortex لدى أحد مرضاه المصابين بالصرع البؤريFocal Epilepsy وذلك بصدمة كهربائية خفيفة فوجده وقد استعاد ذكريات لاشعورية كانت فى طي النسيان نتيجة لكبتها .
 وكان الشيء المثير أن حلول مثل هذه الذكريات فى حيز الشعور يستتبعه الانفعالات والمشاعر المرتبطة بها،الأمر الذي دعي بنفيلد لأن يشير إلى أن المخ Cortexيقوم بدور جهاز التسجيل الحساس للغاية،والذي يعمل على تسجيل وتخزين خبرات ومشاعر الإنسان،والتي يمكن بطريقة ما استحضارها فى لحظة ما ليعيش الإنسان خبرة الماضي والحاضر معا وفى آن واحد ،ومن ثم انتهى إلى قرار أن الشخص يمكن أن يعيش خبرات متعددة فى لحظة واحدة.
الفعل التبادلي(التفاعلي)
 سبق أن أشرنا إلى أن أريك بيرن Eric Bern هو مؤسس نظرية التحليل التفاعلي Transactional Analysis Theory،وتجدر الإشارة إلى أنه عمل فى الأصل بنظرية التحليل النفسي ،وجمع وقائع إكلينيكية كثيرة وفق منهجها فى تحليل المستدعيات ،وساعدته هذه الوقائع على صياغة نظريته فى التحليل التفاعلي.
 وتتلخص نظرية أيريك بيرن فى القول بأن الفعل التبادلي(التفاعلي) ينقسم إلى مثير واستجابة،وتلك الاستجابة تتحول مرة أخرى إلى مثير يتطلب بدوره استجابة،ولقد لاحظ بيرن أن الطبيعة التعددية للإنسان تحوى فى داخلها ثلاثة شخصيات فى ذات واحدة بما يؤدى إلى أن يلعب الإنسان ثلاثة أدوار متسقة مع هذه الشخصيات بالتناوب وربما معا وفى آن واحد .
وهذه المستويات الثلاثة فى شخصية الإنسان هي:.
 (أ)   الو الدية  Parent.
 (ب)  الراشد    Adult.
 (ج)   الطفل    Child.
 ولقد اعتبر بيرن أن الشخصية الإنسانية تتكون من هذه المستويات أو الرقائق المتفاعلة بناء على ملاحظاته الإكلينيكية المتعددة والمتجمعة من تلك الحالات التي عالجها تحليليا،وفضلا عن ذلك فهو يقرر أن هذه المستويات الثلاث فى الشخصية لا تمثل ثلاثة أدوار أو وظائف منفصلة كما هو الحال بالنسبة (للهو والأنا والأنا الأعلى)فى نظرية فرويد ،وإنما هي وقائع سيكولوجية أو حقائق ظاهراتية Phenomenological Realities.

 
 (أ)   الو الدية  Parent.
  وهولا يعنى بالوا لدية كل من الوالدين بالمعنى الدقيق للوالدين ، وإنما يعنى بها تلك الأحداث المبكرة آتى وقعت للكائن الإنساني فى بيئته المحيطة به والتي سجلها المخ واختزلها من الميلاد إلى نحو سن الخامسة من العمر ،سواء ما حدث منها عن طريق الوالدين أو من يقوم مقامها.    

                    و
          الو الدية  Parent                             .
   من الميلاد حتى  سن خمسة سنوات       

         (ب)   الطفل    Child.
 وهو استجابة الطفل لكل ما يراه أو يسمعه من أحداث داخلية (داخله)    
                 "   ر   "
           الطفل    Child.
من الميلاد حتى  سن خمسة سنوات       

         (ج)  الراشد    Adult.
 وهو الجزء الذي يسجل فيه الكائن الإنساني كل الحقائق والوقائع الخارجية المكتسبة من خلال اختباره للواقع الخارجي،وهو يعتبر هذا الجزء هو الجزء المنطقي الوحيد فى هذه المستويات الثلاث للشخصية.
          
    

              "    ط    "
          الراشد    Adult.
 عند التحرك فى البيئة الخارجية المحيطة بالفرد
شكل رقم (1)يوضح المستويات الثلاث فى شخصية الإنسان وفقا لنظرية أريك بيرن فى التحليل التفاعلي    
  لقد أشرنا إلى أن الو الدية والراشد والطفل ثلاثة مستويات تعمل فى داخل الإنسان الذي يقوم المخ لديه بمهام تسجيل الأحداث والوقائع ويختزنها،وهى لا تضيع بمعنى أن الإنسان لا يستطيع حتى لو أراد أن يمسحها من شريط التسجيل مسحا،لكنه قد يتمكن من إيقاف التسجيل أو تشغيله كلما أراد.
وهكذا حسب هذه النظرية يفترض بيرن أربعة أوضاع للحياة يلخصها النسق الرياضي التالي:
(1)  أنا لست على ما يرام –أنت على ما يرامI’m Not Ok-Your Ok           
(2) أنا لست على ما يرام –أنت لست على ما يرام  I’m Not Ok-Your Not Ok
(3) أنا  على ما يرام –أنت لست على ما يرامI’m Ok-Your Not Ok           
 (4) أنا على ما يرام –أنت على ما يرام                          I’m Ok-Your Ok
  ويعتبر بيرن الوضع الرابع (الأخير)هو الوضع الأمثل للشخصية السوية على حين أن الأوضاع الثلاث الأولى (1+2+3)نتاج تفاعلات الراشد المتمخضة داخل الإنسان (الطفل)،ويظل (الطفل)فى الوضع الذي أختاره حتى ولو كان راشدا.
 وهذا يفسر كل ما يفعله الإنسان طوال حياته فيما بعد الطفولة وخلال رحلة العمر(1)إلا إذا استطاع بوعي كامل أن يغير الوضع المثبت عليه،فى أي وضع من الأوضاع الثلاثة المشار إليها آنفا ليصل إلى الوضع الرابع (السواء).
فالوضع الأول وهو السائد فى مرحلة الطفولة ،يعبر عن حاجة الإنسان إلى إشباع احتياجاته ،لكنه لا يستطيع إشباعها كلها بنفس الرغبة المثارة لديه،ولذلك المثلث (Not Ok) وكانت هذه المسألة هي مثار الخلاف الحاد الذي نشأ بين الفريد أدلر
وفر ويد ،فعلى حين يرى فرويد أن الجنس Sex هو أساس الصراع فى الحياة كان أدلر يعتقد أن مشاعر النقص inferiority Feeling هي السبب (Not Ok ).
 أما الوضع الثاني،وهو الذي يبدأ مع نهاية السنة الأولى من العمر ،حيث تنتهي أيام سعادة الطفل بتركه فردوس مهده ،وآتى تنتهي فيها الملاحظة والنشوة.
 فقد يمارس الدور الوالد مع شخص ما ،على حين يلعب دور الطفل مع شخص آخر ،وكذلك دور الراشد مع ثالث بالتناوب معا فى آن واحد المستمدة من هذه المرحلة،قد تؤدى إلى تثبيت على حالة إحساس بالنقص (Not Ok )(أنا لست على ما يرام- أنت لست على ما يرام) ويرى بيرن أن الناس كلها مثبتة على هذا الوضع بمعنى أن هذه الحالة أو هذا الوضع يعانى منه كل الناس بدرجات مختلفة..
 أما الوضع الثالث وهو يمثل عند بيرن بداية ملاحظة-أو تدليل- الذات ،وهى البداية الحقة للشخصية السيكوباتية،التي تعبر فى دينامياتها عن معاناة الفرد من الحرمان ،والإهمال الأمر الذي يدعوه إلى الاعتقاد بأن كل الناس ليسوا على ما يرام (أنت لست على ما يرام).
 أما الوضع الرابع والأخير فهو فى نظر بيرن الوضع الأمثل الذي يعبر عن سواء الشخص المقترن بسواء الآخرين (أنا على ما يرام –أنت على ما يرام).
 ويرى بيرن أن الأوضاع الثلاثة الأول (1+2+3)تتم فى اللاشعور وتعتمد على المشاعر والأحاسيس ،بينما الوضع الرابع يتم فى حيز الشعور،ويعتمد على التفكير والثقة بالذات ،والأوضاع الثلاثة الأول تعتمد على طرح الذات للسؤال (لماذا)على حين أن الوضع الرابع يتعلق بطرح سؤال أخر هو لما لا يكون(Why Not)أي هو وضع متعلق بالقرار الممكن اتخاذه ؟




قاعدة التحليل التفاعلي
  للقيام بالتحليل التفاعلي ينبغي أجراء التحليل فى خطوات متوازية بين المستويات الثلاث (الو الدية  Parent. /الراشد    Adult. /   الطفل    (  Child.
 ولمعرفة نمط التفاعل القائم بين هذه المستويات ،يمكن تقسيم هذا التفاعل إلى ثلاثة أنماط رئيسية وهى:
1- نمط تفاعلي " طفل –طفل" (ط  .ط  )
  ومثل هذا النمط لا يوجد فى سلوك الإنسان إلا فى مرحلة عمريه متقدمة (حينما يتربص كبار السن حافي القدمان على شاطئ البحر)(أو يعبرا بالكلمات عن رغبات طفليه)ذلك لأن الطفل يسعى دائما للحصول على التدليل ولكنه لا يعطيه أو يمنحه لأحد.
 وفى مثل هذا التحليل يمكن الاسترشاد بالأسلوب التعبيري للشخص من ألفاظ وعبارات وإيماءات وحركات الجسم وتعبيرات الوجه (ويرى بيرن أنه لا داعي للتعمق كثيرا داخل الفرد لنبش ذكريات الماضي ) لمعرفة المستوى الذي يستجيب به الفرد ردا على المثيرات ،فمستوى الو الدية (و )يمكن الاستدلال عليه من علامات جسميه حركية،مثل تقطيب الوجه والحاجبين والتصفيق باليد ،كما يمكن الاستدلال عليه من عبارات لفظية مثل ألم أقل لك؟ أو … ألم أقل لك أل تفعل كذا؟
 كما نجد مفاتيح تمكننا من الاستدلال على مستوى الراشد (ر)مثل كلمات لماذا- أين – متى حدث ذلك؟ فالقول اعتقد أن طلبة المدارس الثانوية يجب أن يدلوا بصوتهم فى الانتخابات "تدل على مستوى الراشد.


            و                    و


            ر                    ر


            ط                      ط


2- نمط التفاعل "والدية –طفل " (و. ط)
  ومثل هذا النمط يشيع فى مواقف سلوكية كثيرة بين فردين ،صديقين أو زميلين أو زوجين فنجد زوجا يلعب مع زوجته دور الطفل المدلل الذي لا يرغب (ولا يستطيع )فى تحمل المسئولية على حين تلعب الزوجة معه دور الأم التي تنصحه وتتحمل المسئولية كاملة نيابة عنه ،أو قد يحتاج لفترة هذا النوع من العلاقة التفاعلية،حين يصاب بمرض فيفرط فى اعتما ديته (كطفل)على زوجته التي تمنحه الاهتمام والحنان بدرجة مبالغة فتلعب معه دور الأم .





               و                             و


              ر                          ر


             ط                         ط


3- نمط تفاعل " طفل - راشد "  ( ط. ر).
  ومثل هذا النمط من التفاعل الوجداني ينشأ عادة عندما يعم المرء مشاعر فياضة بعدم الرضا ،أي عندما يشعر أنه (   Not Ok  ) وفى مثل هذه الحالة ،قد يلجأ إلى شخص آخر يجد عنده الأمن والأمان ،مثال ذلك الرجل الذي يشعر أنه" Not Ok" فى ذلك المستوى الطفلى من شخصيته ،فيلجأ إلى زوجته التي يستشعر أن مستوى الراشد لديها متكامل فيستعير منها (الراشد) فى بعض المواقف والأحيان فيقول لها ذات يوم :أعتقد أن هذا العمل فوق إمكاناتي ،فلن أستطيع القيام به على الوجه الأكمل (مستوى الطفل" فتقول له زوجته (مستوى الراشد" لا تكن أبله… أنك تستطيع القيام به على أكمل ووجه.

                       و                     و


                ر                ر


               ط                    ط

 وقد يلعب ذلك الدور زميلان فى الكلية حين يقترب الامتحان ،فيقول الأول الذي يشعر بعجز ما (Not Ok) بمستوى (طفل) لزميله الذي يتوسم فيه (راشد):أنا لن أدخل الامتحان وشاعر بأنني سوف أرسب ،فيقول زميله(الراشد )له لا تكن يائسا أو متشائما بل سوف تبذل مزيد من الجهد وسوف تنجح؟.
 4-نمط تفاعلي " راشد –والديه" (ر.و)
  ومثل هذا النمط من التفاعل يحدث عادة بين مستوى الراشد فى شخصية المرء  ومستوى الو الدية فى شخصية الآخر.
  ومثال على ذلك، ذلك الرجل الذي يود التخلص من عادة التدخين ،ولديه مبررات قوية،لذلك "مستمدة من مستوى الراشد فى شخصيته" لعلمه بمدى تأثير التدخين على صحته ثم يلجأ عادة إلى زوجته ويطلب منها "مستوى الو الدية لدى الزوجة"أن تمزق السجائر إذا رأته يحاول أخذ واحدة ليدخنها؟.



              و                         و


             ر                         ر


            ط                             ط

  مما سبق يتضح لنا أن نظرية التحليل التفاعلي Transactional Analysis Theory  لأيريك بيرن   Eric Bern تستند فى بنائها النظري على أساس من نظرية التحليل النفسي الفرويدى،وأن كانت تتضمن بعض المكونات التي قد تختلف جوهريا عنها.
 فإذا ما أمعنا النظر فى الجذور الأساسية للنظريتين يسهل علينا أن نجد تشابها قويا ،قد يبلغ حد التطابق بين مفهوم الأنا الأعلىSuper Ego لدى فرويد ومفــــهوم "الو الدية"لدى أريك بيرن فالضمير الخلقي للفرد "الإنسان" إنما يتكون من الأوامر والنواهي التي تقوم بها نماذج الوالدين فى تناولهما للطفل تنشئة وتربية فى طفولته الأولى،حتى يغدو ذلك الأنا الأعلى لدى الطفل (حين يتكون)وريثا شرعيا لتلك الأوامر والنواهي الو الدية.
 كذلك يمكن أن نلمس بشيء من العمق كيف أن مستوى "الراشد "فى نظرية بيرن هو الذي يقابل الأنا Ego"الذات الشعورية"التي تتعامل مع الواقع (والحقائق الخارجية"فى محاولة التوفيق بين مطالب الهو من ناحية ومطالب الأنا الأعلى من الناحية الثانية فى نظرية التحليل النفسي
 وكذلك الحال إذا ما تعمقنا فى نظرية التحليل التفاعلي "التبادلي" ،أمكن لنا أن ندرك أن مستوى الطفل ،هو ذلك البديل المكافئ للهو Idلدى فرويد ،أن الهو لدى نظرية التحليل الفرويدى هو ذلك المستوى الغريزي الذي لا يقبل التعديل أو الإلغاء وهو لدى بيرن ذلك المستوى من الشخصية الذي يمثل المادة الخام قبل تشكيلها أنه الطفل فى الإنسان.
 وهكذا يتضح لنا أن نظرية بيرن ليست نظرية جديدة تماما ،كما أنها ليست تكرارا مطابقا لنظرية فرويد تماما،أنها وأن كانت تستند على معطيات نظرية التحليل الفرويدى وأسسها العميقة،إلا أنها تمتاز بتناولها لتلك المعطيات ،والأسس تناولا جديدا تمنح فيه الإنسان حرية الإرادة" Free-Well" المفتقدة فى نظرية التحليل النفسي التي تعتمد على مبدأ"الحتمية"من ناحية و إجبار التكرار من ناحية أخرى ،فالإنسان من منظور التحليل التفاعلي يمتلك الإرادة الحرة،ولديه دوما القدرة على التعبير عن إرادته لو شاء.
 كذلك تعتمد نظرية أريك بيرن على منطقة الشعور"Conscious" فى شخصية الإنسان اعتمادا أصيلا ،بعكس التحليل الفرويدى التي ترتكز تركيزا كبيرا وأساسيا على اللاشعور.
 وهكذا تنطلق نظرية أيريك بيرن نحو آفاق رحبة فى تملك الفرد لحرية الإرادة ومن ثم قدرته على التغير ،فهي نظرية تقدم لأول مرة نموذجا حيا لتمكين المرضى من وسيلة فعالة للعلاج النفسي والإرشاد النفسي،عن طريق تزويدهم بقدر من الاستبصار بمكونات شخصياتهم الثلاثة "والدية/ راشد/ طفل"ومساعدتهم على تحرير مستوى "الراشد "من كل من المستويين "والدية /طفل" حتى يمتلك الإنسان حقا إرادة التغيير،طبقا للواقع الخارجي (والحقائق الخارجية).

            نظرية كيرت ليفين فى المجال
  كيرت ليفين هو أحد أبرز علماء النفس ،وهو عالم نمطي بمعنى أنه يكاد يجسد علم النفس فى أصوله الأولى القديمة، فهو ألماني الأصل يهودي الجنسية،وكان من المسئولين عن النشاط اليهودي فى أوربا،وكان صاحب المقولة التي مؤداها أن السبيل الصحيح لحل المشكلة اليهودية هي أن يسعى اليهودي إلى مزيد من التمايز،وإبراز هويته كيهودي،وليس إنكارها،وكان يرى أن تقبل اليهودي لاضطهاده هو كفيل بتحقيق السواء النفسي له.
  وقد توفى كيرت ليفين فى فبراير عام 1947،أي مع النذر الأولى لظهور دولة إسرائيل ،أي أول دولة لليهود فى العصر الحديث،ولسنا الآن بصدد الحديث عن تعصب كيرت لفين لليهود بل بصدد تناولنا لنظريته فى الشخصية.
الملامح الرئيسية لهذه النظرية:
 تقوم هذه النظرية على عدد من المسلمات والأسس وهى:
أولاً:    أن السلوك هو وظيفة المجال الذي يوجد فى الوقت الذي يحدث فيه السلوك "أي أن السلوك هو محصلة للموقف الراهن الذي يطلق على تسميته المجال،ولذا سميت هذه النظرية باسم نظرية المجال.
ثانياً :   أن تحليل المجال يبدء بالموقف ككل ،ومن الموقف تتمايز الأجزاء المكونة،وهنا يقترب كيرت ليفين من أفكار الجشطالتين التي تنص على أن الأجزاء لا يمكن تفسيرها إلا فى إطار الكل.
 ثالثاً:  من الممكن تمثيل الشخص الفعلي العيانى،والموقف العيانى رياضيا،وهنا يعارض ليفين فرويد ونظريته التي تتحدث عن الإنسان بما هو إنسان وهو بذلك مجرد.
 ويعرف المجال بأنه "جماع الوقائع الموجودة معاً،والتي تدرك على أنها يعتمد بعضها على بعض".
ولقد طبق كيرت ليفين المفاهيم النظرية للمجال على ظاهرات سيكولوجية واجتماعية شديدة التباين بما فى ذلك سلوك الطفل الرضيع،والمراهقة،والضعف العقلي،والفروق فى الطابع القومي،وديناميات الجماعة. ومن المهم أن نلقى الضوء على بناء هذه الشخصية،ودينامياتها،وارتقائها،وتطورها موضحين فى ذلك العلاقة بين كل من الشخص وكل ما يحيط به من بيئة نفسية .
   بناء الشخصية:
  يعتبر كيرت ليفين أن الشخص بمثابة كيان مستقل منفصل عن كل ماعداه فى العالم،وهو يتخذ من التمثيل المكاني القائم على المعالجة الرياضية،كوسيلة للتعريف بالشخص وذلك لأنه يعتبر أن الرياضيات هي اللغة الأصيلة للبحث العلمي.
  وأن كان النمط الذي يستخدمه لفين من الرياضيات للتعبير عن المفهومات السيكولوجية ليس من هذا النوع الذي يألفه الناس ،فهي رياضة غير مترية ،وهى فى جوهرها رياضيات تصف العلاقات والاتصالات القائمة بين المجالات المكانية دون مراعاة الحجم أو الشكل،ويتم الفص بين الشخص وبقية العالم برسم شكل مغلق "دائرة"وداخل هذا الشكل يوجد ما نسميه بالشخص ومن هنا يتضح أنه بهذا الشكل يضع خاصيتن للشخص :


             لا شخص
                            شخص
                                  لا شخص
1- فصله عن بقية العالم برسم حدود مستمرة بما يجعله كلا مستقلا،أو بتعبير كيرت لفين متفاضل أو متمايز.
2-وضعه داخل منطقة أكبر ،والتي أطلق عليها لفين "البيئة النفسية"بما يجعله جزء من كل أكبر.
           البيئة النفسية
  وهى عبارة عن محيط أكبر محدداً أيضا ،يحيط بالشخص ممثلين معا"حيز الحياة"،أما ما يحيط بهذا الشكل الأكبر فى الفراغ الخارجي فهو ما يسمى بالجوانب الفيزيقية،والوقائع الاجتماعية،أي الغير سيكولوجية"الغلاف الغريب".
لا سيكولوجي    
            بيئة نفسية            
                     الشخص
                             بيئة نفسية





* حيز الحياة:
 وهو متفاضل عن الغلاف الغريب ،إلا أنه فى نفس الوقت يشكل جزء من كل أكبر يمكن أن يؤثر فيه أو يتأثر به أيضا،أي أن الوقائع غير النفسية يمكن أن تحدث تغير فى الوقائع النفسية.
 ولقد أقترح كيرت لفين أن يطلق أسم "الأيكولوجيا السيكولوجية"على وقائع الغلاف الغريب.ولنا أن نعلم أن التأثير بين كل من حيز الحياة،والغلاف الغريب هو ما يطلق عليه لفين "النفاذية".
*النفاذية: وتعرف على أنها القابلية للتأثير والتأثر من جانب الشخص على البيئة،ومن البيئة على الشخص.
* الشخص المتفاضل أو المتمايز: إذا كان الشخص يشكل كلا متكاملا فأن هذه الدائرة الخاصة بالشخص تنقسم لتصبح بداخلها دائرة أخرى ،وهذه الدائرة الداخلية يطلق عليها لفين "المنطقة الشخصية الداخلية" وهى تنقسم إلى نوعين من الخلايا :.
 يقسم الشخص إلى جزأين وذلك برسم دائرة أصغر داخل الدائرة الكبرى لها نفس المركز ،ويمثل الجزء الخارجي "المنطقة الإدراكية-الحركية"،أما المركزي فيمثل "المنطقة الشخصية الداخلية".

                               المنطقة
                     المنطقة
                الإدراكية       الشخصية الداخلية الحركية


2-تقسم " المنطقة الشخصية الداخلية " إلى خلايا وتسمى الخلايا المجاورة للمنطقة الادراكية بالخلايا المحيطة،أما التي توجد فى المركز فتسمى بالخلايا المركزية،ويرى ليفين أن النظام الحركي يعمل كوحدة ،لذلك فإنه يستطيع عادة أن يقوم بعمل واحد فقط فى وقت واحد.
 والآن أمامنا تمثيل تصوري ذهني دقيق لبناء الشخص ،فالشخص يعرف بوصفه منطقة متفاضلة فى حيز الحياة .
البيئة المتفاضلة
 البيئة المتجانسة أو غير المتفاضلة هي تلك التي يتساوى فيها تأثير جميع الوقائع طالما أنه ليست هناك حواجز تعوقه،وليس هناك فرق بين تفاضل البيئة،وتفاضل الشخص.
 ويجب علينا أن نذكر أنه عند التمثيل العيانى لشخص ما فى موقف سيكولوجي عيانى وفى فترة محددة ،يصبح من الضروري معرفة العدد الدقيق ،والأوضاع النسبية للمناطق الجزئية فى البيئة،وكذلك معرفة العدد الدقيق والأوضاع النسبية للغلاف الشخصي الداخلي.
الاتصالات بين المناطق :
 يرى ليفين أن البيئة النفسية بما فيها الشخص تنقسم إلى عدد كبير من المناطق ،كل منطقة بما فيها الشخص يكون لها وظيفة معينة،أو القيام بنوع معين من السلوك،وهذه الاتصالات تختلف باختلاف الحدود"ضعيفة-شديدة".
 الواقعة عند ليفين: وهى إما شئ يمكن ملاحظته ،أو شئ لا يمكن ملاحظته،وهى فرضية،أو تجريبية،أو ما هو محسوس،أو مستنتج.
 الحادث : وهو يعنى العديد من الوقائع ونتاج التفاعل بينها.
 ويقال أن الشخص متصل بالبيئة،لأن واقعة ما فى البيئة يمكن أن تغير،أو تعدل أو تأخذ مكان وقائع أخرى داخل الشخص ،وبالتالي تغير الشخص والعكس صحيح.
 والمشكلة هنا هي كيف نمثل مدى التأثير أو الاتصال بين المناطق،وهناك طرق كثيرة وعديدة للقيام بذلك منها:
1- "القرب –البعد"   وهى أن نضع المناطق قريبة من بعضها البعض عندما يكون تأثير الواحدة على الأخرى كبيراً،ولأن نضعها بعيدة عن بعضها البعض فى حالة التأثير الضعيف،وقد تقترب منطقتان أشد الاقتراب حتى لتكاد تكون حدودهما مشتركة،ولكن لا تؤثر منطقة منهما على الأخرى،والعكس صحيح.
لذلك لا يعنينا هنا أن تقترب الحدود أو تبتعد بقدر عنايتنا "بقوة المقاومة"،فإذا كانت المقاومة بالغة الشدة،فإن قرب المنطقتين أو بعدهما لن يكون له تأثير كبير .
2-"الضعف – الصلابة " ليس لزاما أن يكون الحد قابلا للنفاذ بنفس الدرجة من الجانبين،أي تتفاوت الحدود من حيث نفاذيتها،فالخط الرفيع للغاية،يمثل حدا ضعيفا،والخط السميك يمثل حداً غير قابل للنفاذ .
3-"الجمود –المرونة"  وهو من أهم الإبعاد التي تميز الوسط .
وأن مناطق حيز الحياة تظهر وتختفي بظهور واختفاء وقائع جديدة،ويجب أن نعلم أن سمات الوسط أو الحاجز الذي يعزل منطقة عن أخرى تتغير تبعا للموقف ،فمن الممكن أن يتفكك فجأة حد صلب وأن يتحول حد ضعيف ليصبح قويا.
 عدد المناطق :  عدد الوقائع النفسية المنفصلة هي التي تحدد العدد الذي ستكون عليه المناطق فى حيز الحياة فى لحظة معينة ،فعندما تكون هناك واقعتان فحسب "البيئة والشخص"تكون هناك منطقتان فقط فى حيز الحياة ،أما إذا كانت الوقائع أكثر من ذلك فإن حيز الحياة ينقسم بقدر عدد هذه الوقائع .
 الشخص والبيئة: يقصد لفين بهذا ضرورة الاهتمام بمعرفة الموقع الذي يحتله الشخص فى بيئته النفسية ،وليس فى البيئة الفيزيقية فقط.فقد يكون من الناحية الفيزيقية جالسا فى حجرة الدراسة على حين يكون من الناحية النفسية يعيد لعب مباراة كرة قدم فى ساحة الملعب.
الحركة والاتصال :  لا يعنى التحرك فى البيئة النفسية أن على الشخص أن يقوم بحركة فيزيقية فى الفراغ ،وعندما يقوم الشخص بالتحرك فإنه يعبر ممرا غبر البيئة،وتحدد اتجاه هذا الممر والمناطق التي يمر بها جزئيا ،قوة الحدود ومرونة المناطق ،ويقال أن مناطق الشخصية تتواصل فيما بينها ،فالمنطقة الإدراكية تتواصل مع الخلايا المحيطة للمنطقة الشخصية الداخلية وتلك تتواصل مع غيرها من الخلايا.
يقول كيرت ليفين أنه لابد من اتباع ثلاثة مبادئ لاستخلاص وإبراز حدث ما كالتحرك أو التواصل فى حيز الحياة.
  المبدأ الأول :  مبدأ الارتباط :
 يقرر هذا المبدأ أن الحدث دائما نتيجة تفاعل بين واقعتين أو اكثر ،أي أنه لا يمكن لواقعة واحدة أن تسبب حدثا.
  المبدأ الثاني:  مبدأ العيانية :
 ويقرر هذا المبدأ أن الوقائع العيانية أو الفعلية هي وحدها التي يمكن أن يكون لها آثار ،والمقصود "بالواقعة العيانية"الوجود الفعلي لها فى حيز الحياة.
أما الوقائع المحتملة لا يمكن أن تكون سببا لأحداث راهنة،ويرتبط بهذا المبدأ مبدأ آخر وهو التزامن.
 المبدأ الثالث . مبدأ التزامن :
ويقرر هذا المبدأ أن التزامن يعنى الوقوع فى نفس الزمن ،والذي يقرر أن الوقائع الراهنة وحدها التي تستطيع أن تحدث سلوكا راهنا أو حاضراً.
 إعادة بناء حيز الحياة: ليس التحرك والتواصل هما الحدثان الوحيدان اللذان يمكن أن يقعا نتيجة تأثير واقعة ما على واقعة أخرى،فقد تتزايد عدد المناطق أو تتناقص الشيء الذي يتوقف على إضافة وقائع جديدة استبعاد وقائع قديمة من حيز الحياة.
 كما قد يطرأ التغير على الحدود،أو تقترب منطقتان كانتا بعيدتان أو العكس كما تحدث التغييرات فى خصائص الحدود،وكل هذه التغييرات البنائية فى فئة واحدة عامة هي "إعادة بناء حيز الحياة".
مستويات المواقع :  الواقعية  /  اللاواقعية.
الواقعية تتضمن حركة فعلية ،لكن حين تتضمن اللاواقعية حركة تخيلية أو وهمية فمثلا يستطيع الفرد أن يشترك فى ناد،أو أن يغير وظيفته،أو يحل مشكلة كما أنه يستطيع أن يخطط للعمل على إنجاز كل هذه الأمور،كذلك يستطيع أن يتوهم تحقيقها فى أحلام يقظته،وأن التخطيط أو التفكير مستوى متوسط بين أشد مستويات الواقعية،وأشد مستويات التخييل.
ويعتقد كيرت ليفين أن مفهوم مستويات الواقع لا ينطبق فقط على بناء البيئة،،بل وينطبق كذلك على بناء الشخص.
البعد الزمني أو المنظور الزمني.
 بالرغم من أن السلوك الراهن لا يمكن أن يتأثر بالماضي أو الحاضر،وذلك حسب مبدأ التزامن ،فإن اتجاهات الشخص ومشاعره وأفكاره عن الماضي والحاضر قد يكون لها تأثير ملموس على سلوكه ،فقد تكون آمال المستقبل مخفقة لتوقعات الأمور المقبلة،أو من ثقل الحاضر،لذلك يجب تمثيل الحاضر بوصفه محتويا على الماضي النفسي،وعلى المستقبل النفسي.
  ديناميات الشخصية:. يحتوى التمثيل البنائى الجيد للشخص وبيئته على جميع الوقائع التي يحتاج المرء لمعرفتها ليستطيع تفسير أي نوع من أنواع السلوك المحتملة،إلا أنه لا  تستطيع أي صورة مفصلة لحيز الحياة أن تخبرنا كيف سيكون سلوك الشخص بالفعل،والمفهومات البنائية وحدها لا تستطيع أن تفسر السلوك العيانى فى موقف نفسي فعلى،فمثل هذا النوع من الفهم يحتاج إلى مفهومات دينامية.
 ومفاهيم كيرت ليفين الدينامية الرئيسية هي:
  الطاقة - التوتر- الحاجة – التكافؤ - القوة.
الطاقة:    
  تسمى نوع الطاقة التي تقوم بالأعمال النفسية باسم "الطاقة النفسية" وتنطلق الطاقة النفسية عندما يحاول الجهاز النفسي "الشخصي" العودة إلى التوازن بعد أن يوضع فى حالة من انعدام التوازن ،وينتج انعدام التوازن هذا عن ازدياد التوتر فى جزء من أجزاء الجهاز بالقياس إلى بقية بجزائه ،سواء كان ذلك نتيجة تنبيه خارجي أم تغير داخلي ،وعندما يتساوى التوتر داخل الجهاز كله مرة أخرى ،يتوقف توليد الطاقة ويتجه بأسره إلى الراحة.
 2-التوتر:    
  حالة يكون عليها الشخص ،بمعنى أدق هو حالة المنطقة الشخصية –الداخلية ،وللتوتر خصيتان تصوريتان :
 *أن حالة التوتر فى نظام بعينه تميل إلى "معادلة"نفسها بكمية التوتر فى النظم المحيطة،وتسمى الوسيلة النفسية التي يتم عن طريقها تعادل التوتر باسم "عملية" وقد تكون تفكيرا،تذكرا،وجدانا،وبالرغم من أن التوتر يتجه دائما نحو حالة من التوازن،فإن هذه الخاصية التصورية الذهنية تنطبق فقط على النظام ككل ،ولا يعنى حالة التوازن أن النظام يخلو من التخلص التام من التوتر وأن يظل حيا.
 والتوازن يعنى"أن التوتر داخل النظام الكلى متعادل ،أو أن نظاماً جزئيا يوجد به قدر من التوتر غير متعادل ،ومعزول عزلا محكما ومنفصلا عن بقية النظم.
 ويختلف الشخص  الذي يقيم توازنه على مستوى رفيع من التوتر عن الشخص الذي يقيم توازنه على مستوى منخفض من التوتر ، ففي الحالة الأولى يكون الضغط على الأجهزة الحركية أشد ،ويكشف مثل هذا الشخص عن قدر كبير من النشاط المشتت غير المستقر،وهو مواصلة الضغط على الحدود،فإذا كانت حدود النظام تتميز بالصلابة فإن تشتت التوتر من نظام إلى النظم الأخرى المجاورة له ،سيعوق ،أما إذا كانت ضعيفة فإن التوتر سينتقل بسهولة ويسمع هذا للتوتر بالمرور فى اتجاهات معينة بقدر من الحرية لا يسمح به فى اتجاهات أخرى.
3-الحاجة:
 يسبب ازدياد التوتر أو تفريغ الطاقة فى منطقة شخصية داخلية استثارة الحاجة،وقد تكون الحاجة ظرفا فسيولوجيا،كالجوع أو العطش ،وقد تكون رغبة فى شيء ما ،فالحاجة إذن مفهوم واقعي.
 ويتجنب كيرت ليفين المناقشة المنهجية لطبيعة ومصدر وعدد ونوع الحاجات ذلك لأنه لا يرضى عن المفهوم نفسه ،وهو يحس أن كلمة حاجة لابد أن تنتهي بها الأمر إلى استبعادها من علم النفس ،وتفضيل مفهوم آخر أكثر قابلية للملاحظة،كما أنه لا يرى ما يستوجب وضع قائمة بالحاجات وذلك لأنها ستكون قائمة طويلة جدا،وأن الشيء الجدير بالاهتمام فى وصفنا للواقع النفسي هو تمثيل تلك الحاجات الموجودة فعلا فى الموقف فى تلك اللحظة.فكل حاجة واقعة عيا نية ملموسة،ما لم توصف بكل خصائصها وتفاصيلها.فلن يستطيع المرء فهم الواقع النفسي الحقيقي ،ويذكر ليفين فيما يتعلق بالحاجات أنه يمكن تمييز ثلاث حاجات ،حالة الجوع ،الامتلاء،والامتلاء المفرط يقابل هذه الحالات تكافؤ إيجابي ،محايد،سلبي،ويعنى فرط الامتلاء أن الموضوع أو النشاط الذي كان مرغوبا من قبل قد اصبح غير مستساغ بفعل الخبرة المستمرة.


  التوتر والنشاط الحركي :
 يرفض ليفين القول بأن التوتر الضاغط على الحدود الخارجية للشخص يمكن أن يسبب حركة ،فهو لا يربط بين الحاجة أو التوتر والنشاط الفعلي الناتج عن هذا التوتر.
التكافؤ والقوة:
  التكافؤ خاصية تصورية ذهنية لمنطقة البيئة النفسية ،إنها قيمة هذه المنطقة عند الشخص ،وهناك نوعين من القيم :
  القيمة الإيجابية : دهى تلك التي تحتوى على موضوع هدف لخفض التوتر فمثلا المنطقة التي تحتوى على طعام يكون لها تكافؤ إيجابي عند الشخص الجائع.
 القيمة السلبية: وهى التي تزيد من التوتر فالشخص الذي يخاف من الكلاب يكون لأي منطقة تحتوى على كلاب تكافؤ سلبي.،ولذلك فحصول منطقة ما من البيئة على قيمة سلبية أو إيجابية يعتمد على وجود نظام فى حاجة توتر.
 والتكافؤ كم متغير ،وتعتمد شدة التكافؤ على شدة الحاجة،والتكافؤ ليس قوة ولكنه يوجه الشخص عبر بيئته النفسية ،ولا يؤدى وجود نظام على حالة من التوتر إلى حدوث التحرك،فثمة حاجة إلى مفهوم آخر،وهو"القوة".
 القوة"أو الكمية الموجه": يحدث التحرك عندما تؤثر قوة ذات شدة كافية على الشخص وتتسق القوة مع الحاجة،إلا أنها ليست توتراً
   الخصائص التصورية للقوة: وهى : الوجهة/  الشدة/ نقطة الانطباق.
الوجهة : تشير إلى الكمية الموجهة.            ش
شدة القوة:وهى تمثل طول الكمية الموجهة.
نقطة الانطباق: وهى تمثل المكان الذي يرتطم
 به رأس السهم من الحدود الخارجية للشخص.
 إذا كانت هناك كمية موجهة (قوة)واحدة فقط تؤثر على الشخص ،فسوف تكون هناك حركة أو ميل إلى الحركة،أما إذا كانت هناك كميتان أو أكثر تدفعان الشخص إلى وجهات عديدة مختلفة فإن الحركة الناتجة ستكون محصلة هذه القوى جميعاً.
 ونستطيع الآن أن نتبين العلاقة بين التكافؤ والكمية الموجهة ،فالمنطقة الحاصلة على تكافؤ إيجابي هي تلك التي تتجه إليها القوى المؤثرة على الشخص ،أما المنطقة الحاصلة على تكافؤ سلبي فهي تلك التي تشير إلى الكميات الموجهة إلى الوجهة المضادة".
 ومفهوم الحاجة يطلق على الطاقة ،ويزيد التوتر،ويعطى القيمة ،ويخلق القوة،وهى مفهوم لفين الأساسي والمركزي.
 التحرك :أننا الآن فى موقف يمكننا من تمثيل الممر المعين الذي يعبره الشخص فى تحركه خلال بيئته النفسية،فمثلا قد يمر الطفل بمحل للحلوى،وينظر خلال النافذة ويتمنى لو يحصل على بعض منها،مرآي الحلوى يستثير الحاجة،وهذه الحاجة تفعل ثلاث أشياء وهى:
1-تطلق الطاقة وبذلك تستثير التوتر فى منطقة شخصية داخلية ،وهى تضفي تكافؤ إيجابي على المنطقة التي بها الحلوى،وهى تخلق قوة تدفع الطفل فى وجه الحلوى.
2-لا يمكننا القول بصفة عامة ،أن أي تحرك يمكن تفسيره تفسيرا كاملا بمفهومات الحاجة/التوتر/القوة/التكافؤ/الحاجز/الواقع/اللاواقع/المنظور الزمني.  
 إعادة تكوين البناء النفسي للبيئة النفسية.
  من الممكن أن تتغير ديناميات البيئة النفسية بأربع طرق مختلفة:
1-تتغير قيمة المنطقة كميا أو كيفيا ،ويمكن أن تظهر تكافؤات جديدة ،وتختفي تكافؤات قديمة.
قد يحث التغيير فى الشدة أو الوجهة أو تتغير فى كليتهما.
3-   قد تصبح الحدود أكثر صلابة أو ضعفا،وقد تظهر أو تختفي.
4-قد تتغير الخصائص المادية للمنطقة ،فتتغير مثلا مرونتها،أو جمودها.
وقد يحدث إعادة بناء البيئة النفسية نتيجة:
 أ-  تغييرات فى نظم التوتر عند الشخص.
ب- نتيجة للتحرك ،ونتيجة لعمليات معرفية.
   كما قد ينتج إعادة تكوين البناء عن اقتحام عوامل غريبة من الغلاف الغريب للبيئة النفسية.
العودة إلى التوازن:.
 الهدف النهائي لجميع العمليات النفسية هو إعادة الشخص إلى حالة من التوازن ،ويمكن بلوغ هذا الهدف بطرق متعددة.
  نشر التوتر فى بقية النظم حتى تتساوى أو تتعادل كمية التوتر فى جميع النظم،لأنه عندما يكون من الصعب على حدود المنطقة الشخصية مقاومة الضغط الواقع عليها ،فإن اندفاعا مفاجئا فى الطاقة يحدث فى الجهاز الحركي يؤدى إلى حدوث سلوك تهيجي.
 تتم عن طريق الحركة-الإدراك وهى وسيلة فعالة لتخفيف التوتر،والتحرك المناسب هو الذي يقود الشخص إلى منطقة موضوع مشبع الهدف وقد يؤدى تحرك بديل إلى خفض التوتر واستعادة التوازن،وتتطلب هذه العملية أن يكون هناك اعتماد متبادل وثيق بين حاجتين ،بحيث يؤدى إشباع إحداهما إلى تفريغ التوتر.
  قد تؤدى حركات تخيلية إلى خفض التوتر،فالشخص الذي يتخيل أنه قد أنجز عملا صعبا ،يحصل على إشباع بديل عن طريق مجرد أحلام يقظة تدور حول النجاح.
نمو الشخصية
  بالرغم من أن ليفين لا يرفض فكرة أن الوراثة والنضج يلعبان دورا أساسيا فى النمو،إلا أنه لا يعطيها أي مكان فى تمثيلاته التصورية الذهنية،فطالما أن الوراثة والبيئة يدخلان داخل نطاق الوقائع البيولوجية فهما يوجدان نماذج حيز الحياة مع الظواهر الاجتماعية والفيزيقية،ولهذا يتجاهلها لفين ،~إلا أنه يذكر أن التغييرات العضوية يكون لها تأثير على النمو النفسي.
  وأول عمل تجريبي قام به لفين كان بحثا فى "التعلم الارتباطى" فوجد أن العناصر الواجب اقترانها يجب أن تنتمي إلى نفس نظام التوتر حتى يتكون اتصال بينها ولقد ألقت نتائج لفين الشك حول صدق النظرية الارتباطية فى التعلم .
  ولقد كان اهتمام لفين "بالثواب- والعقاب "لا بوصفهما يصنعان العادة،أو تقضيان عليها ،ولكن بوصفهما وسيلتين للتحكم فى السلوك فى مواقف عيا نية مؤقتة،وهما عند لفين يحدثان تغييرات فى الكميات الموجهة ،والتكافؤات ،وحدود البيئة النفسية،وفى نظم التوتر عند الشخص.
 ولقد أسهم كيرت ليفين وتلامذته فى فهمنا للذاكرة عندما بينوا أن الأعمال لا تشكل نظرية للتعلم .
التغييرات السلوكية:.
  يناقش كيرت ليفين فى مقاله "النكوص والتقهقر والارتقاء" بعض التغييرات السلوكية التي تحدث خلال الارتقاء ،ثم يتبع ذلك بمحاولة توضيح كيف أن هذه التغييرات يمكن تمثيلها بواسطة مركبات المجال.
 *التنوع:  من الواضح أن نشاطات المرء وانفعالاته وحاجاته تتزايد بتزايد السن على الأقل حتى يصل إلى سن معينة.
  *التنظيم : لا تصبح النشاطات أكثر تنوعا فحسب بتقدم العمر بل يطرأ عليها تغييرات من حيث التنظيم ،فالطفل الصغير يستطيع أن يقيم علاقة مع أكثر من طفل ،كذلك بالنسبة للسلوك ،فالسلوك الذي يحدث فى الطفولة المبكرة يكون هدفه الحصول على اللذة،فى حين أن نفس السلوك فى سن أكبر يهدف إلى وسيلة لبلوغ أهداف أخرى،أيضا بالنسبة لمشتتات الانتباه ،فالطفل الصغير عندما يقطع نشاط ما ليقوم بسلوك آخر من غير المحتمل أن يعود إلى النشاط الأول مرة أخرى.
  *امتداد مناطق النشاطات : أن حرية الطفل الأكبر فى الحركة أكبر من حرية الطفل الصغير،فالأول يستطيع القيام بأعمال كثيرة ومتنوعة مثال على ذلك " يعبر الطريق/يزور أصدقائه/يذهب إلى المدرسة" كما أن الزمن بالنسبة للسن يصبح أكثر أهمية لدى الطفل الأكبر،فهو مع تقدم العمر يبدء فى التفكير فى الماضي،والتخطيط للمستقبل ،أما الطفل الصغير فإنه يعيش حاضرة إلى حد كبير.
 *الاعتماد المتبادل للسلوك:  من الملاحظ على سلوك الطفل أنه يتضمن أرجا عات مشتقة للجسم بأسره ،لذلك يرى ليفين فى هذا السلوك "الاعتماد المتبادل البسيط أوحاله عدم التفاضل".
 *درجة الواقعية:  يتزايد اتجاه الشخص نحو الواقع عادة بتقدمه فى السن فالطفل الصغير لا يستطيع التمييز بين ما هو حقيقي ،وما هو خيال ،ولا يرتقى لديه الإحساس بالواقع إلا عندما يتعلم التمييز بينهما.
 * المفهومات الارتقائية: بعد أن أوضح ليفين بعض التغيرات الهامة التي تحدث أثناء النمو،نجده يشرع بصياغة هذه التغييرات صياغة تصورية ذهنية.
التمايز أو التفاضل .
  أنهما من المفهومات الأساسية فى نظرية كيرت ليفين فى نمو الشخصية ،ويعرفه بأنه زيادة فى عدد أجزاء الكل ،مثال يتزايد عدد المناطق الموجودة فى الغلاف الشخصي –الداخلي بتقدم العمر،فنظم التوتر المتمايزة عند الراشد أكثر منها عددا عند الطفل وبالمثل تصبح البيئة النفسية أكثر تمايزا مع تقدم العمر،كما يتمايز الزمن إلى الماضي القريب ،والبعيد ،والحاضر والمستقبل القريب والبعيد،أيضا مع تقدم السن يزداد تفاضل الواقع –اللاواقع فعندما يصبح الشخص راشد فهو يميز بين الحقيقة والزيف.
**خصائص الحدود:
  من الواضح أن زيادة التمايز والتفاضل للشخص والبيئة النفسية يعنى تزايد عدد الحدود،إلا أن الحدود لا تتشابه فهي تختلف من حيث القوة،وبصفة عامة فإن حدود الطفل أقل صلابة من حدود الراشد وهذا يفسر لنا حقيقة أن الطفل أكثر عرضة لتأثيرات البيئة،وأنه يستطيع تفريغ التوترات الداخلية بسهولة أكثر من الراشد،ويعنى ضعف الحدود فى الغلاف الشخصي-الداخلي للطفل أن حاجة ما يمكن أن تحل محل حاجة أخرى بسهولة بالغة،على عكس الراشد،وكذلك بالنسبة"الواقع –اللاواقع"،"المنظور الزمني"
 *التكامل: هو نوع من العلاقة بين نظم التوتر التي يبدو أنها توجد عند الطفل ،فالاضطراب الحادث فى إحدى المناطق ينتشر إلى مناطق أخرى فى الغلاف الشخصي والداخلي،كما يتجه إلى الخارج عبر الجهاز الحركي فى الغلاف الشخصي الداخلي،كما يتجه إلى الخارج عبر الجهاز الحركي فى تنفيس كلى منتشر،ومع تقدم الطفل فى النضج ،يبدوان تأثير نظم التوتر المجاورة بعضها لبعض تفقد تلك الخاصية المميزة له.
  وتأخذ العلاقات نمط قوامه قائد ومقود بدلا من تعادل التو ترفى النظام كله ،فنظام التوتر(أ)يقود نظام التوتر(ب؟)وتظهر الانتقائية.
 


 نقد نظرية كيرت ليفين
1-لا تأتى تمثلات ليفين الطوبولوجية،والكمية الموجهة بجديد بالنسبة للسلوك الذي نفترض أنها تهدف إلى تفسير،فقد لاحظ العلماء أن لفين لا يصوغ قوانين،كما أنه لا يفسر العمليات اللازمة ليقين الثوابت فى طرفي المعادلة ،والتي يمكن عن طريقها التنبؤ بسلوك شخص ما فى موقف معين،ويؤكد تولمان أن الخطأ الذي أدى إلى فشل لفين هو عدم توضيح خطوات معينة فى تفكيره.
 2-لا يمكن لعلم النفس أن يتجاهل البيئة الموضوعية ،فيقول تولمان أن حيز الحياة ليس نظاما نفسيا مغلقا فهو يتأثر من ناحية بالعالم الخارجي،كما أنه يحدث من الناحية الأخرى تغيرات فى العالم الموضوعي،لذلك لابد لتقييم نظرية نفسية تتسم بالكفاية من "صياغة مجموعة من المبادئ تقرر أنه عندما تتوفر صياغات حيز الحياة لأفراد أو جماعات،وكذا فإن ذلك يؤدى إلى سلوك يتصف بكذا وكذا من الصفات ،ويعتقد تولمان أن ليفين قد أخفقت نظريته بخاصة فى عدم توضيحها كيف تحدث البيئة الخارجية تغيرات فى حيز الحياة،والإخفاق فى تقديم مثل هذه المبادئ،يعنى أن نظرية المجال عند ليفين تسقط فى فخ الذاتية.
3-وهذا الانتقاد مرتبط بمشكلة العلاقة بين العالم المادي وحيز الحياة،فإن البورت يعتقد أن ليفين خلط بين ما هو مادي وما هو سيكولوجي،فالتحركات فى كتابات ليفين تكون مادية أحيانا ونفسية أو عقلية أحيانا أخرى.
4-وهناك وجهة نظر نقدية ترى أن كيرت ليفين لا يدخل فى اعتباره التاريخ الماضي للفرد ،ويقدم ليبر هذا الاعتراض لأنه يعتقد أن التفسير الكامل لأي سلوك راهن يقتضي بالضرورة النظر فى ماضي الفرد بحثا عن العوامل العلية،ولهذا النقد أهمية لدى الأخصائيين النفسيين والذين يعتقدون أن الشخص نتاج الوراثة والبيئة،والنضج والتعلم.
5-يسيء ليفين استخدام المفهومات الفيزيقية والرياضية فقد وجه إلى لفين اللوم القاسي لاستخدامه المفهومات الرياضية والفيزيقية دون تمييز وبصورة خاطئة وقد أشار ليبر أن ليفين لا يحدد الاصطلاحات بعناية مما يؤدى إلى الخلط .
6-كان أقوى الانتقادات التي وجهت إلى نظرية المجال عند ليفين هو أنها تتظاهر بتقديم نموذج رياضي للسلوك يمكن الخروج منها بتنبؤات نوعية،على حين لايمكن ذلك فى الحقيقة،فنظرية كيرت ليفين ليست نظرية رياضية بالرغم من اللغة الطوبوغرافية المستخدمة.بحيث قد تسيطر نظم على نظم أخرى بعيدة عنها أو تقودها،ويصبح ممكنا قيام تتدرج هرمي كامل يقوم على علاقات السيادة التبعية،فتسيطر(أ) على (ب)،و(ب)على(ج) وهكذا ،ويفسر هذا لنا قدرة الشخص المتقدم فى السن على تنظيم وتنفيذ خطة معقدة للعمل ،والتي يبدو أن الأطفال يفتقرون إليها.
 مراحل النمو:
  النمو والارتقاء عند ليفين عملية مستمرة يصعب أن نتبين فيها مراحل منفصلة ،ولكنه يقول أن تغييرات ارتقائية هامة تحدث فى حوالي السنة الثالثة من العمر،ويعقبها فترة استقرار فى المراهقة وتنتهي مرحلة استقرار الراشد بنهاية إعادة التنظيم الدينامى.
 ويعتقد ليفين أن استخدام مقاييس السن ،الوصف ،النمو لا يكفى فى فهم النمو النفسي،فلابد أن نفضل عليه درجات التمايز،والتنظيم والتكامل،كما يجب على علم النفس اكتشاف الوقائع الدينامية المتزامنة،والتي تقدم ظروف التغيير فى الوقت الذي يحث فيه.
النكوص :
 على أي نظرية للنمو والارتقاء أن تدخل فى اعتبارها أشكال النكوص التي تحدث من وقت لآخر.
 ويفرق ليفين بين الارتداد ،والنكوص،فيشير الارتداد إلى العودة إلى شكل مبكر من أشكال السلوك ،على حين يشير النكوص أي تغيير أو إلى شكل أكثر بدائية من أشكال السلوك بصرف النظر عن احتمال أن الشخص نفسه قد سلك هذه الصورة فيما مضى أم لا.
  وأنه من الأسهل دراسة النكوص عن دراسة الارتداد ،وذلك لأنه يكون ليس من الضروري،أن نتحقق من وقوع السلوك فيما مضى فى حياة الأفراد،ولقد وجد ليفين وزملاؤه من خلال تجاربهم على الأطفال أن الإحباط هو أحد العوامل التي تحدث النكوص.












            نظرية الفريد- أدلر
       Alfred Addle                    
 كان أدلر ( 1870 – 1937 ) تلميذا وزميلا فى حركة التحليل النفسي التي أنشأها فرويد وفى عام 1911 أنشق عن فرويد مكونا مع بعض زملائه “ جماعة البحث الحر فى التحليل النفسي " ثم غير اسمها فى العام التالي لتصبح جماعة" علم النفس الفرديIndividual Psychology .
 وتركز نظرية أدلر على أن إرادة القوة وإرادة التفوق وإرادة بلوغ الكمال وقهر الإحساس بالدونية أو النقص أو بالقصور هي الدافع الرئيسي لدى الإنسان ، وكأن الإنسان فى سعيه الدؤوب إنما يهدف إلى شئ واحد هو أن يكون محققا لذاته فى مجتمعه كأفضل ما يكون التحقيق ، والتحقيق الأفضل هذا للذات سوف يكون معياره مختلفا بين الأفراد فبينما يراه البعض فى القوة والغنى والأمور الأنانية الضيقة
كالمرضى النفسيين ، يراه الآخرون فى الأهداف النبيلة ذات الطابع الاجتماعي والتي تؤدى إلى  تقوية المجتمع ومساعدته على النهوض وتحقيق القوة كما هو فى الحال لدى أصحاء النفوس .
 ولذا فإن نظرية أدلر فى نمو الشخصية تتركز فى أن كل منا يبدأ منذ ولادته مراحل نموه الهادفة تصاعديا إلى بلوغ الكمال  أو الاقتراب منه ، فهو يتجه دائما إلى أعلى متخطيا مراحل الضعف محققا القوة .
  ويعطى أدلر لشعور الفرد بالقصور الدور الأكبر فى سعيه نحو القوة ، والسيطرة لتعويض هذا القصور ورد الاعتبار إلى الذات ومن أشهر الأمثلة للتعويض عن القصور أو النقص  ديموستينيس آذى يعتبر أشهر خطباء اليونان قاطبة وآذى كان نطقه ضعيفا وغير سليم  ويقال انه كان يضع الحصى فى فمه وهو يتكلم حتى تخرج كلماته صحيحة النطق .
 وهكذا ركز أدلر وأبرز أهمية التعويض الزائد كحيلة أو وسيلة من حيل التوافق التي تلجأ إليها الشخصية لعلاج موقف الإحباط الذي تكون فيه .
 فلقد ركزت نظرية أدلر الشخصية على محور التعويض الزائد كحيلة تلجأ إليها الشخصية فى مراحل نموها المختلفة لقهر عقدة النقص التي تصيبها من جراء إحساسها بالضعف والعجز ، وبهذا تعيد الشخصية ثقتها بنفسها فى امتلاك القوة والسيطرة والتفوق ، فتندفع فى أنشطة  معينة  وتهيئ لنفسها  من الظروف ما يمكنها من ذلك.
   ويمكن أن نلخص إسهامات أدلر فى الشخصية فيما يلي:
الاهتمام بالحوافز الاجتماعية
    كمحددات للسلوك
  وهو بذلك يناقض بشدة ما ذهب إليه فرويد من افتراض أساسي مؤداه أن السلوك الإنساني تحركه غرائز فطرية ويناقض كذلك مسلمة "يونج"الرئيسية بأن سلوك الإنسان تحكمه أنماط أولية فطرية ولكن أدلر يقول"أن الاهتمام الاجتماعي فطرى فى الإنسان بمعنى أنه يتفق مع التحليل النفسي فى الطبيعة الفطرية وتأثيرها."
مفهوم الذات الخلاقة
 والذات الخلاقة لدى أدلر عبارة عن نظام شخصي وذاتي للغاية يفسر خبرات الفرد ويعطيها معناها وبها يتم تحقيق أسلوب الشخص الفريد فى الحياة،ومن الواضح هنا أن مفهوم الذات الخلاقة جاء فى مقبل الموضوعية المتطرفة لدى التحليل النفسي التقليدي آذى يفسر ديناميات الشخصية بناءا على الحاجات البيولوجية والمنبهات الخارجية ،وقد لعب مفهوم الذات الخلاقة فيما بعد دورا رئيسيا فى الصياغات الحديثة المتعلقة بالشخصية.
   تفرد الشخصية
  ويعنى بذلك أن كل فرد عبارة عن صياغة فريدة من الدوافع والسلوك والاهتمامات والقيم ،وكل فعل يصدر عن هذا الفرد إنما يحمل طابع أسلوبه المتميز.
    الشعور مركز الشخصية
 الفرد يشعر بذاته قادر على التخطيط والتوجيه لأعماله،وتبدو هنا أهمية هذا المفهوم حيث استبدل آدلر اللاشعور بالشعور كمركز للشخصية.
       المفهومات الرئيسية فى نظرية آدلر
 هناك نقطة هامة يجب أن إلا نغفلها قبل عرض أهم مفاهيم نظرية آدلر وهى أن آدلر كان من أصحاب نظرية الشخصية الذين بدءوا الصياغة فى مجال علم نفس الشواذ Abnormal Psychology حيث كان تدريبه الأساسي فى الطب،وكون نظريته فى العصاب ثم توسع فيها ليشمل الشخصية السوية،وفيما يلي المفهومات الرئيسية فى نظريته:.
الأهداف النهائية الوهمية
             Fictional Finalism

"مبدأ العلية فى تفسير السلوك " وملخصها أن الإنسان تحركه توقعاته للمستقبل أكثر مما تحركه خبرات ماضية وذلك فى مقابل تركيز فرويد على العوامل التكوينية وخبرات الطفولة المبكرة بوصفها عوامل محددة للشخصية وقد أخذ آدلر هذه العقيدة الفلسفية الوضعية المثالية عن هانز فاينهنجر الذي عرض هذه الفكرة فى كتابه سيكولوجية كأن "The Psychology of As if "وهى أن الإنسان يعيش على أفكار وهمية لا مقابل لها فى الواقع ،والتي تمنح الإنسان مزيدا من الكفاءة ولكنها ليست فروض يمكن التيقن منها مثل (الأمانة خير سبيل- الغاية تبرر الوسيلة…الخ؟
الكفاح فى سبيل التفوق
    Striving for Superiority
  "ما هي الغاية النهائية التي ينزع الإنسان إلى بلوغها ؟ وقد مر تفكير آدلر فيما يتعلق بهذا الهدف النهائي للإنسان فى ثلاث مراحل وهى أن يكون عدوانيا ثم أن يكون قويا ،ثم أن يكون متفوقا ،والتفوق هنا لا يعنى الامتياز الاجتماعي أو المنزلة المرموقة وإنما يعنى العمل من أجل بلوغ الكمال التام ،أنه الدافع الأعظم إلى الأمام وهو فطرى بل أن آدلر فسر به أعمال فرويد ويونج مثل مبدأ اللذة والتعادل وأنها ليست إلا أعرابا فيهما لمحاولات التعبير عن الدافع الأعظم إلى الأعلى.
مشاعر النقص والتعويض
Inferiority Feelings and Compensation.          
  جاءت هذه الفكرة لآدلر منذ البداية عند ملاحظته أن هزة المرض لدى المريض يتبعها الشكوى من نقطة معينة فى الجسم وفسر ذلك بأن السبب فى حدوث الخلل فى منطقة بالذات إنما يرجع إلى نقص عضوي بهذه المنطقة نتيجة الوراثة أو شذوذ فى النمو، وفكرة التعويض تعنى أن الشخص الذي يعانى من عجز فى عضو ما دائما ما يحاول تعويض هذا الضعف بالعمل تقوية هذا العضو.ومن أل أمثلة الشهيرة على ذلك
"ديمسوستين )أشهر خطباء عصره الذي كان يعانى من اللعثمة فى طفولته (وتيودور روزفلت ) الذي كان ضعيفا فى طفولته وقد عمم آدلر مفهومه عن العجز العضوي ليشمل أي مشاعر بالنقص.

الاهتمام الاجتماعي
 Social interest
  والمقصود به هو مساعدة الفرد لبلوغ هدفه ألا وهو المجتمع الكامل ،فالعمل من أجل الصالح العام يعوض الإنسان ضعفه الفردي الاهتمام الاجتماعي فطرى لدى آدلر،ولكن لا يظهر تلقائيا بل يحتاج إلى التوجيه والتدريب.
"الإنسان الكامل فى المجتمع الكامل" حيث يحل الاهتمام الاجتماعي محل الاهتمام الأناني".

أسلوب الحياة
Style of Life            
  أسلوب الحياة هو شعار نظرية آدلر فى الشخصية هو مبدأ الأساس الفردي الأساس الفردي عن آدلر وهو مبدأ النظام الذي تمارس به الشخصية وظائفها إنه أكثر سمات النظرية تميزا حيث أن نظرية آدلر هي نظرية علم النفس الفردي،فسلوك الفرد ينبع من أسلوب حياته ،ويتكون أسلوب الحياة فى الفترة المبكرة من الطفولة قرابة السنة الرابعة أو الخامسة ،وهنا أيضا تبرز أهمية اللسنين الأولى من العمر فى تثبيت أسلوب الحياة لدى الفرد وهذه أخذها آدلر عن فرويد.
ولكن ما الذي يحدد أسلوب الحياة لدى الفرد ؟
 إنها النقائص التي يعانيها الفرد سواء حقيقية أو متوهمة،فأسلوب الحياة تعويض عن نقص معي،ومثال ذلك لقد تحدد أسلوب الحياة لدى نابليون بالقهر والغزو،ونشأ ذلك بفعل قصر قامته "نقص وتعويض" وعشق هتلر للاغتصاب والسيطرة"أسلوب حياته" نتج عن عجزه الجنسي.
6- الذات الخلاقة:
 الذات الخلاقة هي المفهوم الأول التي يدور حولها جميع المفاهيم فى هذه النظرية،وجوهر هذا لمفهوم أن الإنسان يصنع شخصيته بنفسه ،والذات الخلاقة مثل الأسباب الأولى نستطيع رؤية أثارها ولا نستطيع رؤيتها ذاتها.
ويتحدد أسلوب آدلر فى العلاج النفسي فكان يهتم بثلاث عوامل هامة وهى :
1-ترتيب الميلاد والشخصية:
 وتتلخص هذه النظرة فى احتمال وجود اختلافات كبيرة بين شخصية كل من الطفل الأكبر والأوسط والأصغر،وذلك لاختلاف الخبرات المتميزة لدى كل منهم ،فالطفل الأول يحظى بقدر كبير من الاهتمام حتى يأتى الثاني فيفقد عرشه ويكون لديه الاهتمام بالماضي مركز الاهتمام ،والطفل الثاني يصبح الأوسط حينما يأتى الثالث وهو يتميز بالطموح فهو يحاول دائما التفوق على أخيه الإبر ،أما الأصغر فهو الطفل المدلل ،ولكن النتائج لم تؤكد صحة هذه النظرية.
2-الذكريات المبكرة:
   يعتقد آدلر أن أقدم ما يستطيع الشخص تذكره يعتبر مفتاح هام لفهم أسلوب حياته الأساسي،وقد استخدم آدلر هذه الطريقة مع الأفراد والجماعات لدراسة الشخصية.
3 -خبرات الطفولة :
 اكتشف آدلر ثلاثة عوامل هامة من المؤثرات المبكرة التي تؤثر بطريقة خاصة فى أسلوب الحياة وهى:
1-أطفال يعانون من مشاعر نقص "نتيجة العجز العضوي مثلا"
2-  أطفال مدللون " لا ينمو لديهم شعور اجتماعي"
3-أطفال مهملون "يصبحون أعداء المجتمع وتسيطر عليهم نزعة الانتقام .  ولكن إذا توفر لهؤلاء آباء متفهمون فأنهم يتحولون إلى الاتجاه الأفضل بتعويض   النقص لديهم.

         النظرية السلوكية
    المدخل السلوكي 000 لدراسة الحياة النفسية للإنسان
 يصدر عن الإنسان ، منذ قيامه من نومه إلى عودته إليه مرة أخرى ، أفعال كثيرة تتمثل فى صحوته ، وممارسته أفعال روتينية من قبل العادة كغسل الوجه 000 إلى الخروج من  منزله بغيه ما – فهو بذلك يقوم بسلوك كاستجابة
لمثير ما" وأنصار هذا المدخل لا يهتمون بالإنسان إلا من حيث هو مجموعة من الاستجابات التي تنشأ للرد على المثيرات التي أدت إليها 000 أما قضية فهم المحددات الدينامية فهي غير واردة فى أذهان أنصار المذهب السلوكي .
 صحيح أن المثير المعين قد أدى إلى استجابة محددة لكن ليست العلاقة بين المثير والاستجابة هي علاقة ميكانيكية آلية فحسب ، فبين المثير والاستجابة عمليات عقلية وقعت فى الجهاز العصبي ( المخ ) الذي قام بإدراك المثير فى سياق نفس معين وقام بترجمتها إلى استجابة معينة – هذه العمليات العقلية المعقدة تختلف بالقطع عن البساطة الساذجة المتمثلة فى العلاقة الميكانيكية بين المثير والاستجابة    S.R
 ويعد جون واطسون رائد السلوكية فى أمريكا والعالم  ، وبذلك بحكم تجاربه واقتناعه بنتائجها وإعادة تكرارها ، واستنباط قوانين أساسية تحكم السلوك أدخلها فى نطاق محكم من التجريد تكون نظرية أساسية من نظريات علم النفس ،والذي جعل السلوكية تجد ترحيبا مفرطا  من علماء النفس هو رضها للمنهج الاستنباطي ، وعلى هذا الأساس بدأ واطسون " التفكير المنهجي " فى كيفية فهم الإنسان وقد أدرك أن الوصول إلى فهم حقيقي لطبيعة هذا الإنسان لن يتم غلا من خلال التعرف على كيفية حدوث السلوك ومنطقيته من خلال إخضاع العديد من الأفراد لقياس موضوعي محدد        
  وهكذا انشغل علماء النفس المؤمنين بنظرية   "المثير والاستجابة" بالمثيرات المسببة للاستجابات المختلفة ، والتي تظهر عادة فى شكل سلوك ، أو ما يعرف بالاستجابات السلوكية واثر الثواب والعقاب  عندما يدعموا الاستجابة .
 وبذلك فهذه النظرية لم ولن تتعدى السلوك الظاهري ، ولم تسعى إلى البحث فى أعماق الإنسان لمعرفة العوامل المؤثرة على تحديد الاستجابة . وبذلك فلم تخرج نظرية "المثير والاستجابة"  عن كونها نظرية ميكانيكية آلية ينقصها الفهم الذي امتلكته النظريات الدينامية ، ولذلك سمى علم النفس "المثير والاستجابة" بطريقة الصندوق المظلم .
  ومع أن علماء نفس "المثير والاستجابة" قد توصلوا إلى أن المخ والجهاز العصبي عموما هو المسئول عن نشاط الإنسان على الإطلاق إلا انهم لم يدركوا كيف أن الإنسان يمكن أن يستجيب لمثير واحد ومحدد عدة استجابات مختلفة باختلاف الظروف ، ذلك هو الإنسان المعنى والفهم وليس مجرد صندوق مظلم من داخله مستغلق على الفهم – ولكن توقع استجابة واحدة ( نمطية ) لمثير واحد أمر قد نقله علماء النفس المثير والاستجابة فى تجاربهم على الحيوان إلى الإنسان بغير وعى لأن الإنسان هو ( المعنى والفهم ) والحيوان ( الغريزة النمطية  الجامدة )





      نظرية ثور نديك
            Thorndike Theory
  كان عالم النفس الأمريكي ثور نديك(1874-1949)مهتماً اهتماما خاصاً بظاهرة التعلم ويجرى التجارب في أواخر القرن الماضي،وأوائل القرن الحالي،وظل كذلك طوال فترة نشاطه العلمي لمعرفة كيفية حدوث التعلم عند الحيوان و الإنسان،حتى أن رسالته لنيل درجة الدكتوراه عام 1899 كانت عن ذكاء الحيوان دراسة تجريبية على عمليات الارتباط عند الحيوان.
 حيث كان يجرى فيها التجارب على كيفية تعلم الحيوان ،ولقد أدى هذا به إلى نظريته في التعلم بالمحاولة والخطأ.
 وفكرة النظرية تقوم على أن الإنسان والحيوان يكتسبان مهاراتهما ويتعلمانها عن طريق المحاولة والخطأ،حيث تثبت المحاولات الناجحة أو المقربة إلى النجاح أو الموصلة إليه،وتتلاشى تدريجيا المحاولات الخاطئة،أو التي تؤدى إلى الفشل وتبعد عن النجاح.
 ومع تكرار التجربة تنطبع في الجهاز العصبي جوانب السلوك الناجحة وتختفي الفاشلة،ويتم ذلك بشكل تدريجي حتى يتعلم.
 ومن نماذج تجارب ثور نديك (أنه وضع قطة في قفص مغلق عليها،وتستطيع فتحه أن هي ضربت فيه مكاناً معيناً فنجدان القطة تضرب كافة جوانب القفص،ثم في إحدى الضربات ينفتح القفص فجأة وتخرج القطة منه،فتجد وجبة طعام شهى في انتظارها وهى جائعة،ومع تكرار التجربة نجدان زمن بقاء القطة المحبوسة داخل القفص قد قل شيئا فشيئا،حتى تكاد تثبت عند المكان المناسب فقط والذي ينتهي بفتح القفص (أي الحل الصحيح الناجح ).
 وعند ذاك نقول أن القطة قد تعلمت،بحيث أنه مجرد دخولها القفص لا تمضى فيه سوى وقت قليل ،ولا تضرب ضربات عشوائية بعيدة عن الحل الصحيح إلا قليلا.
 ويلاحظ أن تعلم الإنسان لمهاراته يتم أساساً وفق نظرية المحاولة والخطأ والحركات العشوائية التي لا يتدخل الذكاء في توجيهها،ويكاد يتساوى فيها الذكي وغيرا لذكى،مثل تعلم السباحة،وتعلم ركوب الدراجة،وتعلم قيادة السيارات .
 إذ لا يمكن الاعتماد هنا على ذكاء الفرد فقط مهما كان ،فلابد أن يجرب الفرد حركات عشوائية طويلا قبل أن يجيد التعلم.
 ويعنى التعلم في نهاية الأمر تدعيم الحركات الصائبة وبقاءها،وتلاشى الحركات الطائشة،ويتم هذا التعلم دون فهم من جانب القائم بالتعلم ،وإنما بشكل أقرب ما يكون إلى الآلية العمياء.
 ومن هنا نقترب كثيرا من التعلم الشرطي،حيث يحدث ارتباط آلي بين مثيرات واستجابات ترد بها الأعصاب الحركية دون أن يكون للتفكير والشعور دور بينهما،ويختلف هذا كثيرا عن نظرية أخرى في التعلم وهى التعلم بالاستبصار.
  وقد أستخلص ثور نديك عدة قوانين خاصة بالتعلم بالمحاولة والخطأ وهى:.
1-قانون التجاور أو التلازم والترابط.
 ومؤدى هذا القانون هوان "تعلم استجابة معينة يتم بتجاور الاستجابة للنجاح"
 2-قانون الأثرLow of Effect    .
 وصيغة هذا القانون كالأتي "أن الاستجابة المتعلمة هي التي تقترن بالرضا والسرور بالنجاح وتترك أثرا مشبعا في الحيوان".
 3-قانون الإثابة.Low of Reward    
 مؤدى هذا القانون هو "أن الاستجابة التي تعطى أثرا طيبا تتدعم Reinforcedلأنها تثيب الحيوان على القيام بها في نفس الوقت تختفي الاستجابة الفاشلة لأنها تثيب الحيوان فلا تخطى بتدعيم يدعو إلى القيام بها مرة أخرى".
4-قانون تعدد الاستجابة.
 وهو ينص على"أن الكائن يغير من استجاباته في مواقف التعلم (المشكلة)حتى يقوم بالحركة الصحيحة عشوائياً"
5-قانون الاستعداد والاتجاه.
 ويشير هذا القانون على أن"التعلم يتأثر بالاتجاه العام عند الكائن ،بيد أن الاستعداد أو الاتجاه العام لا يحدد ما سيقوم به الكائن فحسب وإنما يحدد أيضا ما يسبب له من ارتياح أو مضايقة".
  نقد نظرية ثور نديك
1-يوجه إلى ثور نديك نقد هام مبنى على معنى قانون الأثر عنده،حيث يرى أن الأثر الطيب ذو أثر رجعى لأنه يقوى الوصلة العصبية السابقة لحالة الارتياح،ولما كان هنا كاستحالة للتأكد من تقوية الوصلات العصبية بالوسائل التجريبية المعروفة،لذلك يعتبر هذا التفسير غيبياً هو الآخر،ولو أنه صيغ في عبارات فسيولوجية أو عصبية.
2-أهمل ثور نديك تماماً دور الإدراك في التعلم.
3-أن نظرية ثور نديك تتذبذب بين الاتجاه النفسي العقلي،والاتجاه الآلي في تفسير السلوك ،حيث أعتبر الكائن الحي آلة تخضع لمثيرات فردية منعزلة وأهمل وحدته وتكامله.





      نظرية التعلم الشرطي الكلاسيكي
          Classical Conditioning Learning
 رائد هذه النظرية هو إيقان بافلوف (1849-1936)علم الفسيولوجيا الروسي،والحائز على جائزة نوبل في الفسيولوجيا،وقد أجرى في أوائل هذا القرن تجارب فسيولوجية متعلقة بسيل اللعاب والإفرازات الهاضمة عند الكلاب وأكتشف ما سبب له دهشة بالغة،حيث كانت الكلاب تستجيب بسيل اللعاب لمجرد دخول المجرب الذي كان يقدم له الطعام سابقاً إلى التركيز في دراساته على هذه الظاهرة الجديدة التي أكتشفها،وبدأ سلسة من التجارب كان نموذجها قرع الجرس ثم تقديم طعام إلى الكلب مباشرة وهو جائع(لرفع دافع الكلب واستثارته للتعلم)وكرر ذلك عددا كبيراً من المرات"بلغ في بعض الأحيان مائة مرة"فوجد بعد ذلك أن الكلب يفرز اللعاب لمجرد سماع الجرس حتى لو لم يعقبه تقديم طعام.
 وهنا نقول إن الكلب قد تعلم أن يفرز اللعاب لمجرد سماع الجرس ،حيث قام الكلب بالربط بين قرع الجرس وتقديم الطعام فأصبح قرع الجرس نذير التقديم الطعام ،وبمثابة تهيئة للكلب لتناول الطعام وتنبيهه لذلك،فيستعد الكلب بإفراز اللعاب لهضم الطعام،ولذلك أطلق بافلوف على هذه الحالة من إفراز اللعاب مصطلح (الإفراز النفسي"حتى يميزه عن إفراز اللعاب الطبيعي،والذي يتم نتيجة وضع الطعام فعلاً في فم الحيوان.
 ولقد أطلق بافلوف على هذا النوع من التعلم مصطلح "التعلم الشرطي"وعلى هذا تتلخص فكرة التعلم الشرطي في أن مثيراً غير طبيعي"الجرس في النموذج السابق "نتيجة لأقتران تقديمه عددا من المرات مباشرة قبل تقديم الطعام "المثير الطبيعي في النموذج السابق يصبح عند ذاك قادرا على استثارة نفس الاستجابة التي يستثيرها المثير الطبيعي(وهى سيل اللعاب في النموذج السابق).
 أما تسمية هذا النوع من التعلم بالتعلم الشرطي،فيرجع إلى أن هذا النوع من التعلم لا يحدث إلا بشروط معينة،ففي حالة النموذج السابق نجد شرط قرع الجرس قبل تقديم الطعام مباشرة لعدد كبير من المرات كما نجد شرطا آخر هوان يكون الكلب جائعاً في كل مرة،وشرطاً ثالثة،هو أن تكون المرة المنقضية بين قرع الجرس وتقديم الطعام مدة وجيزة جدا(في حدود ثوان معدودة)في كل مرة.
 وتنبغي الإشارة إلى أنه ما ينطبق على حيوانات التجارب في تعلمها الشرطي وما يصدق عليها من مبادئه وقوانينة أيضاً ويصدق على الإنسان ،فلقد أجرى العلماء كثيرا من تجارب التعلم الشرطي على الإنسان فأدت إلى نفس النتائج،من ذلك أنهم قد علموا شخصا أن تضيق حدقة عينيه بمجرد سماع جرس "مثير شرطي"
وذلك بتكرار قرع الجرس مباشرة قبل إلقاء إضاءة على عينيه"مثير طبيعي لتضيق حدقة العين".
ولقد توسع بافلوف في نتائج تجاربه إلى حد جعله يقدم محاولة لم تكتمل لتفسير سلوك الإنسان في ضوء قوانين التعلم الشرطي عند الحيوان وهذه القوانين هي:.
1-القانون الأول.
"تتعلم الاستجابة الشرطية بتكرار تقديم المثير غير الشرطي بعد المثير الشرطي"
وتسمى عملية الاكتساب بتكرار تقديم المثير غير الشرطي اكتسابا بالتدعيم أو بالتعزيز Reinforcement
2-القانون الثاني.
"تنطفئ الاستجابة الشرطية إذا كررنا المثير الشرطي دون تقديم المثير غير الشرطي ،أي تعزيزها"
فعندما تثبت لدينا استجابة شرطية،فأنها تختفي تدريجياً إذا لم تقدم الطعام (التعزيز)للكلب عدة مرات بعد قرع الجرس.
3-القانون الثالث .
"أن الاستجابة الشرطية المنطفئة أسهل في إعادة اكتسابها من تكوينها"
فقد لاحظ بافلوف أن الاستجابة الشرطية بالنسبة لبعض المثيرات الشرطية تحتاج إلى تكرار التجربة مع التعزيز أكثر من عشرين مرة فإذا ما أتم في تجربته دون تعزيز الاستجابة الشرطية حوالي خمسة عشرة مرة تنطفئ الاستجابة الشرطية من جديد بنفس شدتها القديمة.
4-القانون الرابع.
"من الممكن أن ينتقل تأثير المثير غير الشرطي إلى مثير شرطي عن طريق التدعيم،وبعد مدة يصبح المثير الشرطي مثيراً غير شرطي،لينتقل تأثيره على مثير شرطي ثان،وفى هذه الحالة تكون الاستجابة الشرطية للمثير الشرطي الثاني أضعف من مثيلتها الخاصة بالمثير الشرطي الأول".
إذ أمكن لبا فلوف أن يجعل الجرس وهو مثير شرطي يثير استجابة شرطية عن طريق التدعيم.
5-القانون الخامس.
 "يحدث التشرط الانتقائي"Selective Conditioning"بواسطة التعزيز الانتقائي" Selective Reinforcement"
 فقد تبين لبا فلوف في بداية تجاربه أن أي صوت يسمعه الكلب خارج حجرة المعمل ويكون قريبا من ميعاد تقديم الطعام له يؤدى إلى الاستجابة الشرطية وهى إفراز اللعاب،وأطلق على هذه الظاهرة ظاهرة التعلم الشرطي بالتعميمGeneralization   وقد خرج بافلوف بقانون آخر هو:.
"أن الاستجابة الشرطية تتحول من التعميم إلى التخصيص إذا ما تحكمنا في تعزيزها"
فإذا أردنا أن نجعل الاستجابة الشرطية تستثار بمثير محدد أثبناها عند إحداث هذا المثير،ولم نثبها عند أي مثير أخرمهما كان قريباً منها وبذلك يحدث التمييز في الاستجابة الشرطية.
6-القانون السادس.
"يرتبط زمن حدوث الاستجابة الشرطية مع زمن إحداث المثير الشرطي،واتباعه بالمثير غير الشرطي".
فقد لاحظ بافلوف أن الاستجابة الشرطية تحدث بعد انقضاء وقت معين على إحداث المثير الشرطي،فإذا قرعنا الجرس "مثير شرطي"وقدمنا الطعام "مثير غير شرطي"بعد مدة خمسة عشر ثانية،فأن إفراز اللعاب يحدث في الفترة ما بين المثيرين،وتكون تلك الاستجابة الشرطية ثابتة في زمنها.
ويمكن القول بأن اكتساب الإنسان خبرة بالعالم الخارجي لا تتم وفق قوانين التشريط إلا في حالتين:.
(أ)قبل اكتسابه  إمكانية اللغة،وأثناء طفولته المبكرة التي تكون استجاباته للمثيرات فيها استجابات بسيطة وفى حدود ضيقة لندرة المثيرات وعدم نشاط الأجزاء العليا من المخ نشاطاً كاملاً.
(ب)في نطاق الاستجابات الانعكاسية التي تتم في المستويات الدنيا من الجهاز العصبي كرد الفعل المنعكس.
إن التعلم بالشرطية في الإنسان توضحه المعادلة الآتية:.
 م "2"          م"1"           إنسان     1(1)          1(2)        
"مؤثر شرطي يقترن بمؤثر طبيعي"           "استجابة غير شرطية تقترن باستجابة شرطية"
وأن عملية التعلم لدى بافلوف تتلخص في:
إن مبدأ الاقتران الزمن بين المثير الطبيعي،والمثير الصناعي،أو الشرطي هو التفسير الوحيد عنده لعملية التعلم.

        نظرية التعلم بالاستبصار
                         Learning By Insight  
  إذا كانت دراسات بافلوف عن التعلم الكلاسيكي قد ظهرت مع بداية هذا القرن،وقد سبقها لسنوات قليلة وتأونت معها دراسات ثور نديك عن التعلم بالمحاولة والخطأ،فأن دراسات التعلم بالاستبصار قد ظهرت مع عشرينات هذا القرن في كتاب كوهلر Walfgans Kohler(1887-1967)وهو عالم النفس الألماني الذي استقال من جامعة برلين عام 1935احتجاجاًعلىالتدخل النازي في الجامعة ،ثم هاجر بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية،وقد كان عنوان هذا الكتاب الشهير هو عقلية القرودMentality of Apes (1925)وفيه يقرر بناء على تجاربه ،أن القرود تفكر ولديها قدرة استدلالية عقلية Reasoning Ability،وأن التعلم عندها يتم بناء على الفهم والاستبصارInsight.
 وتعتبر نظرية التعلم بالاستبصار هي الرد العملي والعلمي معاً الذي قامت به المدرسة الجشطالتية في علم النفس ،(حيث يعتبر كوهلر من أقطاب هذه المدرسة ومن أشهر ممثلي تيارها العلمي)على النزعة الآلية الميكانيكية الترابطية التي نادت بها مدرسة بافلوف في التعلم الشرطي،ومدرسة ثور نديك في التعلم بالمحاولة والخطأ،حيث يتجاهلان الفهم والاستبصار في عملية التعلم وينظران إليها على أنها(أي عملية التعلم )عملية ترابط آلي أو تخبط أعمى خال من الفكر والفهم و الوعي والشعور،ناتجة من مجرد تكرار آلي يربط ما بين مثير واستجابة،لا دخل للعقل والتفكير فيه،وهى النظرة التي تبنتها المدرسة السلوكية في علم النفس
 ولقد كان من نماذج تجارب كوهلر القرد الذي يحبسه داخل قفص وهو جائع ،ويضع له خارج القفص موزا يراه القرد ويمكنه أن يجذبه ويحصل عليه ليأكله إن هو أستعمل عصا طويلة،ويضع مع القرد بعض العصي بأطوال مختلفة،ويمكن لإحداها أن تدخل في الأخرى بمعالجة بسيطة مكونة عصا طويلة،وكان يراقب حركات الفرد ونشاطه،فكان يجد القرد في بداية التجربة يحاول أن يصل إلى الموز بيده فلا يستطيع،فيذهب إلى العصا يستخدمها واحدة بعد الأخرى ليطال بها الموز فلا يستطيع،ويظل يغير من العصي عله يستطيع أن يصل إلى الموز(محاولة وخطأ)فيفشل،وعندئذ ينتحي القرد مكانا بالقفص وتهدأ حركته بعض الشي،ويبدأ اللعب بالعصي(بعدان يئس من الوصول إلى الموز)،وفجأة أثناء لعبها العشوائي بالعصي تدخل إحدىالعصىفىالأخرىمكونةعصاواحدةموصولةطويلة،فيقفزالقردإلىالموزويجذبه بها،فينجح في هذه المرة،وفى المرات التالية نجد أن القرد يقوم مباشرة بوصل العصا تين ببعضهما ليجذب الموز،فأذ ما انفلتت إحداهما أعاد وصلهما بسرعة،وهكذا نجدان القرد تعلم هنا حل مشكلته.
  ويشرح كوهلر تعلم القرد هنا بأنه عندما تكون عناصر الموقف واضحة للكائن الحي فأنه يتعلم حل مشكلته عن طريق إعادة ترتيب عناصر الموقف بما يسمح بإيجاد علاقات جديدة بينها تؤدى إلى الحل الصحيح ،وواضح أن القرد كان في النموذج السابق يعيد ترتيب عناصر الموقف فيصل عصا بالأخرى ليكون منها عصا طويلة تستطيع أن تصل إلى الموز البعيد عنه فيجذبه بها ويظفر بأكله.
 وما ينطبق على القرد ينطبق أيضا على الإنسان،فالاستبصار يعنى فهم القرد لموضوع معين أو قضية معينة أو موقف معين،والعلاقات التي تربط بين مختلف عناصره.
ومن هنا فأن كوهلر وزملاءه يرون أن الكائن الحي ينجح في حل مشكلته عندما يستبصر بعناصرها المختلفة ويحسن اكتشاف العلاقات المتبادلة بينها،فيعيد (بناء على ذلك الاستبصار والفهم)ترتيبها بما يكفل له الحل الصحيح.
وتكون قدرة الفرد خاصة أو الكائن الحي عموماً على الاستبصار أعلى كلما كان أكثر ذكاء وأجد فهماً وأعلى يقظة،ويرى الجشطلتيون غالبا وليس كثير أفقط ما يحدث الاستبصار للفرد بشكل مفاجئي أو بعد محاولات فاشلة للحل.
ويمكن أن نجد ثلاث درجات من الاستبصار وهما:..
 (أ)استبصار تال على الحل.
وهو الاستبصار الذي يتم بعدان يكون الحل قدتم فعلاً،وأتضح في مجال الإدراك،وهذا النوع من الاستبصار هو سبيل التعلم عند الحيوانات الراقية.
(ب)استبصار مصاحب للحل.
وهو نوع من تكشف الحلول أثناء ممارسة النشاط ذاته،ومثال على ذلك حل المسائل الهندسية الصعبة،ففي هذه المسائل يتكشف حلها أثناء محاولة حلها تدريجيا،ويبرز هذا النوع لدى الإنسان وحده.
 (ج)استبصار سابق على الحل Foresight.
وهو أرقى أنواع الاستبصار حيث يدرك الشخص حل المشكلة عن طريق معالجتها ذهنياً وقبل محاولة الحل،ومثال ذلك محولات اكتشاف الفضاء،فقبل إرسال رائد للفضاء أستبصر العلماء بالمشاكل التي سيتعرض لها،وقاموا بحلها دون مرورهم بخبرات فضائية فعلية،وهذا النوع من الاستبصار شائع لدى الإنسان الذكي أوفى أنواع النشاط الراقي.
 ومن الملاحظ أن مفهوم الاستبصار يستخدم بأكثر من معنى،فهو عند الجشطلتين يشير إلى حالة فرضيةHypothetical   ،أفترض توفرها عند الكائن وتؤثر على سلوكه،فيؤدى به إلى حل المشكلة بأسلوب يختلف عن أسلوب الحل عند غياب هذه الحالة،وعند غير الجشطلتين وهو المعنى الثاني فأنه  يشير إلى:وصف لبعض أنواع السلوك المشاهد أحياناً في المواقف المعقدة نسبيا من حل المشكلات حيث يمكن الاستدلال على الاستبصار لدى المفحوص عند ظهور الاستجابة الصحيحة فجأة ودون سابق تمهيد وعن طريق مزاولة هذه الاستجابة في يسر وسلاسة بعد اكتشافها،أي بعد ظهور استجابات خاطئة بعد ذلك،نظراً للاحتفاظ بالاستجابة الصحيحة،أي عدم انطفائها

      نظرية التعلم بانتقال أثر التدريب
                Transfer of Learning
 حينما يؤثر تدريب أو تعلم حصل عليه الشخص في موقف معين،على أدائه في موقف آخر مشابه تأثيرا إيجابيا يطلق على هذه الظاهرة"انتقال أثر التعلم أو التدريب،أي أن تدريب الفرد أو تعلمه في موقف ما قد يؤثر على أدائه في موقف آخر.
وكما أن أثر التدريب أو التعلم يمكن أن يكون إيجابيا،فيمكن أن يكون عكس ذلك،أي سلبياً،وفى تلك الحالة فأن النشاط الأول يؤثر على الثاني بالتعطيل،أما الاحتمال الثالث،فهوان لا يؤثر النشاط الأول على الثاني لا سلباً ولا إيجابا،وذلك حينما تتباعد أوجه التشابه بين النشاطين،وعملية انتقال أثر التدريب أو التعلم تتوقف على عوامل كثيرة بعضها يتعلق بالموقف،وبعضها يرجع إلى الفرد،ودرجة ذكائه،أو إلى الطريقة التي تم تدريبه بها وتعليمه.
 أما عملية التدريب فيقصد بها مدى الاستفادة من التدريب على عملية معينة وأداء معين في التقدم في عملية أخرى وأداء آخر.
 ولعل هذه المشكلة أصلها يبدأ بنظرية الملكات القديمة التي كانت تفترض تقسيم العقل البشرى إلى ملكات منفصلة واعتبار كل ملكة مجال تام بحيث أن التدريب على أحد العمليات ينجز تقدم في باقي العمليات التي تنتمي إلى نفس الملكة،وهناك نوعان من انتقال أثر التدريب،تحدثنا عنهما سابقا.
 فتعلم أي عمل يسهل تعلم غيره من الأعمال وقد يعطل هذا العمل بقدر ما بين العمليتين من تشابه،أو تصادم فتدريب العامل على أداء عمل بأسلوب معين،ثم تغيير هذا الأسلوب بعد التدريب أو أسلوب آخر ينتج عنه تعطيل لعملية التدريب الناجحة والملاحظة بحيث يقوم العامل بتقدم أبطأ من المتوقع له لو لم يسبق الأداء التدريب الأول.
 فعادات العمل المتكونة تتدخل في عادات العمل المراد تكوينها من جديد ويطلق على هذا التدخل أسم Habit Wlirbache ،ولهذا كان من اللازم أن يتوفر التشابه التام بين موقف العمل أثناء التدريب وموقف العمل أثناء الفعل،وكل تغيير بينهما يؤدى بطبيعة الحال إلى تأخير التقدم في ألداء الواقعي بعد ذلك.
            أهداف العملية التدريبية
     وتتحدد أهداف العملية التدريبية في النقاط التالية:.
1-الارتفاع بمستوى مهارة العامل في أدائه لمستوى عمله،حتى يرتفع بذلك إنتاجه كماً،ونوعاً وفى هذه الحالة يهدف التدريب إلى زيادة سرعة ألداء ودقته.
2-اكتشاف قدر إضافي من المعلومات الجديدة،أما عن المؤسسة أو الشركة التي يعمل بها كما يحدث في حالات العمال الجدد.
3-تعديل العادات المتبعة في أداء العمل يرتبط في الهدف الأول ارتباط وثيق وذلك لأن تعديل العادات المتبعة أثناء الأداء يهدف عادة إلى أهداف تتعلق بالإنتاج،وبالعامل نفسه وذلك لأن هذا التعديل قد ينتهي إلى زيادة وسرعة أو زيادة ودقة وتسهيل الأداء وتقليل الجهد المبذول.
4-تعديل الاتجاهات،ويتعلق ذلك الهدف بالعلاقات الإنسانية،والعلاقات العامة ويتبع هذه الأهداف الرئيسية أهداف فرعية كتقليل الإصابات وتحسن الأشراف والارتفاع بنظام الإدارة،وتنسيق أسلوب الاتصال الحد من التلف وضياع الجهد والوقت والمواد الخام.
*أسلوب التدريب.
ويحتوى أسلوب التدريب على طريقتان وهما:.
1-الطريقة الكلية أو الجزئية في التدريب.
2-التدريب المركز أو الموزع.
فالطريقة الكلية تساعد المدرب على إدراك وحدة العملية آتى ندربه عليها،والعلاقة بين الأجزاء التي تتضمنها بعضها البعض.
أما الطريقة الجزئية،فقد نستطيع أن نوقف التدريب على نتائج تدريبه بعد كل عملية جزئية،ومن ثم يكون أدراك الفرد لهذا التدريب بنجاح الذي يعتبر حافة جديدة من مواصلة التدريب ومواصلة الجهد وقد تحلق فواصل بين الأجزاء أثناء عملية التدريب وبذلك نجد من المدرب صعوبة في الأداء عندما ينتقل بين الأجزاء.
وفى الواقع أن اختيار إحدى الطريقتين يتوقف أولاً على نوع العمل الذي تدرب عليه.

           

شروط انتقال أثر التدريب
ترتكز الشروط العامة لانتقال أثر التدريب على عدة عوامل وهى:.
1-وجود تشابه في موقف التعلم السابق والموقف المراد حدوث الانتقال إليه وفى تجربة المرآة نجد التشابه في اليدين.
2-وصول الخبرة السابقة إلى درجة من النضج والتكامل يمكن المتعلم من تعميم الخبرة السابقة في الموقف الجديد.
3-اكتساب المتعلم طريقة خاصة في التعلم،وتطبيقها في تعلمه لمختلف المهارات.







نظرية التعزيز
Reinforcement
     كلارك هل C .Hull
 ترتبط هذه النظرية باسم العالم الأمريكي كلارك هل C .Hull وقد تأثر فى مذهبه السيكولوجي العام بمجموعتين من المؤثرات :..
المؤثرات الموضوعية ،والمؤثرات المنهجية.
أولاً/ المؤثرات المنهجية فى نظرية التعزيز.
تأثر كلارك هل C .Hull فى منهجه بالمناهج فى العلوم الرياضية ،ويرى هل C .Hull أن المنهج الذي يجب أن يتبناه عالم النفس هو المنهج الاستدلالي ،وهو المنهج الذي يفترض فيه العالم بعض المسلمات الأولية ،ويسير من هذه المسلمات خطوة خطوة حتى تكتمل نظريته ،ويجب أن توضع هذه الاستدلالات فى صيغ دقيقة تتيح لها أن تكون موضع الفحص العلمي الدقيق.
ويرى كلارك هل C .Hullأن عالم النفس لا يلاحظ إلا أمرين وهما:      
 أن المثير أو الموقف المثير،والاستجابة ،أما ما يحدث بين المثير والاستجابة عند الكائن الحي ،فهذه التكوينات نفترض حدوثها ولا نستدل عليها إلا بآثارها السلوكية ،فهي لذلك عوامل أو تكوينات فرضية،ولذلك فإن ما يحتاجه عالم النفس هو تعريف مصطلحاته بدقة،وهذه التعريفات يجب أن تكون بسيطة،إجرائية واضحة،ثم صياغة مجموعة من المسلمات ،وهى قضايا ليست بينة بنفسها ،يمكن أن نستنتج منها ما شئنا من نتائج .
 والمسلمات إنما يستدل عليها من تلك النتائج التي نستخلصها منها،فإذا ثبتت صحة هذه النتائج تجريبيا كانت المسلمات صحيحة،فالمسلمات فى نظرية كلارك هل C .Hull هي قضايا تصف المبادئ الأساسية للسلوك ،ونستدل على صدقها وصحتها من التحقق التجريبي،لما نستخلصه منها من نتائج.
وفى نظام C .Hull السلوكي نعتمد نحن فى استخلاص النتائج أو النظريات على الاستدلال ،وهو عملية عقلية تعتمد على البرهان المنطقي المنظم الدقيق الذي يبدأ من قضايا يسلم بها "المسلمات" ويسير إلى قضايا أخرى تنتج عنها بالضرورة دون الالتجاء إلى التجربة،وذلك رغم أن هذه النتائج قد تكون صالحة بدورها التجريبي.
 ويسمى المنهج الذي استخدمه C .Hull بالمنهج الفرضي الاستدلاليHydothetico-Deductive،فهو فرضى لاعتماده على المسلمات، وهو استدلالي أنه يعتمد على الاستدلال لا على التجريب فى استخلاص نتائجه،وإن كانت هذه النتائج يمكن أن تخضع بدورها للتحقيق التجريبي .
المؤثرات الموضوعية فى نظرية التعزيز
 لقد تأثر C .Hullبالسلوكية البسيطة التي قال بها واطسون ،من حيث أن موضوع علم النفس هو دراسة السلوك الناشئ عن مثيرات معينة،والذي يمكنه تحليله إلى مجموعة بسيطة من الاستجابات ،كما أن C .Hullتأثر فى نظريته بقانون الأثر الذي قال به ثور نديك .
 ولقد تأثر C .Hull بنظرية الاشتراط الكلاسيكي "بافلوف " فيرى C Hull إن الموقف الاشتراطى الذي قال به بافلوف ما هو إلا تكنيك تجريبي "طريقة عملية فنية" تيسر الفهم الواضح لعملية التعلم ،ولاشك أن بساطة المنعكس الشرطي ،كما تتمثل فى قدرة العالم المجرب فى السيطرة عليه والتحكم فيه نوعا وكما ،تجعلنا نقبله كنقطة بدء فى وضع نظام للسلوك.
  المفاهيم العامة
 لنظرية C .Hull (التعزيز)
الحدث السلوكي:
 إن أساس الدراسة النفسية هو السلوك ،فمنه نبدأ وإليه نعود ،والسلوك الحيوي يقتضي دراسة وتحديد أنواع متغيرات يجب الفصل بينها حتى يتيسر لنا الفهم الواضح وهذه المتغيرات هي:
1-المتغيرات المستقلة: وهى العوامل المؤثرة فى الكائن الحي فى لحظة ما من مؤثرات حسية نتيجة وجوده فى بيئة مادية خاصة.
2-المتغيرات التابعة:  وهى استجابات الكائن الحي نتيجة وجوده فى موقف معين ،واستقباله لنوع معين من المثيرات .
3-المتغيرات المتوسطة(الوسيطة): وهى مفاهيم فرضية يفترضها العالم لتقرير علاقة وظيفية من نوع ما بين أحداث الاستجابة من ناحية وأحداث الاستثارة من ناحية أخرى .
 وهذه المفاهيم هي ما يطلق عليها المتغيرات المتوسطة(الوسيطة) أو التكوينات الفرضية،فهي مفاهيم نفترضها وغير قابلة للملاحظة المباشرة ،إنما نستدل عليها من سلوك الكائن الحي أو الفرد فى موقف معين..
الحاجة:
 يسلم C .Hull بوجود علاقة بين استجابات الكائن الحي وبين مثيرا العالم الخارجي( مثير "م"             استجابة "س") بمعنى أن الارتباطات الحسية الحركية سابقة على خبرة وتعلم وتنشط تحت ظروف دافعيه معينة.
 ويسلم C .Hull كذلك بأن الكائن الحي يولد مزودا بمجموعة من الحاجات الأولية التي تعمل إذا ما استثيرت على تنشيط استجابت لإشباع الحاجات.
 والحاجة عند C .Hull هي حالة لدى الكائن الحي تنشأ عن انحراف أو حيد العوامل البيئية عن الشروط البيولوجية (الحيوية) المثلى اللازمة لحفظ بقائه ،وبالتالي إن الحاجة عند هلC .Hull عبارة عن تكوين فرضى ،وظيفته تحقيق التوازن بين الكائن الحي والعوامل البيئية المختلفة.
 ويمكن لعالم النفس أن يضبط حاجات الكائن الحي ، بمعنى آخر أن يضع نظاما خاصا للتغذية أو الشرب أو النوم بالنسبة للكائن الحي،ويمكن أن تستعمل هذه النظم من حيث إنها حالات خاصة للحاجات.
فالكائن الحي وفقا لـ هلC .Hull  يولد مزودا بمجموعة من الاستجابات لإشباع حاجاته الأولية ،وهذه الاستجابات تستدعى إذا ما أثيرت هذه الحاجات أو وجد ما يحركها ،فالاستجابات الناتجة عن وجود حاجة معينة لدى الكائن الحي ليست استجابات عشوائية إنما هي الاستجابات التي تشبع هذه الحاجة على أحسن صورة ممكنة.
 وتعتبر عملية اختزال الحاجات من الكائن الحي هي الأساس التي تعتمد عليه نظرية هلC .Hull فى التعزيز ،وهذه النظرية ترتبط ارتباطا وثيقا بفكرته عن الحاجة أو إنقاصها ، فلنفترض أننا دربنا حيوانا على نظام معين فى الطعام ،وليكن كل 3ساعات ،ثم حرمنا الحيوان من الطعام مدة أربع ساعات أو خمس بعد أخر وجبة تناولها ،فلاشك أن استجابات الحيوان ستتجه نحو اختزال حاجته من الجوع.
3- التعزيز Reinforcement.
 يرى كلارك هل C .Hull أن العادة هي تكوين فرضى ونستدل عليه من التغير شبه الدائم فى سلوك الكائن الحي ،والمسئول عن تكوين العادة هو التعزيز،ويقرر كلارك هل C .Hull مسلمة أساسية فى التعزيز بقوله" إذا تكرر ظهور استجابة فى تجاور زمني مع عملية استثارة أو مع الأثر الممثل لهذه العملية ،وصاحب ذلك الاقتران بنقص فى الحاجة لدى الكائن الحي،فأنه ينتج عن ذلك زيادة ميل هذا المثير لاستدعاء هذه الاستجابة فى الحالات التالية لذلك ،والزيادات الحادثة من حالات التعزيز المتتالية تؤدى إلى قوة العادة".
ومن خلال هذه المسلمة السابقة نلاحظ ما يلي:
1-العناية بالدراسة السلوكية وتتمثل فى استهلال المنطوق بمصطلح "عملية استجابة" لأنها الأصل فى كل الدراسات السلوكية.
2-يقصد بالتجاور الزمني الاقتران "بافلوف" ،ويحدث هذا الاقتران بين عملية استجابة وعملية استثارة ولا شأن لها بها ،أي أن حالة الاستثارة هذه هي حالة وجود مثير جديد لا شأن له إطلاقا بالاستجابة الصادرة عن الكائن الحي.
1-لابد أن يصاحب هذا الاقتران باختزال فى الحاجة أو بعبارة أدق باختزال مستوى الحافز ،فلاشك أن مستوى الجوع يختلف ،ومستوى العطش يختلف بناء لعدد ساعات الحرمان من الطعام والشراب.
2-التعلم عند كلارك هل C .Hullهو اكتساب مثير قوة استدعاء استجابة جديدة لم يكن بينهما ارتباط سابق.
3-إن ما يتكرر فى الموقف هو حالة التعزيز التي تتكون من:
أ-اقتران الاستجابة الجديدة بالمثير الجديد ،مع ضرورة مصاحبة هذا الاقتران باختزال فى الحافز.
ب-تكون العادة قوة ارتباط بين عملية استجابة وعملية استثارة وتكون قوة العادة الناتجة وظيفة مباشرة لعدد حالات التعزيز المتتالية.
 ولتوضيح فكرة التعزيز وبيان الفرق بينها وبين الشرطية من ناحية وقانون الأثر من ناحية أخرى يضرب أحمد زكى صالح المثال التالي(*).
 (فأر عطشان ،وقابل وعاء به ماء ،وبدأ يشرب من الماء ،وبالتالي بدأ فى اختزال حاجته من العطش وإنقاصها ،ولكن بينما يمارس الحيوان نشاطه فى اختزال حاجته نجده يخضع لعدد آخر من المثيرات الخارجية ،وبالتالي يستجيب لها استجابات متعددة ،ولنفترض أن وعاء الماء (م أ) ،ولعق الحيوان(س أ) ولكنه بينما يفعل ذلك إذ ببرغوث يقرصه (م ب) ،ويستجيب الحيوان لهذه القرصة بهرشه بأظافره (س ب) .

 فماذا يحدث لهاتين المجموعتين (م أ         س أ)،(م ب      س ب)نتيجة لاختزال حاجة الحيوان من العطش ؟
وتكون النتيجة هي كالتالي:
م أ     س أيصاحب هذه العملية اختزال فى حافز العطش لدى الحيوان
م ب      س ب    .
والنتيجة تبعا لنظرية التعلم بالشرطية لبا فلوف هي:
           م أ                  س أ
          م ب                س ب
تتكون ارتباطات جديدة بين م أ    س ب ،وبين م ب     س أ ،ولا يحدث تغير يذكر فى العلاقة الأصلية بين م أ    س أ، م ب      س ب.
وتكون النتيجة تبعا لقانون الأثر كالتالي:
م أ        س أ
م ب        س ب.
لا تحدث ارتباطات جديدة ،إنما تقوى الارتباطات القديمة.
وتكون النتيجة وفقا لمبدأ التعزيز هي :
           م أ                  س أ
          م ب                س ب
 تزداد قوة الارتباطات بين جميع المواقف وبين جميع الاستجابات ،فتزداد قوة ( م أ         س أ )، (م ب        س ب ) عما كانت قبل ذلك    وتنشأ بين ( م أ         س ب ) ، ( م ب         س أ ) علاقة جديدة لم تكن موجودة قبل ذلك .

 وعلى هذا الأساس وفق هلC .Hull فى مبدأ التعزيز بين مبدأ التعويض وقانون الاقتران فى نظرية التعلم الشرطي،وبين مبدأ الارتباط وقانون الأثر فى نظرية التعلم بالمحاولة والخطأ،وتصبح كل من حالتي الاقتران أو الأثر حالة خاصة من قانون عام هو التعزيز.
 وقد أضاف هلC .Hullمفهوما جديد إلى حد ما يعتبر مقياسا لقوة العادة وهو مفهوم جهد الاستجابةReaction Potential ،ويقصد به قوة ميل الاستجابة فى الظهور،فالعادة القوية هي ما كانت على استعداد للإجراء بسرعة فى الزمن وقوة فى الأداء وكفاية فيه ،والواقع أن هلC .Hullقرر أن جهد الاستجابة وظيفة مباشرة فى أساسها للحافز ،فالحوافز هي التي تنشط قوة العادة إلى جهد الاستجابة ،فليس المهم أن تكون لدينا عادات بل المهم أن تتوافر الحوافز لتنشيط هذه العادات ونقلها إلى استجابات وسلوك.
ويفرق هلC .Hull بين التعزيز الأولى،والتعزيز الثانوي.
فالتعزيز الأولى : هو الحالة التي ترتبط مباشرة بإشباع حاجة أولية.
أما التعزيز الثانوي: هو  ما يحدث عن طريق مثير أرتبط بإشباع حاجة أولية.



4- التعميم  Generalization
 ففي أسلوب نظرية التعزيز لـ هلC .Hull يمكننا أن نقول إن قيمة التعزيز لا تقتصر على تقوية ميل استجابة معينة للظهور إذا حدثت مثيرات خاصة ،بل تتعدى ذلك إلى تقوية احتمال ظهور نفس هذه الاستجابة إيذاء نماذج أخرى مشابهة من المثيرات ،وأمثلة التعميم فى الحياة اليومية متعددة ،فالطفل الذي عضه كلب يخاف من الحيوانات عموما ،بيد أن خوفه من الكلاب عامة أقوى من خوفه من الخيل والقطط ولكن قد يكون خوفه من القطط أقوى من خوفه من الخيل ،.
 وبذلك يكون التعميم مراتب ،وهذه المراتب تتوقف على تمييز المثير الأصلي عن غيره من المثيرات الأخرى على ضوء بعد المثير الأصلى من المثيرات الأخرى،فكتاب ذو غلاف أحمر وسط مجموعة من الكتب السوداء يكون ذات أغلفة حمراء ولو كانت مختلفة الظل والنصوع.
5- التضاؤل (أو الانطفاء) Extinction.
 لا تقتصر قيمة التعزيز على أهميته فى تعلم العادة،بل من الضروري كذلك لحفظ هذه العادة وصيانتها ،وحينما تحدث الاستجابة المكتسبة دون تعزيز فإن قوة ميل هذه الاستجابة للإجراء يأخذ فى التضاؤل تدريجيا ،وهذا التضاؤل هو ما يسمى بالانطفاء التجريبيExperimental Extinction.
والجدير بالذكر أن حالات التعزيز يجب أن تصاحب باختزال فى الحاجة،وفى هذه الحقيقة يمكن التفرقة بين النسيان والانطفاء ،أذان النسيان يظهر فى الفترة التي لا تمارس فيها الاستجابة ،أما التضاؤل أو الانطفاء فإنه يظهر حينما تمارس الاستجابة دون تعزيز .
 وعملية الانطفاء ليست عملية مطلقة إنما تتوقف على عوامل كثيرة ،فالعادات القوية تقاوم الانطفاء أكثر من العادات الضعيفة ،بمعنى أن استعداد العادة القوية للانطفاء يكون أقل من استعداد العادة الضعيفة له ،كما أنه يتوقف على عدد المحاولات غير المثابة "غير المعززة"بيد أن آثار الانطفاء تأخذ فى الزوال تدريجيا ،إذ يميل صياد السمك بعد فترة قد تكون شهرا أو عاما إلى العودة مرة أخرى إلى نفس البقعة الأولى،ويسمى مثل هذا الميل لظهور العادة المخبأة بعد فترة من الزمن لم تحدث أثنائها محاولات تعزيزية "بالاسترجاع التلقائي"Spontaneous Recovery.
  فوظيفة الانطفاء أذن هي إلزام الفرد على أجراء استجابات جديدة،فإذا تحقق اختزال الدافع (الجزاء) لأي من هذه الاستجابات ،وكان هذا الجزاء مطردا،فإن هذه الاستجابة تقوى وتصبح بمثابة عادة عند الكائن الحي،أما إذا لم يتحقق الثواب لأي من هذه الاستجابات ،فإن الانطفاء والاسترجاع يعملان معا على إظهار الاستجابة القديمة ،وعلى هذا الأساس يكون الاسترجاع من عوامل تكييف الكائن الحي مع بيئته"المواقف التي يكون عدم إشباع الحافز أو اختزاله وقتيا.






نظرية التعلم الاجتماعي
  التعلم بالملاحظة : باندورا
 ( كورنيليوس جى هولا ند واكبرا كوب سيجاوا)
 بدأت مع سكينر فكرة تعديل السلوك ،أو تشكيل السلوك Shapingبواسطة التشريط الآدائى ،وكان ذلك يتم من خلال سلسلة عمليات التقريب المتتابع Successive approximationأو عمليات التقويم المتتالية،ومثال لذلك أن نعلم الفأر الضغط على ذراع داخل صندوق سكينر ،،فتسقط له ،ثم يحملها الفأر ويجرى بها إلى الطرف الآخر من القفص ،ثم يسقط معها فى حفرة ويجرى بعد ذلك إلى مكان ثابت يحصل منه على الطعام .
 هذا السلوك المعقد لم يتم تعلمه دفعة واحدة،بل من خلال عمليات تقريب متتالية ، والمهم أن ذلك قد فتح الأفاق أمام إمكانيات التطبيق لهذا النوع من التعلم ،سواء فى مجالات العلاج النفسي بالنسبة للحالات المرضية أو حالات التخلف العقلي ،أو مواقف التعليم والتدريب وغيرهما.
 والذي نلاحظه أن المنبه فى التشريط الكلاسيكي يعتبر مدعم ،لكن المنبه فى التشريط الآدائىهو (شرط) أو ظرف يصدر فى ظله الأداء مع توفر بأبقى الشروط الأخرى كالحرمان من الطعام فى التشريط الكلاسيكي ربط بين منبهين إحداهما طبيعي والأخر صناعي أما فى التشريط الأدائى فالربط بين استجابة مرغوبة ومكافأة ، أي أن المنبه لا يستصدر بذاته الأداء بصورة آلية كالتشريط الكلاسيكى،  ..سكينر لا يتكلم عن روابط بين المنبهات والاستجابات بل عن معدل صدور سلوك أدائي فى ظل مجموعة من الظروف ،ولا يتصور أن الرابطة تحدث شيئا ما فى الجهاز العصبي،والمنبهات عند سكينر أذن هي بمثابة شروط ارتبطت بظهور السلوك الأدائى.
 وهناك حاليا خلاف بين وجهتين من النظر فى موضوع تعديل السلوك هذا من وجهة نظر يمثلها "سكينر" واتباعه ،وأخرى يمثلها أصحاب نظرية التعلم الاجتماعي .
 وهذا الخلاف بين الوجهتين ينحصر فى مدى تفسير كل منهما "للتعلم المعرفي"Cognitive Learning،والعمليات المعرفية Cognitive Processesفيميل اتباع "سكينر"إلى تبنى وجهة النظر التي لا تتعدى حدود المظاهر الخارجية للاستجابة والوجهة التي تتجه إليها ،أي تقف أمام التوجه الخارجي للاستجابة وليس ما تثيره من عمليات معرفية (تمثل …رمز…الخ).
 ومن ناحية أخرى فأن أصحاب نظرية التعلم الاجتماعي لا ينكرون التعلم المباشر القائم على الربطة بين المنبه والاستجابة ولكنهم يعطون اهتماما أكبر للأحداث الوسيطة Midiational Events أي يعيروا اهتماما أكبر لكيف يحول شخصا ما (من خلال عمليات التمثل الداخلي للأحداث) المنبه المعين إلى سلسلة من الرموز أو الصور.. أكثر منها استجابات لفظية.
 المسألة الأساسية هنا هي ما إذا كان السلوك المقابل للمشاهدة يعد موضوعا محل الاهتمام الأساسي فى علم النفس ،أو ما إذا كان يعتبر السلوك مجرد دليل (أو حجة أو شاهد ) على فعاليةOperation أو إجرائية العمليات المعرفية (العقليةMental ) والتي لابد أن تعتبر الموضوع الحقيقي لعلم النفس وكما تذكرون ،فأن الخلاف بين العلماء فى مجال التعلم ليس خلافا على المبادئ والحقائق الأساسية ،بل هو اختلاف على التفسير ،أي ليس خلافا على الظاهرة المعينة،بل هو اختلاف حول تفسيرها ،واختلاف التفسير يؤدى بطبيعة الحال إلى اختلاف النظر إلى الظاهرة ،وبالتالي للمناهج المستخدمة فى النظر إليها.
 وهذا يؤدى إلى الاختلاف فى طبيعة ونوع التجارب التي تجرى لإثبات صحة التفسيرات التي يقول بها كل فريق .
 ولقد يكون هناك انطباع بأن نظرية التعلم الاجتماعي بوصفها ممثلة للاتجاه المعرفي الحديث فى علم النفس ،تعالج موضوع الذاكرة البشرية ،والعمليات الادراكية دون غيرها من الموضوعات الأخرى كالدافعية والمكافأة..الخ .
 ولكن ذلك غير صحيح لأن هذه النظرية تحاول أن تقدم كيانا متوازنا يجمع بين مبادئ ومفاهيم علم النفس المعرفي ومبادئ تعديل السلوك ،أي تحاول أن تحقق نوعا من التكامل الذي يجمع بين المسائل العديدة وذات الأهمية لأي نظرية تعنى بالتعلم وتعديل السلوك .
 ثم هي فوق ذلك لا تتعامل فحسب مع مجموعة مبادئ التعلم المألوفة بل تضيف مبادئ جديدة وتحاول أن توضح كيف تمثل صور الكفاية الاجتماعية ،وجوانب الشخصية،كيف تمثل هذه الأبعاد ظروفا حية يتم فيها حدوث هذا النوع الهام من التعلم الاجتماعي ،كذلك فأنها تعنى بأساليب تقدير الشخصية وتعديل السلوك فى المجالات التربوية والإكلينيكية،وغيرها من المجالات التطبيقية.
 ونظرية التعلم الاجتماعي تأخذ بنفس موقف السلوكية فى رفضها للأسباب الداخلية ،كأساس لاضطراب السلوك (وهو الأساس فى نظر علم النفس الفرويدى "الدينامى" الذي يرى أصحابه أن إصلاح الاضطراب السلوكي يكمن فى إلغاء الأسباب الداخلية.
وبالتالي فإن تعديل السلوك فى رأى نظرية التعلم الاجتماعي (والسلوكيين أيضا) يتم بصرف النظر عن هذه الأسباب الداخلية ،لكن مع هذا الاتفاق مع السلوكية فى رفض الأسباب الداخلية فأنهم يختلفون معها فى أنهم يؤكدون على الوظائف المعرفية والرمزية فى اكتساب الإنسان لأشكال جديدة من السلوك فى تنظيم تكرار حدوث هذه الأشكال المألوفة وفرض ظهورها ،ولذلك نجد باندورا Bandora1971يقرر ما يأتى:
 أن النقد الموضوعي لتطرف السلوكية يقوم على أساس أنها مع كل ما بذلته من جهد فى تجنب القول (بالأسباب الداخلية) الزائفة) قد تجاهلت محددات سلوك الإنسان التي تنهض على وظائفه المعرفية،وذلك أن الإنسان كائن مفكر،ويملك الإمكانيات التي تمده بالقدرة على التوجه الذاتي،ويترتب على ذلك أن النظريات السلوكية التقليدية مخطئة بشكل ما ،لأنها لم تمدنا إلا بتفسير ناقص وغير دقيق للسلوك البشرى.
 أما بالنسبة لنظرية التعلم الاجتماعي فأنها تؤكد تأكيدا خاصا على الأدوار الهامة التي تلعبها العمليات المعرفية الداخلة فى العلم بالعبرةVicarious Learning،والتعلم الرمزيSymbolic Learningوعمليات التنظيم الذاتيSelf Regulating  للسلوك.
من ناحية أخرى فأن نظريات التعلم التقليدية قد أكدت بشدة على التعلم بالخبرة المباشرة وذلك عن طريق تطبيق شروط التدعيم للاستجابات الممارسة (أو المدرب عليها) ،وانتهى بها ذلك إلى أفكار عامة غامضة عن التعلم بالعمل" Learning by Doingالقائمة على فكرة تمايز الاستجابة وعلى تشكيل سلاسل من السلوك المعقد بواسطة التقريب المتتابع .
 وتقبل نظرية التعلم الاجتماعي المبادئ المتبعة فى تشكيل السلوك ،على الرغم من أنها تميل إلى أن تنظر إلى دور المكافآتRewardsفى عملية التشكيل هذه لا على أنها مدعمات مباشرة بل بوصفها حامل (أو موصل أو ناقل) للمعلومات عن الاستجابة المثلى Optimal (الاستجابة المفضلة أو الاستجابة الأحسن ) فى الموقف ثم بوصفها فى نفس الوقت –مزودة بالباعث الدافعىIncentive Motivation بالنسبة لأي فعل Actأو سلوك أو تصرف ما بسبب المكافأة المتوقعة عليه .
 أي أنها تنظر لدور المكافأة على أنه دور مزدوج يجمع بين كونها مؤشر للاستجابة المفضلة ،وكونها تمثل الباعث الذي يدفع إلى توقع المكافأة بالنسبة للسلوك أو التصرف للمكافأة ،وبالتالي تدفع إلى أدائه وتعلمه.
"ملحوظة :أن الموقف هنا فيه عمليات تفكير وتمثل معرفي وإدراك وتوقع وتذكر…الخ)
 وعلى العكس مما يؤكد عليه فى التعلم بالعمل فأن نظرية التعلم الاجتماعي تعتقد أن قدرا كبيرا من التعلم يتم بالعبرة Vicariouslyأي من خلال مجرد رؤية أخر يفعل ويثاب أو يعاقب، بمعنى أوضح من خلال مشاهدة شخص أخر يؤدى الاستجابات الماهرة ،أو بمجرد أن يقرأ عنها أو يرى صورا لها..وهو يتعلمها حين يبدأ فى محاولة تقليد هذه الاستجابة الماهرة مثلا التي شاهدها من خلال الشخص أو النموذجModel أو القدرة بهذه الطريقة فأن المشاهد يمكن أن يتعلم ثم بمضي الوقت يمكن أن يؤدى استجابات جديدة (لها نفس الطابع) لم يسبق مشاهدتها وبالتالي لم يحدث لها أي تدعيم ،بما أنها لم تحدث أمامه من قبل .
 ومن الواضح أن عددا كبيرا من المهارات الإنسانية (كنطق كلمات أجنبية مثلا) لا يمكن اكتسابها أو تعلمها على الإطلاق بدون هذا التعلم الشهودى Observational(أو التعلم بالمشاهدة) .
 ونفس الشيء بالنسبة لمهارات أخرى معقدة مثل قيادة السيارات والتي يحتاج تعلمها إلى جهد (وإلى مخاطرة أيضا) والتي يتم تعلمها بواسطة التقريب المتتابع المدعم ،مثل هذه المهارات يكون المران عليها أكفأ من خلال استخدام التعليمات اللفظية والتقديم لها بواسطة "مؤدى القدرة"  Model Performer
 وفيما يرى القائلون بنظرية التعلم الاجتماعي فأنه على الرغم من أن هذه الأساليب التعليمية تستخدم بشكل روتيني،وعلى الرغم من كونها أساليب مألوفة لنا جميعا،فأنه ينبغي علينا أن نعرف أنها تختلف جدا بالفعل عن الصيغة المستخدمة فى التدريب بإتباع إجراءات التدعيم الأدائى القاصرة ،أي أن المسألة هنا ليست استجابة مطلوبة يجرى تدعيمها بمكافأة على صدورها بل بمشاهدة المواقف .
وتمثل هذه المواقف معرفيا بالمعنى الواسع (أي إدراكها وتمثلها ، وتقويمها ،والاقتناع بها ..الخ.
 أن ابرز ما تقول به نظرية التعلم الاجتماعي على أي حال هو ما يعرف الآن باسم التعلم الشهودى Observational Learningبوصفه إحدى الوسائل الأساسية التي يكتسب من خلال نماذج أو طرز معينة من السلوك ،وإيجاد أنماط معدلة منها،والتي تستلزم عمليات الاقتداءModeling،والعبرة Vicariouslyأي الاعتبار بالمشاهدة.
والواقع أن البحوث التي أجريت فى إطار نظرية التعلم الاجتماعي توضح فعلا أن كل ظواهر التعلم التي تنتج عن الخبرات المباشرة يمكن أن تحدث على أساس من العبرة (الاعتبار بالمشاهدة).
 والواقع أن البحوث التي أجريت فى إطار نظرية التعلم الاجتماعي توضح فعلا أن كل ظواهر التعلم التي تنتج عن الخبرات المباشرة يمكن أن تحدث على أساس من العبرة (الاعتبار بالمشاهدة) أي من خلال مشاهدة سلوك شخص ،وما يترتب على هذا السلوك ،وعلى هذا يمكن لأي شخص مثلا أن يكتسب أنماط الاستجابة المعقدة ،أو صعبة الحل بمجرد مشاهدة صور أدائها من نماذج أو أشخاص تمثل قدوة تحتذي.
كذلك فأن الاستجابات الوجدانيةEmotionalيمكن أن يجرى لها تشريط Conditioningعن طريق مشاهدة ردود الفعل التي يبديها الآخرون للخبرات المؤلمة أو السارة .
كذلك فأن سلوكا كالخوف أو التهيب يمكن أن يخمد Extinguishedبالعبرة أيضا من خلال المشاهدة لسلوك يقتدي به تجاه أشياء مثيرة للخوف،دون حدوث أي نتائج (مؤلمة مثلا أو مخيفة) تترتب على ذلك تحدث للمؤدى(أو القدوة).
كذلك فأن أشكال الكفInhibitionsيمكن أن يتعلم بمشاهدة السلوك المعاقب لأشخاص آخرين ..الخ.
وعلى هذا الأساس يمكن أن تصنف ظواهر الاعتبار أو العبرة Vicarious Phenomenaعموما تحت مجموعة متنوعة من المصطلحات وهى كالتالي:
الاقتداء (النمذجة)Modeling
 التقليد Imitation
 التقمص (تبنى أنماط سلوكية معينة)  Identification       
 التعلم الشهودى(بالملاحظة) Observational Learning
 التيسير الاجتماعي                  Social Facilitation
 التعلم بالعبرة.                          Vicarious Learning
 لعب الدورRole Playing                                    
 النسخ (أو النسخ على غرار)Copying                       
 العدوى(انتقال أشكال السلوك من شخص لآخر) Contagion
ويجب التركيز على التعلم الشهودى ومعناه فى نظرية التعلم الاجتماعي Learning

    التعلم الشهودى (التعلم بالملاحظة)
 Observational Learning                           
 كشفت سلسلة من الكتب والدراسات المنشورة عن مدى شيوع "التعلم الشهودى"(التعلم بالملاحظة) فى كل ظواهر التعلم ،وكغاية بالنسبة للبشر ،كما أكدت على خصائصه الفريدة التي لا توجد فى الصيغ المألوفة عن تشكيل السلوك ،والتشريط الأدائى.
 وقد أجريت دراسات مبتكرة على الأطفال ألقت الضوء على المتغيرات المؤثرة فى مثل هذا التعلم الشهودى.
 ونعرض ذلك بمثال لتجربة توضح هذه المتغيرات المؤثرة فى مثل هذا التعلم بالملاحظة(الشهودى) وهذه التجربة يستخدم فيها طفل فى سن الحضانة (كمفحوص) يجلس ويشاهد شخصا ما (هو النموذج أو هو القدوة) يؤدى سلسلة سلوكية معينة،بعد ذلك يختبر الطفل تحت شروط خاصة مضبوطة،لكي يحدد إلى أي مدى أصبح سلوكه الآن يحاكى بالعرض عليه بواسطة الشخص النموذج ،أو القدوة،ثم يقارن ما يفعله هذا الطفل بما يفعله أطفال آخرون (يمثلون مجموعة ضابطة)يتم اختبارهم دون أن نجعلهم يشاهدون أداء الشخص القدوة، وإنما يزودون بمعلومات عن السلوك بأي إجراء آخر غير المشاهدة.
ومن المتوقع أن هناك عددا من العوامل يمكن أن توجد فى مثل هذا الموقف وتختلف عن بعضها البعض من حيث التأثير بغير شك،ومن أهم هذه العوامل أو المتغيرات ما يلي:

خصائص القدوة"النموذج"(وتمثل منبهات)Stimuliمؤثرة فى المفحوص:
 خصائص ذات تأثير على المفحوص:
ويجب أن تكون موجودة فى الشخص القدوة(أو النموذج مثل السن –النوع الجنس-المركز أو المكانة،مثل هذه المتغيرات يختلف تأثيرها النسبي باختلاف المفحوص.
 فكلما كان الشخص القدوة من ذوى المكانة المرتفعة بالنسبة للمفحوص كلما كان تقليده له أكبر .



 مشابهة القدوة للمفحوص:
  فقد يكون القدوة طفلا آخر من نفس الفصل أو طفل فى فيلم سينمائي ،أو شخصية حيوان فى فيلم كرتوني(ميكى ماوس مثلا)،وفى هذا كشفت الدراسات عن أنه تقل المحاكاة كلما بعد النموذج (القدوة) عن أن يكون شخصا حقيقيا ،بمعنى أن تقل المحاكاة كلما بعدت المشابهة عن شخص حقيقي.
نوع السلوك المقتدى به(أي المؤدى بواسطة القدوة):
 وفى هذا كشفت الدراسات عن الآتي:
أنه كلما زاد تعقد المهارة المطلوب تعلمها كلما قلت درجة تقليدها أي أن المهارات أكثر تعقيدا درجة التقليد لها أقل،إذا لم يتيسر للمفحوص المشاهدة الكفاية بالعدد المناسب من المرات.
 أن الاستجابات العدوانية (أو السلوك العدائي) تقلد بدرجة عالية(أفلام الكاراتيه -والمغامرات مثلا).
 أن المفحوص سوف يتبنى معايير الجزاء الذاتي المشابهة لما يمثله القدوة سوف يقلد نوع المعايير الأخلاقية (القيم الخاصة) التي يتاح له مشاهدتها من خلال أي قدوة راشد كذلك يمكن ضبط النفس بهذه الطريقة نفسها.
النتائج المترتبة على السلوك القدوة:
 تختلف درجة التقليد باختلاف النتيجة المترتبة على السلوك ،أي تختلف وفقا لكون السلوك كوفئ(دعم) أو عوقب (يعاقب أو ينفرمنه) أو يلقى التجاهل (أي لا يدعم ولا يعاقب)،وهنا نجد أن أنواع السلوك الصادرة عن الشخص القدوة،وأثيبت أو كوفئت تكون قابلة أكثر من غيرها لأن تكون موضوع المحاكاة،أو التقليد .
 التعليمات المقدمة للمفحوص قبل أن يشاهد القدوة.
 والمقدمة له متضمنة دافعية عالية أو منخفضة،لكي يعطى انتباهه إلى سلوك القدوة ويتعلم منه هنا نجد أن :
الدافعية العالية يمكن أن تثار بأخبار المفحوص أنه سوف يكافأ بمقدار يتناسب مع المقدار الذي يستطيع أن يبديه من سلوك القدوة.
 التعليمات المثيرة للدافعية بمقدار قليل لا ينتج إلا نوعا من التعلم يندرج تحت ما نسميه التعلم المؤقت أو التعلم "العرضي أو الطارئIncidental
 التعليمات المثيرة للدافعية بقدر كبير يمكن أن تقدم للمفحوص بعد أن يؤدى القدوة وقبل أن يختبر،مثل هذا الأجراء يساعد المفحوص على أن يلحظ الفرق (أو يميز) بين التعلم وبين أداء استجابات مقلدة.
  هذا الحصر للمتغيرات فى موقف التعلم الشهودى،ليس شاملا بالضرورة والمقصود به فقط أن يوضح مدى الاحتمالات القائمة فى الموقف،والمدى العريض من أشكال السلوك يمكن أن يعلم أو يغير تحت هذه الشروط عن طريق القدوة.
 ومن خلال اندماج ودقة تقمص المفحوص والملاحظ غالبا أنه كما ذكرنا من قبل فأنه حتى تحت ظروف التعلم العرضي فأن سلوك القدوة يقلد حين يكافأ أكثر منه حين يعاقب .
 وقد استطاع باندورا Bandora أن يوضح أن متغير المكافأة العقاب ،هذا قد أثر فى أداء المفحوص للاستجابات المقلدة لكنه لم يؤثر فى تعلمه لها ،فقد وعد باندورا المفحوصين بعد جلسة لمشاهدة بتقديم مكافآت مغرية جذابة لهم إذا أمكنهم أن ينتجوا استجابات مشابهة لسلوك القدوة .
 وتبين له أن هذا الأجراء قد زاد من عرض (أو إبداء) الاستجابات المقلدة،وقد محا الأثر الفارق لكونهم رأوا القدوة كوفئت أو عوقبت لهذا وجد أن المشاهد كان قد تعلم الاستجابات السيئة للشخص القدوة حتى بالرغم من أنه لم يؤدها،إلى أن قدم له الباعث على عرضها ،أى أنه أدى ما أداه للشخص القدوة،بصرف النظر عن كون هذا السلوك (كما صدر عن القدوة) قد كوفئ أو عوقب.
و نأتي أخيرا لعرض ميكانزمات هذا التعلم الشهودى(التعلم بالملاحظة) على هذا النحو:
 أن التحليل للميكانزمات (أو الحيل) التي يتم على أساسها التشريط الآدائى فى عملية الإقتداءModeling(أو التعلم بالملاحظة) ينتهي فيه باندورا وزملائه إلى صيغة متقنة تقوم على ثلاثة حدود وهى:
 SD, R, SR حيث ترمز (SD) إلى المنبهة المقتدى به(السلوك المقتدى به وهو الذي يقوم به الشخص القدوة مثل حك أو لمس أذنه اليسرى مثلا).
1- (R ) وهى ترمز إلى الاستجابة الصريحة المماثلة ،أو المناظرة،التي أداها المشاهد والمماثلة لسلوك القدوة.
 2-(SR ) وهى ترمز إلى التدعيم المقدم (من المجرب مثلا) لهذه الاستجابة المناظرة أو المقلدة لسلوك الشخص القدوة.
 ويؤكد باندورا فى تحليله للتعلم الشهودى على أربع عمليات خاصة مرتبطة ببعضها وهى:
1-العملية الانتباهية(عملية الانتباه)Attention .
2-عملية التسجيل Retention(أو الحفظ أو التذكر).
3- مهارات الأداء الحركي.
4-التدعيم أو عملية توقع التدعيم"بوصفه عاملا دافعيا يحدد أسلوب التعبير عن المعارف والمدركات وأنواع السلوك المتعلمة من قبل...
 إن نظرية التعلم الاجتماعي نظرية توليفية ،إنها سلوكية معرفية تحلل السلوك الاجتماعي ودافعيته وتعزيزه على أساس الوقائع المعرفية التي تتخلل وتتوسط أثر الوقائع الخارجية ،وعلى سبيل المثال فإن من المسائل الهامة التي تتصل بشروط التعزيز طريقة فهم الشخص لها ،وكيف يتصورها ذاتيا بغض النظر عن خصائصها الموضوعية .










الفصل الحادي عشر
دراسات نفسية فى مجال الإرشاد النفسي










الدراسة الأولى:
(*)مقارنة بين استخدام العلاج السلوكي والعلاج الدوائي فى عينة مصرية من مرضى الضعف الجنسي عند الرجال 1994.
Comparison between chemical and behavioral Treatment for Patient with Secondary importance

  قام الباحث باختيار ثلاث مجموعات من المرضى الذين تنطبق عليهم مواصفات تشخيص العجز الجنسي الثانوي،وتم تطبيق طريقتين مختلفتين للعلاج بحيث تأخذ المجموعة الأولى دواء جبى تقليدي مع تدليك البروستاتة،وفى المجموعة الثانية جلسات علاج سلوكي واستخدم فيها تكنيك ما ستروجنسون لمدة 6جلسات ،وفى المجموعة الثالثة ظلت كما هي دون أن تأخذ إي علاج ،واعتبرت عينة ضابطة،وواركوا للشفاء بشكل طبيعي.
 يعتبر وليام ما ستر وفيرجينا جونسون من أوائل من اهتموا بالعلاج الجنسي السلوكي فى نهاية الخمسينات .
 وتعتمد طريقة ما ستر وجونسون على إزالة الأعراض مع خفض القلق والتوتر الذي يعوق عملية الممارسة الجنسية،ويعتمدا فى تنفيذ ذلك على إفهام الزوجين أن المشكلة مشكلة الطرفين،ولذا فعليهم المشاركة فى حلها ،وقد صمما برنامجا سلوكياً(1)
 وهو عبارة عن تمرينات مبسطة فى التدرج ،تبدأ بإصلاح المفاهيم الجنسية الخاطئة لدى الزوجين ثم يقوم الزوجان بتنفيذ التدريبات فى المنزل أسبوعيا،ولمدة 4 مرات على الأقل فى الأسبوع ،وتمنع الممارسة الجنسية من أجل إزالة القلق والتوتر.
والتمرينات التي توجه العلاقات الجنسية متدرجة فى الشدة،تبدأ بأن يقوم الطرفان فى التمرين الأول ،بلمس كل طرف للأخر دون المناطق التناسلية،واكتشاف المناطق الحسية المتميزة ،ثم بعد أسبوع من هذا التمرين،يسمح بلمس المناطق التناسلية،ثم لمس المناطق التناسلية للجسم،وهكذا حتى يزول القلق والتوتر الذي يأخذ فى النقص ويقل من جلسة إلى أخرى.
 وقد قام ما ستر وجنسون بإنشاء أحد أكبر المعاهد التخصصية فى لويس بأمريكا،ولهما أبحاث عديدة فى مجال العلاج الجنسي،معتمدين فى دراساتهما على ما جاء به فرويد وكنزيFreud and Alfred Ckinsey.وقد قاما بالعمل مع متطوعين من أجل التعرف على الدورة الفسيولوجية الجنسية ،ومقدمين استشاراتهما فى العلاج الجنسي فى محاولة للتغلب على المتاعب والمشاكل الجنسية للأزواج،كما قاما بعمل أبحاث عديدة نشراها فى عدة كتب ،من أهمها :
1- Human Sexual Response, 1966.
2-Human Sexual Inadequacy, 1970.
 وفى محاولة لتجنب الوقوع فى الأمراض والوقاية ،قاما بتأليف كتابهما الشهيرThe Pleasure Bondفى عام 1975،كما قاما فى الفترة من مايو 1971،وحتى يونيو 1972 بعمل إحدى عشرة ندوة ،واستقبلا فى خمس من هذه الندوات أزواجا وزوجات يطرحون تساؤلات جنسية،وقاما بتأصيل ذلك علمياً.


العينة وطريقة البحث والإجراءات:
 تم اختيار العينة من إحدى العيادات الخاصة بالقاهرة عام 1988 من بين من يعانون من ضعف جنسي ،وقد تم وضع ضوابط خاصة للعينة المشتركة فى الدراسة على النحو التالي:.
1-السن يتراوح بين 25-35عاما،بمتوسط29,64 ،وانحراف معياري 5,32.
2-متوسط فترة الزواج 5سنوات.
3-التعليم ثانوية عامة أو ما يعادلها وما أعلى.
4-المستوى الاجتماعي متوسط.
5-مدة الشكوى.تتراوح ما بين ستة شهور إلى سنة.
6-استبعد كل المرضى الذين يعانون من ضعف جنسي نتيجة لسبب عضوي أو أية أمراض أخرى عضوية يمكن أن تؤدى إلى الضعف الجنسي،وكذلك استبعد المرضى ذو الضعف المرضى الجنس الأولى.
7-اشترط أن يكون المريض لم يستخدم دواء أو علاجا خاصا بالعجز الجنسي لمدة ثلاثة شهور على الأقل.
8-فترة العلاج التي يمر بها المريض فى هذه الدراسة هي ستة أسابيع ،بالإضافة إلى أسبوعين متابعة.
9-مر جميع المرضى بالخطوات نفسها من حيث المقابلة الإكلينيكية ،والحصول على التاريخ المرضى والجنسي بالتفصيل،والفحص الجسماني،والاختبارات العضوية،وتحليل البول والبراز.
10-استبعد من العينة كل من لديهم أمراض عضوية ،أو تاريخ عائل لأمراض عضوية مزمنة،مثل البول السكارى،والضغط واضطرابات الغدد ، وتم تقسيم أفراد العينة بترتيب حضورهم للعلاج على ثلاث مجموعات للعلاج بطرق مختلفة:.
المجموعة الأولى:
ويتم علاج أفرادها بواسطة الأدوية وتدليك البروستاتة،وكان عددهم 20مريضا،وتم وصف العلاج التالي لهم:فيتامينات متعددة(1)،حقنة تستيرون بالعضل أسبوعياً(2).
ويتم تدليك وتمرينات البروستاتة لعدد 12جلسة،وتم عمل ذلك بواسطة طبيب أمراض جلدية وتناسلية متخصص.
المجموعة الثانية:
يتم علاج أفرادها بالعلاج السلوكي بطريقة ماستروجونسون المعدلة ،وتكونت من 20 مريضا ،وقد اشترطنا وجود الزوجة فى هذه المجموعة.
وتبعا لبرنامج ما ستر وجونسون المعدل ، كانت التعليمات واضحة ،بداية بوقف الجماع خلال فترة العلاج ،ثم تعليمات اكتشاف النفس والمناطق الحساسة لدى الشريك الآخر،وتعليمات كسب الثقة،حتى الوصول إلى الجماع فى نهاية البرنامج،كما اشتمل البرنامج على معلومات فسيولوجية عن الجنس فى أوله ،وكانت الجلسات أسبوعية،مدة كل منها خمسون دقيقة،ولمدة ست جلسات.
المجموعة الثالثة:
 وهى المجموعة الضابطة ،والتي تركت دون علاج لمعرفة درجة التحسن الطبيعي فيها خلال نفس الفترة،وقد حاولنا إعادة بعض نتائج التحليلات لهم،وتحديد مواعيد أبعد للمقابلة فى محاولة لاستهلاك الوقت ، وتم الاتفاق معهم على الانتظار دون علاج ،أخطروا بأنه يجرى حاليا تطبيق طريقة جديدة فى العلاج ،وعليهم الانتظار حتى يمكن أن يستفيدوا من هذه الطريقة ،وكان عددهم عشرين مريضا أيضا.
النتائج:
اعتمد الباحث فى تفسير نتائجه على التالي:
 (الرغبة الجنسية-انتصاب-قوة الانتصاب-الإبقاء على الانتصاب حتى الممارسة الجنسية-القذف-الإحساس بالإشباع الجنسي والرضا-العلاقة بين الزوجين).
وقد أظهرت النتائج مايلى:
المجموعة الأولى:
   (5 )خمسة من المرضى تحسنت حالتهم ،وعادوا إلى طبيعتهم بعد الشهر الأول من العلاج وحتى انتهاء الشهر الثاني،(15) خمسة عشرة مريضا زادت رغبتهم الجنسية،ألا أنه لا توجد زيادة أو تحسن فى الأداء من حيث الانتصاب وقوته والإبقاء عليه والقذف والإشباع والعلاقة بين الزوجين
المجموعة الثانية:   مجموعة علاج "ما ستر جونسون".
  "13" ثلاثة عشرة مريضا تحسنت حالتهم ،وتم شفاؤهم ،وعادوا إلى الممارسة الطبيعية، وتحسنت علاقاتهم مع زوجاتهم.
"4"أربعة من المرضى زادت رغبتهم الجنسية وإحساسهم بالإشباع فى العلاقة الزوجية،إلا أن الانتصاب والقذف لم يتحسنا ،ولم يتمكنا من ممارسة العلاقة الجنسية.
"3"ثلاثة من المرضى تحسنت حالتهم من حيث الرغبة الجنسية والانتصاب والاستمرار حتى القذف والإشباع ،إلا أن قوة الانتصاب لم تتحسن بدرجة كافية،وتحسنت علاقاتهم الزوجية.

المجموعة الثالثة   وهى المجموعة الضابطة:
"2"  اثنان من أفراد المجموعة تحسنت حالتهم الجنسية،وعادوا إلى ممارسة الحياة الجنسية بشكل طبيعي.
"3"  ثلاثة من المرضى من أفراد العينة لم يكملوا التجربة.
"15"  خمسة عشرة مريضا لم يطرأ عليهم أي تغيير.
مناقشة النتائج:.
 تتفق نتائج البحث مع النتائج التي جاء بها مكلوش 1986مMCCULLOCH ،وكذلك دراسات ما ستر وجونسون 1970،ودا فيد أسبورن 1986 David Osborn،بالنسبة لحالات العلاج الجنسي.
 وربما يرجع ذلك إلى أن العلاج السلوكي على طريقة ما ستر وجونسون قد تم وضع برنامج محدد له من حيث إنه قد اهتم بالمريض من الناحية النفسية،وكانت الجلسات الأسبوعية تتعامل مع الجانب الإنساني للمريض،والتحدث عن المشكلة والتدرج فى حلها ،كما كان لحضور الزوجة واشتراكها فى العلاج أثر كبير ،حيث أنه تبعا لهذا المفهوم العلاجي ،فأن وجودها يخفف من وطأة إحساس المريض بأنه صاحب المشكلة كلها،كما أن شرح عملية العلاج بالنسبة للمريض ومشاركته فيها يجعله يأخذ دورا إيجابيا فى العملية العلاجية ،وبالتالي فى الشفاء.
  أما طريقة العلاج الدوائي وتدليك البروستاتة ،فهي لا تهتم بالناحية النفسية للمريض ،وتحمله عبء العلاج والمرض منفردا كما تجعل منه مستقبلا سلبيا للعلاج وبالتالي فإنها تضعف من إصراره على الشفاء.
وكلتا الطريقتين تهتمان بالعلاج دون الخوض فى المسببات النفسية للمرض.
هذا وحدوث الشفاء الطبيعي لمريضين ربما يرجع إلى كونهما قد وجدا الحل لمرضهما ،ولكن دورهما لم يأت بعد ،إلا أن حدوث الشفاء الطبيعي قد لايمكن الوصول إليه دون التعامل مع المرضى.
وبمقارنة نتائج المجموعات الثلاث ،يمكن أن نصل إلى النتائج التالية:.
1-العلاج السلوكي"طريقة ما ستر وجونسون"،من أفضل العلاجات فى حالات الضعف الجنسي نفسي المنشأ عند الرجال.
2-طريقة ما ستر وجونسون لها تأثير إيجابي على العلاقة بين الزوجين،وإن لم تشف الضعف الجنسي نفسه،وتقرب بينهم.
3-هناك أهمية لوجود الزوجة للاشتراك فى العلاج ،حيث إنها جزء لا يتجزأ من المشكلة،وأن الادعاءات بأن المرأة فى مصر غير مستعدة لخوض هذه التجربة العلاجية ليس لها أساس من الصحة.
4-العلاج بالدواء والفيتامينات والهرمونات له نجاحات،وقد تكون سريعة أحيانا ،إلا أن الأضرار الجانبية لا يمكن الاستهانة بها.
5-ربما يرجع عدم إقبال المعالجين على طريقة ما ستر وحونسون إلى قلة التدريب عليها وعدم معرفة تفاصيلها.
6- هناك أهمية لاستخدام بعض العلاجات السلوكية حتى مع الذين يستخدمون العلاج الدوائي،وأنه إضافة مهمة لأي معالج.
7- هناك أهمية لتدريب الأطباء فى علاج العنة على بعض العلاجات النفسية،بالإضافة للعلاج الدوائي وحده.
8- الجمع بين أكثر من طريق علاجية ربما يعطى نجاحا أكثر ،ويحتاج إلى دراسات قادمة.
الدراسة الثانية:
 (الاضطرابات الانفعالية المصاحبة لبعض التشوهات البدنية الظاهرة)
أعداد جبر محمد جبر(*)
 يهدف هذا البحث إلى توضيح العلاقة بين النفس والجسم ،فهي قائمة منذ خلق الله الإنسان ،فسلوك الإنسان نتاج التفاعل بينهما.
  فالإنسان يعيش ويمارس الحياة كوحدة متكاملة فريدة فى إدراكه للواقعين ،الخارجي المحيط به والدا خلى الذاتي،فالشخصية الإنسانية نتاج لمكونات بدنية وعقلية وانفعالية وبيئية بينهما تفاعل مستمر غير قابل للفصل إلا لأغراض البحث العلمي،فكل جانب من جوانب الشخصية يؤثر ويتأثر بالجوانب الأخرى والتشوهات البدنية تمثل بعداً أساسيا من أبعاد تكوين الجسم.
ولقد قام الباحث بدراسة الاضطرابات الانفعالية المصاحبة لبعض التشوهات البدنية الظاهرة ،وقد تمثلت مشكلة بحثه فى التساؤلات التالية:.
1- ما هي الاضطرابات الانفعالية المصاحبة لبعض التشوهات البدنية الظاهرة،وما مدى شيوعها بين المشوهين تشوهاً بدنياً ظاهراً؟
2- وما هي الفروق بين المشوهين عامة والأصحاء بدنياً وبين كل فئة من فئات التشوه بخاصة والأصحاء بدنياً،وما أثر الإرشاد النفسي المصاحب للعلاج الطبي على المشوهين تشوهاً بدنياً ظاهراً؟
وقد تحددت تساؤلات الدراسة فى الاضطرابات العضوية المتمثلة فى تشوهات الجهاز الحركي(كشلل الأطفال Poliomyelitis ،وانحراف الأعضاء عن شكلها الطبيعي،أو انحناءات العمود الفقري The Spine،أو الأمراض الجلدية المستعصية،كالجذام،والصدفية،والبهاق،أو تشوهات الوجه خلقياً،أو بحادث كالحروق العميقة بمثابة مثير ذاتي للاضطراب العاطفي.
وقد صاغ الباحث فروض دراسته على هذا النحو:.
1-هل توجد فروق بين المشوهين عامة والأصحاء بدنياً،وبين كل فئة من فئات التشوه المختلفة بخاصة والأصحاء بدنيا؟
2- ما مدى العلاقة بين التشوهات البدنية الظاهرة والاضطرابات الانفعالية كما تتمثل فى زملة أعراض الاضطراب الانفعالي؟.(القلق والاكتئاب والانطواء)والمفهوم السالب للذات؟
ما العلاقة بين نوع التشوه والسن والجنس بالنسبة لهذه الاضطرابات ؟.
4-ما أثر الإرشاد النفسي المصاحب للعلاج الطبي على المشوهين تشوها بدنيا ظاهراً؟.
*المنهج والأدوات والعينة:.
العينة:
 قام الباحث باستخدام العينة العشوائية من بين المشوهين تشوها بدنيا ظاهرا من الذكور والإناث ،وكذلك اختير عشوائيا عينة ضابطة من الأصحاء بدنياً(ذكور وإناث)،وقد تكونت العينة من (42)اثنان وأربعون حالة مصابة بتشوهات بدنية مقسمين على هذا النحو:.
(11) إحدى عشرة حالة مصابين بتشوهات فى الوجه.
(8) ثمانية حالات مصابين بتشوهات فى العمود الفقري"انحناء".
(12) أثنى عشرة حالة مصابين بشلل الأطفال.
إحدى عشرة حالة مصابين بالتشوه الجلدي.
وقد تكونت العينة الضابطة من (55)خمسة وخمسون حالة من الأصحاء،مقسمين على هذا النحو:.
(37) سبعة وثلاثون حالة من الذكور، (18) حالة من الإناث،وتتراوح أعمارهم بين 18-45 عام بمتوسط 30,15.
الأدوات.
قام الباحث باستخدام عدد من الأدوات على هذا النحو:.
1-مقياس الاضطرابات الانفعالية وهو يتضمن قياس القلق والاكتئاب والانطواء.
2-مقياس مفهوم الذات شاملا الأبعاد الجسمية والانفعالية والاجتماعية والعقلية.
3-اختبار التات الاسقاطى  T.A.T"تفهم الموضوع.
4-البرنامج الإرشادي،وهو يتضمن مستويين (فردى وجماعي)وقد استخدم الباحث تكنيك المناقشة،وأسلوب النادي الإرشادي على هذا النحو:.

تصميم البرنامج الإرشادي:
 يهدف البرنامج الإرشادي إلى تعديل السلوك بما يؤدى إلى التوافق النفسي والاجتماعي،ويكمن اهدف العام له فى تحسين المستويات النفسية للعينة التي يطبق عليها البرنامج.
الأهداف الخاصة للبرنامج:.
1-تقبل الذات
2-اكتشاف الأخطاء فى الخبرات والعلاقات السابقة وطرق تصحيحها.
3- التعبير الحر عن الآراء والانفعالات.
4- تقبل الآخرين.
5- تحمل المسئولية الاجتماعية ومواجهة معترك الحياة.
6-النظرة للمستقبل تكون اكثر تفاؤلا.
7-تعديل السلوك من ناحية:  أ- الجانب المعرفي     ب- الجانب الوجداني.
  ج- الجانب السلوكي.
طرق الإرشاد :.
 اعتمد الباحث فى هذه الدراسة على طريقتين وهما:.
 طريقة الإرشاد الفردي: وهى عبارة عن مكاشفة بين فرد وأخر،وتعتمد الأساليب الإرشادية الفردية على المناقشة وتتضمن عددا من النقاط وهى:
1- التداعي الحر Free Association   
2- التفسير  Interpretation  
3- التنفيس الانفعالي  Catharsis   
4- الاستبصار  Insight  
5- التعلم  Learning  
6- التدعيم Reinforcement  
7- تعديل السلوك وتغيير السلوك Behavior Modification and Change  
8- إنهاء الجلسات
9- المتابعةFollow Up      
ب-طريقة الإرشاد الجماعي:
 وهى تخضع لعدة مواصفات حددها فر وليك وهى على هذا النحو:.
1- أن يكون لكل أعضاء الجماعة مشكلة شائعة يتوحدون معها.
2- أن يعمل المرشد كقائد من داخل المجموعة كمرجع يقدم المعلومات التي   يحتاجونها ثم مثير للمناقشة ،وأحيانا مقمع.
3- أن يبنى العلاقة بين كل أعضاء الجماعة على التسامح مما يساعد على حرية التعبير.
4- التفاعل والتعاون بين أعضاء الجماعة ضرورة.
5- المشتركون يثارون بمستوى الجماعة لإنجاز هدف الإرشاد المحدد مسبقاً.
 ويحدد رايت الإرشاد الجمعي فى الآتي:.
1- مساعدة الأفراد على اكتشاف طرق جديدة مع الآخرين.
2-تأثير القرناء من خلال تفاعل الجماعة.
3-فرصة التعبير الحر عن الأفكار والانفعالات.
4-فرصة إعطاء وتلقى التدعيم كأعضاء الجماعة(التدعيم المتبادل)
5-الأسلوب الثاني: (النادي الإرشادي)
 وهو أحد أساليب الإرشاد الجماعي وهو أسلوب قائم على النشاط العملي والترويحي والترفيهي بصفة عامة أي أن النشاط العملي يحل محل الكلام.
وتسير الجلسات فى النادي فى جو نفسي مناسب وتبدأ عادة بنشاط رياضي مثل ألعاب الكرة والسمر،أو نشاط فني مثل الموسيقى ،والغناء أو مشاهدة فيلم،وتعد غرفة خاصة للأنشطة.
وبعد نهاية النشاط يجتمعون لتناول الشاي أو الطعام ويتناقشون فيما يرونه من موضوعات ويفعل العملاء ما يريدون،ويكون دور المرشد محايد فى معظم الأحيان وقد يشاركهم نشاطهم ويتناول ما قد يظهر خلال النشاط الاجتماعي من سلوك منحرف بالتعديل والتصحيح.
مميزات النادي الإرشادي:
1- يسلك العميل على طبيعته كما لو كان فى حياته العادية.
2-وجود الألعاب تتيح فرصة للتنفيس الانفعالي.
3- تنمو الاهتمامات ويتحسن التوافق الاجتماعي.
4-تنمو الصداقات الاجتماعية داخل وخارج الجماعة ويتضاءل الخجل والانطواء والانسحاب.
5-تقليل وتخفيف السلوك العدواني والتخريبي والهدام فى إطار الجماعة.
6-اختفاء التوتر والمخاوف وزيادة الثقة بالنفس والآخرين.
 وقد استخدم الباحث عددا من الأساليب الإحصائية المناسبة لتحليل بيانات الدراسة منها حساب معامل ارتبط بيرسون للقيم الخام،ومعادلة التصحيح لسبيرمان
برا ون،ومعامل ارتباط الرتب لسبيرمان،وحساب الخطأ المعياري،والنسبة المئوية،واختبار الوسيط.
وقد توصلت الدراسة للنتائج التالية:..
1-يشعر المشوهون بزملة أعراض الاضطراب الانفعالي بنسبة 60,54% ،بينما يشعر الأصحاء بالاضطراب الانفعالي بنسبة35,96% وهو فرق دال إحصائيا لصالح المرضى المشوهون.
2-أن المرضى المشوهون تشوهاً بدنيا ظاهرا يكونون مفهوما سالبا عن البعد الجسمي للذات أكثر من الأصحاء بمستوى عال من الدلالة الإحصائية.
3-أن المرضى المشوهون تشوهاً بدنيا ظاهرا يكونون مفهوما سالبا عن البعد الانفعالي للذات أكثر من الأصحاء بمستوى عال من الدلالة الإحصائية.
4-أن المرضى المشوهون تشوهاً بدنيا ظاهرا يكونون مفهوما سالبا عن الاجتماعي للذات أكثر من الأصحاء بمستوى عال من الدلالة الإحصائية.
5-أن المرضى المشوهون تشوهاً بدنيا ظاهرا يكونون مفهوما سالبا عن البعد العقلي للذات أكثر من الأصحاء بدرجة متقاربة من الأصحاء بدنيا وأن هذا يرجع الفرق للصدفة.
6- عكست نتائج اختبار التات الاسقاطى T.A.T أن المرضى المشوهين يشعرون بالعجز والعدوانية بما يدل على مفهوم سالب للذات ويشعرون بالعجز والحزن وهى علامات اكتئابية ويفضلون العزلة وتجنب الآخرين وهى رموز للانطواء ويشعرون بالخوف والفزع وهى علامات على القلق النفس بينما لم تتضح هذه الدلالات فى مستدعيات الأصحاء.
وقد خرج الباحث بالتوصيات التالية:.
1-على الدولة أن تعد برامج إرشادية جماهيرية ترشد أعضاء المجتمع لكيفية التعامل مع هذه الفئة من المرضى.
2-أن تعامل هذه الفئة طبقا لنص الدستور المصري الذي لا يفرق بين مصري وآخر.
3- يجب أن يعامل أفراد المجتمع هذه الفئة على أنهم أسوياء بدنيا مما لا يشعرهم بالفارق.
4-على الأسرة تقبل أبنها الذي به تشوه ،فلا تشعره بتلك الفوارق التي بينه وبين أقرانه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق